الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي تُوجِبُ حُكْمًا]
وَلَا تُوجِبُ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ حُكْمًا وَلَا تُوجِبُ الْحَقَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: شَهَادَةِ الشُّهُودِ غَيْرِ الْعُدُولِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ فَإِذًا تُوجِبُ تَوْقِيفَهُ عِنْدَ أَصْبَغَ.
وَالثَّانِي: شَهَادَةِ شَاهِدٍ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ سَرَقَ لَهُ مِثْلَ مَا يَدَّعِي، أَوْ شَاهِدَيْنِ إذَا جُرِحَا عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ.
وَالثَّالِثِ: شَاهِدٌ عَدْلٌ أَوْ امْرَأَتَانِ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ، فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْيَمِينَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ، فَإِذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدَا الطَّلَاقِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ حَلَفَ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَطُولَ أَمْرُهُ. وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ سَنَةً، وَقِيلَ يُحْبَسُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُطَلِّقَ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيَحْلِفُ السَّيِّدُ فَإِنْ نَكَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَسُجِنَ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ حَتَّى يَحْلِفَ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ بِالنِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ مُقِرَّيْنِ زَادَا حِينَئِذٍ شَاهِدًا آخَرَ وَجُبِرَ الْآبِي مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْكِرًا لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَأَمَّا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَحْلِفْ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَوْ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ فَلَا يَمِينَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ يُرِيدُ، فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا.
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى الشُّرْبِ، فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا نَكَلَ الشَّاهِدُ.
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى السَّرِقَةِ فَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْ يَطْلُبُهَا لَمْ يُعَاقَبْ الشَّاهِدُ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَطْلُبُهَا عُوقِبَ إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَمْ يُعَاقَبْ
مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى الْقَذْفِ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ، فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يُحَدُّ أَوْ يُسْجَنُ أَبَدًا، حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَبْسِ بَعْدَ سَنَةٍ؟ خِلَافٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ فُلَانًا افْتَرَى عَلَى فُلَانٍ فَلَا يُكْتَفَى بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، حَتَّى يَكْشِفَ الشُّهُودُ عَنْ حَقِيقَةِ مَا سَمِعُوهُ إذْ لَعَلَّهُمْ يَظُنُّونَ قَذْفًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ فَاتَتْ الْبَيِّنَةُ وَتَعَذَّرَ سُؤَالُهُمْ عُوقِبَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
فَرْعٌ: مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي الرَّجُلِ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ إلَّا بِشَاهِدٍ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ الْمَالُ يُوقَفُ لِمُدَّعِيهِ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ، وَيُجْتَهَدُ فِي أَدَبِهِ بِقَدْرِ شُهْرَةِ حَالِهِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَجَحَدَهُ وَأَخَذَهَا مِنْ بَيْتِهِ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمِلْكِهِ لَهَا، فَأَوْجَبَتْ الْبَيِّنَةُ سُقُوطَ الْقَطْعِ، وَلَمْ تُوجِبْ لِلسَّارِقِ حَقًّا فِي الْمَسْرُوقِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي دَخَلَ وَلَمْ يَشْهَدْ فِيهِ يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ الزَّوْجَيْنِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى الدَّعْوَى الَّتِي يُصَدِّقُهَا الْعُرْفُ تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى حَقٍّ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَقِيلَ لَهُ: احْلِفْ مَعَ شَاهِدِك وَاسْتَحِقَّ حَقَّك، فَإِنْ أَبَى تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَهُ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ.