الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْ الطَّالِبِ دُونَ الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ قَالُوا: هَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، أَمَّا إذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حُجَّةً فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحُجَجِ.
مَسْأَلَةٌ: وَاخْتُلِفَ هَلْ الِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي التَّعْجِيزِ يَخْتَصُّ بِالْقَاضِي الَّذِي وَقَعَ الْعَجْزُ عِنْدَهُ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَلِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْحُكَّامِ عَلَى قَوْلَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَجَابَ الْقَائِمُ بَعْدَ انْصِرَامِ الْآجَالِ بِأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً يَرْتَجِيهَا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً أَجَّلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ قَضَى عَلَيْهِ وَأَرْجَأَ الْحُجَّةَ لَهُ وَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا مَتَى جَاءَتْ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلِمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ نَقْضُ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، إذَا أَتَى بِمَا يَنْفَعُهُ.
[فَصْلٌ الْأَشْيَاء الَّتِي لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَجِّزَ فِيهَا]
فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَجِّزَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْعِتْقِ وَالنَّسَبِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ وَهْبٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَسَيَأْتِي مَا أُلْحِقَ بِهَا، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يَقُولُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الدَّعَاوَى فَيَخْتَلِفُ أَمَّا كُلُّ مَا كَلَّفَ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَعْوَاهُ وَتَعْدِيلَ شُهُودِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ مَالًا أَوْ دَارًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُكَلِّفْ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ بَيِّنَةً أَوْ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ يُدْخِلُ عَلَى الْحَاكِمِ شُبْهَةً فِي أَمْرِهِمَا فَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ أَوْ تَعْدِيلِ شُهُودِهِ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَدْفَعُهُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَطْ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كِتَابًا بِقَطْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يُسَجِّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُحْدِثُ لَهُ فِي ذَلِكَ حُكْمًا وَلَا إشْهَادًا وَيَتْرُكُهُ وَتَحْقِيقَ مَطْلَبِهِ، فَمَتَى جَاءَ الطَّالِبُ بِمَا هُوَ أَحَقُّ مِمَّا جَاءَ بِهِ أَوَّلًا نَظَرَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمُ وَمَنْ كَانَ بَعْدَهُ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الطَّالِبُ قَدْ أَتَى بِشَيْءٍ أَوْجَبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَمَلًا، مِثْلَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ، وَهِيَ الْيَوْمَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُكَلَّفُ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ كَيْفَ صَارَتْ إلَيْهِ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ