الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(36) بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ
؟
1840 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ،
===
ومذهب الحنفية في الاكتحال أنه لا بأس به إن لم يكن في الكحل طيب، ولا شيء عليه من الدم والصدقة، ولو من غير عذر، لكن الأولى تركه لما فيه من الزينة إلَّا إذا كان عن ضرورة.
وأما إذا كان الكحل مطيبًا، فإن اكحتل به فإن كان ثلاث مرات فعليه دم، وإن كان مرة أو مرتين فعليه صدقة.
وأما عند الشافعية فقال في شرح الخطيب المسمى "بالإقناع"(1) و"حاشيته": ولا يكره غسل بدنه ورأسه بخطمي ونحوه كسدر، من غير نتف شعر؛ لأن ذلك لإزالة الوسخ لا للتزيين والتنمية، لكن الأولى تركه، وترك الاكتحال الذي لا طيب فيه، قال المحشي: أما ما فيه طيب فحرام، انتهى.
(36)
(بَابُ الْمُحْرِمِ) هل (يَغْتَسِلُ؟ )(2)
1840 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين) الهاشمي مولاهم، المدني، أبو إسحاق، قال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال النسائي: ثقة. قلت: وذكره ابن حبان في "الثقات". كذا في جميع الموطآت عن زيد بن أسلم عن إبراهيم،
(1)"شرح الإقناع"(1/ 224).
(2)
أجمعوا على أن له الغسل من الجنابة، واختلفوا فيما عدا ذلك، وأجازه الجمهور، وحكي عن مالك كراهته، وحكي كراهة غسل الرأس، وعللت الكراهة بقتل الدواب أو تغطية الرأس "الأوجز"(6/ 347، 348). واختلفوا في الاغتسال بماء وسدر، كما سيأتي في هامش "باب كيف يصنع بالمحرم إذا مات؟ ". (ش).
عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ
===
وأغرب يحيى بن يحيى الأندلسي، فأدخل بين زيد وإبراهيم نافعًا، قال ابن عبد البر (1): وذلك معدود من خطئه.
(عن أبيه) وهو عبد الله بن حنين الهاشمي مولى العباس، ويقال: مولى علي، ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، والمشهور أن حنينًا كان مولى للعباس، وهبه له النبي صلى الله عليه وسلم فأولاده موالٍ له (أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا)(2) في الغسل للمحرم رأسه (بالأبواء) بالفتح ثم السكون وواو وألف ممدودة، سميت بها لتبوأ السيول بها، وقيل: لأنهم تبوأوا بها منزلًا، وهي قرية من أعمال الفرع من المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا، وقيل: الأبواء جبل على يمين آرة ويمين الطريق للمصعد إلى مكة من المدينة، وقد جاء ذكره في حديث الصعب بن جثامة وغيره.
وبالأبواء قبر آمنة بنت وهب أمِّ النبي صلى الله عليه وسلم. وكان السبب في دفنها هناك أن عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد خرج إلى المدينة يمتار تمرًا، فمات بالمدينة، فكانت زوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره، فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين خرجت زائرة لقبره، ومعها عبد المطلب وأم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما صارت بالأبواء منصرفة إلى مكة ماتت بها، ويقال: إن أبا طالب زار أخواله بني النجار بالمدينة، وحمل معه آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع منصرفًا إلى مكة ماتت آمنة بالأبواء.
(فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم
(1) انظر: "الاستذكار"(11/ 15).
(2)
قال الباجي: اختلافهما يحتمل المذاكرة في العلم، ويحتمل أنه فعل أحدهما وأنكره الآخر، قال الأبي: والظن بهما أنهما لا يختلفان إلا ولكل منهما مستند، فمستند المسور الاجتهاد، ولذا رجع عنه. [انظر:"المنتقى"(2/ 193)]. (ش).
رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ (1) حَتَّى بَدَا لِى رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اُصْبُبْ، قَالَ: فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ أَبُو أَيُّوبَ رَأْسَهُ
===
رأسه، فأرسله) أي عبد الله بنَ حنين (عبدُ الله بنُ عباس إلى أبي أيوب الأنصاري) يسأله عن غسل المحرم رأسه، ولعله عنده علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لعله سمعه منه قبل ذلك.
(فوجده) أي وجد عبد الله بن حنين أبا أيوب (يغتسل بين القرنين) أي بين قرني البئر، وهما العودان، أي العمودان المنتصبان لأجل عود البكرة (وهو يستر بثوب قال: فسلمت (2) عليه، فقال: من هذا؟ قلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبدُ الله بن عباس أسألك) أي: لأسألك كيف (3) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ قال) عبد الله بن حنين: (فوضع أبو أيوب يده على الثوب) الذي يستره (فطأطأه) أي خفضه وأزاله عن رأسه (حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان) لم أقف على تسميته (يصب (4) عليه) الماء: (اصبب، قال) عبد الله بن حنين: (فصب) الماء (على رأسه، ثم حرك أبو أيوب رأسَه) أي شعر
(1) في نسخة: "وطأطأه".
(2)
فيه السلام على المتطهر، وتُعقِّب بأنه لم يَرُدَّ عليه السلام لفاء التعقيب في قوله:"فقال: من هذا؟ "، ووجه بأنه لم يذكره لظهوره، كقوله تعالى:{فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} [البقرة: 60]، أي: فضرب فانفجرت. "الأوجز"(6/ 352). (ش).
(3)
اختلفا في الغسل، وهو سأل عن الكيفية، فقيل: اختلافهما كان في ذلك لا في نفس الغسل، إذ يبعد بل لا يمكن أن يقول المسور: إنه لا يغتسل جنبًا، وقال الحافظ: لعله تصرَّف في السؤال، لأنه فهم جواز الغسل إذ رأى أبا أيوب يغتسل، فأراد أن لا يرجع إلا بفائدة. "الأوجز"(6/ 353).
(4)
فيه الاستعانة في الطهارة، تقدَّم الكلام عليه في كتاب الطهارة. (ش).