الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى غَيْرِ نَسَبِهِ لِيُزَكِّيَ عَلَيْهِ، قَالُوا وَيَكْتُبُ الشَّهْرَ الَّذِي شَهِدَ فِيهِ وَالسَّنَةَ، وَيَجْعَلُ صَحِيفَةَ الشَّهَادَةِ فِي دِيوَانِهِ لِئَلَّا تَسْقُطَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ شَهَادَتُهُ فَيَزِيدُ فِيهَا الشَّاهِدُ أَوْ يَنْقُصُ.
[فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ]
وَفِي مَعِينِ الْحُكَّامِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الشُّهُودُ وَجْهَ الْحَقِّ الَّذِي شَهِدُوا فِيهِ وَلَا فَسَّرُوهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ حَتَّى يُبَيِّنُوا أَصْلَ الشَّهَادَةِ وَكَيْفَ كَانَتْ وَيَقُولُونَ أَسْلَفَهُ بِمَحْضَرِنَا أَوْ أَقَرَّ عِنْدَنَا الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ أَسْلَفَهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ فَسَّرُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا بَاعَ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا بِمَحْضَرِنَا، أَوْ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مُصَدِّقَةٌ لِلدَّعْوَى.
مَسْأَلَةٌ: فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي كِتَابِهِ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَمْ يَقُولَا، وَأَقَرَّ بِذَلِكَ عِنْدَنَا وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَا الشَّهَادَةَ هَكَذَا، لَمْ أَرَ شَهَادَتَهُمَا تُحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا كَحَاكِيَيْنِ حَتَّى يَقُولَا أَسْلَفَهُ أَوْ أَقَرَّ عِنْدَنَا بِذَلِكَ، أَوْ مِمَّا يُبَيِّنَانِ بِهِ مَا شَهِدَا فِيهِ، وَقَدْ نَجِدُ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُحَلِّلُ بَيْعَ النَّبِيذِ الْمُسْكِرِ وَيُوجِبُ لَهُ ثَمَنًا وَغَيْرَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ عِنْدَهُمَا بِالدَّيْنِ مُجْمَلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُقِرُّ وَجْهَهُ وَشَهِدَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ. وَظَاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَارِثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ هَذَا، حَتَّى يَشْهَدُوا بِإِقْرَارِهِ بِالسَّلَفِ أَوْ الْمُعَامَلَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَلَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ حَتَّى يَقُولَا وَقَبَضَ السِّلْعَةَ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ خَاطَ لِفُلَانٍ ثَوْبًا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجِبْ لِلْخَيَّاطِ شَيْءٌ حَتَّى يَقُولَا: إنَّهُ رَدَّ الثَّوْبَ مِخْيَطًا، وَجَمِيعُ الصُّنَّاعِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَثْبَتَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَلِيءٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الشُّهُودُ مَالَهُ، فَشَهَادَتُهُمْ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الشَّهَادَةُ عَامِلَةٌ وَيُسْجَنُ حَتَّى يُؤَدِّيَ.
وَقَالَهُ الْقَاضِي ابْنُ زَرْبٍ، قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَبِهِ الْقَضَاءُ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ إذَا شَهِدَ قَوْمٌ لِلْغَرِيمِ بِالْعَدَمِ وَشَهِدَ آخَرُونَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَلِيءٌ وَلَمْ يُعَيِّنُوا شَيْئًا، أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ تَهَاتَرَا وَلَا يَقْضِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَلَا تَتِمَّ الشَّهَادَةُ حَتَّى يُبَيِّنُوا أَنَّ سَيِّدَهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ يَقُولُوا أَنَّهُمْ حَضَرُوا لِلتِّجَارَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا بِمَحْضَرِ مَالِكِهِ وَعِلْمِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ، فَهَذَا وَشَبَهُهُ أَصْلٌ فِي عِلْمِ الشَّهَادَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ، حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ فِي الرَّجُلِ يَشْهَدُ عَلَى الرَّجُلِ بِحَقٍّ لِرَجُلٍ، وَأَنَّهُ حَمِيلٌ بِهِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَلِيًّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَشَهَادَتُهُ سَاقِطَةً، وَيَغْرَمُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْحَمَالَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا.
وَقَالَ: بِعْتنِي هَذَا وَبِهِ عَيْبٌ وَلَمْ تُعْلِمْنِي.
وَقَالَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُك إلَّا صَحِيحًا وَالْعَيْبُ الَّذِي ادَّعَى بِهِ مِثْلُهُ يَحْدُثُ، فَأَتَى الْمُشْتَرِي بِشَاهِدٍ فَشَهِدَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الْبَائِعِ فَوَجَدَ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، هَلْ تَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً وَلَا يُتَّهَمُ فِيهَا الشَّاهِدُ حِينَ قَالَ ابْتَعْته مِنْهُ وَرَدَدْته عَلَيْهِ بِهَذَا الْعَيْبِ؟ قَالَ لَا أَرَى لَهُ شَهَادَةً، وَأَرَاهُ ظَنِينًا، وَلَا أَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُحَقِّقَ مَا كَانَ قَامَ بِهِ عَلَيْهِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ قَامَ بِحَقٍّ وَادَّعَى حَقًّا وَذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِقَوْلِهِ، فَلَا أَرَى لَهُ شَهَادَةً.
مَسْأَلَةٌ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ لِرَجُلٍ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَهَادَتِهِمَا مَا يُوجِبُ أَنَّهُ قَبَضَ السِّلْعَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي (الدِّمْيَاطِيَّةِ) : إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِالنَّقْدِ فَعَلَى الْبَائِعِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ دَفَعَ السِّلْعَةَ، إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ ذَلِكَ وَيَأْتِيَ مِنْ الزَّمَانِ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُ الْمُشْتَرِي، فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَيَبْرَأُ، وَأَمَّا مَا يَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ فِيهِ وَيَشْتَغِلُ النَّاسُ بِحَوَائِجِهِمْ الْأَيَّامَ وَالْجُمُعَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَعَلَى الْبَائِعِ