الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وأَكْثَرُ مَا كَانَ يَدْخُلُ مِنْ كُدًى، وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ". [خ 1578، م 1258، حم 6/ 58]
1869 -
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا". [خ 1577، م 1258، ت 853، ق 5/ 71]
(44)
بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ (1) إِذَا رَأَى الْبَيْت
1870 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ أَبَا قَزَعَةَ
===
(وكان عروة يدخل) مكة (منهما جميعًا) أي من كَداء من أعلى مكة مرة، وأخرى من كُديً من أسفل مكة (وأكثر ما كان يدخل) مكة (من كدىً) من أسفل مكة (وكان) كدىً (أقربهما) أي الثنيتين (إلي منزله)؛ لأن منزله كان مما يلي هذه الثنية.
1869 -
(حدثنا ابن المثنى، نا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة دخل من أعلاها) من طريق الحجون (وخرج من أسفلها) أي من طريق شبيكة.
(44)(بابٌ: في رَفْعِ الْيَدِ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ)
، هل هو مشروع أم لا؟
1870 -
(حدثنا يحيى بن معين، أن محمد بن جعفر حدثهم، نا شعبة، سمعت أبا قزعة) سويد مصغرًا، ابن حجير بتقديم الحاء المهملة مصغرًا، ابن بيان الباهلي البصري، عن أحمد: من الثقات، وقال ابن المديني وأبو داود والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، وقال أبو بكر البزار في "السنن": ليس به بأس.
(1) في نسخة: "اليدين".
يُحَدِّثُ عَنِ الْمُهَاجِرِ الْمَكِّىِّ قَالَ: "سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ يَرْفَعُ (1) يَدَيْهِ؟ فَقَالَ (2): مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إلَّا الْيَهُودَ، قَدْ (3) حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ"(4). [ت 855، ن 2895، دي 1920، خزيمة 2704، ق 5/ 73]
===
(يحدث عن المهاجر المكي) هو مهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: قال أبو حاتم في "العلل": لا أعلم أحدًا روى عن المهاجر بن عكرمة غير يحيى بن أبي كثير، والمهاجر ليس بالمشهور، وقال الخطابي: ضَعَّف الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق حديث مهاجر في رفع اليدين عند رؤية البيت؛ لأن مهاجرًا عندهم ضعيف.
(قال: سئل جابر بن عبد الله عن الرجل يرى البيت يرفع يديه؟ ) بتقدير همزة الاستفهام، أي: هل يرفع يديه أم لا؟ أو يقال: تقديره: يرى البيت فيرفع يديه، وجملة السؤال محذوف، أي: هل هو مشروع أم لا؟ (فقال) جابر: (ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا) أي يرفع يديه عند رؤية البيت (إلَّا اليهود) فإنهم إذا رأوا بيت المقدس رفعوا أيديهم.
وقال السندي (5) في حاشية النسائي: قوله: "يفعل هذا": أي الرفع في غير محله، أو الرفع عند رؤية البيت، وذلك لأن اليهود أعداء البيت، فإذا رأوه رفعوا أيديهم لهدمه وتحقيره، وليس المراد أن اليهود يزورونه ويرفعون الأيدي عنده بذلك، والله أعلم، انتهى.
(قد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يفعله) أي رفع اليدين عند رؤية البيت.
(1) في نسخة: "فيرفع"، وفي نسخة:"ويرفع".
(2)
في نسخة: "قال".
(3)
في نسخة: "فقد".
(4)
في نسخة: "فلم نكن نفعله".
(5)
انظر: "سنن النسائي مع حاشية السندي"(5/ 212)، رقم (2895).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال القاري (1): قال الطيبي رحمه الله: وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي - رحمهم الله تعالى -، خلافًا لأحمد وسفيان الثوري - رحمهما الله تعالى -، وهو غير صحيح (2) عن أبي حنيفة والشافعي أيضًا؛ فإنهم صرحوا أنه يسن إذا رأى البيت، أو وصل لمحل يرى منه البيت إن لم يره لعمى أو لظلمة: أن يقف ويدعو رافعًا يديه.
قلت: رجَّح القاري ها هنا في "شرح المشكاة" الرفعَ، ورجح في "شرح اللباب" (3) عدمَ الرفع في شرح قوله:"ولا يرفع يديه عند رؤية البيت": ولو حال دعائه، لعدم ذكره في المشاهير من كتب الأصحاب:"القدوري"، و"الهداية"، و"الكافي"، و"البدائع"، بل قال السروجي: المذهب تركه، وبه صرح صاحب "اللباب"، وكلام الطحاوي في "شرح معاني الآثار" صريح أنه يكره الرفع عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ونقل عن جابر رضي الله عنه أن ذلك من فعل اليهود.
ثم قال الماتن: (وقيل: يرفع) أي يديه، كما ذكره الكرماني، وسمَّاه البصروي مستحبًا، وكأنهما اعتمدا على مطلق آداب الدعاء، ولكن السنَّة متبعة في الأحوال المختلفة، أما ترى أنه صلى الله عليه وسلم دعا في الطواف، ولم يرفع يديه حينئذ؟ وأما ما يفعله بعض العوام من رفع اليدين في الدعاء (4) عند دعاء جماعة من أئمة الشافعية والحنفية بعد الصلاة فلا وجه له، ولا عبرة بما جوَّزه ابن حجر المكي، وقد بلغني أن العلامة البرهمطوشي كان يزجر من يرفع يديه حال الطواف.
(1)"مرقاة المفاتيح"(5/ 467).
(2)
وصح النقل عن أحمد، فقد صرح الموفق (5/ 211) باستحبابه لحديث ابن عباس:"لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن"، وحكي الإنكار عن مالك، لحديث المهاجر هذا. (ش).
(3)
"شرح اللباب"(ص 128).
(4)
كذا في الأصل، وفي "شرح اللباب" (ص 128):"في الطواف".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الشوكاني في "النيل"(1): حديث جابر، قال الترمذي: إنما نعرفه من حديث شعبة، وذكر الخطابي: أن سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ضعفوا حديث جابر هذا؛ لأن في إسناده مهاجر بن عكرمة المكي، وهو ضعيف (2) عندهم.
ثم قال: قال الشافعي بعد ما أورد حديث ابن جريج: ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت (3) شيء، فلا أكرهه ولا أستحبُّه. قال البيهقي (4): فكأنه لم يعتمد على الحديث (5) لانقطاعه. والحاصل: أنه ليس في الباب ما يدل على مشروعية رفع اليدين عند رؤية البيت، وهو حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل، انتهى.
وقال البيهقي في "سننه" في "باب رفع اليدين إذا رأى البيت" بعد تخريج أحاديث الرفع وعدمِه: قال الشيخ: الأول مع إرساله أشهر عند أهل العلم من حديث مهاجر، وله شواهد وإن كانت مرسلة، والقول في مثل هذا قول من رأى وأثبت، انتهى.
قال القاري (6) بعد ما نقل القول المتقدم للبيهقي: أقول: الجمع بينهما بأن يحمل الإثباتُ على أول رؤية، والنفيُ على كل مرة.
قلت: ويمكن أن يقال في توجيه الجمع بينهما: إن الإثبات راجع إلى رفع اليدين في الدعاء ببسط اليدين ورفعِهما إلى الصدر، وأما ترك الرفع فراجع إلى
(1)"نيل الأوطار"(3/ 384).
(2)
كذا في الأصل، وفي "النيل":"مجهول".
(3)
قال ابن حجر في "شرح مناسك النووي"(ص 232): إن الإثبات مقدم مع أن النفي ضعفه سفيان وابن المبارك وأحمد، انتهى. (ش).
(4)
"السنن الكبرى"(5/ 73).
(5)
وقع في الأصل: "الحديثين"، وهو تحريف.
(6)
"مرقاة المفاتيح"(5/ 468).
1871 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا سلَّام بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ:"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ (1) خَلْفَ الْمَقَامِ يَعْنِى يَوْمَ الْفَتْحِ". [م 1780]
===
الرفع الذي يكون لتعظيم البيت، مثل رفع اليدين في التحريمة إلى الآذان، والله تعالى أعلم.
1871 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا سلام بن مسكين) بن ربيعة الأزدي النمري، أبو روح البصري، قال أبو داود: سلام لقب، واسمه: سليمان، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: من الثقات، وعن ابن معين: ثقة صالح، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: لا بأس به، وقال أبو داود: كان يذهب إلى القدر، ونقل ابن خلفون عن ابن نمير وأحمد بن صالح توثيقَه.
(نا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة طاف بالبيت، وصلَّى ركعتين خلف المقام) أي مقام إبراهيم عليه السلام، وهو الحجر الذي رفع قواعد البيت قائمًا عليه.
(يعني يومَ الفتح) هذا الحديث والحديث الآتي حديث واحد اختصره في الأول، وطوَّله في الثاني. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" والطيالسي في "مسنده"(2) أطول من هذا، ولفظ الطيالسي: "ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ بالحجر فاستلمه، ثم طاف سبعًا، وصلَّى خلف المقام ركعتين، ثم جاء ومعه قوس أخذ بِسِيَتِها (3)، فجعل يطعن بها في عين صنم من أصنامهم، وهو
(1) زاد في نسخة: "من".
(2)
"مسند أبي داود الطيالسي"(2564).
(3)
سِيَة القَوْس: ما عطف من طرفيها، ولها سيتان، والجمع سيات، وليس هذا بابها، فإن الهاء فيها عوض من الواو المحذوفة كعدة، "النهاية" لابن الأثير (ص 460).
1872 -
حَدَّثَنَا (1) ابْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَهَاشِمٌ - يَعْنِى ابْنَ الْقَاسِمِ - قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: "أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ مَكَّةَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ،
===
يقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (2)، ثم انطلق حتى أتى الصفا فعلا منه حتى يرى البيت". ولفظ مسلم (3):"فلما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو".
ومناسبة الحديث بالباب غير ظاهرة، إلَّا أن يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة ابتدأ بطواف البيت، فبهذا يستدل على أنه لم يرفع يديه عند رؤيته ولو كان لَذُكِرَ.
1872 -
(حدثنا ابن حنبل، نا بهز بن أسد وهاشم - يعني ابن القاسم -) أبو الأسود، البصري، قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت، وعن ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة، ووثقه يحيى بن سعيد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو الفتح الأزدي: صدوق كان يتحامل على عثمان، سيِّئ المذهب.
(قالا: نا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) من المدينة إلى مكة (فدخل مكة، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجر) الأسود (فاستلمه) والاستلام هو تقبيله ولمسه إن أمكن، وإلَّا فالوقوف بحياله مستقبلًا له رافعًا يديه مشيرًا بهما إليه؛ كأنه واضع يديه عليه.
(1) في نسخة: "أحمد بن حَنْبل".
(2)
سورة الإسراء: الآية 81.
(3)
"صحيح مسلم" رقم (1780).
ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَعَلَاهُ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ عز وجل مَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرَهُ وَيَدْعُوهُ. قَالَ: وَالأَنْصَارُ تَحْتَهُ.
قَالَ هَاشِمٌ: فَدَعَا وَحَمِدَ اللَّهَ، وَدَعَا بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ". [خزيمة 2758، م 1780]
===
(ثم طاف بالبيت، ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فجعل يذكر الله عز وجل ما شاء أن يذكره ويدعوه).
(قال) الظاهر أبو هريرة: (والأنصاب) وفي نسخة على الحاشية: والأنصار، وقد كتب في النسخة المكتوبة في متنها: والأنصاب، بالباء، وكتب في الحاشية: قوله: "والأنصاب تحته"، كذا هو في الأصل المنقول منه، وفي نسخ صحيحة:"والأنصار" بالراء، وكذا في جميع النسخ المطبوعة بالهند.
وأما النسخة المطبوعة بمصر ففيها لفظ "الأنصار" في المتن، وليس فيه لفظ "الأنصاب"، فأما معنى الكلام على لفظ "الأنصاب" فكتب عن "فتح الودود": بمعنى الأحجار المنصوبة للصعود إلى الصفا، والله تعالى أعلم، انتهى.
قلت: وعندي معناه أن الأنصاب هي الأصنام التي كانت على الصفا، جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحته، وصعد فوقها لتذليلها، ولئلا يتوهم تعظيمها.
وأما على نسخة الأنصار بالراء فمعناه ظاهر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم علا على الصفا، والأنصار اجتمعوا تحته في الوادي ليكلمهم ويسمعوا صوته صلى الله عليه وسلم،لأن هذا الصعود على الصفا لم يكن للسعي بين الصفا والمروة، فإن طوافه صلى الله عليه وسلم كان طوافًا محضًا لا للعمرة حتى يسعى بين الصفا والمروة.
(تحته. قال هاشم: فدعا وحمد الله، ودعا بما شاء أن يدعو)، وهذا إشارة إلى بيان الفرق بين لفظ بهز وهاشم.