الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي الْخُلْطَةِ وَمَا يُوجِبُهَا وَمَا تَجِبُ فِيهِ الْيَمِينُ بِغَيْرِ خُلْطَةٍ]
وَفِي كِتَابِ " الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ " لِلرُّعَيْنِيِّ: وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى أَصْلِ حَقِّهِ، وَلَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِخُلْطَةِ الْمُدَّعِي، فَاَلَّذِي يُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ حُرَّانِ لَا مَدْفَعَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِمَا، فَيَقُولَانِ: عَرَفْنَا هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ يَتَبَايَعَانِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَلَمْ نَعْلَمْ بَيْنَهُمَا مُفَاصَلَةً مُنْذُ عَرَفْنَاهُمَا شَرِيكَيْنِ، وَلَا نَعْلَمُ عَلَامَ افْتَرَقَا، أَوْ أَنَّهُمَا كَانَا مُتَقَارِضَيْنِ أَوْ مُتَسَاقِيَيْنِ، أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَجِيرٌ لِصَاحِبِهِ أَوْ آجَرَ مِنْهُ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَانِعًا أَوْ صَبَّاغًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ صَائِغًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الصِّنَاعَاتِ وَالْأَكْرِيَةِ وَالْإِجَارَاتِ، فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِهَذَا أَوْجَبْت الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَبَّهَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَخَذَ، وَإِنْ نَكَلَ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ تَنْبِيهٌ: وَفَائِدَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ بَايَعَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، أَنَّهُ لَوْ بَايَعَهُ مَرَّةً بِالنَّقْدِ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَتَفَاصَلَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ خُلْطَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا بَقِيَّةٌ تُوجِبُ الْيَمِينَ، ثُمَّ حَيْثُ اعْتَبَرْنَا الْخُلْطَةَ فَإِنَّمَا نَعْتَبِرُهَا فِيمَا كَانَ مِنْ الدَّعَاوَى الْمُشْبِهَةِ عُرْفًا، فَأَمَّا مَا يُشْبِهُ مِنْ الدَّعَاوَى فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ قَرِيبًا. وَيُعْقَدُ فِي إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ: شَهِدَ مَنْ يُسَمَّى أَسْفَلَ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ فُلَانًا وَفُلَانًا مَعْرِفَةً صَحِيحَةً تَامَّةً بِعَيْنِهِمَا وَأَسَامِيهِمَا، وَيَعْرِفُونَ فُلَانًا مُخَالِطًا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَمُدَاخِلًا لَهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا عَامًا، وَلَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ انْقَطَعَ بَيْنَهُمَا فِي عِلْمِهِمْ إلَى حِينِ إيقَاعِ شَهَادَتِهِمْ فِي تَارِيخِ كَذَا، وَيُذْكَرُ فِيهِ تَعْرِيفُ الشَّاهِدَيْنِ بِهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي يَعْرِفُهُمَا، وَفَائِدَةُ التَّحْدِيدِ بِالتَّارِيخِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى دَاخِلَةً فِي مُدَّةِ التَّحْدِيدِ، فَلَوْ كَانَتْ قَبْلَهَا لَمْ تَجِبْ الْيَمِينُ إلَّا بِثُبُوتِ الْخُلْطَةِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي وَثَائِقِهِ: وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ مَنْ كَانَ يُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ الْفَقِيهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللُّؤْلُؤِيُّ يَتَوَسَّطُ فِي
إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ، فَيَرَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْإِشْكَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ دَعَاوَى تُوجِبُ الْأَيْمَانَ فَإِنَّهَا تَجِبُ، وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الرَّجُلِ الْعَدْلِ الْمُبَرِّزِ مَنْ لَيْسَ مِنْ شَكْلِهِ وَلَا نَمَطِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إلَّا بِثُبُوتِ الْخُلْطَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي " الْمُتَيْطِيَّةِ " وَفَسَّرَ أَصْبَغُ الْخُلْطَةَ فَلَمْ يَرَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَلَا الْجُلَسَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجِيرَانَ خُلَطَاءَ، وَلَمْ يَرَهَا إلَّا بِتَكْرَارِ الْمُبَايَعَةِ، وَأَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِالنَّسِيئَةِ، وَقَدْ تُقَامُ فَائِدَةُ اشْتِرَاطِ تَكْرَارِ الْمُبَايَعَةِ، وَهِيَ الْفَائِدَةُ أَيْضًا فِي اشْتِرَاطِ النَّسِيئَةِ.
تَنْبِيهٌ: وَوَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ خُلْطَةِ الْمُبَايَعَةِ وَبَيْنَ خُلْطَةِ الْمُصَاحَبَةِ وَالْمُؤَاخَاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ عَقِيبَ كَلَامِ الرُّعَيْنِيِّ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي لَا تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْخُلْطَةِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ عَلَى إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ يَمِينٍ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَحْسَنُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إثْبَاتُ لَطْخِ الدَّعْوَى، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمَرْأَةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ دُونَ يَمِينٍ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ أَقَامَ بِالْخُلْطَةِ شَاهِدًا وَاحِدًا حَلَفَ مَعَهُ وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ.
وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ كِنَانَةَ أَيْضًا.
فَرْعٌ: وَاخْتُلِفَ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَدَفَعَهُمَا بِدَعْوَى الْعَدَاوَةِ هَلْ تَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ بِغَيْرِ خُلْطَةٍ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ لَا تَجِبُ.
فَرْعٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا أَحْضَرَ خَطَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ فَهُوَ كَثُبُوتِ إقْرَارِهِ تَجِبُ بِهِ الْخُلْطَةُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي رَدَّ فِيهِ عَلَى ابْنِ الْعَطَّارِ: وَيَجِبُ ثُبُوتُ الْخُلْطَةِ فِي الْمُبَايَعَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ. مَسْأَلَةٌ: وَهَذَا التَّفْرِيعُ الْمُتَقَدِّمُ كُلُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْخُلْطَةِ وَاشْتِرَاطُهَا.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ.
وَفِي " الْمُتَيْطِيَّةِ " عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِثْلُهُ، وَأَنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ خُلْطَةٍ