الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ: إذَا صَرَّحَ بِالْإِنْكَارِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْقَائِمِ أَلَك بَيِّنَةٌ فَإِنْ أَتَى بِهَا وَقَبِلَهَا، أَعْذَرَ فِيهَا لِلْمَطْلُوبِ، فَإِنْ سَلَّمَهَا وَلَمْ يَطْعَنْ فِيهَا، أَوْ ادَّعَى فِيهَا مَدْفَعًا وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ أَمَرَهُ بِالْإِنْصَافِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ أَحْلَفَهُ لَهُ إذَا ثَبَتَتْ الْخُلْطَةُ، حَسْبَمَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْخُلْطَةِ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ بِدَعْوَى عَلَى رَجُلٍ، فَسَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ السَّبَبِ فَذَكَرَهُ، فَقَالَ الْمَطْلُوبُ: أَنَا أَحْلِفُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدِي مِنْ هَذَا السَّبَبِ، فَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِيهِ بِحَالٍ حَتَّى يَقُولَ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، قَالَ الْبَاجِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ جِهَةِ مَطْلَبِهِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَطْلُبْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يُكَلَّفْ الْيَمِينَ مُطْلَقًا، بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى سَلَفًا أَوْ بَيْعًا لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لَك عِنْدِي حَتَّى يَقُولَ لَمْ تُسَلِّفْنِي مَا تَدَّعِيهِ، أَوْ لَمْ تَبِعْ مِنَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْت رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ رُبَّمَا قَبِلَ مِنْهُ مَالَهُ عَلَى حَقٍّ، وَإِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ رَجَعَ مَالِكٌ أَخِيرًا، وَفِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
[فَصْلٌ امْتَنَعَ مِنْ الْجَوَابِ وَاسْتَمْهَلَ لِلنَّظَرِ فِي حِسَابٍ وَشِبْهِهِ]
فَصْلٌ: وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْجَوَابِ وَاسْتَمْهَلَ لِلنَّظَرِ فِي حِسَابٍ وَشِبْهِهِ أُمْهِلَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ.
الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْجَوَابِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ إذَا أَبَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَرَأَى سَحْنُونٌ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِالسَّجْنِ أَوَّلًا، فَإِنْ تَمَادَى فَبِالضَّرْبِ، وَقِيلَ إذَا أَبَى عَنْ الْجَوَابِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَعُدَّ كَالنُّكُولِ فَيُقْضَى لِلطَّالِبِ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ. .
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْجَوَاهِرِ: فَإِنْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، لَكِنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ، أَوْ قَالَ لِلْحَاكِمِ لَا أُحَاكِمُهُ إلَيْك، أَجْبَرَهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. رَوَاهُ أَشْهَبُ.
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَنَّهُ يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْأَدَبِ، قَالَ: وَبِهِ الْعَمَلُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُحَاكِمَ وَإِمَّا أَحْلَفْت هَذَا الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْت لَهُ عَلَيْك، هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تُسْتَحَقُّ بِالْيَمِينِ مَعَ النُّكُولِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ الْكَلَامِ نُكُولٌ عَنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ دَعَا خَصْمَهُ بِهَا وَحَكَمَ عَلَيْهِ إنْ تَمَادَى عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: الْمُدَّعِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلَاثٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعَى بِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَادَ إلَى الْإِنْكَارِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ وَيَحْكُمَ لَهُ بِهِ مِلْكًا بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرْ حَكَمَ عَلَيْهِ كَمَا يَحْكُمُ عَلَى النَّاكِلِ وَلَا يَنْقُضُ لَهُ الْحُكْمَ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ يُسْجَنَ لَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ يَعْرِفُ حَقِّي فَإِذَا سُجِنَ أَجَابَ وَاسْتَغْنَيْت عَنْ الْيَمِينِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ قَالَ: لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ؛ لِأَنِّي لَا أَعْرِفُ حَقِيقَةَ مَا يَدَّعِي قِيلَ لَهُ احْلِفْ أَنَّك إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ مِنْ أَجْلِ أَنَّك عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ الْأَمْرِ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلطَّالِبِ أَثْبِتْ حَقَّك، وَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ فَاخْتُلِفَ، فَقِيلَ: يُجْبَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ وَقِيلَ: إنَّهُ يَقْضِي لِلطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَقِيلَ يَقْضِي لَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ. وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ قَالَ الْمُشَاوِرُ: لَا يُوقَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْجَوَابِ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي مِنْ مَوْتِ مَنْ يَقُومُ عَنْهُ وَعِدَّةُ وَرَثَتِهِ وَتَنَاسُخِ الْوَارِثَاتِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ لَهُ فِي أَنْ يَقُولَ: إنَّ أَبَاك أَوْ جَدَّك أَوْ مَنْ تَقُومُ عَنْهُ حَيٌّ وَسَيَقُومُ وَيُقِرُّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدِي، أَوْ يَطْلُبُنِي إنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي حَقٌّ فَيُلْزِمُنِي بِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ الْوَرَثَةُ بِدُيُونٍ لَهُ أَوْ وَدَائِعَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
قُلْت: فَإِنْ قَالُوا إنَّك أَنْتَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ وَعِدَّةِ وَرَثَتِهِ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إلْزَامِ الْحُقُوقِ، وَتَوْرِيثِ زَوْجَتِهِ وَتَزْوِيجِهَا،
وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ بِذَلِكَ لَا مُقِرٌّ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ: قَدْ يَقْدُمُ صَاحِبُكُمْ فَيَأْخُذُونِي بِحَقِّهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسَّرٍ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلِ رَجُلٍ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّوْرِيثِ وَتَزْوِيجِ زَوْجَتِهِ وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ حُقُوقًا وَكَشَفَهُ عَنْ بَعْضِهَا وَسَأَلَهُ الْجَوَابَ عَمَّيْ كَشَفَهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوبُ: اجْمَعْ مَطَالِبَك كُلَّهَا حَتَّى أُجِيبَك لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ حُقُوقِهِ مَا شَاءَ وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَالَ لَهُ هَلْ لَك فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ شَيْءٌ غَيْرُ الِابْتِيَاعِ الَّذِي قُمْت بِهِ عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ خَصْمُهُ جَاوِبْنِي عَنْ الِابْتِيَاعِ أَوَّلًا، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ لَيْسَ لِي دَعْوًى غَيْرُ الِابْتِيَاعِ، وَحِينَئِذٍ يُلْزِمُ الْمَطْلُوبَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ. قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَهَذَا خِلَافُ مَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَارِيثَ لَا يُحَاطُ بِهَا فَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوَارِيثِ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ حَتَّى يَجْمَعَ الْمُدَّعِي دَعَاوِيَهُ كُلَّهَا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ ادَّعَى بِسِتِّينَ دِينَارًا فَأَقَرَّ خَصْمُهُ بِخَمْسِينَ وَأَبَى فِي الْعَشَرَةِ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ بِالْحَبْسِ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالتَّمَادِي عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَنَّ كُلَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ لَا يَدْفَعُ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدُورُ فِي يَدِهِ لَا يُقِرُّ وَلَا يُنْكِرُ، فَإِذَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ فَتَمَادَى حُكِمَ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِلَا يَمِينٍ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: تَقَدَّمَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّالِبِ مُخَالَطَةٌ، فَمِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَدَّعِي هَذَا؟ لَزِمَ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ الطَّالِبَ، فَإِنْ بَيَّنَ وَجْهَ طَلَبِهِ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ وَأُلْزِمَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبَ دَعْوَاهُ وَادَّعَى نِسْيَانَهُ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَأَلْزَمَ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ لَا يُوقَفَ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يَحْلِفَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ مَا يَدَّعِيهِ، إذْ لَعَلَّهُ بِذِكْرِ السَّبَبِ يَجِدُ مَخْرَجًا، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ نِسْيَانًا لَمْ يَسْأَلْ الْمَطْلُوبَ عَنْ شَيْءٍ.