المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(52) باب طواف القارن - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٧

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(5) أَوَّلُ كتَابِ الْمَنَاسِكِ

- ‌(1) باب فرض الحجِّ

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌(3) بَابٌ: "لَا صَرُورَةَ

- ‌(4) (بَابُ التِّجَارَةِ في الْحَجِّ)

- ‌(5) بَابٌ

- ‌(6) بَابُ الْكَرِيِّ

- ‌(7) بَابٌ: في الصَّبِيِّ يَحُجّ

- ‌(8) بابٌ: في الْمَوَاقِيتِ

- ‌(9) بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ

- ‌(10) بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌(11) بَابُ التَّلْبِيدِ

- ‌(12) بَابٌ: في الْهَدْي

- ‌(13) بابٌ: في هَدْيِ الْبَقَرِ

- ‌(14) بَابٌ: في الإِشْعَارِ

- ‌(15) بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ

- ‌(17) بَابٌ: في رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(19) بابٌ: كيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ

- ‌(20) بَابٌ: في وَقْتِ الإِحْرَامِ

- ‌(21) بَابُ الاشْتِرَاطِ في الْحَجِّ

- ‌(22) بَابٌ: في إِفْرَادِ الْحَجّ

- ‌(23) بَابٌ: في الإِقْرَانِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ

- ‌(25) بَابٌ: كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌(26) بابٌ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌(27) بَابٌ: مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَة

- ‌(28) بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَه

- ‌(29) بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ في ثِيَابِهِ

- ‌(30) بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ

- ‌(31) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاح

- ‌(32) بابٌ: في الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌(33) بَابٌ: في الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌(34) بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌(37) بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّج

- ‌(38) بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌(39) بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِم

- ‌(40) بَابُ الْجَرَادِ للْمُحْرِم

- ‌(41) بَابٌ: في الْفِدْيَةِ

- ‌(42) بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌(43) بَابُ دُخُول مَكَّة

- ‌(44) (بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)

- ‌(45) بابٌ: في تَقْبِيلِ الْحَجَرِ

- ‌(46) بَابُ اسْتِلَامِ الأَرْكَانِ

- ‌(47) بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ

- ‌(48) بَابُ الاضْطِبِاع في الطَّوَاف

- ‌(49) بَابٌ: في الرَّمَلِ

- ‌(50) بَابُ الدُّعَاء في الطَّوَافِ

- ‌(51) بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

- ‌(53) بَاب الْمُلْتَزَمِ

- ‌(54) بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌(56) بَابُ الْوقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(57) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى

- ‌(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(59) بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَة

- ‌(60) (بابُ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(61) بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(63) بَابُ الصَّلَاة بِجَمْعٍ

- ‌(64) بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌(65) بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الأَكْبَرِ

- ‌(66) بَابُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة

- ‌(68) بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى

- ‌(69) بَابٌ: أَيُّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى

- ‌(70) بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَومَ النَّحْرِ

- ‌(71) بَابٌ: أَيُّ وَقْتٍ يُخْطَبُ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌(72) بَابُ مَا يَذْكُرُ الإِمَامُ في خُطْبَتِهِ بِمِنًى

- ‌(73) بَابٌ: يَبِيتُ بِمَكَّة لَيَالِي مِنًى

- ‌(74) بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى

- ‌(75) بَابُ الْقَصْرِ لأَهْلِ مَكَّة

- ‌(76) بَابٌ في رمْيِ الجِمَارِ

- ‌(77) بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِير

- ‌(78) بَابُ الْعُمْرَةِ

- ‌(79) (بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فتنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ، هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا

- ‌(80) بَابُ الْمَقَامِ في العُمْرَةِ

- ‌(81) بَابُ الإفَاضَةِ في الْحَجّ

- ‌(82) بَابُ الْوَدَاعِ

- ‌(83) بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌(84) بَابُ طَوَافِ الْوَدَاع

- ‌(85) بَابُ التَّحْصِيبِ

- ‌(87) بابٌ: فِى مَكَّةَ

- ‌(88) (بَابُ تَحْرِيمِ مَكَّةَ)

- ‌(89) بابٌ فِى نَبِيذِ السِّقَايَةِ

- ‌(90) بَابُ الإِقَامَةِ بِمَكَّةَ

- ‌(91) بَابُ الصَّلَاةِ في الْكَعْبَةِ

- ‌(92) بابٌ: فِى مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(93) بابٌ: فِى إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ

- ‌(94) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

- ‌(95) بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(6) أَوَّلُ كِتَابِ النِّكَاحِ

- ‌(1) بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ

- ‌(2) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(3) (بابٌ: في تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ)

- ‌(4) (بابٌ: فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً})

- ‌(5) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(6) بَابٌ يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌(7) بَابٌ: في لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(8) بابٌ: فِى رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

- ‌(9) بَابُ مَنْ حَرَّمَ بِهِ

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُون خَمْسِ رَضَعَاتٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: في نِكَاحِ الْمُتعَةِ

- ‌(14) بابٌ: فِى الشِّغَارِ

- ‌(15) بَابٌ: في التَّحْلِيلِ

- ‌(16) بَابٌ: في نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

- ‌(17) بابٌ: فِى كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(18) بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا

- ‌(19) بَابٌ: في الْوَلِيِّ

- ‌(20) بَابٌ في الْعَضْلِ

- ‌(21) بَابٌ: إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ

- ‌(22) بابٌ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}

- ‌(23) بابٌ: فِى الاِسْتِئْمَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأمِرُهَا

- ‌(25) بابٌ: فِى الثَّيِّبِ

الفصل: ‌(52) باب طواف القارن

(52) بَابُ طَوَافِ الْقَارِن

1895 -

حَدَّثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "لَمْ يَطُفِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا، طَوَافَهُ الأَوَّلَ". [م 1215، ت 947، ن 2986، جه 2973، حم 3/ 387]

===

بالتخصيص من الآخر، وأما حديث ابن عباس فهو صالح لتخصيص النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر، لكن بعد صلاحيته للاحتجاج، وهو معلول كما تقدم، انتهى.

(52)

(بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ)

أي: هل يطوف القارن طوافًا واحدًا للحج والعمرة، أو يطوف لهما طوافين؟

1895 -

(حدثنا ابن حنبل، نا يحيى، عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلَّا طوافًا واحدًا طوافه الأول).

أخرجه مسلم من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، ومن طريق يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، فما هو من طريق يحيى بن سعيد فاقتصر فيه على قوله:"إلَّا طوافًا واحدًا"، وما هو من محمد بن بكر فزاد فيه على قوله:"إلا طوافًا واحدًا" لفظ: "طوافه الأول".

فسياق أبي داود مخالف لسياق مسلم؛ فإن سياق مسلم ينفي هذه الزيادة في رواية يحيى بن سعيد، وسياق أبي داود يثبته فيها.

قال النووي (1): وفيه دليل لما قدمناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، وأن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد، انتهى.

(1)"شرح صحيح مسلم"(4/ 424).

ص: 307

1896 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:"أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ لَمْ يَطُوفُوا حَتَّى رَمَوُا الْجَمْرَةَ".

===

قلت: ليس فيه دليل على ما قال؛ فإنه يحتمل أن يكون معنى الحديث: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه إلَّا طوافًا واحدًا طوافه الأول، أي في الحج، فإنه سعى فيه سعيًا واحدًا، فمعناه: أنه لا يكرر السعي في الحج، وهذا أمر مجمع عليه ليس فيه خلاف.

قال الطحاوي (1): فإن احتجوا في ذلك بحديث عطاء، عن جابر: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على طواف واحد.

قيل لهم: إنما يعني جابر بهذا الطواف بين الصفا والمروة، وقد بين عنه ذلك أبو الزبير أنه سمع جابرًا يقول: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلَّا طوافًا واحدًا، وإنما أراد جابر بهذا أن يخبرهم أن السعي بين الصفا والمروة لا يفعل في طواف يوم النحر، ولا في طواف الصدر كما يفعل في طواف القدوم، وليس في شيء من هذا دليل على أن ما على القارن من الطواف لعمرته وحجته هو طواف واحد أو طوافان (2)، انتهى.

1896 -

(حدثنا قتيبة، نا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا معه) في حجة الوداع (لم يطوفوا حتى رموا الجمرة).

هذا الحديث بظاهره مخالف لما روته عائشة رضي الله عنها وغيرُها من الصحابة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجه؛

(1)"شرح معاني الآثار"(2/ 204).

(2)

وأدلة الحنفية على قولهم: "يطوف لهما طوافين ويسعى سعيين"، مذكورة في شرح أبي الطيب لـ "سنن الترمذي"(2/ 252). (ش).

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإنهم كلهم قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة طاف بالبيت وبين الصفا والمروة.

والذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا على نوعين: نوع كان معهم الهدي، ونوع ليس معهم هدي، فأما الذين معهم هدي فهم طافوا وسعوا ولم يحلوا، وأما الذين لم يكن معهم هدي فهم أيضًا طافوا وسعوا، ولكنهم حلوا، فكيف يقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطوفوا حتى رموا الجمرة، فيجب تأويله.

فتأويله أن يقال: إن أصحابه الذين لم يكن معهم هدي لم يطوفوا للحج، حتى رموا الجمرة.

أو يقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان معهم الهدي لم يطوفوا للإحلال حتى رموا الجمرة، وبعد رميها طافوا للإفاضة وحلوا.

أو يقال: إن أصحابه صلى الله عليه وسلم كلهم ممن لم يكن معهم هدي، أو كان لم يطوفوا للإفاضة حتى رموا الجمرة، فعلى كل تقدير يجب أن يقيد قوله:"لم يطوفوا".

أما الحديث الأول فمناسبته بترجمة الباب على مذهب الشوافع ظاهر، حاصله: أن السعي بين الصفا والمروة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كان معهم الهدي لم يكن إلا واحدًا في طوافه الأول، وهو طواف القدوم؛ فإن أفعال العمرة عندهم قد دخلت في أفعال الحج، فليس للعمرة عندهم طواف البيت ولا السعي بين الصفا والمروة إلَّا ما كان في الحج.

وأما على مذهب الأحناف، فمناسبته بالباب أيضًا ظاهرة، يقال: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة، أي في الحج، إلَّا طوافًا واحدًا، طوافه الأول، أي للحج، وهو عندهم أيضًا طواف القدوم، وأما طواف العمرة فقد تقدم عليه.

ص: 309

1897 -

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنِى الشَّافِعِىُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: «طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ»

===

وأما الحديث الثاني فلا مناسبة له بالباب على مذهب الشافعية؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة طاف للحج طواف القدوم أو طواف العمرة، فكيف يقال: إنهم لم يطوفوا حتى رموا الجمرة؟ فلا مناسبة على مذهبهم إلا أن يقال: إن معناه لم يطوفوا طواف الفرض حتى رموا الجمرة، وأما على مذهب الحنفية فمناسبة الحديث بالباب ظاهرة بالتوجيهين الأخيرين.

1897 -

(حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن، أنا الشافعي) هو محمد بن إدريس بن العباس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي، أبو عبد الله الشافعي المكي، نزيل مصر، هو المجدد لأمر الدين على رأس المائتين، مات سنة أربع ومائتين، وله أربع وخمسون سنة.

(عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها) أي لعائشة: (طوافكِ (1) بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيكِ لحجتكِ ولعمرتكِ)، اختلفت الأئمة في قصة عائشة رضي الله عنها أنها حاضت في الطريق، فقال لها رسول الله:"دعي عمرتك، وأهلِّي بالحج" فحجت، فلما فرغت من مناسك الحج قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ترجع صواحبي بحجة وعمرة، وأرجع بحجة فقط؟ فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم، فأحرمت بالعمرة حتى قضتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"طوافكِ بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيكِ لحجتك ولعمرتك".

(1) هذا أصرح دليل لمن قال: كانت قارنة، ويدل عليه أيضًا ما تقدم في "باب إفراد الحج". (ش).

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقال الشافعية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بإدخال إحرام الحج على إحرام العمرة وترك أفعالها، فصارت قارنة، والقارن تدخل عمرته في الحج، وتؤدى أفعالها في أفعال الحج.

والدليل عليه أنه قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة الذي فعلت في الحج يكفيك لحجتكِ وعمرتكِ؛ لأن أفعال العمرة تداخلت في أفعال الحج.

وأما الأحناف فإنهم يقولون بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها برفض (1) العمرة، فقال:"انقضي (2) رأسك، وامتشطي، وأهلِّي بالحج، ودعي العمرة". فإن هذه الألفاظ لا تقال لترك الأفعال؛ فإن كانت أفعال العمرة داخلة في الحج فلا معنى للأمر بتركها، فإنها بظاهرها متروكة، فلما كانت رافضة للعمرة صارت مفردة بالحج، فلما حجت وفرغت منه، طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي ببدل العمرة التي رفضتها، ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم قصتها الأولى أنها حاضت، ورفضت العمرة، ولم تطف لها، فقال: ما فعلتِ من أفعال الحج وأتيتِ بها كفتكِ باعتبار الأجر والثواب لحجتكِ وعمرتكِ؛ فإنك كنت أحرمت أولًا بالعمرة ولم تستطيعي (3) أنت لأدائها فمنعت (4) منها بإذن الله تعالى بعروض الحيض، فثبت أجرك، ثم أديت بأفعال الحج كملًا فثبت لك ثواب الحج والعمرة، فأعلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لم أطف بالعمرة، فأرسلها

(1) وقد ورد النص بذلك في "مسند أبي حنيفة" بطرق [انظر: "تنسيق النظام" (ص 113)]. (ش).

(2)

وحمل النووي هذه الألفاظ على العذر، فتأمل. (ش).

(3)

وقع في الأصل: "ولم تستطع"، وهو خطأ.

(4)

ولا يخفى عليك أن هذا وكذا قوله: "كفتكِ باعتبار الأجر" منافٍ لقول الشارح: "ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم قصتها

إلخ"، والصواب ما ذكره الشارح بعد ذلك بقوله: "والحاصل أن قوله صلى الله عليه وسلم

إلخ"، فتأمل.

ص: 311

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مع عبد الرحمن أخيها فأعمرها من التنعيم، وقال: هذه مكان عمرتك التي رفضتها، وهكذا الكلام بين الفريقين في قصة عائشة رضي الله عنها، والله تعالى أعلم.

والحاصل أن قوله صلى الله عليه وسلم: "طوافك بالبيت" الحديث، إن كان صدر منه بعد ما غفل عن طوافها وسعيها كما يدل عليه قوله (1) صلى الله عليه وسلم لها:"أو ما كنت طفت ليالي قدمنا"، بل ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها طافت وسعت للعمرة كما طاف الناس وسعوا، فحينئذ معنى هذا القول أنه قال: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة للعمرة حين طفت لها، ثم طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة للحج حين طفت له يسعك لحجك ولعمرتك، وهذا ظاهر لا خفاء فيه.

وإن كان هذا القول بعد ما أخبرته عائشهّ رضي الله عنها بأنها لم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة لعذر الحيض، فحينئذ معنى هذا القول أن طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة للحج بعد ما أحرمت بالعمرة، ومنعت من طوافها وسعيها يكفيك باعتبار الأجر والثواب، وهذا أيضًا ظاهر؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة زمن الحديبية وأحرم بالعمرة ولم يتمكن من أداء أفعالها ومع ذلك جعلت عمرة وحصل لهم أجرها، فكذلك عائشة رضي الله عنها لما أحرمت بالعمرة ولم تتمكن منها حتى أحرمت بالحج، ورفضتها، جعلت عمرتها باعتبار الأجر والثواب قائمة.

ويمكن أن يجاب عنه بأن الاستدلال بهذا القول موقوف على كون عائشة رضي الله عنها قارنة، ولم يثبت هذا الاحتمال أنها كانت مفردة كما يدل عليه الدلائل، فإذا لم تثبت كونها قارنة لا يستدل بهذا على أن يكفي الطواف الواحد للقارن.

(1) كما في رواية البخاري (1561)، ومسلم (128/ 1211).

ص: 312

قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا قَالَ: عن عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ،

===

وقد أجاب الطحاوي (1) رحمه الله في "شرح معاني الآثار"(2) بجوابين آخرين، فقال: أولهما: ليس هكذا لفظ هذا الحديث الذي رويتموه، إنما لفظه أنه قال:"طوافك لحجك يجزئك لحجك وعمرتك"، فأخبر أن الطواف المفعول للحج يجزئك عن الحج والعمرة، وأنتم لا تقولون هذا، إنما تقولون: إن طواف القارن طواف لقرانه لا لحجته دون عمرته، ولا لعمرته دون حجته.

وثانيهما: قال: مع أن غير ابن أبي نجيح من أصحاب عطاء قد روى هذا الحديث بعينه عن عطاء على معنى غير هذا المعنى.

حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم قال: أنا حجاج، وأنا عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة أنها قالت: قلت: يا رسول الله أكلُّ أهلك يرجع بحجة وعمرة غيري؟ قال: "انفري فإنه يكفيك".

قال حجاج في حديثه عن عطاء قال: ألَحَّتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تخرج إلى التنعيم، فتهل منه بعمرة، وبعث معها أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر، الحديث.

فأخبر عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة بقصتها بطولها، وأنها إنما أحرمت بالعمرة في وقت ما كان لها أن تنفر بعد فراغها من الحجة والعمرة، وأن الذي ذكر أنه يكفيها هو الحج من الحجة والعمرة لا الطواف.

فقد بطل أن يكون في حديث عطاء هذا حجة في حكم طواف القارن كيف هو، انتهى.

(قال الشافعي: كان سفيان ربما قال: عن عطاء، عن عائشة) فيرويه

(1) والأوجه عندي أن من روى اعتمارها نظر إلى بداية الإحرام، ومن روى إفرادها نظر إلى المال، وآخر الأمر بعد فسخها العمرة، وعلى هذا فلا يلزم تغليط عروة أو غيره، وجمع الحافظ في "الفتح"(3/ 609) بوجه آخر. (ش).

(2)

انظر: "شرح معاني الآثار"(2/ 200، 201).

ص: 313