المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(15) باب تبديل الهدي - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(15) باب تبديل الهدي

(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

1756 -

حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحِيمِ. - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدُ بْنُ أَبِى يَزِيدَ خَالُ مُحَمَّدٍ يعني ابْنِ سَلَمَةَ رَوَى عَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ - عَنْ جَهْمِ بْنِ الْجَارُودِ،

===

شاة"، وعن هذا قالوا: الهدي إبل وبقر وغنم، ذكورها وإناثها، حتى قالوا: هذا بالإجماع، وإنما مذهبهم أن التقليد في البدنة، والغنم ليست من البدنة، فلا تُقَلَّد لعدم التعارف بتقليدها، إذ لو كان تقليدها سنة لما تركوها، وقالوا في الحديث المذكور: تفرد به الأسود ولم يذكره غيره على ما ذكرنا، وادّعى صاحب "المبسوط" (1) أنه أثر شاذ.

(15)

(بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْي)، يجوز أم لا؟

1756 -

(حدثنا النفيلي، نا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال أبو داود: أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، خالُ محمد يعني ابنَ سلمة، روى عنه حجاج بن محمد). قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": خالد بن يزيد، ويقال: ابن أبي يزيد، وهو المشهور، ابن سماك بن رستم، قاله ابن عروبة، وقال الدارقطني: ابن سَمَّال بفتح السين وتشديد الميم وباللام، الأموي مولاهم، أبو عبد الرحيم الحراني، قال أحمد وأبو حاتم: لا بأس به، وعن ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: حسن الحديث متقن فيه، قلت: وقال أبو القاسم البغوي: كان ثقة.

(عن جهم بن الجارود) قال البخاري: لا يُعْرَفُ له سماع من سالم،

(1) وقال أيضًا: إن المقصود بالتقليد أن لا يُمنَع من العلف والماء إذا عُلِمَ أنه هدي، وهذا فيما يبعد عن صاحبه في الرعي كالإبل والبقر دون الغنم، فإن الغنم يعدم إذا لم يكن صاحبه معه، انتهى، وأجاد في "البدائع" (2/ 367) إذ استدل على أن الغنم لا تُقَلَّد بقوله تعالى:{وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [المائدة: 2] للعطف، فارجع إليه، وقريب منه ما في "أحكام القرآن" للجصاص (2/ 300). (ش).

ص: 66

عن سَالِم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أَبِيهِ قَالَ:"أَهْدَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب بُخْتِيًّا (1) فَأُعْطِيَ بهَا ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَهْدَيْتُ بُخْتِيًّا، فَأُعْطِيتُ بِهَا ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا؟ قَالَ (2): "لَا، انْحَرْهَا إِيَّاهَا". [حم 2/ 145، ق 5/ 241، خزيمة 2911]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هذَا لأنَّهُ كَانَ أَشْعَرَهَا.

===

روى له أبو داود حديثًا واحدًا، قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج ابن خزيمة حديثه في "صحيحه"، وتوقف في الاحتجاج به، وقال: اختلف في اسمه على محمد بن سلمة فقيل: جهم، وقيل: نهم، هكذا في "تهذيب التهذيب" بالنون، وفي "التقريب": وقيل: شهم بشين معجمة.

(عن سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: أهدى عمر بن الخطاب بختيًا) قال في "المجمع": فيه: سرق بختية، أي: الأنثى من الجمال طوال الأعناق، والذكر بختي، والجمع بخت وبخاتي.

وقال في "العناية في شرح الهداية": البخت جمع بختي، وهو المتولد بين العربي والعجمي، منسوب إلى بخت نَصَّر. وفي "القاموس": هي الإبل الخراسانية. وفي نسخة: نجيبًا، وهو الفاضل من كل حيوان، من نَجُبَ نجابة إذا كان فاضلًا نفيسًا في نوعه. وقال في "المجمع" أيضًا: النجيب من الإبل: القويُّ السريعُ.

(فأعطي) أي عمر (بها) أي بالبختي، وتأنيث الضمير باعتبار البدنة (ثلاث مائة دينار، فأتى) عمر رضي الله عنه (النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني أهديت بختيًّا، فأُعطِيْتُ بها ثلاث مائة دينار، فأبيعها) بتقدير حرف الاستفهام (وأشتري بثمنها بدنًا) كثيرة؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا) أي: لا تبعها، (انحرها إياها) أي البختي خاصًّا، ولا تبدلها.

(قال أبو داود: هذا) الحكم (لأنه كان أشعرها)، وفي الحديث دلالة

(1) في نسخة: "نجيبًا"، وفي نسخة:"نجيبة".

(2)

في نسخة: "فقال".

ص: 67

(16)

بَابُ (1) مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ

1757 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، نَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ،

===

على أنه لا يجوز تبديل الهدي (2) بغيره. قلت: إن كان الهدي الذي أهداها عمر رضي الله عنه تطوعًا فتبديله لا يجوز؛ لأنه لما اشتراها بنية الهدي تَعَيَّنَتْ فلا يجوز تبديلها، وإن كان واجبًا عليه فالحديث محمول على الأولى والأفضل.

قال ابن الهمام في "فتح القدير"(3): فإن اشترى بدنة لمتعته مثلًا ثم اشترك فيها ستة بعد ما أوجبها لنفسه خاصة لا يَسَعه ذلك؛ لأنه لما أوجبها صار الكل واجبًا عليه، وقدر ما يجزئ في هدي المتعة كان واجبًا عليه، وما زاد على ذلك وجب بإيجابه، وليس له أن يبيع شيئًا مما أوجبه هديًا، فإن فعل فعليه أن يتصدق بالثمن، انتهى.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه قدس سره: "قال: لا، انحرها إياها"، وهو إن كان جائزًا له لكنه أحب أن يكون له فضل في ذلك، فإنه لو باعها واشترى بثمنها عدة نوق لكان له فضل في الكم وزيادة في العدد، لكنها واحدة زادت عليها في الكيف، وظاهر كلام المؤلف أنه لم يجز له التبديل لكونه عيَّنه للهدي بالإشعار، وفيه أن الإشعار ليس بتعيين مع أن الهدي الواجب يجوز تبديله لكونه واجبًا على الذمة، فيقع الكفاية بكل ما ذبح، وهذا كله مبني على أن يكون البختي من الهدي الواجب، وثبوته عسير، فالوجه للنهي حينئذ تعيينه بنفس الشراء للهدي.

(16)

(بَابُ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ) إلى الحرم، (وَأَقَامَ) ببلده حلالًا

1757 -

(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، نا أفلح بن حميد،

(1) زاد في نسخة: "في".

(2)

وتبديل البدن والهدي لا يجوز عند مالك بخلاف الأضحية، صرح به في "المدونة" (1/ 385): [الهدي يدخله عيب بعد ما يقلِّد ويشعر

]. (ش).

(3)

"فتح القدير"(3/ 156).

ص: 68

عن الْقَاسِمِ، عن عَائِشَةَ قَالَتْ:"فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بيَدَيَّ، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ، وَأًقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا"(1)[خ 1699، م 1321، ت 908، ن 277، جه 3095، حم 6/ 85]

===

عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر، (عن عائشة قالت: فتلت) أي لويت (قلائد) جمع قلادة، وهي ما يعلَّق في العنق (بدن) جمع بدنة (رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي (2)، ثم أشعرها وقلَّدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة) أي وما ذهب إلى البيت للحج والعمرة، (فما حرم عليه شيء) لأجل بعث الهدي (كان له حلًّا) قبل البعث.

حاصله أنه لم يحرم، وقد أخرج البخاري في "صحيحه"(3) قصة ذلك مفصلًا، وهي: أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة رضي الله عنها: "أن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: من أهدى هديًا حَرُم عليه ما يَحرُم على الحاج حتى يُنْحَرَ هديُه، قالت عمرة: فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلَّدها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيديه، ثم بعث بها مع أَبي، فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له حتى نُحِرَ الهدي"(4)، انتهى.

(1) في نسخة: "أحل له".

(2)

فيه دليل على أنها أعرف بالقصة. (ش).

(3)

"صحيح البخاري"(1700).

(4)

ولا يذهب عليك أن ها هنا مسألتين بسطتا في "الأوجز"، إحداهما: أن يبعث الرجل المقيم في بلده الهدي إلى مكة، فالجمهور- ومنهم الأئمة الأربعة - أنه لا يصير بذلك محرمًا، خلافًا لابن عباس رضي الله عنه كما تقدَّم في الشرح من رواية البخاري. والمسألة الثانية: أن من أراد النسك ومعه هدي قد قلدها (ولم يأت بالتلببة) فعند جماعة من السلف، منهم الإِمام أحمد وإسحاق يصير محرمًا بمجرد التقليد، خلافًا =

ص: 69

1758 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِىُّ الْهَمْدَانِىُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهْدِى مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ". [خ 1698، م 1321، ن 2775]

===

وأما مذهب الحنفية في ذلك، ففي "الهداية" (1) قال: ومن قلد بدنة تطوعًا أو نذرًا أو جزاء صيد أو شيئًا من الأشياء، وتوجه معها يريد الحج، فقد أحرم لقوله عليه السلام:"من قلد بدنة فقد أحرم"، ولأن سوق الهدي في معنى التلبية في إظهار الإجابة، لأنه لا يفعله إلَّا من يريد الحج أو العمرة، وإظهار الإجابة قد يكون بالفعل كما يكون بالقول، فيصير به محرمًا لاتصال النية بفعل هو من خصائص الإحرام.

قال ابن الهمام في "فتح القدير"(2): قوله: وتوجه معها، أفاد أنه لا بد من ثلاث أمور: التقليدُ، والتوجهُ معها، ونيةُ النسك.

1758 -

(حدثنا يزيد بن خالد الرملي الهمداني وقتيبة بن سعيد، أن الليث بن سعد حدثهم، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة) رضي الله عنها (قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي) أي يبعث الهدي إلى مكة (من المدينة، فأفتل) أي ألوي (قلائدَ هديه، ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنب المحرم).

= للجمهور والحنفية، بل يصير محرمًا عندنا بما ذكره الشيخ من "الهداية"، فما أفاده الشيخ يتعلق بالثانية، والحدبث متعلق بالأولى، فإن عائشة رضي الله عنها ردَّت بهذا الحديث على ابن عباس رضي الله عنه القائل بالأولى (6/ 569، 570). (ش).

(1)

"الهداية"(1/ 149).

(2)

"فتح القدير"(2/ 527).

ص: 70