الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ تَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ]
مَسْأَلَةٌ: فِي الْيَمِينِ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ وَيَتَقَاضَاهَا أَحَدُهُمْ، فِي " الْمُتَيْطِيَّةِ " إذَا وَجَبَتْ الْيَمِينُ لِوَرَثَتِهِ يُمَلِّكُونِ أُمُورَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى رَجُلٍ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَتَقَاضَى الْيَمِينَ أَحَدُهُمْ فَيَمِينُهُ تُجْزِئُ عَنْ الْجَمِيعِ، إذَا كَانَتْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، وَذَلِكَ حُكْمٌ مَاضٍ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ، فَكُلُّ مَنْ قَامَ مِنْهُمْ عَلَيْهِ كَلَّفَهُ يَمِينًا ثَانِيَةً، وَمِثْلُهُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ، وَبِهِ الْحُكْمُ، وَلِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي أَسْئِلَتِهِ خِلَافُهُ، وَأَنَّ لِمَنْ غَابَ مِنْهُمْ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا حَلَفَ الْخَصْمُ دُونَ حُضُورِ خَصْمِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الْيَمِينُ، وَكَذَلِكَ إذَا بَدَرَ بِالْيَمِينِ بِحُضُورِ خَصْمِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا لَمْ تُجْزِهِ: اُنْظُرْ " الْمُنْتَقَى " لِلْبَاجِيِّ " وَأَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ ".
مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى غَيْرِهِ فَحَلَفَ لَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى يَمِينِهِ أَحَدًا ثُمَّ طَلَبَهُ بِالْيَمِينِ ثَانِيَةً وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَحْلَفَهُ، فَإِنَّ الطَّالِبَ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَحْلَفَهُ، فَإِذَا حَلَفَ وَجَبَتْ لَهُ الْيَمِينُ مِنْ " الْمُتَيْطِيَّةِ ".
مَسْأَلَةٌ: إذَا وَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى امْرَأَةٍ وَقَالَ الْمُحَلِّفُ لَهَا: أَنَا طَالِبٌ مِنْهَا أَنْ تُحْضِرَ مَنْ يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنِّي أَتَوَقَّعُ أَنْ يَحْلِفَ لِي غَيْرُهَا، وَلَا تُوفِيَنِي حَقِّي، وَذَكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَا تَجِدُ مَنْ يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَمِنْ حَقِّ الْمُحَلِّفِ لَهَا أَنْ يُكَلِّفَهَا إحْضَارَ مَنْ يَعْرِفُ عَيْنَهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهَا وَجَبَتْ فَمِنْ حَقِّ الْمُحَلِّفِ لَهَا أَنْ تُوفِيَهُ حَقَّهُ بِإِحْضَارِ مَنْ يَعْرِفُ عَيْنَهَا، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهِنْدِيُّ: وَقَدْ نَزَلَتْ وَقِيلَ فِيهَا غَيْرُ هَذَا، وَأَنَّ عَلَى مَنْ يَسْتَحْلِفُهَا إحْضَارَ مَنْ يَعْرِفُ عَيْنَهَا، وَحَسْبُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُولَ: أَنَا هِيَ حَتَّى يُثْبِتَ مَنْ يَسْتَحْلِفُهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ يُحَلِّفُهَا أَنْ تُعَرِّفَهُ بِنَفْسِهَا. قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي يَعْرِفُهَا بِالْعَيْنِ وَالِاسْمِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَعْرِفُهَا وَحَلَفَتْ بِمَحْضَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحُضُورِهِ لِيَمِينِهَا وَاقْتِدَائِهِ لَهَا وَاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا هِيَ الْمَطْلُوبَةُ بِالْحَقِّ فَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ، وَأَيُّ شَيْءٍ يَبْقَى بَعْدَ هَذَا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي " الْمُقَرَّبِ ": وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ يَمِينٌ لِبَعْضِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: اجْمَعْ مَطَالِبَكَ إنْ كُنْت تَزْعُمُ أَنَّ لَكَ عِنْدِي مَطْلَبًا غَيْرَ هَذَا الَّذِي تُرِيدُ إحْلَافِي عَلَيْهِ لِأَحْلِفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَمِينًا وَاحِدَةً، فَهُوَ مِنْ حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبِ مِيرَاثٍ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: اجْمَعْ مَطَالِبَك قِبَلِي فِي هَذَا الْمِيرَاثِ لِأَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يُحَاطُ بِالْحُقُوقِ فِيهِ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا جَرَتْ الْفُتْيَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْجَوَابِ عَنْ الدَّعْوَى حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيهَا مِنْ الْخِلَافِ غَيْرُ هَذَا.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بِحُقُوقٍ نَصَّهَا وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ فِي بَعْضِهَا وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى بَعْضِهَا، وَذَهَبَ إلَى اسْتِحْلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ فِيهِ، وَأَنَّهُ يُبْقِي عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِيمَا لَهُ فِيهِ بَيِّنَةٌ، فَإِنَّهُ إنْ الْتَزَمَ إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ أَنَّ لَهُ فِيهِ بَيِّنَةً، أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ فِيمَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَاقِي مِنْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَعْجِلَ يَمِينَهُ فِيمَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَيُؤَخِّرُ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ لَهُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي زَعَمَهَا عَلَى الْبَعْضِ، فَإِنْ أَقَامَهَا وَإِلَّا جَمَعَ دَعَاوِيَهُ وَحَلَفَ لَهُ عَلَى الْجَمِيعِ. مِنْ " الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ " فِي بَابِ الْحَمَالَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: فِي الْمُدَّعِي يَقُولُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: احْلِفْ وَابْرَأْ فَيَقُولُ لَهُ الْآخَرُ: بَلْ احْلِفْ أَنْتَ. وَخُذْ مَا ادَّعَيْت، فَإِذَا هَمَّ بِالْيَمِينِ بَدَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَالَ لَمْ أَظُنَّكَ تَجْتَرِئُ عَلَى الْيَمِينِ، قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَلْيَحْلِفْ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذْ حَقَّهُ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ سُلْطَانٍ أَوْ عِنْدَ غَيْرِ سُلْطَانٍ، وَقَدْ لَزِمَهُ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا وَجَبَتْ لِرَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ يَمِينٌ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَابِ وَوَجَبَتْ يَمِينٌ عَلَى الرَّجُلِ لَهَا فَذَهَبَتْ الْمَرْأَةُ إلَى أَنْ تَحْلِفَ لَيْلًا وَأَنْ تُحَلِّفَ الرَّجُلَ نَهَارًا فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَافُ أَنْ أَحْلِفَ لَهَا نَهَارًا فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ وَرُدَّتْ الْيَمِينَ عَلَيَّ، فَأَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِالنَّهَارِ وَمَرَّةً بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أُلْزِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَا تَرُدُّ الْيَمِينَ حَلَفَ الرَّجُلُ لَهَا نَهَارًا وَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ لَيْلًا، وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْتِزَامَهَا لِعَدَمِ الرَّدِّ يَلْزَمُهَا.