المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) باب: في المرأة تحج بغير محرم - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(2) باب: في المرأة تحج بغير محرم

(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

1723 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِىُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا» . [خ 1088، م 1339، ت 1170، جه 2899، حم 2/ 340، ق 3/ 139]

===

رضي الله عنهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالة على أن المراد بهذا الخبر وجوب الحج عليهن مرة واحدة كما بين وجوبه على الرجال مرة لا المنع من الزيادة عليه، والله أعلم، انتهى. قال الحافظ (1): وفيه دليل على أن الأمر بالقرار في البيوت ليس على سبيل الوجوب.

(2)

(بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغيرِ مَحْرَمٍ)

1723 -

(حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي، نا الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه) أبى سعيد (أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأةٍ مسلمةٍ تسافر (2) مسيرةَ ليلة إلَّا ومعها رجل ذو حرمة منها)، والمراد بذي الحرمة منها محرمها، وهو الذي حرم نكاحها عليه بالتأبيد.

قال الحافظ (3): وضابط المحرم عند العلماء من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد أختُ الزوجة وعمتها، وبالمباح أمُّ الموطوءة بشبهة وبنتها، وبحرمتها الملاعنةُ، واستثنى أحمد من حرمت على التأبيد مسلمة لها أب كتابي فقال: لا يكون محرمًا لها، لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها.

(1)"فتح الباري"(4/ 75).

(2)

يستثنى منه سفر المهاجرة والمأسورة؛ كذا في بعض حواشي "الهداية" من كتاب الحج، وفي "الأوجز"(8/ 656). (ش).

(3)

"فتح الباري"(4/ 77).

ص: 12

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والأحاديث التي وردت في النهي عن سفر المرأة للحج وغيره إلَّا بمحرم أو زوج اختلفت في مسافة السفر، ففي بعضها: مسيرة ليلة (1)، وفي بعضها: مسيره يوم (2)، ودي بعصها: مسيره يوم وليلة (3)، وفي رواية: مسيره يومين أو ليلتين (4)، وفي رواية: مسيرة ثلاثة أيام (5). وفي رواية لأبي داود (6): بريدًا.

وقال الشوكاني (7): قد ورد من حديث ابن عباس عند الطبراني (8) ما يدل على اعتبار المحرم فيما دون البريد، ولفظه:"لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو ذي محرم"، انتهى.

قال الشوكاني (9): اختلفوا: هل يقوم غير المحرم مقامه في هذا، كالنسوة الثقات؟ فقيل: يجوز لضعف التهمة، وقيل: لا يجوز، بل لا بد من المحرم، انتهى.

قال في "البدائع"(10) في شرائط فرضية الحج: فأما الذي يخص النساء فشرطان:

أحدهما: أن يكون معها زوجها أو محرم لها، فإن لم يوجد أحدهما لا يجب عليها الحج، وهذا عندنا.

(1) أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 340)، ومسلم (1339).

(2)

أخرجه أحمد أيضًا (2/ 251)، ومسلم (1339).

(3)

أخرجه البخاري (1088)، ومسلم (1339).

(4)

أخرجه البخاري (1197)، ومسلم (415/ 827).

(5)

أخرجه أحمد (3/ 347)، ومسلم (1339/ 422، 423)، وابن خزيمة في "صحيحه"(2527).

(6)

سيأتي برقم (1725).

(7)

"نيل الأوطار"(3/ 289).

(8)

أخرجه في "الكبير"(رقم 12652).

(9)

"نيل الأوطار"(3/ 288).

(10)

"بدائع الصنائع"(2/ 299).

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وعند الشافعي (1) رحمه الله: هذا ليس بشرط ويلزمها الحج، والخروج من غير زوج ولا محرم إذا كان معها نساء في الرفقة ثقات، واحتج بظاهر قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (2)، وخطاب الناس يتناول الذكور والإناث بلا خلاف، فإذا كان لها زاد وراحلة كانت مستطيعة، وإذا كان معها نساء ثقات يؤمن الفساد عليها فيلزمها فرض الحج.

ولنا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا لا تَحُجَّنَّ امرأة إلَّا ومعها محرم". وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تسافر امرأة ثلاثة أيام إلا ومعها محرم أو زوج". ولأنها إذا لم يكن معها زوج ولا محرم لا يؤمن عليها، إذ النساء لَحْمٌ على وَضَمٍ إلَّا ما ذب عنه. ولهذا لا يجوز لها الخروج وحدها، والخوف عند اجتماعهن أكثر، ولهذا حرمت الخلوة بالأجنبية وإن كان معها امرأة أخرى.

والآية لا تتناول النساء حال عدم الزوج والمحرم معها؛ لأن المرأة لا تقدر على الركوب والنزول بنفسها، فتحتاج إلى من يركبها وينزلها، ولا يجوز ذلك لغير الزوج والمحرم فلم تكن مستطيعة في هذه الحالة فلا يتناولها النص، انتهى.

(1) وعن أحمد في ذلك ثلاث روايات كما في "المغني"(5/ 30)، الأول: أنه شرط الوجوب، وهو المذهب، والثاني: شرط الأداء، والثالث: ليس بشرط، وحكاه عن الشافعي ومالك فقالا: يجوز لها سفر الحج الواجب بدون المحرم مع الثقات، والمرجح عندنا كونه شرط أداء، كذا في "الأوجز"(8/ 647، 648)، واتفقوا على أنه شرط في الحج النفل، ثم الفرق بين الشافعي إذ قال: مع حرة، وبين مالك إذ قال: مع الثقات، ظاهر، كذا في "المنهل"(10/ 261). (ش).

(2)

سورة آل عمران: الآية 97.

ص: 14

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الشوكاني (1): قال في "الفتح"(2): وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقديرات. قال النووي (3): ليس المراد من التحديد ظاهره، بل كل ما يسمى سفرًا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم، وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه. وقال ابن التين (4): وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين. وقال المنذري: يحتمل أن يقال: إن اليوم المفرد والليلة المفردة بمعنى اليوم والليلة، فمن أطلق "يوما" أراد بليلته، أو "ليلة" أراد بيومها، قال: ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلًا لأوائل الأعداد، فاليوم: أول العدد، والاثنان: أول التكثير، والثلاث: أول الجمع، ويحتمل أن يكون ذكر الثلاث قبل ذكر ما دونها، فيؤخذ بأقل ما ورد من ذلك، وأقله الرواية التي فيها ذكر البريد.

وقد ورد من حديث ابن عباس عند الطبراني ما يدل على اعتبار المحرم فيما دون البريد، ولفظه:"لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلَّا مع زوج أو ذي محرم"، وهذا هو الظاهر، عن (5) الأخذ بأقل ما ورد، لأن ما فوقه منهي عنه بالأولى، والتنصيص على ما فوقه كالتنصيص على الثلاث، واليوم والليلة واليومين والليلتين لا ينافيه؛ لأن الأقل موجود في ضمن الأكثر، وغاية الأمران النهي عن الأكثر يدل بمفهومه على أن ما دونه غير منهي عنه، والنهي عن الأقل منطوق، وهو أرجح من المفهوم.

وقالت الحنفية: إن المنع مقيد بالثلاث؛ لأنه متحقق، وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمتيقن، ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر، فينبغي

(1)"نيل الأوطار"(3/ 288، 289).

(2)

"فتح الباري"(4/ 75).

(3)

"شرح صحيح مسلم"(5/ 116، 117).

(4)

كذا في الأصل، وفي "النيل" أيضًا، وفي "الفتح" (4/ 75): ابن المنير.

(5)

كذا في الأصل، وفي "النيل": أعني.

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأخذُ بها وطرحُ ما سواها؛ فإنه مشكوك فيه، والأولى أن يقال: إن الرواية المطلقة مقيدة بأقل ما ورد، وهي رواية ثلاثة الأميال إن صحت، وإلَّا فرواية البريد.

وقال سفيان: يعتبر المحرم في المسافهّ البعيدة لا القريبة.

وقال أحمد: لا يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرمًا، وإلى كون المحرم شرطًا في الحج ذهب العترة، وأبو حنيفة، والنخعي، وإسحاق، والشافعي- في أحد قوليه - على خلاف بينهم، هل هو شرط أداء أو شرط وجوب؟ وقال مالك -وهو مروي عن أحمد-: إنه لا يعتبر المحوم في سفر الفريضة، انتهى.

قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1): اتفقت هذه الآثار كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم السفر ثلاثة أيام على المرأة بغير ذي محرم، واختلفت فيما دون الثلاث، فنظرنا في ذلك، فوجدنا النهيَ عن السفر بلا محرم مسيرة ثلاثة أيام فصاعدًا ثابتًا بهذه الآثار كلها، وكان توقيته ثلاثة أيام في ذلك إباحة السفر دون الثلاث لها بغير محرم، ولولا ذلك لما كان لذكره الثلاثَ معنى، ونهى نهيًا مطلقًا ولم يتكلم بكلام يكون فصلًا، ولكنه ذكر الثلاث ليعلم أن ما دونها بخلافها، وهكذا الحكيم يتكلم بما يدل على غيره، ليغنيه عن ذكر ما يدل كلامه ذلك عليه، ولا يتكلم بالكلام الذي لا يدل على غيره، وهو يقدر أن يتكلم بكلام يدل على غيره، وهذا تفضل من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، إذ آتاه جوامع الكلم الذي ليس في طبع غيره القوة عليه.

ثم رجحنا إلى ما كنا فيه، فلما ذكر الثلاث وثبت بذكره إياها إباحة ما هو دونها، ثم ما روي عنه ما في معها (2) من السفر دون الثلاث من اليوم واليومين، والبريد، فكل واحد من تلك الآثار ومن الأثر المروي في الثلاث

(1)"شرح معاني الآثار"(2/ 114، 115).

(2)

كذا في الأصل، والصواب: في منعها من السفر، كما في "شرح معاني الآثار".

ص: 16

1724 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالنُّفَيْلِىُّ، عَنْ مَالِكٍ. (ح): وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ

===

متى كان بعد الذي خالفه نسخه، إن كان النهي عن سفر اليوم بلا محرم بعد النهي عن سفر الثلاث بلا محرم فهو ناسخ له، وإن كان خبر الثلاث هو المتأخر عنه فهو ناسخ له.

فقد ثبت أن أحد المعاني التي دون الثلاث ناسخة للثلاث، أو الثلاث ناسخة لها، فلم يخل خبر الثلاث من أحد وجهين: إما أن يكون هو المتقدم، أو يكون هو المتأخر.

فإن كان هو المتقدم فقد أباح السفر أقل من ثلاث بلا محرم، ثم جاء بعده النهي عن سفر ما هو دون الثلاث بغير محرم، فحرم ما حرم الحديث الأول، وزاد عليه حرمة أخرى، وهو ما بينه وبين الثلاث، فوجب استعمال الثلاث على ما أوجبه الأثر المذكور فيه.

وإن كان هو المتأخر، وغيره المتقدم فهو ناسخ لما تقدمه، والذي تقدمه غير واجب العمل به، فحديث الثلاث واجب استعماله على الأحوال [كلها]، وما خالفه فقد يجب استعماله إن كان هو المتأخر، ولا يجب إن كان هو المتقدم.

فالذي قد وجب علينا استعماله والأخذ به في كلا الوجهين أولى مما قد يجب استعمالُه في حال وتركُه في حال.

وفي ثبوت ما ذكرنا دليل على أن المرأة ليس لها أن تحج إذا كان بينها وبين الحج مسيرة ثلاثة أيام إلا مع محرم، فإذا عدمت المحرم وكان بينها وبين مكة المسافة التي ذكرنا، فهي غير واجدة للسبيل الذي يجب عليها الحج بوجوده، انتهى.

1724 -

(حدثنا عبد الله بن مسلمة والنفيلي، عن مالك، ح: وحدثنا الحسن بن علي، نا بشر بن عمر، حدثني مالك، عن سعيد بن أبي سعيد،

ص: 17

- قَالَ الْحَسَنُ فِى حَدِيثِهِ: عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا: - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْما وَلَيْلَةً» . فَذَكَرَ (1) مَعْنَاهُ. [حم 2/ 236، خزيمة 2523، وانظر سابقه]

قال النفيلي: حدثنا مالكٌ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَمْ يَذْكُرِ النُّفَيْلِىُّ وَالْقَعْنَبِىُّ: عَنْ أَبِيهِ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ كَمَا قَالَ الْقَعْنَبِىُّ.

===

قال الحسن) بن علي شيخ المصنف (في حديثه: عن أبيه)، ولم يذكره عبد الله بن مسلمة والنفيلي (ثم اتفقوا) أي الثلاثة فقالوا:(عن أبي هريرة).

فرواية عبد الله بن مسلمة والنفيلي عن مالك، عن سعيد، عن أبي هريرة من غير واسطة "أبيه"، ورواية بشر عن مالك، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة بزيادة واسطة "أبيه" بين سعيد وأبي هريرة، وكلا الطريقين صحيحان؛ لأن لسعيد ولأبيه رواية عن أبي هريرة، فلعل سعيدًا روى هذا الحديث أولًا عن أبيه، عن أبي هريرة، ثم حصل له الرواية بعد ذلك عن أبي هريرة من غير واسطة.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يومًا وليلة، فذكر) مالك (معناه) أي معنى الحديث المتقدم حديث الليث. (قال النفيلي: حدثنا مالك)، وأما عبد الله بن مسلمة فقال: عن مالك.

(قال أبو داود: لم يذكر النفيلي والفعنبي: عن أبيه) أي لفظ "عن أبيه" في السند، (رواه ابن وهب)(2) وهو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمد المصري، الفقيه (وعثمان بن عمر) بن فارس بن لقيط العبدي (عن مالك كما قال القعنبي) بترك لفظ: عن أبيه.

(1) في نسخة: "وذكر".

(2)

أخرج روايته ابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 134) رقم (2524).

ص: 18

1725 -

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وذَكَرَ (1) نَحْوَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ «بَرِيدا» . [خزيمة 2526، ك 1/ 442]

1726 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ، أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعًا حَدَّثَاهُمْ (2) عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدا، إلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا» . [م 1340، ت 1169، جه 2898، حم 3/ 54، دي 2678]

1727 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم

===

1725 -

حدثنا يوسف بن موسى، عن جرير، عن سهيل، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر) سهيل (نحوه) أي نحو حديث الليث ومالك (إلَّا أنه) أي سهيلًا (قال: بريدًا) والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، فالبريد اثنا عشر ميلًا.

1726 -

حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهناد، أن أبا معاوية ووكيعًا حدثاهم عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا فوق ثلاثة أيام فصاعدًا، إلا ومعها أبوها، أو أخوها، أو زوجها، أو ابنها، أو ذو محرم منها).

1727 -

(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، حدثني نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1) في نسخة: "فذكر".

(2)

في نسخة: "حدثاهما".

ص: 19