الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ
1873 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: "أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ: إِنِّى أَعْلَمُ (1) أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ،
===
(45)
(بَابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ)، أي: الأسود
1873 -
(حدثنا محمد بن كثير، نا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم) النخعي، (عن عابس بن ربيعة) النخعي الكوفي، قال الآجري عن أبي داود: جاهلي، سمع من عمر رضي الله عنه، وقال النسائي: وقال ابن سعد: هو من مذحج، وكان ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن عمر رضي الله عنه: أنه) أي عمر (جاء إلى الحجر فقبَّله (2) فقال) عمر: (إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر)، قال الحافظ (3): وكأنه لم يثبت عنده فيه على شرطه شيء غير ذلك، وقد وردت فيه أحاديث:
منها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة" الحديث، أخرجه أحمد والترمذي، وصححه ابن حبان، وفي إسناده رجاء أبو يحيى وهو ضعيف.
ومنها: حديث ابن عباس مرفوعًا: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن فسوَّدته (4) خطايا بني آدم"، أخرجه الترمذي وصححه، وفيه عطاء بن السائب وهو من المختلطين.
(1) في نسخة: "لأعلم".
(2)
قال ابن قدامة (5/ 212): قبَّل الحجر، وإن لم يمكن استلمه وقبَّل يده عند الثلاثة. وقال مالك: يضع يده على فيه من غير تقبيل
…
إلخ، انتهى. ولله در من قال:
أمرُّ على الديار ديار ليلى
…
أقبِّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبُّ الديار شغفن قلبي
…
ولكن حب من سكن الديارا. (ش).
(3)
"فتح الباري"(3/ 462 - 463).
(4)
قال الحافظ (3/ 463): اعنرض بعض الملحدين على الحديث، فقال: كيف سوَّدته =
وَلَوْلَا أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ (1) مَا (2) قَبَّلْتُكَ". [خ 1597، م 1270، ن 2937، ت 860، جه 2943، حم 1/ 26]
===
ومنها: ما في "صحيح ابن خزيمة" عن ابن عباس مرفوعًا: "إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحقه"، وصححه أيضًا ابن حبان والحاكم، وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم أيضًا.
ثم قال الحافظ: وقد روى الحاكم (3) من حديث أبي سعيد: أن عمر رضي الله عنه لما قال هذا، قال له علي ابن أبي طالب: إنه يضر وينفع، وذكر أن الله لما أخذ المواثيق على ولد آدم، كتب ذلك في رق وألقمه الحجر، قال: وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود، وله لسان ذلق يشهد لمن استلمه بالتوحيد". وفي إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف جدًا.
قال الطبري: إنما قال ذلك عمر؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي عمر رضي الله عنه أن يظن الجهالُ أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار، كما كانت العرب تفعل في الجاهلية، فأراد عمر رضي الله عنه أن يعلم الناس أن استلامه اتباعٌ لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا لأن الحجر ينفع ويضر بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان.
(ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبَّلتك)، قال الحافظ: وفي قول
= خطايا المشركين ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ وأجيب بما قال ابن قتيبة: لو شاء الله لكان كذلك، وإنما أجرى العادةَ بأن السواد يصبغ، ولا ينصبغ على العكس من البياض. وقال المحب الطبري: في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة؛ فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلب فتأثيرها في القلب أشد، وقال ابن عباس: إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، انتهى. (ش).
(1)
في نسخة: "قبلك".
(2)
في نسخة: "لما".
(3)
"المستدرك"(1/ 628)، ر قم (1682).