الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(58) بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَة
1913 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "غَدَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مِنًى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ، وَهِىَ مَنْزِلُ الإِمَامِ الَّذِى يَنْزِلُ بِهِ بِعَرَفَةَ،
===
(58)
(بَابُ الْخُرُوجِ) أي من مني (إِلَى عَرَفَة)
1913 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يعقوب) بن إبراهيم بن سعد، (نا أبي) إبراهيم بن سعد، (عن ابن إسحاق، حدثني نافع، عن ابن عمر قال: غدا) الغدو: سير أول النهار، نقيض الرواح، وهو ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس (رسول الله صلى الله عليه وسلم من مني) أي إلى عرفات (حين صلَّى الصبح صبيحة يوم عرفة) أي لتاسع ذي الحجة.
قال الحافظ (1): ظاهره أنه توجه من مني حين صلَّى الصبح بها، لكن في حديث جابر الطويل عند مسلم أن توجّهَه صلى الله عليه وسلم منها كان بعد طلوع الشمس، ولفظه؟ "فضُرِبَتْ له قبة بنمرة، فنزل بها، حتى زالت الشمس، فأمر بالقصواء فَرُحِلَتْ فأتى بطن الوادي"، انتهى.
(حتى أتى عرفة) أي قريبًا منها (فنزل بنمرة) بفتح النون وكسر الميم: موضع بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات (2)(وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة) أي بقربها، كما تقدم في حديث جابر الطويل ولفظه:"وجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها".
قال ابن الهمام في "فتح القدير"(3): والسنَّة أن ينزل الإِمام بنمرة،
(1)"فتح الباري"(3/ 511).
(2)
كذا في "الفتح"(3/ 511)، وكتبه الشيخ - قدِّس سرّه - تبعًا للحافظ، وإلَّا فنمرة من عرفة عند الحنفية كما تقدَّم مبسوطًا. (ش).
(3)
"فتح القدير"(2/ 479).
حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ،
===
ونزول النبي صلى الله عليه وسلم بها لا نزاع فيه، وفي "المنهاج" للنووي: ويبيتون بها، فإذا طلعت الشمس قصدوا عرفات ولا يدخلونها، بل يقيمون بنمرة بقرب عرفات حتى تزول الشمس.
(حتى إذا كان عند صلاة الظهر) أي وقت زوال الشمس (راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهَجِّرًا) أي مبتكرًا ومبادرًا إلى الصلاة، أو معناه داخلًا بالهاجرة (فجمع بين الظهر والعصر).
واختلف في الجمع بين الصلاتين بعرفة هل هو للسفر أو للنسك؟ قال الحافظ (1): وقد ذهب الجمهور إلى أن ذلك الجمع المذكور يختص بمن يكون مسافرًا بشرطه، وعن مالك والأوزاعي وهو وجه للشافعية: أن الجمع بعرفة جمع للنسك، فيجوز لكل أحد، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد، سمعت ابن الزبير يقول: إن من سنَّة الحج أن الإِمام يروح إذا زالت الشمس فيخطب الناس، فإذا فرغ من خطبته نزل فصلَّى الظهر والعصر جميعًا.
قلت: وكذا عند الحنفية، قال القاري في "شرح المناسك" (2): اعلم أن هذا الجمع للنسك عندنا، فيستوي فيه المسافر والمقيم، خلافًا للشافعي ومن تبعه في تخصيصه بالمسافر.
(ثم خطب الناس) وهذا مخالف لما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم خطب قبل الصلاة، نقل في الحاشية عن "فتح الودود": وعلى حديث جابر عمل العلماء، قال ابن حزم: رواية ابن عمر لا تخلو عن أحد الوجهين لا ثالث لهما، إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خطب، كما روى جابر، ثم جمع بين الصلاتين، ثم كلم عليه الصلاة والسلام الناس ببعض ما يأمرهم، ويعظهم فيه، فسمَّى ذلك الكلام خطبة، فيتفق الحديثان بذلك، وهذا أحسن لمن فعله، فإن لم يكن فحديث ابن عمر وهم.
(1)"فتح الباري"(3/ 513).
(2)
"شرح المناسك"(ص 191).