الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا النَّفْيُ فَيَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَيَقُولُ لَا أَعْلَمُ عَلَى مُوَرِّثِي، وَلَا أَعْلَمُ مِنْهُ إسْلَافًا أَوْ بَيْعًا اهـ. فَمَتَى نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ.
وَفِي كِتَابِ أَدَبِ الشَّهَادَاتِ، كَانَ الْقَاضِي بَكَّارٌ يَرَى شُفْعَةَ الْجِوَارِ، فَادَّعَى عِنْدَهُ حَنَفِيٌّ عَلَى شَافِعِيٍّ بِالشُّفْعَةِ فَأَنْكَرَ الشَّافِعِيُّ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي بَكَّارٌ: احْلِفْ أَنَّ هَذَا مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك هَذِهِ الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ عَلَى مَذْهَبِ الْقَائِلِينَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، فَتَوَقَّفَ عَنْ الْيَمِينِ، وَحَدَّثَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمُزَنِيَّ صَاحِبَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ لَهُ الْمُزَنِيّ: وَقَعْتَ عَلَى قَاضٍ فَقِيهٍ وَإِنَّمَا حَلَّفَهُ عَلَى هَذَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَأَوَّلَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَيَحْلِفَ فَيَنْبَغِي التَّنْبِيهُ لِذَلِكَ فَهُوَ تَنْبِيهٌ حَسَنٌ، فَقَدْ تَقَعُ الْحُكُومَةُ لِمَنْ لَا يَرَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ.
[الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ]
فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فِيمَا لَهُ بَالٌ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ أَوْ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، فَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فِي مَدِينَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فِي الْجَامِعِ الْأَعْظَمِ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ أَوْ عِنْدَ الرُّكْنِ بِمَكَّةَ، وَقَالَ أَنَا أَحْلِفُ بِمَوْضِعِي، فَهُوَ كَنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي مُقَاطَعِ الْحُقُوقِ وَغَرِمَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، يَعْنِي مَقْطَعَ الْحَقِّ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي بَطَل حَقُّهُ، وَبِذَلِكَ قَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
[الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْجَوَابِ]
قَالَ أَصَبْغُ: إذَا تَكَلَّمَ الْمُدَّعِي وَادَّعَى بِحُجَّتِهِ، قَالَ الْحَاكِمُ لِلْآخَرِ تَكَلَّمَ فَإِذَا سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أُخَاصِمُهُ إلَيْك، قَالَ لَهُ الْقَاضِي: إمَّا خَاصَمْتَ وَإِمَّا أَحَلَفْتُ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَحَكَمْتُ لَهُ، فَإِنْ تَكَلَّمَ نَظَرَ فِي حُجَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَحْلَفَ الْمُدَّعِيَ وَقَضَى لَهُ بِحَقِّهِ، إنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ مَعَ نُكُولِ
الْمَطْلُوبِ عَنْ الْيَمِينِ، وَكَانَتْ الْخُلْطَةُ ثَابِتَةً وَالدَّعْوَى مُشْبِهَةً عُرْفًا؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ التَّكَلُّمِ نُكُولٌ عَنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ، دَعَا بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَسْجُنُهُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ، وَلَكِنْ يَسْمَعُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَيَحْمِلُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَصْلُ، وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِلَا يَمِينٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ لَمْ يَتْرُكْهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَإِنْ أَبَى سَجَنَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنْ يُسْجَنَ وَيُؤَدَّبَ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى امْتِنَاعِهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يُخَيَّرُ الطَّالِبُ بَيْنَ حَبْسِ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يُجَاوِبَهُ أَوْ يَحْلِفَ، وَيَأْخُذَهُ مِلْكًا أَوْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَيَبْقَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى حُجَّتِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: فَإِنْ قَالَ: لَا أُجَاوِبُهُ، حَتَّى يُبَيِّنَ الْوَجْهَ الَّذِي تَرَتَّبَ لَهُ ذَلِكَ بِهِ قِبَلِي، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيَانِهِ لَمْ يَسْأَلْ الْمَطْلُوبَ عَنْ شَيْءٍ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ نِسْيَانًا فَيَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَأَلْزَمَ الْمَطْلُوبَ الْجَوَابَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْقِيَاسُ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ نَسِيَ.
فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ أَنَا آتِيهِ بِوَكِيلٍ يُجَاوِبُهُ، فَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ.
الْأَوَّلُ: الْإِلْزَامُ، وَيُقَالُ لَهُ: قُلْ الْآنَ مَا تَأْمُرُ بِهِ وَكِيلَك. قَالَ أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى قَرِيبَةَ الْمَعْنَى، أُمِرَ بِالْجَوَابِ ثُمَّ وَكَّلَ، فَإِنْ أَبَى حُمِلَ عَلَيْهِ بِالْأَدَبِ، وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ وَبِهِ الْعَمَلُ.
فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ: لَا أُخَاصِمُهُ عِنْدَك جُبِرَ عَلَيْهِ بِالسِّجْنِ وَالْأَدَبِ.