الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ وَيَصْرِفَهَا فِي مُسْتَحَقِّيهَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ نَاظِرٌ أَمْ لَا؟ . وَاخْتُلِفَ هَلْ إقَامَةُ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ . وَقَالَ فِي بَابِ الْإِمَارَةِ: اُخْتُلِفَ هَلْ لِمَنْ وَلِيَ الْإِمَارَةَ الْخَاصَّةَ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْقَاضِي أَوْلَى مِنْهُ بِذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَيَخْتَصُّ بِوُجُوهٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ مِنْ الْحُكَّامِ، وَذَلِكَ النَّظَرُ فِي الْوَصَايَا وَالْأَحْبَاسِ، قَالَ ابْنُ الْأَمِيرِ: يُرِيدُ الْمُعَقَّبَةَ وَالتَّرْشِيدَ وَالتَّحْجِيرَ وَالتَّسْفِيهَ، وَالْقَسْمَ وَالْمَوَارِيثَ، وَالنَّظَرَ لِلْأَيْتَامِ، وَالنَّظَرَ فِي مَالِ الْغُيَّابِ، وَالنَّظَرَ فِي الْأَنْسَابِ. زَادَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِيسَى فَقَالَ: وَإِنِّي لَأَرَى مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالتَّدْمِيَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا، قَالَ ابْنُ الْأَمِينِ: وَالْإِثْبَاتَ وَالتَّسْجِيلَ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَلَا يَجِبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْفَعَ نَظَرًا مَنْ عِنْدَهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ، كَمَا يَرْفَعُ غَيْرُهُ مِنْ الْحُكَّامِ إلَيْهِ، فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا لَا تُرْفَعُ إلَّا إلَيْهِ، وَلَا تَكُونُ إلَّا فِي دِيوَانِهِ، وَإِذَا ضَيَّعَ الْقَاضِي ذَلِكَ كَانَتْ مِنْهُ هُجْنَةٌ، قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: وَهَذَا الَّذِي أَعْرِفُهُ وَأَقُولُ بِهِ، وَأَدْرَكْت النَّاسَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْتِيبِ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِمْ النَّظَرُ فِيهَا، وَذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ أَسْمَاءَ الشُّيُوخِ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ وَهُمْ: ابْنُ لُبَابَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ رَاوِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَخَالِدُ بْنُ وَهْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَطَرٍ، وَطَاهِرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدُ بْنُ حِمْيَرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِيسَى، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ. وَهَؤُلَاءِ شُيُوخُ الْفُتْيَا وَأَصْحَابُ الشُّورَى، وَعَنْهُمْ يَصْدُرُ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.
فَصْلٌ: وَأَمَّا غَيْرُ الْقَاضِي فَمَقْصُورٌ عَلَى مَا قَدُمَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَفِي (الْمُتَيْطِيَّةِ) أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَحْكُمُ فِيهَا صَاحِبُ الشُّرْطَةِ: التَّحْجِيرُ وَالْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَالْقَسْمُ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، وَمَا عَدَاهَا يَجُوزُ حُكْمُهُ فِيهِ.
[فَصْلٌ فِي الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ]
ِ يَكُونُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَيْنَ تَكُونُ مُحَاكَمَتُهُمَا.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ لَهُ دَارٌ بِمَكَّةَ فَيَدَّعِيهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ:
إنَّمَا تَكُونُ خُصُومَتُهُمَا حَيْثُ الدَّارُ وَالشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ فَثَمَّ يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَحُجَّتِهِ، وَيَضْرِبُ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَجَلًا حَتَّى يَأْتِيَ فَيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يُوَكِّلَ لَهُ وَكِيلًا يَقُومُ عَنْهُ فِي الْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: وَهَذَا أَيْضًا مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَابْنِ كِنَانَةَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْقَاضِيَيْنِ جَائِرًا فَالْخُصُومَةُ عِنْدَ الْأَعْدَلِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ - وَخَالَفَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ إنَّمَا تَكُونُ الْخُصُومَةُ حَيْثُ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَوْضِعِ الْمُدَّعِي، وَلَا مَوْضِعِ الْمُدَّعَى فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ بَدَأَ بِقَاضِيهِ يَعْنِي بِقَاضِي مَكَّةَ فَرَفَعَ إلَيْهِ أَمْرَهُ وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ بَيِّنَتَهُ، ثُمَّ كَتَبَ قَاضِي مَكَّةَ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُوَكِّلَ أَثْبَتَ وَكَالَةَ وَكِيلِهِ عِنْدَ قَاضِي مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَكِيلُ بِالْكِتَابِ، فَإِذَا قَدِمَ الْمُدَّعِي أَوْ وَكِيلُهُ اسْتَدْعَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ، وَأَخْرَجَ كِتَابَ قَاضِي مَكَّةَ، فَإِذَا ثَبَتَ الْكِتَابُ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ لَزِمَهُ قَبُولُ مَا فِيهِ وَقَرَأَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ الْمَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ، وَإِلَّا أَنْفَذَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ إنْفَاذُهُ.
أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ وَكِيلُهُ لَمْ يَأْتِ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ قَاضِي مَكَّةَ، وَإِنَّمَا قَدِمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ قَاضِي الْمَدِينَةِ، فَيَنْبَغِي لِقَاضِي الْمَدِينَةِ إذَا أَعْلَمَهُ الْمُدَّعِي أَنَّ بَيِّنَتَهُ بِمَكَّةَ حَيْثُ الدَّارُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ إلَى قَاضِي مَكَّةَ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ، ثُمَّ يَكْتُبَ بِذَلِكَ إلَيْهِ، وَيُؤَجِّلَ لَهُ عَلَى قَدْرِ الْمَسَافَةِ، وَوَجْهِ مَطْلَبِ الْأَمْرِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِهَذَا أَقُولُ. قَالَ فَضْلٌ: وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ لِي أَصْبَغُ، وَلَوْ أَنَّ الْمَدَنِيَّ خَرَجَ إلَى ضَيْعَتِهِ بِمَكَّةَ أَوْ جَاءَهَا حَاجًّا فَتَعَلَّقَ بِهِ الْمَكِّيُّ يُرِيدُ مُخَاصَمَتَهُ ثُمَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِي: اُنْظُرْ كُلَّ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ فِي حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَإِنَّمَا يُخَاصِمُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ فِيهِ إنْ كَانَ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَمِيرٌ يَحْكُمُ أَوْ قَاضٍ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ غَائِبًا عَنْهُ كَانَ إقْرَارُهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَأَنَا أَقُولُ بِهَذَا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ فِي دَيْنٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَقٍّ مِمَّا يَكُونُ فِي ذِمَمِ الرِّجَالِ. وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَ أَيْضًا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى فِيهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ رَأَى أَنْ يَرْفَعَ مَعَهُ إلَى حَيْثُ يَكُونُ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي قَرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْبِسَهُ لِمُخَاصَمَتِهِ فِيهِ.