الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي]
لِرُجْحَانِهِ بِالْعَوَائِدِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَوْ لِاتِّصَافِهِ بِالْأَمَانَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ وَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ نُبْذَةً يَسِيرَةً عَلَى وَجْهِ الْمِثَالِ: مَسْأَلَةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْإِصَابَةِ إذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ. وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ يَشْهَدُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُفَارِقُ الْمَرْأَةَ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهَا، وَهَلْ يَلْزَمُهَا يَمِينٌ أَمْ لَا قَوْلَانِ، وَفِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ خِلَافٌ، قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا، قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَقِيلَ قَوْلُ الزَّائِرِ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الثَّيِّبِ وَيَنْظُرُ النِّسَاءُ الْبِكْرَ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الْغُرَمَاءِ مَا عَلَيْهِمْ وَضَاعَ صُدِّقَ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِكَوْنِهِ قَائِمًا مَقَامَ أَبِيهِمْ فِي الشَّفَقَةِ وَالْأَمَانَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَقَرَّ الْأَبُ أَنَّهُ قَبَضَ النَّقْدَ مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ مِنْ الزَّوْجِ وَادَّعَى تَلَفَهُ، فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَبَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ بِغَيْرِ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ يَبْرَأُ الزَّوْجُ وَيَدْخُلُ بِزَوْجَتِهِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُ: وَيَلْزَمُ الْأَبَ الْيَمِينُ لِحَقِّ الزَّوْجِ فِي تَجْهِيزِ زَوْجَتِهِ بِهِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ أَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ. وَقِيلَ يَنْظُرُ النِّسَاءُ الْبِكْرَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا وَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ.
مَسْأَلَةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَى الْيَتِيمِ إذَا أَشْبَهَ قَوْلُهُ الصِّدْقَ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ رَبْعِهِ وَبُسْتَانِهِ إذَا أَشْبَهَ الصِّدْقَ.
مَسْأَلَةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ إذَا كَانَ مُقِيمًا مَعَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ.
مَسْأَلَةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ مُمْكِنًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ قَبْلَ قَوْلِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِيَوْمٍ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَكْذِيبِ الْجِيرَانِ لَهَا.
مَسْأَلَةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمَةِ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ الَّذِي مَعَهَا وَلَدُهَا فَلَا تَجُوزُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا فِي الْمِيرَاثِ فَلَوْ عَتَقَا لَمْ يَتَوَارَثَا بِدَعْوَاهُمَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا خِيفَ غَرَقُ الْمَرْكَبِ وَطُرِحَ مِنْهُ مَا يُرْجَى بِهِ سَلَامَتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْرُوحِ مَتَاعُهُ فِيمَا يُشْبِهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ فِي ثَمَنِ مَتَاعِهِ الْمَطْرُوحِ، مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يُسْتَنْكَرُ، قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفَ.
مَسْأَلَةٌ إذَا ادَّعَى الْمُسَاقِي أَنَّهُ دَفَعَ لِرَبِّ الْحَائِطِ الْجُزْءَ الَّذِي سَاقَاهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسَاقَاةِ: لَمْ يَدْفَعْ الْعَامِلُ لِي شَيْئًا، فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ قَدْ جَذَّ الثَّمَرَةَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْيَمِينُ كَانَ بِقُرْبِ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَذَّ بَعْضَهَا رُطَبًا وَالْبَاقِي تَمْرًا فَقَالَ قَبْلَ جِذَاذِ الثَّمَرَةِ لَمْ يَدْفَعْ لِي شَيْئًا مِنْ الرُّطَبِ وَلَا مِنْ ثَمَنِهِ، فَالْعَامِلُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ حَقَّهُ فِي عَيْنِ الثَّمَرَةِ لَا فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ؛ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِدَفْعِ ذَلِكَ بِغَيْرِ إشْهَادٍ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ حَازَ شَيْئًا مُدَّةً تَكُونُ الْحِيَازَةُ فِيهِ مُعْتَبَرَةً وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ، وَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ فِي سُكُوتِهِ، ثُمَّ يَقُومُ عَلَى الْحَائِزِ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ، فَادَّعَى الْحَائِزُ الشِّرَاءَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ادَّعَى الْمُودَعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ مُدَّعٍ، وَإِنَّمَا تَرَجَّحَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْمَنَهُ وَالْأَمِينُ مُصَدَّقٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِسِلْعَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِقُوَّةِ قَرِينَةِ صِدْقِهِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ هِيَ الْأَثْمَانُ وَبِهَا يَقَعُ الْبَيْعُ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا بَاعَ السِّمْسَارُ سِلْعَةً فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهَا عَيْبًا فَسَأَلَ السِّمْسَارَ عَنْ رَبِّ السِّلْعَةِ، فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهُ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا وُضِعَتْ الْجَارِيَةُ الْمُسْتَبْرَأَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَاسْتَأْمَنَهُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ، فَقَالَ: بَعْدَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَمْ تَحِضْ، أَوْ مَاتَتْ، صُدِّقَ فِي ذَلِكَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى رَجُلٍ يَخِيطُهُ لَهُ بِلَا أُجْرَةٍ وَالرَّجُلُ لَيْسَ مِنْ الصُّنَّاعِ الَّذِينَ نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِلنَّاسِ بِالْأَجْرِ، فَادَّعَى ضَيَاعَ الثَّوْبِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ ضَاعَ مِنْ غَيْرِ الزِّيَادَةِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى الْمَضْرُوبُ ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ أَوْ جَمِيعِ بَصَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ بِمَا يُمْكِنُ، وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَى صِدْقِهِ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَمَّنَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى تَأْمِينِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْغَرْبِيَّةُ الطَّارِئَةُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ أَنَّهُ لَا زَوْجَ لَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ إذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ دَعْوَاهَا.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا قَدِمَتْ امْرَأَةٌ مَبْتُوتَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ قُبِلَ قَوْلُهَا وَحَلَّ لِلَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى الْمَأْمُورُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ كَمَا أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: لَمْ تَتَصَرَّفْ بَعْدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ بِعْت السِّلْعَةَ بِعَيْنٍ، وَقَالَ الْآمِرُ أَمَرْتُك أَنْ تَبِيعَهَا بِعَرَضٍ، فَالْمَأْمُورُ مُصَدَّقٌ؛ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ بِعَيْنٍ فَالْأَصْلُ يَعْضُدُهُ؛ لِأَنَّهَا الْقِيَمَ الَّتِي يَتَبَايَعُ النَّاسُ بِهَا غَالِبًا.