الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقَرَّ وَكَانَ مَأْذُونًا فَهُوَ كَالْحُرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا وَقَفَ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَيَرُدُّهُ أَوْ يُلْزِمُهُ إيَّاهُ، فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ، وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِلْزَامِ الدَّيْنِ ذِمَّتَهُ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا عِنْدَ السَّيِّدِ فِيهِ مِنْ إلْزَامٍ أَوْ إسْقَاطٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ حَالُ الْعَبْدِ مِنْ إذْنٍ أَوْ حَجْرٍ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَهُوَ عَلَى الْحَجْرِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ خِلَافُهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي يُدَّعَى قِبَلَهُ أَوْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي ذَلِكَ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ وَكِيلًا يُخَاصِمُ عَنْهُ، وَلَسْت أَقُولُهُ يَعْنِي أَصْبَغَ، وَلَكِنْ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ وَكِيلًا مُفَوِّضًا إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْخُصُومَةُ مِنْ أُمُورِهِ الَّتِي يَنْظُرُ لَهُ فِيهَا وَفِيمَا شَابَهَهَا؛ لِأَنَّ حَقًّا عَلَى الْقُضَاةِ أَنْ لَا يُهْمِلُوا الْأَيْتَامَ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ وَكِيلًا لِهَذِهِ الْخُصُومَةِ ثُمَّ يَعْزِلُهُ عَنْهَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِثْلَ قَوْلِ أَصْبَغَ.
[الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ]
ِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ فِي الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ جُمْلَةً مِنْ مَسَائِلِهِ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ غَائِبٌ عَنْ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَغَائِبٌ عَنْ الْبَلَدِ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ دُونَ حُضُورِهِ إلَّا أَنْ يَتَوَارَى أَوْ يَتَعَزَّزَ بِسُلْطَانٍ فَيُقْضَى عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمَوْضِعِ الْحُكْمِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ، وَفِي أَسْئِلَةِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ جَائِزٌ فِي الْقِسْمِ، إذَا كَانَ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ مَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: سَمِعْت مَنْ يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الدُّورِ وَهُوَ رَأْيٌ، إلَّا فِي الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْمُدَّعِيَ السَّيْرُ إلَيْهِ لِبُعْدِهِ وَانْقِطَاعِهِ.
تَنْبِيهٌ: وَلَا يُسَجِّلُ الْقَاضِي بِتَخْلِيدِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ وَلَا يَضُرُّ إنْ سَافَرَ إلَى غَيْرِ عَمَلِهِ، أَمَّا إنْ اسْتَوْطَنَ غَيْرَ عَمَلِهِ
أَوْ لَمْ يَسْكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ فَحَسْبُهُ أَنْ يُقَيَّدَ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ لَا الْحُكْمِ بِتَخْلِيدِهِ، مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى غَائِبٍ فِي مَالِهِ حَقًّا أَوْ فِي دَارِهِ أَوْ فِي أَرْضِهِ وَغَيْبَتُهُ بَعِيدَةٌ مُنْقَطِعَةٌ فَلَا يُوَكِّلُ الْحَاكِمُ وَكِيلًا يَقُومُ عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ إنْ تَبَيَّنَ لِلْقَاضِي حَقٌّ عَلَى الْغَائِبِ وَرَأَى وَجْهَ حُكْمٍ حَكَمَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحُكْمِ غَيْبَتَهُ وَأَنَّهُ قَدْ أَبْقَى لَهُ حُجَّتَهُ فَإِذَا قَدِمَ وَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَجَاءَ بِحُجَّتِهِ نَظَرَ الْقَاضِي لَهُ فِيهَا.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: وَالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَالدَّعْوَى عَلَى الْحَاضِرِ يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ الْحَقَّ وَجِنْسَهُ وَمِقْدَارَهُ، وَكَوْنُ الْبَيِّنَةِ تَشْهَدُ بِهِ وَيُفَصِّلُ الدَّعْوَى عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ فِي دَعْوَى الْحَاضِرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ فِي تَصْحِيحِ الدَّعْوَى.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا كَانَ الْغَائِبُ عَلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ أَعْذَرَ إلَيْهِ فِي الدَّيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، فَإِمَّا قَدِمَ وَإِلَّا وَكَّلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَ عَلَيْهِ أُصُولَهُ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُصُولِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِنْ طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا تُرْجَى لَهُ حُجَّةٌ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا حَكَمَ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا الْأُصُولَ دُونَ إعْذَارٍ وَتُرْجَى لَهُ الْحُجَّةُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُقِيمُ الْقَاضِي لِغَائِبٍ وَلَا لِطِفْلٍ مَنْ يَقُومُ بِحُجَّتِهِ، ابْنُ رُشْدٍ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الْغَيْبَةِ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا وَلَا تُرْجَى لَهُ حُجَّةٌ، قَالَ: وَعَلَى قَوْلِهِمَا فَيُوَكِّلُ مَنْ يَعْذُرُ إلَيْهِ فِي حَقِّهِمَا بِبَيَانٍ، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي الْأُصُولِ وَإِنَّمَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةِ الْقَائِمِ وَيَشْهَدُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَا يَنْزِلُ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، أَيْ لَا يُسَلِّمُهُ إلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَيُوقِعُ شَهَادَتَهُمْ فَإِذَا حَضَرَ عَرَّفَهُ بِهِمْ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ فِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَدْفَعٌ قَضَى عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ جِدًّا أَوْ مَفْقُودًا حَكَمَ عَلَيْهِ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَمِعْت مَنْ يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الدُّورِ، وَهُوَ رَأْيٌ إلَّا فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ كَالْأَنْدَلُسِ أَوْ طَنْجَةَ.