الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ: وَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ عَلَى الْمِلْكِ أَوْ تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى حَاكِمٍ فَأَقَرَّ النِّكَاحَ عَلَى حَالِهِ وَأَقَرَّ الْمَمْلُوكَ رَقِيقًا وَأَجَازَ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ رُفِعَ إلَى غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِمَا رَآهُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْقَتْلِ فَرُفِعَ لِمَنْ لَا يَرَى الْقَسَامَةَ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا فَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْأَوَّلِ عَنْ الْحُكْمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ.
فَرْعٌ: فَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ لَا أَسْمَعُ بَيِّنَتَك؛ لِأَنَّك حَلَفْت قَبْلَهَا مَعَ قُدْرَتِك عَلَى إحْضَارِهَا، أَوْ قَالَ: لَا أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: لَا أَحْكُمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَوْ لَا أُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ، وَمَذْهَبِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ أَنْ يَفْعَلَ مَا تَرَكَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا رَأَى عَبْدُ الْمَلِكِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ.
تَنْبِيهٌ: أَمَّا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِشَيْءٍ فَرُفِعَ لِلثَّانِي وَهُوَ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ، فَهَلْ يَنْقُضُهُ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِرَأْيِهِ أَوْ لَا؟ . فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، تَقَدَّمَ فِي نَقْضِ أَحْكَامِ الْقَاضِي.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَاكِمِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ]
َ، وَمَا تَسْتَلْزِمُهُ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِيهَا بِمَا بَاشَرَهُ حُكْمُهُ، وَلَا يَتَنَاوَلُ عَوَارِضَ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ، وَبَيَانِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تُشْبِهُ الْحُكْمَ، وَلَيْسَتْ بِحُكْمٍ. اعْلَمْ أَنَّ فِعْلَ الْحَاكِمِ فِي الْوَاقِعَةِ قَدْ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ، وَقَدْ يُعَرَّى عَنْ الْحُكْمِ أَلْبَتَّةَ. فَالْأَوَّلُ كُلُّ مَا حَكَمَ فِيهِ بِالصِّحَّةِ أَوْ الْمُوجِبِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ قَدْ حَكَمْت بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، فَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ عَلَى سَبِيلِ الْمُطَابَقَةِ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ بِالِالْتِزَامِ عَلَى الْحُكْمِ بِإِبْطَالِ الْعِتْقِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بُطْلَانُ الْعِتْقِ.
فَرْعٌ: وَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْحَاكِمُ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ حُكْمٌ بِبُطْلَانِ الْعِتْقِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ إقْدَامُ الْحَاكِمِ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ زَوَاجًا يَسْتَحِقُّ الْفَسْخَ، فَإِنَّ نَفْسَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا الْمُتَقَدِّمِ، يُرِيدُ أَنَّ الْحَاكِمَ زَوَّجَهَا قَبْلَ دُخُولِ الْأَوَّلِ بِهَا.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَاكِمِ مِلْكَ الْمِدْيَانِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ بِنَقْلِ الْمِلْكِ عَنْهُ وَخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخَ الْعُقُودِ لَا شَكَّ أَنَّهُ حُكْمٌ، وَالثَّانِي كَسَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَسَمَاعِ الشُّهُودِ وَتَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ تَحْتَ حَجْرِهِ أَوْ بَيْعِ سِلْعَةٍ لَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلًّا فِي بَعْضِ شُرُوطِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الثَّانِي فَلَهُ فَسْخُهُ.
فَرْعٌ مِنْهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِفَسْخِ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ لِمُوجِبٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفَسْخِ، وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا، وَمَثَارُ الْخِلَافِ فِيهَا اجْتِهَادِيٌّ، أَيْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ جَلِيٌّ يَمْنَعُ مِنْ الِاجْتِهَادِ، فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْفَسْخَ، وَأَمَّا مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْعَوَارِضِ فَذَلِكَ الْقَاضِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالْمُفْتِي، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَثَتْ قَضِيَّةٌ أُخْرَى مِثْلُ الْقَضِيَّةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِالْفَسْخِ فِي وِلَايَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي، وَلَمْ تُرْفَعْ إلَيْهِ أَوْ رُفِعَتْ إلَيْهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهَا حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ نَظَرٍ آخَرَ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ، أَوْ مِنْ الْقَاضِي الثَّانِي، وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ مُتَنَاوِلًا إلَّا لِمَا بَاشَرَهُ بِالْحُكْمِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْجُزْئِيَّاتِ دُونَ الْكُلِّيَّاتِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَا يَنْظُرُ الْقَاضِي فِيهِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيِّنَةٍ وَالْبَيِّنَةُ إنَّمَا تَشْهَدُ بِمَا رَأَتْهُ أَوْ شَافَهَتْهُ، وَذَلِكَ أَمْرٌ جُزْئِيٌّ هَذَا هُوَ غَالِبُ مَا تَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَحْكُمُ الْقُضَاةُ بِهِ.
فَرْعٌ: إذَا ثَبَتَ مَا قَرَّرْنَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا فَسَخَ نِكَاحًا بَيْنَ زَوْجَيْنِ بِسَبَبِ أَنَّ أَحَدَهُمَا رَضَعَ أُمَّ الْآخَرِ وَهُوَ كَبِيرٌ، فَالْفَسْخُ ثَابِتٌ لَا يَنْقُضُهُ أَحَدٌ، وَلَكِنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَرُفِعَ أَمْرُهُمَا إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ وَلِيَ بَعْدَهُ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ الْفَسْخُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيُبِيحَهَا لَهُ إنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ رَضَاعَ الْكِبَارِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَكَذَا لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ نَفْسِهِ وَبِغَيْرِ اجْتِهَادِهِ فَلَهُ أَنْ يُبِيحَهَا لَهُ.
فَرْعٌ: وَكَذَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ مَالِكِيٍّ، فَإِنَّهُ يَرَى مَعَ الْفَسْخِ تَأْبِيدَ التَّحْرِيمِ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَعَدَّى الْفَسْخَ