الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1985 -
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْبَغْدَادِىُّ - ثِقَةٌ -، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِى أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ أَبِى سُفْيَانَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» . [انظر سابقه]
(78) بَابُ الْعُمْرَةِ
===
1985 -
(حدثنا أبو يعقوب البغدادي) هو إسحاق بن أبي إسرائيل، واسمه إبراهيم بن كَامَجْرا، بفتح الكاف والميم، بينهما ألف، بإسكان الجيم، أبو يعقوب المروزي، نزيل بغداد، وثقه ابن معين والدارقطني، ولكن تكلموا فيه لوقفه في القرآن (1)، ولهذا احتاج أبو داود إلى توثيقه فقال:(ثقة (2)، نا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي المكي، قال ابن معين والنسائي وابن سعد: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن) عمته (صفية بنت شيبة قالت) صفية: (أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير).
(78)
(بَابُ الْعُمْرَةِ)، أي: وبيان فضلها
والعمرة في اللغة: الزيارة، وهي واجبة عند الشافعي وأحمد وغيرهما من أهل الأثر، والمشهور عن المالكية أن العمرة تطوع، واختلف قول الحنفية في
(1) راجع: "تهذيب التهذيب"(1/ 223، 224).
(2)
ذكر المزي في "تحفة الأشراف"(6576) زيادة نقلًا عن أبي الحسن بن العبد أنه قال: "وأثنى عليه أبو داود خيرًا".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ذلك، قال في "البدائع" (1): قال أصحابنا: إنها واجبة كصدقة الفطر والأضحية والوتر، ومنهم من أطلق اسم السنَّة، وهذا الإطلاق لا ينافي الواجب.
وفي "لباب المناسك" و"شرحه"(2) للقاري: العمرة سنَّة مؤكدة أي على المختار، وقيل: هي واجبة، قال المحبوبي: وصححه قاضيخان، وبه جزم صاحب "البدائع" حيث قال: إنها واجبة كصدقة الفطر، وعن بعض أصحابنا: أنها فرض كفاية، منهم محمد بن الفضل من مشايخ بخارى.
واستدلوا بما رواه الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر: "أتى أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: لا، وأن تعتمر خير لك"، أخرجه الترمذي (3). قال الحافظ (4): والحجاج ضعيف.
قلت: قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول بعض أهل العلم، قالوا: العمرة ليست بواجبة.
قال العيني (5): فإن قلت: قال المنذري: وفي تصحيحه له نظر؛ فإن في سنده الحجاج بن أرطاة، ولم يحتج به الشيخان في "صحيحيهما"، وقال ابن حبان: تركه ابن المبارك ويحيى القطان وابن معين وأحمد، وقال الدارقطني: لا يحتج به، وإنما روي هذا الحديث موقوفًا على جابر، وقال البيهقي: رفعه ضعيف.
قلت: قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "كتاب الإِمام":
(1)"بدائع الصنائع"(2/ 477).
(2)
"شرح اللباب"(ص 463).
(3)
"سنن الترمذي"(931)، و"سنن الدارقطني"(2/ 285)، و"سنن البيهقي"(4/ 349).
(4)
انظر: "فتح الباري"(3/ 597).
(5)
"عمدة القاري"(7/ 401).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحكم بالتصحيح في رواية الكروخي لكتاب الترمذي، وفي كتاب (1) غيره: حسن، لا غير. وقال شيخنا زين الدين: لعل الترمذي إنما حكم عليه بالصحة لمجيئه من وجه آخر، فقد رواه يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن عمر، عن أبي الزبير، عن جابر، قلت:"يا رسول الله! العمرة فريضة كالحج؟ قال: لا، وأن تعتمر خير لك". ذكره صاحب "الإِمام".
وقال: اعترض عليه بضعف عبد الله بن عمر العمري، قلت: رواه الدارقطني من رواية يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن المغيرة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قلت: "يا رسول الله! العمرة واجبة فريضتها كفريضة الحج؟ قال: لا، وأن تعتمر خير لك"، ورواه البيهقي من رواية يحيى بن أيوب، عن عبيد الله- غير منسوب- عن أبي الزبير، ثم قال: وهو عبيد الله بن المغيرة، تفرد به عن أبي الزبير، ووهم الباغندي في قوله: عبيد الله بن عمر.
وروى ابن ماجه من حديث طلحة بن عبيد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحج جهاد، والعمرة تطوع"، وروى عبد الباقي بن قانع من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وكذا روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، انتهى.
وقال أيضًا (2): واحتج الأولون بأحاديث، منها: ما رواه الدارقطني (3) من رواية إسماعيل بن مسلم، عن محمد بن سيرين، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحج والعمرة فريضتان، لا يضرك بأيهما بدأت".
قلت: الصحيح أنه موقوف، رواه هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن زيد.
(1) كذا في الأصل، وفي "العمدة": "وفي رواية غيره
…
إلخ"، وهو أوضح.
(2)
"عمدة القاري"(7/ 400 - 402).
(3)
"سنن الدارقطني"(2718).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ومنها: ما رواه ابن ماجه (1) من رواية حبيب بن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: قلت: "يا رسول الله! على النساء جهاد؟ قال: نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة".
قلت: أخرجه البخاري ولم يذكر فيه العمرة.
ومنها: ما رواه ابن عدي في "الكامل" من رواية قتيبة، عن ابن لهيعة، عن عطاء، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحج والعمرة فريضتان واجبتان".
قلت: قال ابن عدي: هو عن ابن لهيعة عن عطاء غير محفوظ؛ وأخرجه البيهقي، وقال: ابن لهيعة غير محتج به.
ومنها: ما رواه الترمذي (2) من حديث عمرو بن أوس، عن أبي رزين العقيلي:"أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر"، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: أمره بأن يعتمر عن غيره.
ومنها: ما رواه الدارقطني (3) من رواية يونس بن محمد، عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:"بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر"، فذكر الحديث، وفيه:"فقال: يا محمد! ما الإِسلام؟ فقال: الإِسلام أن تشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر"، وقال الدارقطني: وهذا إسناد (4)
(1)"سنن ابن ماجه"(2901)، و"صحيح البخاري"(1520، 2875).
(2)
"سنن الترمذي"(930)، وأخرجه الدارقطني (2/ 283)، والبيهقي (4/ 329).
(3)
"سنن الدارقطني"(2708).
(4)
كذا في الأصل، وفي "عمدة القاري":"هذا إسناد ثابت"، وفي "سنن الدارقطني":"هذا إسناد ثابت صحيح، لعله اختصره الشارح".
1986 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ. [خ 1774، حم 2/ 47]
===
أخرجه مسلم بهذ الإسناد، وقال ابن القطان: زيادة صحيحة، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والجوزقي والحاكم أيضًا.
قلت: المراد بإخراج مسلم له أنه أخرج الإسناد هكذا، ولم يسق لفظ هذه الرواية، وإنما أحال به على الطرق المتقدمة إلى يحيى بن يعمر بقوله: بنحو حديثهم.
ثم اعلم أن الشافعي ذهب إلى استحباب تكرار العمرة في السنة الواحدة مرارًا، وقال مالك وأصحابه: يكره أن يعتمر في السنة الواحدة أكثر من عمرة واحدة، وقال ابن قدامة (1): قال آخرون: لا يعتمر في شهر أكثر من عمرة واحدة، وعند أبي حنيفة: تكره العمرة في خمسة أيام: يوم عرفة، والنحر، وأيام التشريق، وقال أبو يوسف: تكره في أربعة أيام: عرفة والتشريق، انتهى ملخص ما في العيني.
1986 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا مخلد بن يزيد ويحيى بن زكريا؛ عن ابن جريج، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عمر قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج)، وقد أخرج البخاري معلقًا، وقال إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق: حدثني عكرمة بن خالد قال: سألت ابن عمر، مثله.
قال الحافظ (2): وصله أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد بالإسناد المذكور، ولفظه: "حدثنا عكرمة بن خالد بن العاصي المخزومي قال: قدمت المدينة في نفر من أهل مكة، فلقيت عبد الله بن عمر فقلت: إنا لم نحج قط، أفنعتمر من المدينة؟ قال: نعم، وما يمنعكم من ذلك؟ فقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: "المغني"(5/ 16، 17).
(2)
"فتح الباري"(3/ 599).
1987 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، عَنِ ابْنِ أَبِى زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ فِى ذِى الْحِجَّةِ إلَّا لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَىَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا عَفَا الْوَبَرْ، وَبَرَأَ الدَّبَرْ، وَدَخَلَ صَفَرْ، فَقَدْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ (1) ، فَكَانُوا يُحَرِّمُونَ الْعُمْرَةَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ. [خ 1564، م 1240، حب 3765، ق 4/ 344]
===
عُمَرَه كلها قبل حجه، قال: فاعتمرنا". وهذا يدل على أن من اعتمر قبل الحج تجزئه العمرة، وهو مجمع عليه.
1987 -
(حدثنا هناد بن السري، عن ابن أبي زائدة، نا ابن جريج ومحمد بن إسحاق، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشةَ) وغيرَها (في ذي الحجة) بأنه أمرها ومن لم يكن معهم هدي بفسخ إحرام الحج بإحرام العمرة (إلَّا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك).
(فإن هذا الحي من قريش ومن دان) أي تبع (دينَهم) أي طريقهم (كانوا يقولون: إذا عفا) أي كثر (الوبر) أي الشعر على ظهر البعير، ولفظ البخاري ومسلم: إذا عفا الأثر، أي انمحى واندرس (وبرأ) أي صح وزال (الدبر) وهو الجرح الذي يكون في ظهر البعير، وقيل: جرح خف البعير (ودخل (2) صفر؛ فقد حلت العمرة لمن اعتمر، فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم) فأبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر أصحابه وأزواجه بأن يعتمروا في ذي الحجة في أشهر الحج.
(1) قال الحافظ في "فتح الباري"(3/ 426) رقم حديث (1564): وهذه الألفاظ تقرأ ساكنة الراء لإرادة السجع.
(2)
لفظ البخاري: وانسلخ صفر، وفي النسائي (2813) بالشك، كذا في حاشية "اللامع"(5/ 163). (ش).
1988 -
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ مَرْوَانَ الَّذِي أَرْسَلَ إِلَى أُمِّ مَعْقِلٍ قَالَتْ: "كَانَ (1) أَبُو مَعْقِلٍ حَاجًّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَتْ أُمُّ مَعْقِلٍ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عَلَىَّ حَجَّةً، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ حَتَّى دَخَلَا عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَلَىَّ حَجَّةً، وَإِنَّ لأَبِى مَعْقِلٍ بَكْرًا،
===
1988 -
(حدثنا أبو كامل، نا أبو عوانة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المدني، كان أحد الفقهاء السبعة، قيل: اسمه محمد، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد، وكان قد استُصْغِر يوم الجمل، فرُدَّ هو وعروة بن الزبير، وكان ثقة، فقيهًا، شيخًا، كثير الحديث، وكان يقال له: واهب قريش؛ لكثرة صلاته.
(أخبرني رسول مروان) لم أقف على تسميته (الذي أرْسل إلى أم معقل، قالت) أم معقل: (كان أبو معقل حاجًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم) أي أبو معقل في البيت عند زوجته (قالت أم معقل) له: (قد علمتَ أن عليَّ حجة) لا بد من التأويل في تلك الكلمة كيلا تخالف الرواية سائرَ المذاهب، وقد كثر وشاع استعمال صيغ الوجوب فيما يعده المرء لازمًا على نفسه، ولا من نفسه من دون نذر ولا إيجاب، كما ذكر في رواية صبي بن معبد:"إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليَّ". وقد علم أن العمرة ليست بواجبة على رأي الحنفية، كذا في "التقرير".
(فانطلقا) أي أبو معقل وأم معقل (يمشيان حتى دخلا عليه) أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يسير إلى الحج (فقالت: يا رسول الله! إن علي حجة، وإن لأبي معقل بكرًا) فمره أن يعطينيه لأحج عليه
(1) في نسخة: "جاء".
قَالَ أَبُو مَعْقِلٍ: صَدَقَتْ، جَعَلْتُهُ في سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ في سَبِيلِ اللهِ» ، فَأَعْطَاهَا الْبَكْرَ، فَقَالَتْ (1): يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ قَدْ كَبِرْتُ وَسَقِمْتُ فَهَلْ مِنْ عَمَلٍ يُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حَجَّتِى؟ قَالَ: عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تُجْزِئُ حَجَّةً» (2). [حم 6/ 405، ك 1/ 482]
===
(قال أبو معقل: صدقت، جعلتُه في سبيل الله) أي الجهاد، فكيف أعطيها وهي زوجتي.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطِها فلتحج عليه فإنه) أي إعطاؤك إياها للحج (في سبيل الله)، ولعل أبا معقل ظن أن في سبيل الله يختص بالجهاد (فأعطاها البكر) فأصابها المرض وهلك أبو معقل، أو سار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الحج.
فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقالت: يا رسول الله إني امرأة قد كبرت) أي كبرت سنين (وسقمت) أي ضعفت (فهل من عمل يجزئ عني من حجتي؟ ) أي يكفيني من حجتي (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تجزئ حجة)(3).
واختلف الرواة في رواية أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم معقل، ففي حديث أبي عوانة عند أبي داود وأحمد: عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال: أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل.
وفي رواية شعبة عند أحمد: عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن قال: أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث، فحدثته.
(1) في نسخة: "قالت".
(2)
في نسخة: "عن حجة".
(3)
وهل تفضل على العمرة في أشهر الحج أم لا؟ مال ابن القيم إلى الثاني. [انظر: "زاد المعاد" (2/ 95، 96)]. (ش).
1989 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِىُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِىُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْقِلِ ابْنِ أُمِّ مَعْقِلٍ الأَسَدِىِّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ،
===
وفي رواية محمد بن أبي إسماعيل عند أحمد: عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن القرشي، عن معقل بن أبي معقل: أن أمه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت، فذكر معناه.
وفي رواية سمر عن الزهري عند أحمد: عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن امرأة من بني أسد بن خزيمة، يقال لها: أم معقل قالت، الحديث.
وفي رواية يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عند أحمد: عن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه قال: كنت فيمن رَكِبَ مع مروان حين ركب إلى أم معقل، قال: وكنت فيمن دخل عليها من الناس معه، وسمعتها حين حدثت هذا الحديث.
قلت: ويمكن أن يجمع بين هذه الاختلافات بأن مروان أرسل رسوله أولًا إلى أم معقل فحدثته بهذا الحديث، وقد سمع أبو بكر بن عبد الرحمن من الرسول حين حدث مروان هذا الحديث، ثم ركب مروان إليها بنفسه ليشافهها بالحديث، وركب معه إليها أبو بكر بن عبد الرحمن، فسمعا منها هذا الحديث بالمشافهة، وقد سمع أبو بكر بن عبد الرحمن من معقل بن أبي معقل أيضًا، فتارة يروي عن الرسول، ومرة يروي عن معقل بن أبي معقل، وتارة يحدث عنها بغير واسطة.
1989 -
(حدثنا محمد بن عوف الطائي، ثنا أحمد بن خالد الوهبي، نا محمد بن إسحاق، عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي أسد خزيمة) حجازي، روى عن جدته أم معقل ويوسف بن عبد الله بن سلام، وعنه موسى بن عقبة وابن إسحاق، ذكره ابن حبان في "الثقات".
حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ قَالَتْ: "لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ، فَجَعَلَهُ (1) أَبُو مَعْقِلٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَصَابَنَا (2) مَرَضٌ، وَهَلَكَ (3) أَبُو مَعْقِلٍ، وَخَرَجَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ (4) جِئْتُهُ فَقَالَ:«يَا أُمَّ مَعْقِلٍ مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِى مَعَنَا» ؟ قَالَتْ: لَقَدْ تَهَيَّأْنَا فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ هُوَ الَّذِى
===
(حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام، عن جدته)(5)، ظاهر السياق يدل على أن الضمير إلى يوسف، ولكن ما وجدت في الكتب أنها جدة يوسف بن عبد الله، بل هي جدة عيسى بن معقل (أم معقل) الأسدية أو الأشجعية، زوج أبي معقل، ويقال لها: الأنصارية، صحابية، لها حديث في عمرة رمضان.
(قالت: لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع) كنت أردت أن أخرج معه للحج، فعرض لي منه موانع، أولها:(وكان لنا جمل، فجعله أبو معقل في سبيل الله)، والثاني:(وأصابنا مرض) أي مرضت أنا وزوجي، وثالثها:(وهلك أبو معقل) فلم أخرج معه.
(وخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من حجه جئته فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أم معقل! ما منعكِ أن تخرجي معنا؟ قالت: لقد تهيَّأنا) أي للحج، فلم أستطع أن أخرج معك؛ لأني أصابني مرض (فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي
(1) في نسخة: "جعله".
(2)
في نسخة: "فأصابنا".
(3)
في نسخة: "فهلك".
(4)
في نسخة: "حجته".
(5)
وقال الحافظ في "الإصابة": رواه موسى بن عقبة عن عيسى بن معقل عن جدته أم معقل، ولم يذكر يوسف. [انظر:"الإصابة"(4/ 182)، في ترجمة أبي معقل الأسدي]. (ش).
نَحُجُّ عَلَيْهِ، فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ:«فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَجَّ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَّا إِذْ (1) فَاتَتْكِ هَذِهِ الْحَجَّةُ مَعَنَا، فَاعْتَمِرِى فِى رَمَضَانَ فَإِنَّهَا كَحَجَّةٍ» ، فَكَانَتْ تَقُولُ: الْحَجُّ حَجَّةٌ (2) وَالْعُمْرَةُ عُمْرَةٌ، وَقَدْ قَالَ هَذَا لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا أَدْرِى أَلِىَ خَاصَّةً"؟ . [دي 1860، خزيمة 2376]
===
نحجُّ عليه) أي نريد أن نحج عليه (فأوصى به أبو معقل في سبيل الله) أي جعله في سبيل الله.
(قال: فهلا خرجتِ عليه؛ فإن الحج في سبيل الله! فأما إذا فاتتكِ هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان؛ فإنها) أي العمرة في رمضان (كحجة، فكانت تقول: الحج حجة، والعمرة عمرة) لا تتحد إحداهما بالأخرى (وقد قال هذا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أدري ألي خاصة) أو عام شامل لجميع الأمة؟
وفي هذا الحديث اضطراب كثير، واختلاف شديد، فإن الحديث الأول يدل على أن أبا معقل حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع، وذهب مع زوجته أم معقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث يدل بظاهره على أن أبا معقل هلك قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلقت منفردة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكلمت معه في أمر الحج والعمرة.
ولم أر من تعرض لجمع هاتين الروايتين ورفع الإشكال إلَّا ما كتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه رحمه الله فقال: الروايات في قصة أبوي معقل هذين متخالفة، الذي يجتمع به الروايات أن يقال: إن أبا معقل كان له جمل للركوب، والجمل الآخر (3) للزراعة، وآخر جعله في سبيل الله،
(1) في نسخة: "إذا".
(2)
في نسخة: "حج".
(3)
ولا حرج أيضًا في أن يكون الواحد للركوب والزراعة، والآخر حبيس، وأخرج =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وكان أبو معقل وابنه كلاهما قاصدان الحج، فلم يبق لأم معقل راحلة تحج عليها، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرها ماذا تفعل، ورخص لها أن تحج على البكر الذي جعله أبو معقل في سبيل الله.
ثم بعد الفتيا مرض أبو معقل حتى مات، ومرضت أم معقل، ثم أخذتها عدة الوفاة، وسار النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه يريدون الحجة، فلما رجع من حجته، حضرته أم معقل، فسألها عن السبب الذي عرضها حتى امتنعت عن الرواح معه مع ذلك الاهتمام الذي كان لها قبل، فبينت لذلك عللًا وموانع.
منها: أن البكر كان في سبيل الله، فلما سمع ذلك ولم تكن تكلمت بسائر الأعذار التي عاقتها عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"هلا حججتِ عليه؛ فإن الحج في سبيل الله"، ثم بينت الأسباب الأخرى.
منها: موت زوجها وما دهمها من المصائب والأمراض، وأنواع الآلام، ثم سألت بعد كل ذلك عن السبب الذي تنال به تلك الفضيلة التي فاتتها، فقال لها:"عمرة في رمضان تعدل حجة معي".
وعلى هذا التقرير تتفق كثير من الروايات الواردة في قصتهما، غير أنه ينافيه ما في (1) بعضها من أن بيان فضيلة العمرة كانت على لسان أبي معقل، وهذا يستدعي أن تكون سألته في حياته، فَيُتَكَلَّف إلى توجيه ذلك بأنها حين صممت العزم بالمعية واستفتت، فرخص لها في الركوب على البكر الموقوف،
= السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 508): قالت: حج بي على جملك فلان، قال: ذاك نتعاقبه أنا وولدك، قالت: فحج بي على جملك فلان، قال: ذاك احتبس إلى آخره. ثم تحقق لي أنها قصة أخرى؛ فإنها من رواية ابن عباس في امرأة مبهمة، والصواب في تفسيرها عندي أنها أم سنان، كما سيأتي. (ش).
(1)
لكنه مبني على أن حديث ابن عباس الآتي في قصنها، والصواب عندي أنه في قصة أم سنان، ثم رأيت الحافظ في "الإصابة"(4/ 181) ذكر في ترجمة أبي معقل ما يؤيد الشيخ كونها من مسند أبي معقل أيضًا، وإليه يؤول كلام الشيخ. (ش).
1990 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ
===
فَكَّرت في نفسها فذكرت لزوجها أن الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرون مزدحمون، وإني عجوزة مريضة، فلا أجدني أصبر على مقاساة تلك الشدائد، فذكر ذلك له صلى الله عليه وسلم، فبين له الفضل في عمرة رمضان.
ثم لما عاد عن الحج وعادت هناك خطوب وحوادث، عادت فأعادت المسألة، فأعاد الجواب، ولعله نسيها ما كان ذكرها من قبل، كما نسيت ما كانت سألتها من قبل، أو ظنت أني كنت في شأن غير شأني هذا الذي أنا اليوم فيه، فلعلي أُجاب بأسهل من هذا.
ثم إن فضيلة العمرة في رمضان لا تقتضي فراغ الذمة عن فريضة الحج؛ لأنها لما تأسفت على ما فاتها من الفضل سألت عما تتدارك به ذلك، فأُجِيبَتْ على حَسَب مسألتها، ولا دلالة في الحديث على فراغ الذمة عن الحجة، ولا هي متعرضة بها فيه، كيف وهي بنفسها مترددة في ذلك، حيث قالت: ما أدرى ألي خاصة؟ ، يعني: لا أدري هل المراد بذلك فراغ الذمة، فيكون لي خاصة، أو مجرد الفضل فتكون لكم عامة، والله أعلم، انتهى.
1990 -
(حدثنا مسدد، نا عبد الوارث، عن عامر) بن عبد الواحد (الأحول، عن بكر بن عبد لله، عن ابن عباس قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج) أي حجة الوداع (فقالت امرأة) وهي أم معقل.
قال الحافظ (1): ولا معدل عن تفسير المبهمة (2) في حديث ابن عباس
(1)"فتح الباري"(3/ 604).
(2)
قلت: وذكر القسطلاني (4/ 343، 344) في اختلاف صاحبة القصة أقوالًا وروايات؛ وجزم في تفسير المبهمة بأنها أم سنان، انتهى. والأوجه عندي أنها أم سنان، كما هو نص حديث ابن عباس عند الشيخين، وسياق قصة أم سليم يغاير قصة أم سنان. (ش).
لِزَوْجِهَا: أَحْجِجْنِي (1) مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (2): مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ: أَحْجِجْنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ، قَالَ: ذَاكَ حَبِيسٌ في سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي تَقْرأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَإِنَّهَا سَأَلَتْنِي الْحَجَّ مَعَكَ قَالَتْ: أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: مَا عِنْدِي مَا أحِجُّكِ عَلَيْهِ قَالَتْ: أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ، فَقُلْتُ: ذَاكَ (3) حَبِيسٌ في سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ:
===
بأنها أم سنان أو أم سليم لما في القصة التي في حديث ابن عباس من التغاير للقصة التي في حديث غيره، ولقوله في حديث ابن عباس: إنها أنصارية، وأما أم معقل فإنها أسدية، انتهى.
قلت: وقد قال الحافظ في ترجمة أم معقل من "التهذيب"(4) و"التقريب": ويقال لها: الأنصارية. فلعله نسي ما كتب فيهما، أو تحقق له كونُها أنصارية بعد ما كتب في "الفتح" من أنها أسدية لا أنصارية.
(لزوجها) أبي معقل (أحججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال) الزوج: (ما عندي ما أحجكِ عليه) من الجمل، (قالت: أحججني) وفي نسخة: أحجني (على جملك فلان، قال: ذاك) أي الجمل الفلاني (حبيس في سبيل الله عز وجل أي موقوف في الجهاد.
(فأتى) الزوجُ (رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي تقرأ عليكَ السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك، قالت: أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت) لها: (ما عندي ما أحجك عليه، قالت: أحجني على جملك فلان، فقلت) لها: (ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) في نسخة: "حَجِّجْني"، وفي نسخة:"أحِجَّنِي".
(2)
في نسخة: "قال".
(3)
في نسخة: "ذلك".
(4)
انظر: "تهذيب التهذيب"(12/ 480).
«أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ (1) فِى سَبِيلِ اللَّهِ» ، قَالَ: وَإِنَّهَا أَمَرَتْنِى أَنْ أَسْأَلَكَ مَا يَعْدِلُ حَجَّةً (2) مَعَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقْرِئْهَا السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِى» . - يَعْنِى عُمْرَةً فِى رَمَضَانَ-. [خزيمة 3077، جه 2994]
1991 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، نَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن عَائِشَةَ:"أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ عُمْرَتَيْنِ: عُمْرَة في ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً في شَوَّالَ".
===
(أما إنكَ لو أحججتها عليه كان في سبيل الله).
قال الزوج: (وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك؟ ) أي عبادة تكون ثوابها كالحج معك (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئها السلام ورحمة الله وبركاته، وأخبرها أنها تعدل حجة معي يعني) بالضمير في أنها (عمرة في رمضان).
1991 -
(حدثنا عبد الأعلي بن حماد، نا داود بن عبد الرحمن) العطار العبدي، أبو سليمان المكي، عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به صالح، وقال الآجري عن أبي داود: ثقة، وقال العجلي: مكي ثقة، وثقه أيضًا البزار، ونقل الحاكم عن ابن معين تضعيفَه، وقال الأزدي: يتكلمون فيه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر (3) عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال).
(1) في نسخة: "كانت".
(2)
في نسخة: "حجتها".
(3)
قال ابن القيم: قد ظن بعضهم بهذا أنه عليه السلام اعتمر في سنة مرتين؛ لأنه لا يمكن أن يراد به مجموع عمره، وهذا الحديث وهم
…
إلخ، وأكثر في تغليط الحديث. [انظر:"زاد المعاد"(2/ 97، 98)]. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث يخالف ما أخرجه البخاري (1) من القصة، بأن عروة ابن الزبير سأل ابن عمر:"كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعًا، إحداهن في رجب"، فخاطب عائشة وقال:"يا أُمَّاه! ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات؛ إحداهن في رجب، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلَّا وهو شاهد، وما اعتمر في رجب قط".
وكذا يخالف حديث أنس عند مسلم قال: "اعتمر أربع عمر كلهن (2) في ذي القعدة إلَّا التي اعتمر مع حجته: عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين".
ويخالف حديث عائشة عند ابن ماجه (3)، قالت:"لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلَّا في ذي القعدة".
فالجواب عنه أن ذكرت العمرتين لأنها تركت عمرة الحديبية؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُحْصِرَ عنها، وكذا العمرة التي كانت مع الحج، فاكتفت على العمرتين المنفردتين المستقلتين.
وأما قولها: "فعمرة في شوال"، فقد أجاب عنه ابن القيم في "الهدي"(4)، فقال: وقد روى أبو داود في "سننه" عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في شوال"، وهذا إن كان محفوظًا فلعله في عمرة الجعرانة (5)
(1)"صحيح البخاري"(1775، 1776).
(2)
سقط في الأصل لفظ: "كلهن".
(3)
"سنن ابن ماجه"(2997).
(4)
"زاد المعاد"(2/ 94).
(5)
قلت: وحكى العيني (7/ 406) أن بعضهم حمل عمرة في شوال على عمرة الحديبية، والجمهور على أنه عمرة الجعرانة، كما في "الأوجز"(6/ 588). (ش).
1992 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:"سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى الَّتِى قَرَنَهَا بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ".
1993 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ وَقُتَيْبَةُ قَالَا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
===
حين خرج في شوال؛ ولكن إنما أحرم بها في ذي القعدة (1)، انتهى.
وكذا قال شيخ مشايخنا مولانا الشاه محمد إسحاق الدهلوي ثم المهاجر المكي: هذا إشارة إلى عمرة الجعرانة، لكن ما وقعت عمرة الجعرانة في شوال، بل هي أيضًا في ذي القعدة، لكن بسبب خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى حنين في شوال، ووقوع هذه العمرة في هذا الخروج نسبته إلى شوال.
1992 -
(حدثنا النفيلي، نا زهير، نا أبو إسحاق، عن مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مرتين (2)، فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة (3) الوداع)، فكأنها نسبَتْه إلى نسيان، ويمكن توجيهه بما تقدم في قول عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين.
1993 -
(حدثنا النفيلي وقتيبة قالا: نا داود بن عبد الرحمن
(1) وذكر الواقدي أن إحرامه عليه السلام من الجعرانة كان ليلة الأربعاء لاثنتي عشر ليلة بقيت من ذي القعدة، كذا في "التلخيص الحبير"(2/ 504)، رقم (977). (ش).
(2)
وظاهر ما في البخاري عن نافع أن ابن عمر لم يعلم بعمرة الجعرانة، لكن يشكل عليه ما تقدم قريبًا في "البذل" عن ابن عمر عند البخاري أربع عمر. (ش).
(3)
فيه دليل على أن المراد بالتمتع في حديث ابن عمر القرآن، انتهى، وأيضًا فهو نص من عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنًا، وأجاب عنه البيهقي بتفرُّد أبي إسحاق عن مجاهد بهذا، وقال: رواه منصور عن مجاهد بلفظ: فقالت: ما اعتمر في رجب قط، وقال: هو المحفوظ
…
إلخ، كذا في "الفتح"(3/ 428). (ش).
الْعَطَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالثَّانِيَةَ حِينَ تَوَاطَؤوا عَلَى عُمْرَةٍ مِنْ قَابِلٍ، وَالثَّالِثَةَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَالرَّابِعَةَ الَّتِى قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ". [ت 916، جه 3003، حم 1/ 246، ق 5/ 12]
1994 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِىُّ وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِى ذِى الْقَعْدَةِ إلَّا الَّتِى مَعَ حَجَّتِهِ. [خ 1780، م 1253]
===
العطار، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر: عمرة الحديبية) ولكن صُدَّ عنها، وصالح قريشًا على أن يأتي العام المقبل فيعتمر، ولما كان سافر لها وأحرم بها وذبح لها عد عمرة.
(والثانية حين تواطؤوا) أي توافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش (على عمرة من قابل) فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في العام المقبل (والثالثة من الجعرانة) بعد فتح مكة سنة ثمان (والرابعة التي قرن مع حجته) وهذا يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنًا (1).
1994 -
(حدثنا أبو الوليد الطيالسي وهدبة بن خالد)، وفي نسخة: وأنا لحديثه أتقن، (قالا: نا همام، عن قتادة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلَّا التي مع حجته) فإنها في ذي الحجة، ولكن إحرامها كان في ذي القعدة، فلو نسبت إليه لكان له وجه.
(1) ومن ذهب إلى الإفراد أعلَّه بداود العطار، وقال: إنه تفرَّد بوصله عن عمرو بن دينار، ورواه ابن عيينة عن عمرو فأرسله؛ ولم يذكر ابن عباس، كذا في "الفتح"(3/ 428). (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَتْقَنْتُ (1) مِنْ هَا هُنَا مِنْ هُدْبَةَ وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِى الْوَلِيدِ وَلَمْ أَضْبِطْهُ:
"زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ (2) أَوْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ (3) فِى ذِى الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِى ذِى الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ".
===
(قال أبو داود: أتقنتُ من ها هنا من هدبة) أي من بعد قوله: إلَّا التي مع حجته، (وسمعته من أبي الوليد) أيضًا (و) لكن (لم أضبطه) ولعدم ضبطه ترك لفظ حديثِ أبي الوليد، وذكر لفظ حديث هدبة وهو قوله:(زمن الحديبية أو من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته).
وقد سقط في سياق أبي داود لهذا الحديث ذكر عمرةِ القضاء في جميع النسخ الموجودة عندي إلَّا في نسخة صاحب "العون"؛ فإن فيها ذكر عمرة القضاء، وكتب عليه "ن" علامة للنسخة.
وقد أخرج البخاري حديث هدبة بهذا السند، ولفظه:"قال: اعتمر أربع عمر في ذي القعدة إلا التي اعتمر مع حجته: عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجته".
وقد أخرج أيضًا حديثَ أبي الوليدِ هشام بن عبد الملك، حدثنا همام، عن قتادة قال:"سألت أنسًا رضي الله عنه، فقال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث رَدُّوه، ومن القابل عمرة الحديبية، وعمرة في ذي القعدة، وعمرة مع حجته"(4).
(1) في نسخة: "أيقنت".
(2)
في نسخة: "عمرة زمن الحديبية".
(3)
زاد في نسخة: "وعمرة القضاء".
(4)
"صحيح البخاري"(1779).