الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .
مَسْأَلَةٌ: وَفِي " الْمُتَيْطِيَّةِ " وَلَا تَكُونُ الْخُلْطَةُ فِي دَعْوَى بَيْعِ الْعَقَارِ بِالْمُبَايَعَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ إلَّا بِشُبْهَةٍ وَهُوَ الشَّاهِدُ الْعَدْلُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
تَنْبِيهٌ: وَثُبُوتُ الْخُلْطَةِ يُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي دَعْوَى السَّلَفِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُقَارَضَةِ أَوْ الشَّرِكَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الشُّهُودُ، وَلِذَلِكَ يُحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِ الْأَمَدِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْحَبْسِ وَشَهَادَةُ الضَّرَرِ لِلِاخْتِلَافِ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مُدَّةِ الْأَمَدِ الَّذِي تُحَدِّدُهُ الشُّهُودُ لِلْخُلْطَةِ لَمْ تَجِبْ الْيَمِينُ فِيهِ إلَّا ثُبُوتَ الْخُلْطَةِ فِي مُدَّةِ الدَّعْوَى، وَلَا تَجِبُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخُلْطَةِ يَمِينٌ فِي دَعْوَى مُبَايَعَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عُرُوضٍ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّمَا تُرَاعَى الْخُلْطَةُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ مِنْ الْحُقُوقِ، وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الْمُعَيَّنَةُ الَّتِي يَقَعُ التَّدَاعِي فِيهَا بَيْنَهُمَا، فَالْيَمِينُ لَاحِقَةٌ مِنْ غَيْرِ خُلْطَةٍ، وَقِيلَ لَا تَجِبُ الْيَمِينُ إلَّا بِالْخُلْطَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَهَذَا أَبْيَنُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ إنَّمَا رَآهَا الْعُلَمَاءُ لِلْمَضَرَّةِ الدَّاخِلَةِ لَوْ سُمِعَ مِنْ كُلِّ مُدَّعٍ.
[فَصْلٌ تَجِبُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى دُونَ خُلْطَةٍ فِي مَوَاضِعَ]
تَجِبُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى دُونَ خُلْطَةٍ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: أَهْلُ التُّهَمِ وَالْعَدَاءِ وَالظُّلْمِ. وَمِنْهَا الصُّنَّاعُ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ أَنَّهُمْ اسْتَصْنَعُوهُمْ، وَكَذَلِكَ هِيَ عَلَى أَهْلِ الْأَسْوَاقِ وَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ، فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ بَاعُوهُ مِمَّا يُدِيرُونَهُ وَيَتَّجِرُونَ فِيهِ دُونَ خُلْطَةٍ أَيْضًا، وَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ مَا يُدِيرُهُ وَلَا يَتَّجِرُ بِهِ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا بِشُبْهَةٍ.
وَمِنْهَا: التُّجَّارُ لِمَنْ تَاجَرَهُمْ.
وَمِنْهَا: الرَّجُلُ يَحْضُرُ الْمُزَايَدَةَ فَيَقُولُ الْبَائِعُ: بِعْتُك بِكَذَا، وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ بَلْ بِكَذَا. وَمِنْهَا: الرُّفَقَاءُ فِي السَّفَرِ يَدَّعِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَمِنْهَا الرَّجُلُ يُتَضَيَّفُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ، وَمِنْهَا الرَّجُلُ يُوصِي عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، وَيُوصِي أَنْ يُتَقَاضَى مِنْهُ، قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ.
وَمِنْهَا: الْغَرِيبُ يَنْزِلُ الْمَدِينَةَ فَيَدَّعِي أَنَّهُ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا مَالًا. وَمِنْهَا إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ مُتَوَفًّى عَلَى رَجُلٍ، بِأَنَّ لِمُورَثِهِمْ مَالًا عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ نَصُّوهُ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ لِلْوَرَثَةِ دُونَ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى بِسَبَبِ مُتَوَفًّى فَهُوَ بِخِلَافِ الْحَيِّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةَ رَجُلٍ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا وَأَنْكَرَهُ صَاحِبُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهَا.
وَمِنْهَا: الْقَاتِلُ يَدَّعِي أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ عَفَا عَنْهُ فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَحْلِفُ وَأَنْكَرَهُ أَشْهَبُ. وَمِنْهَا: أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِهِ. وَمِنْهَا: لَوْ لَقِيَ رَجُلًا فَادَّعَى عَلَيْهِ بَقِيَّةَ كِرَاءٍ، حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا اكْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ صَاحِبَ الدَّابَّةِ، حَلَفَ إنْ كَانَ مُنْكِرًا ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ مِنْهَا سَبْعَةً وَبَعْضُهَا مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، وَبَعْضُهَا مِنْ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ لِلرُّعَيْنِيِّ.