الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ مَجْهُولٌ، وَأَحَبَّتْ أَنْ يَنْظُرَ لَهَا فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَلُزُومِهَا لَهَا إنْ ظَهَرَ مَلِيًّا فَيُشْهِدُ لَهَا السُّلْطَانُ، لَئِنْ كَانَ فُلَانٌ زَوْجَ فُلَانَةَ مَلِيًّا الْيَوْمَ مُوسِرًا فِي غَيْبَتِهِ هَذِهِ فَقَدْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ لِامْرَأَتِهِ فَرِيضَةَ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَكْتُبُ التَّارِيخَ ثُمَّ تَكُونُ الْفَرِيضَةُ لَازِمَةً لَهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَدَمُهُ فِي غَيْبَتِهِ كُلِّهَا حَتَّى قَدِمَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]
اعْلَمْ أَنَّ عِلْمَ الْقَضَاءِ يَدُورُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ مُشْكِلٌ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي حُكْمِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَنَّ عَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ إذَا أَنْكَرَ الْمَطْلُوبَ، وَأَنَّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ إذَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْدِيدِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَالَ الْقَرَافِيُّ: الْمُدَّعِي مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلٍ أَوْ عُرْفٍ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ كَانَ قَوْلُهُ عَلَى وَفْقِ أَصْلٍ أَوْ عُرْفٍ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ الْمُدَّعِي مَنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ أَمْرٍ يُصَدِّقُهُ أَوْ كَانَ أَضْعَفَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَمْرًا فِي الدَّلَالَةِ عَنْ الصِّدْقِ، أَوْ اقْتَرَنَ بِهَا مَا يُوهِنُهَا عَادَةً، وَذَلِكَ كَالْخَارِجِ عَنْ مَعْهُودٍ وَالْمُخَالِفِ لِأَصْلٍ، وَشِبْهِ ذَلِكَ وَمَنْ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُوَافِقُ الْعُرْفَ وَادَّعَى الْآخَرُ مَا يُخَالِفُهُ فَالْأَوَّلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى وَفَاءَ مَا عَلَيْهِ أَوْ رَدَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ يُصَدِّقُ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ، وَاخْتَصَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ الْمُدَّعِي مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْمَعْهُودُ هُوَ شَهَادَةُ الْعُرْفِ، وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إذَا أَشْكَلَ عَلَيْك الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَاجِبُ الِاعْتِبَارِ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ هَلْ هُوَ آخِذٌ أَوْ دَافِعٌ وَهَلْ يَطْلُبُ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَنْفِيهِ، فَالطَّالِبُ أَبَدًا مُدَّعٍ وَالدَّافِعُ الْمُنْكِرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ، فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَنْ يُرِيدُ الْأَخْذَ أَوْ يَطْلُبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُدَّعٍ.
وَكَلَامُهُمْ وَتَحْوِيمُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِالْأَصْلِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ أَرَادَ النَّقْلَ عَنْهُ فَهُوَ الْمُدَّعِي غَيْرَ أَنَّهُ يَتَعَارَضُ النَّظَرُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ مَنْ هُوَ الْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ، كَمَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ
سَيِّدَ الْأَمَةِ غَرَّهُ وَزَوَّجَهُ بِهَا وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، فَقَالَ أَشْهَبُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ، فَتَعَارَضَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغُرُورِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ، وَالْغَالِبُ عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَى زَوَاجِ الْإِمَاءِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِنَّ، وَزَوَاجُ الْأَحْرَارِ لِلْإِمَاءِ نَادِرٌ فَيُقَدَّمُ الْغَالِبُ عَلَى النَّادِرِ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي مَسَائِلِ الدَّعَاوَى. وَأَيْضًا فَهُنَاكَ أُمُورٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَرْجِيحِ قَوْلِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِسَبَبِهَا كَدَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْحَاضِرِ مَعَهَا أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْغَالِبَ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِنْفَاقِ، وَأُمُورٌ اتَّفَقُوا عَلَى التَّرْجِيحِ بِهَا كَالْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ وَاعْتِبَارِهِ فِي الْأَحْكَامِ فَهُوَ رُجُوعٌ إلَى الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ وَقُدِّمَ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَلَكِنْ قَدْ يَخْتَلِفُ النَّظَرُ فِي تَحْقِيقِ حُصُولِ ذَلِكَ الْمُرَجِّحِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ.
تَنْبِيهٌ: وَأَجْمَعُوا عَلَى اعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَإِلْغَاءِ الْغَالِبِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ أَتْقَى النَّاسِ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَدَّعِي إلَّا حَقًّا وَأَجْمَعُوا عَلَى اعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَإِلْغَاءِ الْأَصْلِ فِي الْبَيِّنَةِ إذَا شَهِدَتْ، فَإِنَّ الْغَالِبَ صِدْقُهَا وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُدَّعِي مَنْ إذَا سَكَتَ تُرِكَ وَسُكُوتُهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ إذَا سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ وَسُكُوتُهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ الْمُدَّعِي مَنْ ادَّعَى أَمْرًا خَفِيًّا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اخْتِلَافِ الْحَدَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ تُعْرَضُ، بَلْ هَا هُنَا مَا هُوَ آكَدُ وَاعْتِبَارُهُ أَنْفَعُ مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ، فَإِنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي مُقْتَضَى النَّظَرِ، وَلَا تَرَدُّدَ فِي ذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ إذَا لَمْ يُعَارِضْ الْحَالُ الْحَالَ، وَلَكِنْ قَدْ يَعْتَرِضُ حَالَانِ اسْتِصْحَابَ أَحَدِ مَا يُضَادُّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ الْآخَرِ، فَهَاهُنَا يَقَعُ الْإِشْكَالُ، فَيَخْتَلِفُ أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي تَمْيِيزِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَفْتَقِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى تَرْجِيحِ الْحَالَةِ الَّتِي اسْتَصْحَبَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مُكْرِي دَارٍ زَعَمَ بَعْدَ إنْفَاقِهِ هُوَ وَالْمُكْتَرِي عَلَى أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا أَنَّهَا انْهَدَمَتْ شَهْرَيْنِ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الدَّارِ، وَعَلَى قَوْلِ الْمُكْتَرِي تَكُونُ مُدَّةُ الْهَدْمِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَالْغَرَامَةِ فَيُسْتَصْحَبُ ذَلِكَ، وَإِذَا اسْتَصْحَبْنَاهُ كَانَ الْمُكْتَرِي هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ
الْآخَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ أَوْجَبَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي، وَالْمُكْتَرِي يَدَّعِي إسْقَاطَ بَعْضِهِ فَلَا يُصَدَّقُ اسْتِصْحَابًا لِحَالِ كَوْنِ الْكِرَاءِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَاسْتِصْحَابًا لِكَوْنِ الدَّارِ صَحِيحَةً.
وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ عِنْدَنَا عَلَى قَوْلَيْنِ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ رَجُلٍ دَنَانِيرَ فَلَمَّا طَلَبَهُ بِهَا دَافِعُهَا زَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَهَا عَنْ سَلَفٍ كَانَ أَسْلَفَهُ لِدَافِعِهَا، وَقَالَ دَافِعُهَا بَلْ أَنَا أَسْلَفْتُك إيَّاهَا وَمَا كُنْت أَنْتَ أَسْلَفْتَنِي شَيْئًا قَطُّ، فَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ لَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَسُكُوتُهُ وَجَدْنَا هَا هُنَا الدَّافِعَ هُوَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ لَتُرِكَ وَسُكُوتُهُ، وَالْقَابِضُ لَوْ سَكَتَ عَنْ جَوَابِ الطَّالِبِ مَا تُرِكَ وَسُكُوتُهُ، وَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى الْأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ دَعْوَى الْأَمْرِ الْجَلِيِّ أَوْ الْخَفِيِّ، فَإِنَّا إذَا اسْتَصْحَبْنَا كَوْنَ الدَّافِعِ بَرِيءَ الذِّمَّةِ مِنْ سَلَفِ هَذَا الْقَابِضِ صَدَّقْنَا الدَّافِعَ وَجَعَلْنَاهُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السَّلَفُ الَّذِي الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا حَالَ الْقَابِضِ، وَأَنَّ الْأَصْلَ أَيْضًا فِيهِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ فَلَا يُؤْخَذُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ، جَعَلْنَا الْقَابِضَ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ إلَّا عِنْدَ تَصَادُمِ مُقْتَضَى الْأَحْوَالِ، فَيَفْتَقِرُ إلَى تَرْجِيحِ اسْتِصْحَابِ أَحَدِ الْحَالَيْنِ عَلَى الْآخَرِ.
وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ وُلِّيتُ الْقَضَاءَ وَعِنْدِي أَنِّي لَا أَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَةِ مَا يَتَخَاصَمُ إلَيَّ فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا ارْتَفَعَ إلَيَّ خَصْمَانِ أَشْكَلَ عَلَى مِنْ أَمْرِهِمَا مَنْ الْمُدَّعِي وَمَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى هَذَا الَّذِي نَبَّهَنَا عَلَيْهِ، وَلِلْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي بَابِ كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَالدَّوَابِّ فَصْلٌ فِي تَمْيِيزِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَضَمَّنَهُ فَوَائِدَ تَرَكْنَا ذِكْرَهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ، فَبِهَذِهِ الْوُجُوهِ وَمَا أَشْبَهَهَا صَعُبَ عِلْمُ الْقَضَاءِ وَدَقَّ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ بِأَمْثِلَةٍ ذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا بَلَغَ الْيَتِيمُ وَرَشَدَ وَطَلَبَ مِنْ الْوَصِيِّ مَالَهُ الَّذِي لَهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَالْيَتِيمُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ صَارَ بِسَبَبِ طَلَبِهِ مُدَّعٍ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَالْوَصِيُّ الْمَطْلُوبُ هُوَ الْمُدَّعِي لِرَدِّ الْمَالِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَمَرَ الْأَوْصِيَاءَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْأَيْتَامِ إذَا بَلَغُوا وَدَفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى الدَّفْعِ بَلْ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالْإِنْفَاقِ خَاصَّةً، فَالْوَصِيُّ مَطْلُوبٌ وَهُوَ مُدَّعٍ وَالْيَتِيمُ طَالِبٌ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ لَا يُقْبَلُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا مَا أَشْبَهَ الصِّدْقَ.