الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ بِخُصُوصِهِ، فَهَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ سَمَاعُ شَاهِدَيْنِ يُؤَدِّيَانِ شَهَادَتَهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ يَمُوتُ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ أَوْ يُعْزَلُ الْقَاضِي؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ سَمِعُوا أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا وَهِيَ شَهَادَةٌ تَامَّةٌ، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَفِيهِ بُعْدٌ لِحُصُولِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ قَطْعًا فِيمَا يَجِبُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَمَا لَا يَجِبُ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إذَا سَمِعَهُ يُشْهِدُ غَيْرَهُ، فَهَلْ يُشْهِدُ هَذَا السَّامِعَ؟ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ.
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَمَنْ سَمِعْته يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ، وَلَمْ يُشْهِدْك فَاشْهَدْ بِمَا سَمِعْت إنْ كُنْت سَمِعْته يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُشْهِدَك، إذْ لَعَلَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّك تَنْقُلُهَا عَنْهُ لَزَادَ أَوْ نَقَصَ، وَإِنَّمَا تَشْهَدُ بِمَا سَمِعْت مِنْ قَذْفٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ، بِخِلَافِ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامٌ مُسْتَقْصًى.
فَرْعٌ وَلَا تَشْهَدْ بِقَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا حَتَّى يُشْهِدَك، قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ.
فَرْعٌ فَلَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ: أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ عِنْدِي وَشَهِدَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَهِيَ شَهَادَةٌ جَائِزَةٌ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ.
مَسْأَلَةٌ اُخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْأَبِ عَلَى شَهَادَةِ ابْنِهِ، وَشَهَادَةِ الِابْنِ عَلَى شَهَادَةِ أَبِيهِ، فَفِي الْوَاضِحَةِ جَوَازُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ، وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ، وَشَهَادَتِهِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَبَيْنَ شَهَادَتِهِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، اُنْظُرْ الْبَيَانَ فِي الْأَقْضِيَةِ.
[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَةِ]
فَصْلٌ اعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا تُسْمَعُ إلَّا بِمَوْتِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ غِيبَتِهِ بِمَكَانِ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ إنَّمَا أُبِيحَ مَعَ الضَّرُورَةِ وَلَا يُبَاحُ مَعَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّقْلَ عَنْهُمْ مَعَ حُضُورِهِمْ مُشْعِرٌ بِرِيبَةٍ، وَيَقَعُ الشَّكُّ فِي صِدْقِهِمْ، لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونُوا إنَّمَا تَأَخَّرُوا عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ،
خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَفْسِرَهُمْ الْحَاكِمُ اسْتِفْسَارًا يَتَخَيَّرُونَ فِي الْجَوَابِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُتَّقَى، وَأَيْضًا فَإِنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ لِلْقَاضِي مِنْ سَمَاعِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ، أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْحَاصِلِ لَهُ مِنْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَضْعَفِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَقْوَى.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَصُورَةُ نَقْلِ الشَّهَادَةِ عَنْ الْمَرِيضِ، أَنْ يَكْتُبَ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ، أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَهُمَا لِمَرَضِهِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ أَنَّ شَهَادَتَهُ الْوَاقِعَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَقٌّ حَسَبَ وُقُوعِهَا فِيهِ، قَالَ وَمَا يَكْتُبُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَسُؤَالُهُمَا نَقْلَهَا عَنْهُ جَهْلٌ لَا يَجِبُ عَمَلُهُ.
فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا يُنْقَلُ فِي الْحُدُودِ إلَّا فِي غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ، فَأَمَّا الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةِ فَلَا قَالَ ابْنُ عَبْدُ السَّلَامِ: يَعْنِي إذَا غَابَ عَنْ مَوْضِعِهِ هَذَا الْقَدْرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ عَنْ قُرْبٍ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَأَمَّا مَنْ كَانَ مَوْضِعُهُ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَلَا يُشَخِّصُ وَيَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْهُ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ يُقْصَرُ فِي مِثْلِهَا الصَّلَاةُ أَوْ السِّتِّينَ مِيلًا، كَتَبَ الْقَاضِي إلَى رَجُلٍ تَشْهَدُ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ حَدٍّ وَلَا غَيْرِهِ.
فَرْعٌ أَمَّا الْمَرْأَةُ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْهَا مَعَ حُضُورِهَا فِي الْبَلَدِ لِمَا يَنَالُهَا مِنْ الْكَشْفِ وَالْمَشَقَّةِ، قَالَ مُطَرِّفٌ: لَمْ أَرَ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةً قَطُّ أَدَّتْ وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَنْهَا وَهُوَ صَوَابٌ، وَأَبَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَلَمْ يَرَيَا لِلنِّسَاءِ مَدْخَلًا فِي النَّقْلِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى شَهَادَةٍ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ غَيْرُ الْمَالِ، وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ.
فَرْعٌ فَلَوْ تَغَيَّرَتْ حَالُ شَاهِدِ الْأَصْلِ بَعْدَ الْإِذْنِ، مِثْل أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِسْقٌ أَوْ تَحْدُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِيَّةِ مُقَدِّمَتِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَوْ تَغَيَّرَتْ حَالُ الْأَصْلِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْعَدَالَةِ، فَهَلْ لِلشَّاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ الْآنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ الْإِذْنَ فِي الشَّهَادَةِ وَالنَّقْلِ عَنْهُ؟ قَالَ الْمَازِرِيُّ: فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ.
فَرْعٌ وَلَيْسَ عَلَى شُهُودِ النَّقْلِ تَزْكِيَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ، لَكِنْ إنْ زَكَّوْهُمْ صَحَّتْ.
مَسْأَلَةٌ إذَا دُعِيتَ أَنْ تَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِك فَلَكَ أَنْ لَا تَفْعَلَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي حَبْسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يُرَادُ تَأْبِيدُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِك، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بِدَيْنٍ مُنَجَّمٍ سِنِينَ كَثِيرَةً.
مَسْأَلَةٌ وَإِذَا أَشْهَدْت عَلَى شَهَادَتِك، فَلَكَ أَنْ تُشْهِدَ مُعَدَّلًا وَغَيْرَ مُعَدَّلٍ، فَإِذَا صَارَتْ فِيهِ أَوْصَافُ الْعَدَالَةِ نَفَذَتْ، وَقَدْ كَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ يَشْهَدُ فِي الْأَحْبَاسِ، وَشَبَهِهَا صِبْيَانُ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ مَا يَكْتُبُونَ.
فَرْعٌ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِنَّ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ وَلِيَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ مُطْلَقًا، وَأَجَازَ أَصْبَغُ نَقَلَ امْرَأَتَيْنِ عَنْ امْرَأَتَيْنِ فِيمَا يَنْفَرِدْنَ بِهِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا تُجْزِئُ فِيهِ النِّسَاءُ إلَّا بِهِ.
فَرْعٌ وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فِي عَقْدٍ، سَقَطَتْ مِنْهُ مَعْرِفَةُ الْمُشْهَدِ عَلَى نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَامٌّ؛ لِأَنَّ الْمُشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِهِ إلَّا وَقَدْ عَرَفَ الْمُشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ.
فَرْعٌ وَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى شَهَادَةِ قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَهُمْ، فَشَهَادَتُهُمْ مَرْدُودَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عُدُولًا، اُنْظُرْ الْبَيَانَ.
وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّيُوخِ: فِي شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ أَشْهَدَتْنِي، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي شَهَادَتِهِ أَنَّهُ يَعْرِفُهَا بِالْعَيْنِ وَالِاسْمِ أَنَّ الشَّهَادَةَ تَامَّةٌ، وَقَوْلُهُ: أَشْهَدَتْنِي فُلَانَةُ مَعْرِفَةٌ لَا مَحَالَةَ فِيهَا.
فَرْعٌ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، وَلَوْ كُنَّ أَلْفًا إلَّا مَعَ رَجُلٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
فَرْعٌ فَإِذَا أَشْهَدَ الْأَصْلُ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَكَانَ تَارِيخُهَا قَدِيمًا أَقْدَمُ مِنْ وَقْتِ إشْهَادِهِمَا، فَلَا تَحْتَاجُ شُهُودُ الْفَرْعِ أَنْ يُؤَرِّخُوا
شَهَادَتَهُمْ وَتَرْكُ التَّارِيخِ لَا يَضُرُّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ عَتَّابٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمُعَيْطِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الدَّبَّاغِ وَابْنُ الْقَطَّانِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَكَذَا رَأَيْت الْعَمَلَ بِقُرْطُبَةَ، وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَشَهِدَ عَلَى إشْهَادِهِمَا بِذَلِكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَرَأَيْتُ أَهْلَ إشْبِيلِيَّةَ يُؤَرِّخُونَ وَقْتَ إشْهَادِ الشُّهُودِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ.
وَفِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ قِيلَ: لَا بُدَّ لِلشَّاهِدِ مِنْ أَنْ يُؤَرِّخَ شَهَادَتَهُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا أَشْهَدَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحُكَّامُ مِنْ تَسْجِيلِهِمْ. وَالثَّانِي إشْهَادُ الشُّهُودِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عَلَى خِلَافٍ.
مَسْأَلَةٌ وَيَكْفِي فِي صِحَّةِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ - فِيمَا عَدَا الزِّنَا - أَنْ يَكُونَ النَّاقِلَانِ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ النَّاقِلَيْنِ صَارَ الْحَقُّ، إنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ.
مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى عِلْمِهِ فِي حَقٍّ، وَشَهِدَ هُوَ وَآخَرُ عَلَى رَجُلٍ يَنْقُلَانِ فِي ذَلِكَ الْحَقَّ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا أَحْيَا الشَّهَادَةَ، وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى عِلْمِ نَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا وَثَالِثٌ عَلَى شَهَادَةِ الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا أَحْيَا شَهَادَتَهُمَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ جَمَعَ الِاثْنَيْنِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ آخَرُ يَنْقُلُ مَعَهُمَا لَجَازَ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَعَ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَنْقُلُ عَنْ رَجُلٍ؟ فَهَذَا أَقْوَى، ثُمَّ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ نَقْلَا عَنْ وَاحِدٍ، يَصِحُّ نَقْلُهُمَا عَنْ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ آخَرَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ وَكَذَلِكَ يَنْقُلُ اثْنَانِ كِلَاهُمَا عَنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ، وَيَنْقُلَانِ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ فَقَطْ، وَيَثْبُتُ الْحَقُّ مَعَ يَمِينِ الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ قِيَامِ شَاهِدٍ آخَرَ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَجُوزُ نَقْلُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَأَمَّا فِي الزِّنَا فَيُكْتَفَى بِأَرْبَعَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ، أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ.
وَقَالَ: أَمَّا إنْ تَفَرَّقُوا فَثَمَانِيَةٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا.