الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) بَابُ الْكَرِيِّ
1733 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، نَا الْعَلَاءُ بْنُ
===
وأجيب بأنه اختلف في الوقت الذي فرض فيه الحج، ومن جملة الأقوال: أنه فرض في سنة عشر فلا تأخير، ولو سلم أنه فرض قبل العاشرة فتراخيه صلى الله عليه وسلم إنما كان لكراهة الاختلاط في الحج بأهل الشرك؛ لأنهم كانوا يحجون ويطوفون بالبيت عراة، فلما طهر الله البيتَ الحرامَ منهم حج صلى الله عليه وسلم؛ فتراخيه لعذر، ومحل النزاع: التراخي مع عدمه، انتهى.
وقال في "البدائع"(1): واختلف في وجوبه على الفور والتراخي، ذكر الكرخي أنه على الفور حتى يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان، وهي السنة الأولى، وذكر أبو سهل الزجاجي الخلافَ في المسألة بين أبي يوسف ومحمد، فقال في قول أبي يوسف يجب على الفور، وفي قول محمد على التراخي وهو قول الشافعي، وروي عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف، وروي عنه مثل قول محمد.
قلت: ولا مناسبة لهذا الباب بالباب السابق إلَّا أن حديثه له مناسبة بكتاب الحج فهو باب من أبوابه.
(6)
(بَابُ الْكَرِيِّ)
قال في "القاموس": وكَغَنِيّ: المُكَارِي، والكِرْوَة والكِراء بكسرهما: أجرة المستأْجَرِ، كاراه مكاراة وكِراء، واكتراه، وأكراني دابتَه، والاسم الكَرْوَة والكَرْو، ويضم، وجمع المُكاري: أكرياء ومكارون، انتهى.
وفي "المجمع": الكريّ بوزن الصبيّ: من يكري دابته، وقد يقع على المكتري فعيل بمعنى مفعول (2).
1733 -
(حدثنا مسدد، نا عبد الواحد بن زياد، نا العلاء بن
(1)"بدائع الصنائع"(2/ 292).
(2)
كذا في الأصل، وفي "المجمع" (4/ 406): بمعنى مفعل.
الْمُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ التَّيْمِىُّ قَالَ: "كُنْتُ رَجُلًا أُكْرِى فِى هَذَا الْوَجْهِ، وَكَانَ (1) نَاسٌ يَقُولُونَ (2): إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ حَجٌّ، فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّى رَجُلٌ أُكْرِى فِى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ (3): إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ حَجٌّ، فَقَالَ (4) ابْنُ عُمَرَ: أَلَيْسَ تُحْرِمُ وَتُلَبِّى، وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَتُفِيضُ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَتَرْمِى الْجِمَارَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى،
===
المسيب) بن رافع، وما نقل صاحب "العون" (5) عن المنذري: روى عنه العلاء بن المسيب بن عمر، والفقيمي، غير صحيح، والصواب: روى عنه العلاء بن المسيب، والحسن بن عمرو الفقيمي. (نا أبو أمامة) ويقال: أبو أميمة (التيمي) الكوفي، روى عن ابن عمر في التجارة، والكري في الحج"، وعنه العلاء بن المسيب، والحسن بن عمرو الفقيمي، وشعبة، قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، لا يُعْرَفُ اسمه. وقال أبو زرعة: لا بأس به.
(قال: كنت رجلًا أكري) أي دابتي، من الإفعال (في هذا الوجه) أي سفر الحج، (وكان ناس) لم أقف على تسميتهم (يقولون: إنه ليس لك حج)؛ لأنك لا تسير لأجل الحج بل لأجل الدابة.
(فلقيت ابنَ عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! ) كنية عبد الله بن عمر رضي الله عنه (إني رجل أكري في هذا الوجه وإن ناسًا يقولون: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر: أليس تُحرِمُ)، أي تلبس ثياب الإحرام (وتلبي، وتطوف بالبيت، وتفيض من عرفات، وترمي الجمار؟ قال: قلت: بلى،
(1) في نسخة: "فكان أناس".
(2)
في نسخة: "يقولون لي".
(3)
في نسخة: "يقولون لي".
(4)
زاد في نسخة: "يعني".
(5)
انظر: "عون المعبود"(5/ 109)، والأوضح أن يذكر الشارح هذه العبارة بعد: أبو أمامة؛ كما نقلها صاحب "العون" في أبي أمامة، فقال: قال المنذري: أبو أمامة هذا لا يعرف اسمه، روى عنه العلاء بن المسيب بن عمر، والفقيمي.
قَالَ: فَإِنَّ لَكَ حَجًّا، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -فلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى نَزَلَتْ هذه الآيَةُ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فأَرْسَلَ إِليهِ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم وَقَرَأَ (1) عَلَيْهِ هذه الآيَةَ وَقَالَ: "لَكَ حَجٌّ". [حم 2/ 155، خزيمة 3051] ك 1/ 449]
1734 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ (2)، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ،
===
قال) ابن عمر: (فإن لك حجًّا) فأفتاه بأداء حجه، استدل الحديث فقال:(جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن مثل ما سألتني عنه، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه) لانتظار الوحي (حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (3)، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فدعاه (وقرأ عليه هذه الآية، وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لك حج) والاستدلال بهذه الآية على أداء حج من جاء لإكراء دابته ظاهر، فإن الآية لَمّا أُذن فيها للتجارة وتحصيل المال بالبيع والشراء فبالكراء أولى؛ فكما لا يمنع ابثغاء فضل الرب عن الحج فكذلك لا يمنع إكراء الدابة عن الحج، وهذا مجمع عليه.
1734 -
(حدثنا محمد بن بشار، نا حماد بن مسعدة) بمفتوحة وسكون سين مهملة، التميمي، ويقال: التيمي، وبقال: مولى باهله، أبو سعيد البصري، وثقه أبو حاتم وابن سعد، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4)، وقال ابن شاهين: ثقة ثقة، لا بأس به، (نا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن، (عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير) الظاهر أَنه مولى
(1) في نسخة: "فقرأ".
(2)
زاد في نسخة: "قال".
(3)
سورة البقرة: الآية 198
(4)
"الثقات"(6/ 222).
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَ النَّاسَ في أَوَّلِ الْحَجِّ كَانُوا يَتَبَايعُونَ بِمِنًى، وَعَرَفَةَ (1)، وَسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَمَواسِم الْحَجِّ، فَخَافُوا الْبَيْعَ وَهُمْ حُرُمٌ، فَأَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَهُ: {لَيْسَ (2) عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مَواسِمِ الْحَجِّ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا في الْمُصْحَفِ". [ق 4/ 334، ك 1/ 449]
===
ابن عباس، لا الليثي، كما يدل عيه سياقُ المصنف وكلامُ الحافظ في "التهذيب" وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وصححه على شرط الشيخين، فهو يدل على أنه الليثي لا مولى ابن عباس.
(عن عبد الله بن عباس: أن الناس في أول الحج) أي في زمان الجاهلية (كانوا يتبايعون بمنًى وعرفةَ وسوقِ ذي المجاز) قال في "القاموس": وذو المجاز سوق كانت لهم على فرسخ من عرفة بناحية كبكب (ومواسم الحج) جمع موسم، وهو مفعل اسم للزمان، وهو وقت يجمع فيه الحاج كل سنة؛ لأنه معلم لهم، وسمه يسمه وسمًا: أثر فيه بكيٍّ، فلما جاء الإِسلام (فخافوا البيعَ وهم حرم، فأنزل الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج) فأباح الله لهم التجارة فيها.
(قال) ابن أبي ذئب: (فحدثني عبيد بن عمير أنه) أي ابن عباس (كان يقرؤها) أي كلمة "في مواسم الحج"(في المصحف) يعني أن هذه الكلمة منه ليس بطريق التفسير، بل هي في قراءة ابن عباس داخلة في القرآن.
(1) في نسخة: "عرفات".
(2)
في نسخة: "لا جناح عليكم" كتب عبى هذه النسخة علامة صح في نسخة صحيحة. (ش).
1735 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ:"أَنَّ النَّاسَ فِى أَوَّلِ مَا كَانَ الْحَجُّ كَانُوا يَبِيعُونَ (1) ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَى قَوْلِهِ مَوَاسِمِ الْحَجِّ".
===
قلت: وليس هذا اللفظ في القراءة المشهورة فهو من القراءات الشاذَّة، والحاصل أن ابن أبي ذئب روى هذا الحديث بواسطة عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير، ولم يكن فيه: أنه كان يقرأها في المصحف، ثم قال ابن أبي ذئب: ثم حدثني عبيد بن عمير بنفسه أن ابن عباس كان يقرأ هذه الكلمة في المصحف.
1735 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن أبي فديك، أخبرني ابن أبي ذئب، عن عبيد بن عمير) يعني من غير واسطة عطاء بن أبي رباح (قال أحمد بن صالح) والقائل أبو داود (كلامًا) لا أحفظ لفظه (معناه أنه) عبيد بن عمير (مولى ابن عباس).
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": عبيد بن عمير مولى ابن عباس، ويقال: مولى أم الفضل، روى عن ابن عباس، وعنه ابن أبي ذئب، روى له أبو داود حديثًا واحدًا في الحج، قال ابن أبي داود: عبيد هذا غير الليثي، ويدل عليه قول ابن أبي ذئب: حدثني عبيد، فإن ابن أبي ذئب لم يدرك الليثي، والله أعلم.
(عن عبد الله بن عباس: أن الناس في أول ما كان الحج) أي في زمان الجاهلية (كلانوا يبيعون، فذكر) أحمد بن صالح أو ابن أبي فديك (معناه) أي معنى الحديث المتقدم (إلى قوله: مواسم الحج).
(1) في نسخة: "يتبابعون".