الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَنْبِيهٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ فَتَاوَى ابْنِ رُشْدٍ لِلْقَاضِي ابْنِ عَبْدِ الرَّفِيعِ. إذَا كَانَ قِيمَةُ الْعَيْبِ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِبَيِّنَتِهِ لِلْمُشْتَرِي فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً يَجِبُ رَدُّهَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي فِي الْجَامِعِ مَا عَلِمَ وَرَدَّهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَهُوَ رَدُّ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَتْ فَائِتَةً وَلَمْ يَجِبْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا قِيمَةُ الْعَيْبِ لَمْ يُحَلَّفْ الْمُشْتَرِي فِي الْجَامِعِ، وَهَذَا مِثْلُ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ، فِي أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ، فَيَتَحَالَفَانِ فِي الْجَامِعِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصَّرْفِ فِيمَا يُوجَبُ نَقْضُهُ وَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا وَاحِدًا.
[فَصْلٌ لَا يُجْلَبُ الْحَالِفُ فِي الْأَيْمَانِ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ]
فَصْلٌ: وَلَا يُجْلَبُ الْحَالِفُ فِي الْأَيْمَانِ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ، فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ يُجْلَبُ إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَنْ كَانَ فِي أَعْمَالِهَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَيْثُمَا كَانُوا مِنْ أَعْمَالِهَا، وَأَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ فَيُسْتَحْلَفُونَ فِي مَوْضِعِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا قَرِيبًا مِنْ الْمِصْرِ نَحْوَ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ فَأَرَى أَنْ يُجْلَبُوا إلَى الْمِصْرِ فَيُحَلَّفُونَ فِي الْمَسْجِدِ. مِنْ " مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ]
ِ: وَنَعْنِي بِهِ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُدَّعِي إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ عَنْهَا، وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ كَمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَ نُكُولِهِ مِنْ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَيَتِمُّ نُكُولُهُ بِقَوْلِهِ لَا أَحْلِفُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنَا نَاكِلٌ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ أَنْتَ، وَأَمَّا تَمَادِيهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ مَعَ نُطْقِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ بِدُونِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَهُوَ يُشْبِهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْجَوَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الْجَوَابِ عَنْ الدَّعْوَى.
وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ بَيَانُ حُكْمِ النُّكُولِ بِأَنْ يَقُولَ لِمُدَّعًى عَلَيْهِ إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ اسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْكَ وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ فِيمَنْ يَخْشَى مِنْهُ الْجَهْلَ بِحُكْمِ النُّكُولِ، وَإِذَا تَمَّ نُكُولُهُ بِالنُّطْقِ أَوْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا أَحْلِفُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ خَصْمَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَهَذَا مِثْلُ مَنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقٍّ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ ثُمَّ بَدَا لَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَامْتَنَعَ مِنْهَا حَتَّى يُبْرِزَ الْمَطْلُوبُ الْمَالَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِ الطَّالِبِ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ إلَّا بِالْيَمِينِ، فَإِنْ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَحْلِفَ ثُمَّ يَدَّعِي الَّذِي أَحْلَفَنِي الْعَدَمَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ مُوسِرٌ وَلَيْسَ بِعَدِيمٍ، فَإِذَا شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ، فَإِنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْعَدَمَ حُبِسَ حَتَّى يُؤَدِّيَ، فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعَدَمِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْذَبَهَا، فَثَمَرَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسِهِ تَطْوِيلُ سَجْنِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ.
فَرْعٌ: وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ قَضَاءَ الدَّيْنِ فَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَنَكَلَ عَنْهَا وَقَلَبَهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَنَكَلَ عَنْهَا أَيْضًا، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ يَلْزَمُهُ غُرْمُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ إلَّا الْآنَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْآنَ شَاكٌّ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إذَا شَكَّ الْمَطْلُوبُ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ دُونَ يَمِينٍ تَلْزَمُ الطَّالِبَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْحَقُّ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَى الْمَطْلُوبِ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى التَّوَجُّهِ وَإِذَا انْتَهَى الْحَقُّ إلَى هَذَا الظُّهُورِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ هَذِهِ هِيَ الْقَاعِدَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا سَأَلَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُمْهَلَ لِحِسَابٍ وَشِبْهِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ بِقَدْرِ مَا يَرَى مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِزَمَانِ الْمُهْلَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الشَّكِّ مُخْتَلِفَةٌ، فَقَدْ يَطُولُ زَمَانُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُمَا وَيَكْثُرُ الْمَالُ وَالتَّقَاضِي، وَقَدْ يَقِلُّ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ كَانَ إمْهَالُهُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ وَيَظْهَرُ لَهُ مِنْ أَمْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ حِينَ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَمْهِلُونِي فَلِي بَيِّنَةٌ دَافِعَةٌ أُمْهِلَ مَا لَمْ يَبْعُدْ فَيُقْضَى عَلَيْهِ وَيُبْقَى عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا، وَلَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي فَحَلَّفُوهُ فَلْيَحْلِفْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَمْ يَحْلِفْ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ قَرِيبَةٌ فَاطْلُبُوا مِنْ الْغَرِيمِ كَفِيلًا أُخِذَ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَى الْجُمُعَةِ.