الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(67) بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة
1949 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِى بُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِىِّ قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِعَرَفَةَ، فَجَاءَ نَاسٌ أَوْ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، فَأَمَرُوا رَجُلًا،
===
(67)
(بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَة)، أي: الوقوف بعرفات
1949 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان) الثوري، (حدثني بكير بن عطاء) الليثي الكوفي، روى عن عبدِ الرحمن بن يعمر الديلي (1)، وله صحبة، وحريثِ بنِ سليم، وعنه الثوري وشعبة، قال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ صالح لا بأس به، وعن أبي داود: ثقة، حدث عنه الثوري وشعبة بحديث أصل من الأصول:"الحج عرفة"، وقال يعقوب بن سفيان: ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن عبد الرحمن بن يعمر) بفتح التحتانية وسكون المهملة وفتح الميم، وفي "المغني" (2): وبضمها (الديلي) بكسر الدال وسكون الياء، له صحبة، عداده في أهل الكوفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الحج يوم عرفة، وحديث النهي عن الدبَّاء والمزفَّت، وعنه بكير بن عطاء الليثي. قلت: ذكره ابن حبان في "الصحابة" أنه مكي سكن الكوفة، قال: ويقال: مات بخراسان، وقال مسلم والأزدي وغيرهما: لم يرو عنه غير بكير بن عطاء.
(قال) أي عبد الرحمن بن يعمر: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو) واقف، كما في "مسند أحمد"(3)(بعرفة، فجاء ناس أو) للشك من الراوي (نفر) أي قال ذلك اللفظ أو هذا (من أهل نجد، فأمروا رجلًا) وفي رواية أحمد في "مسنده": "فقالوا: يا رسول الله"، ولفظ الترمذي:"فسألوه"، ولم أقف على تسمية الرجل.
(1) في الأصل: "الدؤلي"، وهو تحريف، والصواب ما أثبته.
(2)
"المغني" للفتني (ص 277).
(3)
"مسند الإِمام أحمد"(4/ 309).
فَنَادَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ الْحَجُّ؟ فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَادَى: "الْحَجُّ الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ، مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ (1) جَمْع فَتَمَّ حَجُّهُ، أَيَّامُ مِنًى: ثَلَاثَةٌ (2)، {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (3)،
===
(فنادى) أي الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الحج؟ فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (رجلًا فنادى) أي الرجل (الحج الحج يوم عرفة)، ولفظ الترمذي:"فأمر مناديًا فنادى: الحج عرفة"، ولفظ أحمد:"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحج يوم (4) عرفة"، ولفظ النسائي:"فقال: الحج عرفة".
(من جاء) أي عرفات (قبل صلاة الصبح من ليلة جمع) وهكذا لفظ أحمد في "مسنده" وكذا لفظ النسائي، ولكن لفظ الترمذي:"من ليلة جمع قبل طلوع الفجر"، وكذا في "مسند الطيالسي" (5). (فتم حجه) ولفظ الترمذي:"فقد أدرك الحج"، ومثله في النسائي.
(أيام مني ثلاثة) هو اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، وليس يوم النحر.
(فمن تعجل في يومين) أي في اليوم الثاني من أيام مني الثلاثة بعد الفراغ من الرمي بالرجوع من مني إلى مكة (فلا إثم عليه) أي يجوز له ذلك (ومن تأخر)(6) ورجع في الثالث منها بعد رمي الجمرات (فلا إثم عليه،
(1) في نسخة: "ليل".
(2)
في نسخة: "ثلاث".
(3)
سورة البقرة: الآية 203.
(4)
وقع في الأصل: "الحج حج عرفة"، وهو تحريف، والصواب:"الحج يوم عرفة".
(5)
انظر: "مسند الطيالسي"(1309، 1310).
(6)
وهذا إجماع عند العلماء إلا أنهم اختلفوا في موضعين كما في "الأوجز"، الأول: في الأفضل منهما، فعند الحنفية التأخير أفضل مطلقًا، وكذا في المرجح عند الشافعية، وفي قول لهم: ليس للإمام التعجيل، وكذا يكره له التعجيل عند المالكية، وأما غير الإِمام فيجوز له الأمران متساوي الطرفين هو المرجح عند ابن القاسم، وفي قول =
قَالَ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِذَلِكَ".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مِهْرَانُ عن سُفْيَانَ قَالَ: "الْحَجُّ الْحَجُّ" مَرَّتَينِ. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عن سُفْيَانَ قَالَ: "الْحَجُّ" مَرَّةً. [ت 889، ن 3044، جه 1887]
===
قال: ثم أردف رجلًا خلفه) أي بعث أولًا رجلًا فنادى، ثم أردفه آخر (فجعل) ذلك الرجل (ينادي بذلك) مع الأول، ومعنى أردفه أي أتبعه، ويحتمل أن يكون الأول على الدابة فأردفه عليها.
(قال أبو داود: وكذلك رواه مهران عن سفيان قال: الحج الحج مرتين) أي: وافق مهرانُ محمدَ بنَ كثير عن سفيان في تكرير لفظ الحج، ومهران هذا لعله مهران بن أبي عمر العطار، أبو عبد الله الرازي، قال في "التقريب": صدوق، له أوهام، سيِّئ الحفظ. وقد طَوَّل في ترجمته في "تهذيب التهذيب"، ولم أجد روايته فيما عندي من كتب الحديث، نعم أخرج البيهقي (1) برواية عبد الرحمن بن بشر عن سفيان بن عيينة عن الثوري بلفظ:"الحج عرفات، الحج عرفات"، وأخرجه الدارقطني (2) برواية أبي أحمد الزبيري عن سفيان بلفظ:"الحج عرفة، الحج عرفة".
(ورواه يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان قال: الحج مرة) أخرج حديثه
= لمالك: لا تعجيل للمكي بغير ضرورة، وقال ابن الماجشون: لا تعجيل للآفاقي أن يبيت بمكة، وأما عند أحمد: فالأولى لأهل الحرم التأخير، ولستوي فيه غيره. والثاني: في وقت النفر فيجوز عند الأئمة الثلاثة قبل الغروب، وهو رواية الحسن عن الإِمام، والمشهور عندنا إلى طلوع الفجر من اليوم الرابع، ويشترط عند الحنابلة الخروج من مني قبل الغروب، وكذا عند مالك للمكي ولغيره تكفي نية الخروج، ويكفي عند الشافعية الارتحال والاشتغال بالارتحال، وإن لم يخرج من مني. [انظر:"الأوجز"(8/ 341) وما بعدها]. (ش).
(1)
"السنن الكبرى"(5/ 116).
(2)
"سنن الدارقطني"(2/ 240، 241).
1950 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِىُّ قَالَ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَوْقِفِ - يَعْنِى بِجَمْعٍ -، قُلْتُ: جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ جَبَلِ طَيٍّ، أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِى، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِى، وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِى مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ،
===
الترمذي مقرونًا بعبد الرحمن بن مهدي، والنسائي (1).
1950 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن إسماعيل، نا عامر) الشعبي، (أخبرني عروة بن مضرس) بمعجمة ثم راء مشددة مكسورة، ابن أوس بن حارثة بن لام (الطائي) شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وروى عنه هذا الحديث الشعبي.
(قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف يعني بجمع) أي في موقف المزدلفة، وهو مصرح في رواية شعبة عن عبد الله بن السفر عن الشعبي عند أحمد في "مسنده"(2)، ولفظه:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بجمع".
(قلت: جئت يا رسول الله من جبلي طَيّ) هما أجا وسلمى (أكلَلْتُ) أي أعييتُ (مطيتي) أي راحلتي (وأتعبت) أي وقعت في التعب (نفسي، والله ما تركت من حبل) كذا في نسخ أبي داود بالحاء المهملة، وفي "مسند أحمد" بالجيم، وكذا بالجيم في رواية الدارقطني والترمذي (3)، فالحبل بالحاء: ما ارتفع وطال من الرمل، وأما بالجيم فمعروف.
(إلَّا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا هذه الصلاة) أي صلاة الصبح من يوم النحر، ولفظ رواية شعبة عن عبد الله بن أبي السفر، فقال: "من صلَّى معنا هذه الصلاة في هذا المكان، ثم وقف معنا
(1) انظر: "سنن الترمذي"(889)، و"سنن النسائي"(5/ 264)، و"صحيح ابن خزيمة"(2822).
(2)
"مسند أحمد"(4/ 262).
(3)
"سنن الدارقطني"(2/ 239)، و"سنن الترمذي"(891).
وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ (1) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ". [ت 891، ن 3041، دي 1888، ك 1/ 463، حم 4/ 15، جه 3016، ق 5/ 173]
===
هذا الموقف حتى يُفيض الإِمام"، وإنما ذكر وقوف المزدلفة ليعلم أنه من واجبات الحج.
(وأتى عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه).
قال الشوكاني (2): تمسك بهذا أحمد بن حنبل فقال: وقت الوقوف (3) لا يختص بما بعد الزوال، بل وقته ما بين طلوع الفجر من يوم عرفة وطلوعه يوم العيد؛ لأن لفظ الليل والنهار مطلقان. وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد بالنهار ما بعد الزوال؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال، ولم يُنقَل عن أحد أنه وقف قبله، فكأنهم جعلوا هذا الفعل مقيدًا لذلك المطلق، ولا يخفى ما فيه.
وقال في "المحلى"(4): وفيه ردٌ على من زعم أن الوقوف يفوت بغروب الشمس يوم عرفة، ومن زعم أن وقته يبقى إلى بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والجمهور على أن وقت الوقوف يمتدُّ من زوال يوم عرفة إلى فجر يوم النحر.
(وقضى تفثه) بفتح المثناة الفوقية والمثلثة، قال في "النهاية" (5):
(1) زاد في نسخة: "يعني".
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 411).
(3)
وفي "الأوجز": ههنا خلافيتان، الأولى: وقت الوقوف من طلوع الفجر، أي فجر عرفة إلى فجر يوم النحر عند أحمد، وعند الأئمة الثلاثة من زوال عرفة إلى فجر يوم النحر، فآخر الوقت متفق عليه عند الأربعة إنما الخلاف في الابتداء، والثانية: أن الوقوف بجزء من ليلة النحر ركن عند مالك خلافًا للثلاثة. [انظر: "الأوجز" (8/ 8 - 9]. (ش).
(4)
انظر: "المحلى"(5/ 116 وما بعدها).
(5)
"النهاية"(1/ 191).