الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَرَثَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَتْ الْخُصُومَةُ مَعَ الْوَصِيِّ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُكَلَّفُ جَوَابًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ إنْكَارَهُ غَيْرُ عَامِلٍ، وَلَكِنْ يَحْضُرُ؛ لِيَعْلَمَ مَنْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْوَنَ لَهُ فِي مَدْفَعٍ إنْ رَامَهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا وَلَمْ يُخَلِّفْ الْمَيِّتُ مَالًا ظَاهِرًا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِثْ عَنْهُ شَيْئًا.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى لَهُمْ وَمَا يُسْمَعُ مِنْ بَيِّنَاتِهِمْ]
ْ وَمَا لَا يُسْمَعُ مِنْهَا وَهُمْ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِنَفْسِهِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِمُوَكِّلِهِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِقَرِيبِهِ أَوْ جَارِهِ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ لَهُ عَلَى مَا قَامَ فِيهِ.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ لِلْغَائِبِ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِمَنْ هُوَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ.
النَّوْعُ السَّادِسُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَنْ يُرِيدُ إقَامَتَهَا لِنَفْسِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةَ يُمَكَّنُ مُدَّعِيهَا مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّتِهَا، وَقَدْ يُمْنَعُ مِنْ إقَامَتِهَا فِي وُجُوهٍ. مِنْهَا: إذَا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعِي الْمَطْلُوبَ مَعَ الْعِلْمِ بِبَيِّنَتِهِ الْحَاضِرَةِ ثُمَّ أَرَادَ الْقِيَامَ بِهَا، لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ مِنْ سَلَفٍ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِقِرَاضٍ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ أَوْ بِبِضَاعَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا خَافَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى فِيهِ وَجْهًا مِنْ الْوُجُوهِ يُرِيدُ إسْقَاطَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا زَعَمَ أَخِيرًا؛ لِأَنَّ جُحُودَهُ أَوَّلًا إكْذَابٌ لِبَيِّنَتِهِ فَلَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقِرَّ بَلْ لَمَّا جَحَدَ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِمَا يُبْرِئُهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ، إلَّا فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالْجُحُودِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ قَبْضَ الثَّمَنِ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَقَالَ تَلِفَ أَوْ رَدَدْته لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا. وَمِنْهَا: مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَقٌّ بِشَاهِدٍ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ مَعَ شَاهِدِك فَقَالَ أَخْشَى أَنْ أَحْلِفَ، وَتَدَّعِي الْعَدَمَ فَأَشْهَدَ لَهُ بِأَنَّهُ مُوسِرٌ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، ثُمَّ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْعَدَمَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ.
وَمِنْهَا: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ بِأَرْضٍ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ غَابَ الْمُتَصَدِّقُ فَأَرَادَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ صَدَقَتَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ؛ لِيَحُوزَهَا وَيَحِقَّهَا، فَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ بَيِّنَتَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا حَتَّى يَدْفَعَهُ عَنْ قَبْضِ ذَلِكَ دَافِعٌ، مِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ، فَإِنْ قَالَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ: خَرَجَ عَنَّا صَاحِبُنَا وَلَا نَعْلَمُهُ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُضْرَبُ الْأَجَلُ لِلْغَائِبِ عَلَى قَدْرِ مَسَافَةِ سَفَرِهِ، وَبَعْدَ غَيْبَتِهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ وَلَمْ يَأْتِ سَمِعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ، فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ حَقٌّ دُفِعَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَثَبَتَتْ الْعَطِيَّةُ، وَلَا نَرَى أَنْ تُوقَفَ الْأَرْضُ وَكِرَاؤُهَا؛ لِيَنْظُرَ حَالَ الْغَائِبِ. إنْ كَانَ حَيًّا يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ مَيِّتًا، بَلْ يُمْضِي لَهُ صَدَقَتَهُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ حَقِيقَتِهَا، ثُمَّ إنْ ادَّعَى وَرَثَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَهُمْ مَاتَ قَبْلَ حَوْزِ الصَّدَقَةِ بِالْحُكْمِ وَأَثْبَتُوا ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى التَّارِيخِ رَدَّتْهَا مِيرَاثًا، وَإِلَّا فَقَدْ نَفَذَتْ لِصَاحِبِهَا.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَا نَرَى أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا وَلَا يَنْظُرَ فِيهَا بِشَيْءٍ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ، وَلَيْسَتْ الصَّدَقَةُ فِي الْحُكْمِ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْحُقُوقِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا أَرَى أَنْ يُسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ فَإِذَا حَقَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ أَوْقَفَهَا وَكِرَاءَهَا لِيَنْظُرَ
الْغَائِبَ أَحَيٌّ، هُوَ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ مَيِّتٌ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَئِذٍ حَيًّا دَفَعَهَا إلَيْهِ، وَمَا اجْتَمَعَ مِنْ كَرَائِهَا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا كَانَتْ وَمَا اجْتَمَعَ مِنْ كَرَائِهَا مِيرَاثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْحَيَاةِ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ.
وَمِنْهَا: إذَا حَلَّ الْقَاضِي بِغَيْرِ عَمَلِهِ فَأَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِمْ عَلَى رَجُلٍ فِي عَمَلِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَالِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ فِيهَا، وَلَا يَنْظُرَ فِي بَيِّنَةِ أَحَدٍ، وَلَا يَشْهَدُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إلَّا فِي بَلَدِهِ، قَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ الْقَاضِيَ إلَى بَلَدٍ لِأَمْرٍ يَنُوبُهُ مِنْ أَمْرِ الْعَامَّةِ، فَيَأْتِيَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَيَذْكُرَ أَنَّ لَهُ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ، وَبَيِّنَتُهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ، وَيَسْأَلَهُ مِنْهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: إذَا أَوْصَى الْمَفْقُودُ لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ وَادَّعَى الْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُوصَى لَهُ وَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّهُ قَبْلَ تَمْوِيتِ الْمَفْقُودِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَتِهِ وَلَا يُشْهِدُ لَهُ عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لِهَذَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ الْمَفْقُودُ، وَلَيْسَ مِنْ الصَّوَابِ أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي مِنْ بَيِّنَةِ رَجُلٍ عَلَى أَمْرٍ لَا يَحْكُمُ لَهُ بِهِ الْيَوْمَ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِهَذَا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَةِ شُهَدَائِهِ، وَأَصْلُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ بَيِّنَةً إلَّا عَلَى أَمْرٍ يُدَافِعُ عَنْهُ أَوْ يُخَاصِمُ فِيهِ أَوْ يَطْلُبُ أَخْذَهُ يَوْمَ تَقُومُ بَيِّنَتُهُ وَهُوَ شَأْنُ الْحُكَّامِ عِنْدَنَا، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
وَمِنْهَا: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي يَدِهِ الْحُكْمُ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ الشِّرَاءُ لِمَنْزِلِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَقُومُ بِهِ إلَى سُلْطَانِ مَوْضِعِهِ؛ لِيَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ وَيُحْيِيَ لَهُ ذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَالْإِمْضَاءِ لَهُ، إنْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ حُكْمًا فَلَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا لِأَحَدٍ حَتَّى يُعَارَضَ فِيهِ بِخُصُومَةٍ أَوْ دَعْوَى أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَأْمُرُ صَاحِبَهُ يُجِيبُهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى شُهَدَاءِ حَقِّهِ أَوْ شُهَدَاءِ كِتَابِهِ إنْ أَحَبَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَرَأَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُهُمْ وَيُعَدِّلُهُمْ، فَيُسْأَلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمْ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ وَيُحْيِيَ لَهُ حَقَّهُ بِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَفَوَاتِ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَجِدُ الْآنَ مَنْ يُعَدِّلُ بِهِ شُهَدَاءَهُ
الطَّارِئِينَ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُمْ السُّلْطَانُ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَهُ لِذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ لَا يَعْرِفُونَهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَدِّلُهُمْ عِنْدَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، فَمِثْلُ هَذَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ لَهُ فِيهِ وَيُحْيِيَ لَهُ حَقَّهُ وَيُشْهِدَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَذْكُرَ فِي كِتَابِ الْإِشْهَادِ أَنَّهُ لَمْ يُخَاصِمْهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا قَطَعَ بِهِ حُجَّةَ أَحَدٍ يَقُومُ بِهَا عَلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ الْحَقِّ، وَإِظْهَارِ مَا يُتَّقَى مِنْ عَوْرَةٍ فَيَنْظُرُ فِيهِ أَوْ يَكُونُ حُكْمًا قَدْ خَرَجَتْ وَثِيقَتُهُ وَأَشْفَى مِنْهَا عَلَى ذَهَابِهِ، وَلَا يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى إحْيَائِهِ إلَّا بِالسُّلْطَانِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ فِي إحْيَائِهِ بِمَا يَرَى وَيُشْهِدُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُخَاصِمْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَقْطَعْ بِاَلَّذِي فَعَلَ حُجَّةَ أَحَدٍ يَدَّعِي فِيهِ حَقًّا بَعْدَ الْيَوْمِ.
وَمِنْهَا: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي أَصْبَغُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا عُزِلَ الْوَصِيُّ لِأَمْرٍ كَرِهَهُ مِنْهُ أَوْ لِعُذْرٍ رَآهُ فِيهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً مِمَّا جَرَى عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا زَعَمَ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتَاهُ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَسْمَعُهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْيَتِيمُ مَبْلَغَ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ إنْ أَخَذَ الْقَاضِي مِنْهُ مَالًا لِيَتِيمٍ كَانَ فِي يَدَيْهِ عِنْدَ عَزْلِهِ إيَّاهُ كَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً مِنْهُ وَأَخَذَهُ مِنْهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ بِدَيْنٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ أَوْ سَلَفٍ فَلَا يُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ دَعْوَى فَأَجَّلَهَا الْحَاكِمُ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَهُ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُجَّةٌ وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فِيمَا ادَّعَاهُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ ذَكَرْتهَا فِي فَصْلِ التَّعْجِيزِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ كَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءَةِ ظَاهِرَ الْغِنَى وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ دُيُونٌ ثُمَّ ادَّعَى الْفَلَسَ وَطَلَبَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى فَقْرِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ بَيِّنَةً بِالْعُدْمِ، وَإِنَّمَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ بِأَنَّهُ ذَهَبَ مَا بِيَدِهِ، وَحُكْمُهُ الضَّرْبُ وَالْحَبْسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ أَدَّى بَعْضَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْعَجْزَ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، ذَكَرَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ.