الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَنَزَلُوا في مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَ الأَنْصَارَ فَنَزَلوا مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ (1)، ثُمَّ نَزَلَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ". [ن 2996، حم 4/ 61]
(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى
===
فقوله: "نسمع ما يقول في منازلنا" كان معجزة منه صلى الله عليه وسلم.
وما يتوهم أنهم كيف قعدوا في منازلهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب؟ فالجواب أنه إما أن يكون أراد بذلك سماع من بقي منهم في الرحال لا أنهم بأسرهم كانوا فيها، أو يكون المراد أنهم كانوا بحيث لو لبثوا في المنازل ولم يحضروا الخطبة لكانوا سمعوها.
ويمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لهم مسائل متفرقة اتفاقًا، ولم يهتم بها حتى يجمعهم فيجتمعوا؛ غير أنه إذا شرع فيها رفع صوته بها ليكون أبلغ في المسامع، وأهدى إلى المجامع، وعلى هذا فلا يرد أنه لا يصح بالبلوغ بلوغ نفسه إلى الجمرات، لأن قوله:"ونحن في المنازل" ينافيه، وعدم الورود لما قلنا من أن المقصود بذلك بيان معجزته صلى الله عليه وسلم في بلوغ صوته إلى الأماكن القاصية، لا نفس حقيقة كونهم في منازلهم، والله تعالى أعلم.
(ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك) وقد تقدم ما يتعلق بهذا الكلام قريبًا.
(73)
(بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى)
والبيتوتة في مني ليالي مني سنَّة مؤكدة إلى الفجر عندنا، لا واجبة كما عند الشافعي (2) رحمه الله، ولا ركن كما قال بعضهم، والمراد بها كون أكثر الليل فيها
(1) زاد في نسخة: "قال".
(2)
في أظهر قوليه وأشهر روايتي أحمد، والثاني لهما كقولنا: إنه سنة، ولا خلاف بين المالكية في الوجوب. "الأوجز"(8/ 292). (ش).
1958 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَاّدٍ الْبَاهِلِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِى (1) حَرِيزٌ أَوْ أَبُو حَرِيزٍ - الشَّكُّ مِنْ يَحْيَى - أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ فَرُّوخَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ إِنَّا نَتَبَايَعُ (2) بِأَمْوَالِ النَّاسِ فَيَأْتِى أَحَدُنَا مَكَّةَ فَيَبِيتُ عَلَى الْمَالِ؟ فَقَالَ: أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَاتَ بِمِنًى وَظَلَّ".
===
1958 -
(حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي، نا يحيى، عن ابن جريج، حدثني حريز أو أبو حريز، الشك من يحيى) وفي نسخة: قال أبو بكر: هذا من يحيى، يَعني الشك، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" و"التقريب": حريز أو أبو حريز عن ابن عمر في التجارة في الحج، حجازي، مجهول، روى عنه ابن جريج.
(أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ) العدوي مولى عمر رضي الله عنه، ذكره ابن حبان في "الثقات" (يسأل ابن عمر قال: إنا نتبايع بأموال الناس) أي نشتري لهم ببدل أموالهم أموالًا، فيلزم علينا حفظ المال (فيأتي أحدنا مكة، فيبيت على المال) لحفظه؟
(فقال) أي ابن عمر: (أمَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل)، معناه أنه عليه السلام لم يترك البيتوتة بمني لا في الليل ولا في النهار، بل وقف فيها؛ فعليك أن لا تخالف فعله صلى الله عليه وسلم.
وأما عذرك بحفظ أموال الناس فليس بعذر؛ فإن الناس أكثرهم يتركون أموالهم في مكة، فيعذرون بحفظ أموالهم، فيترك بهذه الأعذار الفاسدة سنَّة البيتوتة بمنى، فإن لحفظ الأموال طرقًا غير هذا بأن يودع عند رجل، أو يوضع في بيت ويقفل عليه.
(1) في نسخة بدله: "أخبرني".
(2)
في نسخة بدله: "نبتاع".
1959 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ". [خ 1745، م 1315، دي 1943، حم 22/ 2، ق 5/ 153]
===
1959 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا ابن نمير وأبو أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: استأذن العباس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي مني من أجل سقايته، فأذن له) وقبل له عذره، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص للرعاء أن يدعُوا الرمي يومًا ويرموا يومًا، وهذا كله استدل به الجمهور على أن المبيت بمنى واجب، وأنه من جملة مناسك الحج.
وقد اختُلِفَ في وجوب الدم لتركه، فقيل: يجب عن كل ليلة (1) دم، روي ذلك عن المالكية، وقيل: صدقة بدرهم، وقيل: الطعام، وعن الثلاث دم، هكذا روي عن الشافعي، وهو رواية عن أحمد، والمشهور عنه، وعن الحنفية: لا شيء عليه، قاله الشوكاني (2).
قلت: البيتوتة في مني سنَّة عند الحنفية، فلا شيء على تركه سوى الإساءة، وقيل: إن جواز ترك المبيت يختص بالعباس رضي الله عنه وقيل: يدخل معه بنو هاشم، وقيل: كل من احتاج إلى السقاية، وهو جمود يرده حديث عاصم بن عدي الآتي، وقيل: يجوز الترك لكل من له عذر يشابه الأعذار التي رخص لأهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قول الجمهور، وقيل: يختص بأهل السقاية ورعاة الإبل، وبه قال أحمد واختاره ابن المنذر (3).
(1) لكن جزم الدسوقي بالدم الواحد في ليلة وأكثر. [انظر: "حاشية الدسوقي" (2/ 273)]. (ش).
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 437).
(3)
انظر: " نيل الأوطار"(3/ 437).