الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ وَلَا يُحْكَمُ بِاللِّعَانِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَمْلِ، بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ، إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ مَكَّنَّهُ مِنْ اللِّعَانِ.
فَرْعٌ: وَتَحْلِفُ الذِّمِّيَّةُ فِي كَنِيسَتِهَا لَا فِي الْمَسْجِدِ.
فَرْعٌ: وَيَحْلِفُ الْمَرِيضُ بِمَوْضِعِهِ بِمَحْضَرِ عُدُولٍ يَبْعَثُهُمْ الْحَاكِمُ.
فَرْعٌ وَتُؤَخَّرُ الْحَائِضُ بَعْدَ لِعَانِ زَوْجِهَا حَتَّى تَطْهُرَ.
تَنْبِيهٌ وَلَا يَكُونُ اللِّعَانُ إلَّا بِمَجْلِسِ الْحَاكِمِ أَوْ فِي مَجْلِسِ رَجُلٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ.
مَسْأَلَةٌ: وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ التَّحَالُفِ دُونَ حُكْمِ حَاكِمٍ، قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَقَعُ حَتَّى يُفَرِّقَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ اللِّعَانِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْرَيَا عَلَى سُنَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنَّهُمَا لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا.
وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ طَلَّقَهَا الْإِمَامُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا بَعْدَ زَوْجٍ.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ: وَفُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ ثَلَاثٌ، وَيَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَفِي الْجَلَّابِ فُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَالْمَشْهُورُ مَا قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالِاتِّهَامِ وَأَيْمَانِ التُّهْمَةِ]
مَسْأَلَةٌ وَفِي الطُّرَرِ، لَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّهْنَ مِنْ قَرِيبِ الرَّاهِنِ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ سَبَبِهِ، وَلَا لِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ، وَلَا لِأَحَدٍ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ اكْتَرَى ذَلِكَ لِرَبِّ الدَّارِ، فَإِنْ أَكْرَاهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ أَكْرَاهُ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ خَرَجَ الرَّهْنُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا لِلتُّهْمَةِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ مِنْ إجَارَتِهِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُخْتَلِطَةِ.
مَسْأَلَةٌ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَنْ أَشْهَدَ وَهُوَ صَحِيحٌ، أَنَّهُ اشْتَرَى لِابْنِهِ هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِينَارٍ مِنْ ابْنِهِ فِي زَعْمِهِ، وَأَشْهَد أَنَّهُ إنَّمَا يُكْرِيهَا وَيَغْتَلُّهَا لَهُ وَبِاسْمِهِ، ثُمَّ يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي حِجْرِهِ، وَلَا يُعْلَمُ لِابْنِهِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَهُوَ تَوْلِيجٌ وَهِيَ مِيرَاثٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.
فَرْعٌ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ هَذَا لِابْنِهِ مِمَّا وِرْثَهُ عَنْ أُمِّهِ وَلَا بَيِّنَةَ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ لَهَا مَالٌ أَوْ عَرْضٌ وَكَانَ أَمْرًا بَيِّنًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ.
مَسْأَلَةٌ وَمَنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنِّي بِعْت مَنْزِلِي هَذَا مِنْ امْرَأَتِي أَوْ ابْنِي بِمَالٍ عَظِيمٍ، وَلَمْ يَرَ أَحَدٌ مِنْ الشُّهُودِ الثَّمَنَ، وَلَمْ تَزَلْ الدَّارُ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ مَاتَ، قَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَيْسَ هَذَا بَيْعًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْلِيجٌ وَخَدِيعَةٌ وَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ.
قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَقَدْ قَالُوا فِي الْأَبِ يَبِيعُ مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ مِلْكًا، ثُمَّ يَقُومُ إخْوَتُهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُ تَوْلِيجٌ مِنْ أَبِيهِمْ، إنْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ قَبَضَ الثَّمَنَ بِالْمُعَايَنَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الِابْنِ، وَإِلَّا فَفِي الْيَمِينِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. ثَالِثُهَا: إنْ أَثْبَتُوا مَيْلَ أَبِيهِمْ إلَيْهِ دُونَهُمْ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا.
وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّوْلِيجِ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ حَضَرْنَا وَقْتَ الْعَقْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ الْبَيْعَ وَأَضْمَرَ الْوَلِيجَةَ، وَلَا يَثْبُتُ التَّوْلِيجُ إلَّا بِإِقْرَارِ الْمُولَجِ إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْأَبِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ إلَّا الْيَمِينُ.
فَرْعٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ بَاعَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْكَبِيرَ أَوْ أَجْنَبِيًّا دَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُ بِثَمَنٍ ضَعِيفٍ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ وَهِيَ ثَمَانُمِائَةٍ، وَلَا تَزَالُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَمُوتَ، قَالَ لَيْسَ هَذَا بَيْعًا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطِيَّةِ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَتُرَدُّ الدَّنَانِيرُ إلَى رَبِّهَا وَهُوَ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَبْعَدُ تُهْمَةً إلَّا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَرْدُودٌ مَا لَمْ يُشْبِهْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أَوْ مُقَارِبًا، أَوْ مُشْكِلًا فَيَمْضِي عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ.
فَرْعٌ وَعَنْ سَحْنُونٍ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ إلَيْهِ شُرَيْحٌ الْقَاضِي، فِيمَنْ بَاعَ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ شَيْئًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَبَضَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بِمَحْضَرِ الْبَيِّنَةِ، وَشَهِدَ أَنَّهُ قَبَضَ الْجَمِيعَ، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا فَكَتَبَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فَإِنْ اسْتَرَابَ أَمْرًا وَخَافَ أَنْ يَكُونَ عَمِلَ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي نَظَرَ فِيهِ، وَكَشَفَ وَسَأَلَ وَالْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَضْعَفُ، فَلَمَّا أَنْ صَحَّ
الْآمِرُ وَلَمْ يَكُنْ الدَّافِعُ مَعْرُوفًا، وَلَا عَرَفَتْ الْبَيِّنَةُ إلَّا أَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي كِتَابِ الشِّرَاءِ، فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكِتَابِ إبْرَارُ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ مِنْ ابْنِ سَهْلٍ.
مَسْأَلَةٌ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَ الْإِشْهَادِ، فَفِي الطُّرَرِ أَنَّ إقْرَارَهُ وَإِشْهَادَهُ وَعَدَمَ إشْهَادِهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ.
وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ ذَلِكَ لَهَا وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ لَهَا بِذَلِكَ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْيَمِينِ، وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ كَانَ يُفْتِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا، إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مَا تَجِبُ بِهِ عَلَيْهَا الْيَمِينُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ فِي صِحَّتِهِ حِينَ الْإِشْهَادِ، وَأَمَّا إنْ أَشْهَدَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْإِشْهَادُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَأَفْتَى ابْنُ زَرْبٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهِ أَوْ مِنْ زِيِّهِمَا فَلَا تَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهَا.
وَأَفْتَى ابْنُ وَضَّاحٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ عَامِلٌ إلَّا فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَمَا كَانَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ زِيِّهِ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ فَهُوَ مَوْرُوثٌ، إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ، وَيُعَايِنَ الشُّهُودُ ذَلِكَ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الطُّرَرِ، إذَا حَضَرَتْ الرَّجُلَ الْوَفَاةُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ عَرِيضٌ، فَذَكَرَ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ مِنْ مَالِهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ صُدِّقَ وَإِنْ كَانَ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ نُظِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَجُوزُ جَعَلَهَا إقْرَارًا.
مَسْأَلَةٌ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ فِي رَجُلٍ تَرَدَّدَ عَلَى الْقَاضِي مُشْتَكِيًا بِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ حِينًا، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَكِي بِالرَّجُلَيْنِ دَعْوَى، فَسَأَلَهُ الْقَاضِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، فَسَمَّى الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ اشْتَكَى بِهِمَا الْمَطْلُوبُ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: هَلْ لَك غَيْرُهُمَا؟ فَقَالَ لَا فَاسْتَرَابَ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ وَسَأَلَ الْفُقَهَاءَ فَأَجَابُوهُ بِأَنَّ التَّثْبِيتَ فِي الشُّهُودِ مِنْ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ وَأَحَقِّهَا، لِمَا ظَهَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَاَلَّذِي اسْتَرَابَ الْقَاضِي مِنْهُ مَحَلُّ رِيبَةٍ إلَّا فِي الْعُدُولِ الْمُبَرَّزِينَ فِي الْعَدَالَةِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْفَضْلِ وَالْخَيْرِ وَاسْتِقَامَةِ الطَّرِيقَةِ عَلَى طُولِ الْأَيَّامِ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ شَهَادَةَ مِثْلِ هَؤُلَاءِ لَا يُسْقِطُهَا إلَّا التَّجْرِيحُ بِالْعَدَاوَةِ اُنْظُرْ أَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ.
مَسْأَلَةٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ فَإِنْ اُتُّهِمَ أَنَّهُ أَرَادَ غِنَاءَ وَلَدِ الْمَقْتُولِ، كَالْأَخِ وَالصِّدِّيقِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَبَاعِدِ صُدِّقَ إنْ كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا، وَلَمْ يُخَفْ أَنْ يُرْشَى عَلَى ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ وَلَوْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ أَوْ الْوَصِيِّ لِمَحْجُورِهِ مَالٌ، وَعَلَى الْيَتِيمِ دَيْنٌ فَادَّعَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ نَفَادَ الْمَالِ الَّذِي تَحْت يَدِهِ، وَلَمْ يُعْلَمْ نَفَادُهُ وَاتُّهِمَ عَلَى كَتْمِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ.
مَسْأَلَةٌ لَوْ أَقَرَّ لِوَلَدِهِ بِدَيْنٍ لَا يُعْرَفُ سَبَبُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا، وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ لِوَلَدِي عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ لَهُ بِهِ مَالٌ وَذَلِكَ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِوَارِثٍ فِي الصِّحَّةِ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا يُتَّهَمُ فِي إقْرَارِهِ فِي الْمَرَضِ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مُتَفَاقِمًا، وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الصِّحَّةِ لِوَارِثٍ فَرِوَايَةُ أَصْبَغَ جَوَازُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ أَصْبَغُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِوَلَدٍ لَهُ رَضِيعٍ، وَلَا يُعْرَفُ بِكَسْبٍ وَلَا فَائِدَةَ مِنْ مِيرَاثٍ دَخَلَ عَلَيْهِ صَارَ إلَى أَبِيهِ، أَوْ بِسَبَبٍ أَوْ هِبَةٍ مِنْ أَحَدٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ تَوْلِيجٌ وَهَدَرٌ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ لِكَبِيرٍ مِنْ الْمَالِ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَلَا يُثْبِتُ أَسْبَابَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كُلُّهُ وَيَكُونُ تَوْلِيجًا.
مَسْأَلَةٌ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ شُفْعَتِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَهُوَ شَاهِدٌ، وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ كَانَ مَعَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ شَاهِدٌ آخَرُ وَكَانَا عَدْلَيْنِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَائِبًا غَيْبَةً يُتَّهَمُ وَكِيلُهُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ، وَلِلْمَالِ بَالٌ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِشَهَادَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ وَفِي مَعِينِ الْحُكَّامِ وَإِذَا أَقَرَّ الْأَبُ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ، أَوْ انْعَقَدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الصَّدَاقِ، وَلَمْ تُعَايَنْ الْبَيِّنَةُ لِلْقَبْضِ لَحِقَتْهُ
التُّهْمَةُ وَلَمْ يُصَدَّقْ، كَمَا لَوْ تَحَمَّلَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ: إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ نَافِذٌ قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَدْخُلْ وَتَرَك الْأَبُ مَالًا أُخِذَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَ مَالًا، لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ إلَيْهَا سَبِيلٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ الصَّدَاقَ وَيُتْبَعُ مَالُ الْمَيِّتِ.
مَسْأَلَةٌ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَى النِّكَاحِ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُحَدَّانِ إنْ ثَبَتَ وَطْءٌ، عَالَمَيْنِ كَانَا أَوْ جَاهِلَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُهُمَا فَاشِيًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا لَمْ يُعْذَرْ بِالْجَهَالَةِ حُدَّا، وَشَهَادَةُ الْوَلِيِّ لَهُمَا بِالنِّكَاحِ لَا تُفِيدُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يُرِيدَ السَّتْرَ عَلَى وَلِيَّتِهِ.
مَسْأَلَةٌ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَتَّهِمُ خَتَنَهُ، يَعْنِي زَوْجَ بِنْتِ امْرَأَتِهِ بِإِفْسَادِ أَهْلِهِ، فَيُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، أَوْ يَمْنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَّهَمَةً مُنِعَتْ بَعْضَ الْمَنْعِ لَا كُلَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَّهَمَةٍ لَمْ تُمْنَعْ الدُّخُولَ عَلَى ابْنَتِهَا.
مَسْأَلَةٌ وَطَلَاقُ الْمَرِيضِ وَخُلْعُهُ جَائِزٌ، وَيَصِحُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْ الزَّوْجَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ قَبْلَ ظُهُورِ صِحَّتِهِ، وَرِثَتْهُ الْمَرْأَةُ بَائِنًا كَانَ الطَّلَاقُ أَوْ رَجْعِيًّا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْقَعَهُ هُوَ أَوْ الزَّوْجَةُ بِتَمْلِيكٍ أَوْ تَخْيِيرٍ، أَوْ كَانَتْ يَمِينًا فِي الصِّحَّةِ حَنِثَ بِهَا فِي الْمَرَضِ وَتَرِثُهُ أَبَدًا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا سِوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَفِرَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْهَا.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَوَرِثَتْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ.
مَسْأَلَةٌ وَالشَّاهِدَانِ إذَا تَفَرَّدَا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي الصَّحْوِ فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ، فَقِيلَ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهُمَا رِيبَةٌ تُرَدُّ بِهَا شَهَادَتُهُمَا، وَقِيلَ تُقْبَلُ اُنْظُرْ ابْنَ بَشِيرٍ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ خَاصَمَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ لَهُ، فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى تُهْمَتِهِ فَرْعٌ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ الَّتِي يَجُرُّ بِهَا أَوْ يَدْفَعُ، وَكَذَلِكَ أَكِيدُ الشَّفَقَةِ أَوْ السَّبَبِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ الْعَدَاوَة الدُّنْيَوِيَّةُ تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ الْحِرْصُ عَلَى زَوَالِ التَّعْبِيرِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا: إظْهَارُ الْبَرَاءَةِ مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ، ثُمَّ يَشْهَدُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَنْ صَارَ عَدْلًا، فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى دَفْعِ عَارِ التَّكْذِيبِ، وَكَذَلِكَ إذَا رُدَّتْ لِكُفْرِهِ أَوْ صِبَاهُ أَوْ رِقِّهِ.
الثَّانِيَةُ: قَصْدُ التَّسَلِّي وَالتَّأَسِّي، كَشَهَادَةِ الْمَقْذُوفِ فِي الْقَذْفِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ الْحِرْصُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ، فَالتَّحَمُّلُ كَالْمُخْتَفِي فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ، وَقَيَّدَهُ مُحَمَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَخْدُوعٍ وَلَا خَائِفٍ وَلَا ضَعِيفٍ.
وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْأَدَاءِ، فَمِثْلُ أَنْ يَبْدَأَ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ طَلَبِ صَاحِبِهَا وَهُوَ حَاضِرٌ عَالَمٌ بِهَا وَالْحَقُّ مَالٌ، فَإِنْ أَدَّاهَا سَقَطَتْ، وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى شَهَادَتِهِ إذَا شَهِدَ بِهَا، وَذَلِكَ قَادِحٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ دَالَّةٌ عَلَى التَّعَصُّبِ وَشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى إنْفَاذِهَا.
مَسْأَلَةٌ وَلِأَجْلِ التُّهْمَةِ اشْتَرَطُوا التَّبْرِيزَ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ، فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا مِنْ الْعَدْلِ الْمُبَرَّزِ. شَهَادَةُ الْمَوْلَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ، وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ لِصَدِيقِهِ، وَالشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ لِشَرِيكِهِ، وَإِذَا زَادَ الشَّاهِدُ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ شَهِدَ بِهَا، وَإِذَا سُئِلَ عَنْهَا فِي الْمَرَضِ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهَا، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا وَذَكَرَ الْمَانِعَ مِنْ شَهَادَتِهِ فِي مَرَضِهِ، وَشَهَادَةُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ قَوِيَّةٌ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ الِاسْتِبْعَادُ سَبَبٌ فِي التُّهْمَةِ، مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ فِي الْحَاضِرَةِ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ