الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْوَكِيلَ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ، وَحِينَئِذٍ يُقْضَى لَهُ، قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا حَلَفَ الْوَكِيلُ هُنَا؛ لِأَنَّ لَهُ أُجْرَةً عَلَى تَقَاضِي الدَّيْنِ.
وَفِي الْمَذْهَبِ لِابْنِ رَاشِدٍ: وَإِذَا كَانَتْ مُخَاصِمَةُ الْمَطْلُوبِ مَعَ وَكِيلِ الطَّالِبِ فَقَالَ مُوَكِّلُك أَبْرَأَنِي، فَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: يَحْلِفُ الْوَكِيلُ مَا عَلِمَ بِبَرَاءَتِهِ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَكِّلُهُ قَرِيبًا فَيَكْتُبُ إلَيْهِ فَيَحْلِفُ.
تَنْبِيهٌ: وَهَذَا حُكْمُ الْوَكِيلِ الْقَائِمِ بِالْوِكَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْقَائِمُ عَلَى الْغَرِيمِ هُوَ ابْنُ صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَقُلْنَا لَهُ الْقِيَامُ وَالطَّلَبُ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ، فَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَعَجَزَ عَنْ آخَرَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ الشَّاهِدِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَحَلَفَ الْغَرِيمُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ الْآنَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أُخِذَ الْحَقُّ مِنْهُ مُعَجَّلًا.
[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِشَاهِدِ الْمُفْلِسِ وَيَمِينِ الْغُرَمَاءِ]
وَإِذَا شَهِدَ لِلْمُفْلِسِ بَعْدَ فَلَسِهِ شَاهِدٌ بِحَقٍّ، وَنَكَلَ الْمُفْلِسُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ مَعَهُ الْغُرَمَاءُ وَأَخَذُوهُ، فَإِنْ نَكَلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَاصَّ فِيمَا أَخَذَ مَنْ حَلَفَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَكُونُ لِمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَكُونُ جَمِيعُ الدَّيْنِ بَيْنَ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ.
مَسْأَلَةٌ: وَاخْتُلِفَ إذَا أَقَامَ الْمُفْلِسُ شَاهِدًا أَنَّهُ قَضَى بَعْضَهُمْ، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ هَلْ يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ مَعَ الشَّاهِدِ أَمْ لَا؟ تَنْبِيهٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: وَإِنَّمَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ عَلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، وَلَيْسَ عَلَى مَا يَنُوبُهُ مِنْهُ، وَمَنْ نَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ بَعْدَ نُكُولِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَيَحْلِفُ أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ؟ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُمَكَّنُ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَحْلِفَ، وَلَا يُقَالُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ: أَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ بِنُكُولٍ، وَلَيْسَ كَنُكُولِهِ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّ الْغَرِيمَ سَيَحْلِفُ، وَيَكْفِينَا عَنْ الْحَلِفِ أَوْ أَرَدْت أَنْ أَكْشِفَ عَنْ عِلْمٍ ذَلِكَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
فَرْعٌ: وَفِي الْوَاضِحَةِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ الشَّاهِدِ، وَيَأْخُذُوا ذَلِكَ الدَّيْنَ فِي حُقُوقِهِمْ مَا كَانَ قَائِمَ الْوَجْهِ وَلَمْ يُفْلِسْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ، فَنُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ فَأَمَّا إنْ أَفْلَسَ حَتَّى لَا يَجُوزَ إقْرَارُهُ، فَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يَحْلِفُوا إذَا نَكَلَ وَيَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا هَلَكَ رَجُلٌ وَلَهُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ، فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ الشَّاهِدِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّيْنَ فَإِذَا حَلَفُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ، قَضَى مِنْهُ الدَّيْنَ وَأَخَذُوا الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ إجْبَارُهُمْ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِمْ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا فَتَرَكُوهَا، إلَّا أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ يَفْضُلُ لِصَاحِبِنَا فَضْلٌ، وَنَعْلَمُ أَنَّ نُكُولَهُمْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، فَيَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ بَطَلَ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَمْ يَجُزْ عَنْهُ يَمِينُ غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَمْ تَجُزْ يَمِينُ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فَضْلٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: إنَّمَا بَدَأَ الْوَرَثَةُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَكُنْ ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ لِلْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا مَعْرُوفًا، كَانُوا هُمْ الْمُبْدِئِينَ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ دُونَ الْوَرَثَةِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سَمِعْت مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ خَطَأً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ، فَيَأْبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْتَسِمُوا، أَنَّ لِأَهْلِ دِيَتِهِ أَنْ يَقْتَسِمُوا وَيَأْخُذُوا دِيَتَهُ فِي دَيْنِهِمْ، إذَا كَانَ دَيْنُهُمْ يُحِيطُ بِدِيَتِهِ، وَيَنْزِلُونَ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْوَرَثَةِ إذَا أَقْسَمَ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ.
وَقَالَهُ أَصَبْغُ وَابْنُ نَافِعٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ فَيَشْهَدُ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِدَفْعِ بَعْضِ الدُّيُونِ، فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ شَاهِدِ غَرِيمِهِمْ أَوْ كَانُوا وَرَثَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِغَرِيمِهِمْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى دَيْنِهِ، هُنَالِكَ يَحْلِفُونَ أَنَّ حَقَّهُمْ حَقٌّ، وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَهُنَا لَوْ حَلَفُوا فَإِنَّمَا