المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(14) باب: في الإشعار - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(14) باب: في الإشعار

(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

===

قد ثبت في الأحاديث (1): أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن متمتعات إلَّا عائشة رضي الله عنها، فإنها كانت أحرمت بالعمرة فأصابتها الحيض بسرف، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم برفضِ العمرةِ والإحرامِ بالحج المفرد، فصارت مفردة ثم حجت، فلما فرغت منها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتمر، فأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، فصارت هذه العمرة التي اعتمرها من التنعيم قضاء للعمرة التي رفضتها لأجل الحيض، فكان الذي ذبح عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم دم جناية لرفض العمرة.

وأما الأزواج الآخر غير عائشة رضي الله عنها فلما كانت متمتعات وجب عليهن دم التمتع وهو دم شكر، هذا على قول الحنفية.

وأما على قول الشافعية وغيرهم فإن عائشة رضي الله عنها لما حاضت ما رفضت العمرة، ودخلت أفعال العمرة في أفعال الحج وصارت قارنة، ولهذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغت من الحج:"يسعكِ طوافكِ لحجكِ وعمرتكِ"، وعلى هذا كان الدم الذي ذبح عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم دم شكر (2).

(14)

(بابٌ: في الإشْعَارِ)(3)

وهو أن يشق أحد جنبي سنام البعير حتى يسيل دمها لِيُعرَف أنها هدي

= في "المحلى"(5/ 155) أنها تكفي عشرة، وسيأتي جواب الشيخ تحت "باب إفراد الحج"، ويظهر من كلام ابن القيم (2/ 266) أن مقتضاه هذا، لكن أحاديث اشتراك سبع أصح، ولم يتعرض عن ذلك النووي. (ش).

(1)

انظر: "صحيح مسلم"(1211).

(2)

وهل أكل عليه الصلاة والسلام من لحم البقر؟ ظاهر رواية البخاري في قصة أخرى أكله. (ش).

(3)

فيه أبحاث في "الأوجز"(7/ 514)، الأول: في تفسيره، فقيل: إعلام بالهدي بأي شيء كان، وقيل: إدماء بجرح، والثاني: في حكمه، فالجمهور على أنه سنة، وقال الصاحبان: حسن، وقال الإِمام: مكروه لمعارضة النهي عن المثلة، والترجيح =

ص: 59

1752 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِىُّ وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ (1) ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ

===

1752 -

(حدثنا أبو الوليد الطيالسي وحفص بن عمر، المعنى) أي معنى حديثيهما واحد، (قالا: نا شعبة، عن قتادة، قال أبو الوليد) في حديثه:(قال) قتادة: (سمعت أبا حسان)، وأما حديث حفص بن عمر فلم يذكر لفظه؛ لأنه كان معنعنًا، وصرح بتحديث أبي الوليد بلفظ السماع؛ لأن قتادة مدلس، وأبو حسان الأعرج، ويقال: الأجرد أيضًا، بصري، اسمه مسلم بن عبد الله، قال أبو حاتم: زعموا أن ابن سيرين كان يروي عنه. وعن أحمد: مستقيم الحديث، أو مقارب الحديث. وعن ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الآجري عن أبي داود: سمي الأجرد لأنه كان يمشي على عقبه. وقال العجلي: بصري تابعي ثقة. ويقال: إنه كان يرى رأي الخوارج. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله.

(عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة) قد ثبت في الروايات (2): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة نهارًا لخمس بقين

= للمحرم، وقيل: إنما كره إشعار زمانه، وقبل: سدًا للباب، فإن العوام لا يقفون على الحدود، والثالث: في النعم التي تُشْعَر، فعند الشافعية والحنابلة تشعر الإبل والبقر مطلقًا، وعند المالكية في الإبل قولان، المرجح منهما: الإشعار مطلقًا، والثاني التقييد بذات السنام، وفي البقر ثلاثة أقوال، الإثبات والنفي مطلقًا، والثالث إشعار ذات السنام، وهو المرجح عندهم، وعند الحنفية تشعر الإبل لا البقر مطلقًا، والغنم لا تشعر إجماعًا، وفي "الحاشية" لم يقل بالكراهة إلا الإِمام، وفي الترمذي (3/ 250) قال به إبراهيم، انتهى. (ش).

(1)

زاد في نسخة: "النمري".

(2)

انظر: "صحيح البخاري"(1714، 1715)، و"صحيح مسلم"(690).

ص: 60

ثُمَّ دَعَا ببَدَنَهٍ (1) فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا (2) الدَّمَ

===

من ذي القعدة بعد أن صلى الظهر أربعًا بالمدينة بالمسجد، وخرج بين الظهر والعصر فنزل بذي الحليفة، فصلى بها العصر ركعتين، ثم بات بها، وصلى بها المغرب والعشاء والصبح والظهر، فصلى بها خمس صلوات، فالمراد بما وقع في الحديث أنه صلى الظهر بذي الحليفة أي ظهر اليوم الثاني.

(ثم دعا ببدنة فأشعرها) أي شق (من صفحة سنامها الأيمن، ثم سلت)(3) أي مسح وأماط (عنها الدم)، واختلفوا في الإشعار، فقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله-: أشعر البدنة، وقال أبو حنيفة: لا يشعر ويكره.

قال في "الهداية"(4): وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد، ولا يشعر عند أبي حنيفة رحمه الله ويكره، وهذا الصنع مكروه عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما [حسن]، وعند الشافعي سنة، لأنه مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. ولأبي حنيفة أنه مثلة، وأنه منهي عنه، ولو وقع التعارض بين كونه سنة وبين كونه مثلة فالترجيح للمحرم.

واعترض عليه أولًا بأنه ليس كل جرح مثلة، بل هو ما يكون تشويهًا كقطع الأنف والأذنين وسمل العيون، فلا يقال لكل من جرح مثل به.

وثانيًا أن النهي عن المثلة كان بأثر قصة العرنيين عقب غزوة أحد، والإشعار عام حجة الوداع، فأين التعارض؟

وأجاب صاحب "العناية" بأن عمران بن الحصين روى: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قام خطيبًا إلا نهانا عن المثلة"، فكان الإشعار منسوخًا، فلا أقل من التعارض.

(1) في نسخة: "ببدنته".

(2)

في نسخة: "الدم عنها".

(3)

بل مسح عليها، وإلَّا لم يظهر للإشعار فائدة، كذا في "الكوكب"(2/ 131). (ش).

(4)

انظر: "الهداية"(1/ 154).

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال ابن الهمام في "فتح القدير"(1) بعد بيان الإشكال: والأولى ما حمل عليه الطحاوي من أن أبا حنيفة إنما كره إشعار أهل زمانه؛ لأنهم لا يهتدون إلى إحسانه، وهو شق مجرد الجلد ليدمي، بل يبالغون في اللحم حتى يكثر الألم، ويخاف منه السراية، انتهى.

وقال في "البحر الرائق"(2): وقال الطحاوي: إنما كره أبو حنيفة الإشعار المحدث الذي يُفْعَل على وجه المبالغة، ويخاف منه السراية إلى الموت لا مطلق الإشعار، واختاره في "غاية البيان" وصححه، وفي "فتح القدير": أنه الأولى، انتهى.

قلت: وقد وقع في هذا الحديث أن إشعاره صلى الله عليه وسلم بدنته كان في صفحة سنامها الأيمن.

وقال في "الهداية"(3): وصفته أن يشق سنامها بأن يطعن في أسفل السنام من الجانب الأيمن أو الأيسر، قالوا: والأشبه هو الأيسر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طعن في جانب اليسار مقصودًا، وفي جانب الأيمن اتفاقًا.

ووقع في مسلم (4) عن أبي حسان عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنه، فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن". وروى البخاري (5). الإشعارَ فلم يذكر فيه الأيمنَ ولا الأيسرَ، لكن قد أسند أبو يعلى إلى أبي حسان عن ابن عباس بطريق آخر:"أنه عليه الصلاة والسلام أشعر بدنه في شقها الأيسر، ثم سلت الدم بإصبعه" الحديث،

(1)"فتح القدير"(3/ 8).

(2)

"البحر الرائق"(2/ 391).

(3)

"الهداية"(1/ 154).

(4)

"صحيح مسلم"(1243). وفيه: "ثم دعا بناقته".

(5)

انظر: "صحيح البخاري"(1695، 1699).

ص: 62

وَقَلَّدَهَا بِنَعْلَيْنِ، ثُمَّ أُتِيَ بِرَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا قَعَدَ عَلَيْهَا وَاسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ". [م 1243، ن 2774]

1753 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عن شُعْبَةَ بِهذا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى أَبِي الْوَليدِ. قَالَ:"ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ بِيَدِهِ". [انظر الحديث السابق]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هَمَّامٌ قَالَ: سَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ بِإِصْبَعِهِ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هذَا مِنْ سُنَنِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الَّذِي تَفَرَّدُوا بِهِ.

===

وفي "موطأ مالك"(1) عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنه كان إذا أهدى هديًا من المدينة يقلده بنعلين، ويشعره في الشق الأيسر (2)، فهذا يعارض ما في مسلم من حديث ابن عباس إذ لم يكن أحد أشد اقتفاءً لظواهر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.

ثم سلت عنها الدم، أي بإصبعه (وقلّدها) أي البدنة (بنعلين، ثم أتي براحلته) أي ناقته، (فلما قعد عليها واستوت) أي علت الناقة (به) أي برسول الله صلى الله عليه وسلم (على البيداء) قال في "المجمع": البيداء: المفازة التي لا شيء بها، وهنا اسم موضع بين مكة والمدينة وهو أكثر ما يراد بها (أهلَّ) أي لبى (بالحج).

1753 -

(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن شعبة بهذا الحديث) المتقدم (بمعنى) حديث (أبي الوليد، قال) أي يحيى: (ثم سلت الدم بيده) فزاد لفظ: بيده. (قال أبو داود: رواه همام قال: سلت عنها الدم بإصبعه، قال أبو داود: هذا) الحديث (3)(من سنن أهل البصرة الذي تفردوا به).

(1) وأخرجه محمد في "موطئه"(1/ 379) بطرق، وفي "الهداية" (1/ 154): قالوا: كان المقصود الأيسر، وفي الأيمن اتفاقًا. (ش).

(2)

"موطأ الإِمام مالك"(1/ 379) رقم (837).

(3)

والأوجه عندي أنه إشارة إلى قوله: سلت عنها الدم بإصبعه؛ فإنه يدل على قلته جدًّا بحيث يسلت بالإصبع الواحد، لكنه يتوقف على تتبع روايات الإشعار كلها، فإن عامة ما رأيتها خالية عن ذكر الإصبع. (ش).

ص: 63

1754 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ أَنَّهُمَا قَالَا:"خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِى الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْىَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ". [خ 1694 - 1695، ن 2771، خزيمة 2907]

1755 -

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً". [حم 6/ 208]

===

1754 -

(حدثنا عبد الأعلي بن حماد، نا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة) وحديثه مرسل صحابي؛ لأنه لم يحضر القصة (ومروان) وحديثه مرسل أيضًا (أنهما قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) من المدينة للعمرة (عامَ الحديبية، فلما كان بذي الحليفة قلَّد الهدي) أي عَلَّق في عنقه قلادة، (وأشعره وأحرم) أي دخل في الإحرام.

1755 -

(حدثنا هناد، نا وكيع، عن سفيان، عن منصور والأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى غنمًا مقلدة). قال في "الهداية"(1): وتقليد الشاة غير معتاد وليس بسنة أيضًا.

قال الحافظ في "الفتح"(2) في "باب تقليد الغنم": قال ابن المنذر: أنكر مالك وأصحاب الرأي تقليدَها، زاد غيره: وكأنهم لم يبلغهم الحديث، ولم نجد لهم حجة إلَّا قول بعضهم: إنها تضعف عن التقليد، وهي حجة ضعيفة.

وقال العيني في "شرح البخاري"(3): واحتج الشافعي بهذا الحديث

(1)"الهداية"(1/ 150).

(2)

"فتح الباري"(3/ 547).

(3)

"عمدة القاري"(7/ 310).

ص: 64

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

على أن الغنم تُقَلَّد، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وابن حبيب. وقال مالك وأبو حنيفة (1): لا تُقَلَّد؛ لأنها تضعف عن التقليد، وقال أبو عمر: احتج من لم يره بأن الشارع إنما حج حجة واحدة لم يُهْدِ فيها غنمًا، وأنكروا حديث الأسود الذي في البخاري في تقليد الغنم، قالوا: هو حديث لا يعرفه أهل ييت عائشة، وقال بعضهم: ما أدري ما وجه الحجة منه؛ لأن حديث الباب دل على أنه أرسلها وأقام، فكان ذلك قبل حجته قطعًا، فلا تعارض بين الفعل والترك؛ لأن مجرد الترك لا يدل على نسخ الجواز، ثم من الذي صرح من الصحابة بأنه لم يكن في هداياه في حجته غنم حتى يسوخ الاحتجاج بذلك؟ انتهى.

قلت: الهدي الذي أرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم ليس هدي الإحرام، ولهذا أقام حلالًا، بعد إرساله، ولم ينقل أنه أهدى غنمًا في إحرامه، وقوله: فلا تعارض بين الترك والفعل، كلام واهٍ، لأن من ادعى التعارض بينهما، والتعارض تقابل الحجتين، وهاهنا الفعل لم يوجد، فكيف يتصور التعارض؟ وقوله:"ثم من الذي صرح من الصحابة"؟ إلى آخره يرد بأن يقال من الذي صرح منهم بأنه كان في هداياه في حجته غنم.

وقال هذا القائل أيضًا: والحنفية في الأصل يقولون: ليست الغنم من الهدي، فالحديث حجة عليهم.

قلت: هذا افتراء على الحنفية، ففي أي موضع قالت الحنفية: إن الغنم ليست من الهدي! بل كتبهم مشحونة بأن الهدي اسم لما يُهدَى من النعم إلى الحرم ليتقرب به. قالوا: وأدناه شاة لقول ابن عباس: "ما استيسر من الهدي

(1) وفي "الكوكب الدري"(2/ 133): أن الحنفية أنكروا التقليد بالنعل وغيره، والثابت بالعهْن، ولم ينكره الحنفية، وقال العيني: على أنهم ما منعوا الجواز، وإنما قالوا: إن تقليد الغنم ليس بسنة. (ش).

ص: 65