الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَكَانَ ابْنُ لُبَابَةَ يُفْتِي فِي الْمَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ أَنَّهَا تُحَلَّفُ فِي بَيْتِهَا عَلَى الْمُصْحَفِ.
[فَصْلٌ حُضُور الْمَحْلُوفِ لَهُ أَوْ وَكِيلِهِ لِتَقَاضِي الْيَمِينِ]
فَصْلٌ: لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمَحْلُوفِ لَهُ أَوْ وَكِيلِهِ لِتَقَاضِي الْيَمِينِ، فَإِنْ تَغَيَّبَ وَكَّلَ الْقَاضِي مَنْ يَقْتَضِيهَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ تَغَيُّبُهُ، وَلَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ أَوْ قَرِينَةِ حَالٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ لِذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا أَنْ يُحَلِّفَ رَجُلًا فَقَالَ قَدْ حَلَّفْتُهُ وَالطَّالِبُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمَأْمُورِ نَافِذٌ.
[فَصْلٌ تُحَلَّفُ الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ]
فَصْلٌ: إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَفِي مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَفِيمَا لَهُ بَالٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ عُلِمَ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَنَذْكُرُ مِنْ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي رَجُلٍ أَشْهَدَ لِامْرَأَتِهِ أَنَّهُ غَابَ عَنْهَا فِي سَفَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ غَابَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ لَهَا، ثُمَّ تَقْضِي فِي نَفْسِهَا مَا أَحَبَّتْ، فَغَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَهُ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى بَعْضِ الْحُكَّامِ، وَأَحَبَّتْ أَنْ تَأْخُذَ بِشَرْطِهَا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا شَرَطَهُ زَوْجُهَا وَعَلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَحَلَّفَهَا الْحَاكِمُ فِي بَيْتِهَا.
وَكَانَ الْحَاكِمُ الْوَزِيرَ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَرِيشٍ وَكَتَبَ إلَى الْفُقَهَاءِ يَسْتَشِيرُهُمْ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ: أَمَّا يَمِينُهَا فِي بَيْتِهَا فَغَيْرُ مُجْزِئَةٍ، وَالْيَمِينُ وَاجِبَةٌ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَكَذَلِكَ تُحَلَّفُ الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ مَا تَرَكَ لَهَا شَيْئًا وَلَا أَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَقَدْ شَهِدَ لَهَا بِذَلِكَ الشُّهُودُ، وَكَذَلِكَ يُحَلَّفُ مُسْتَحِقُّ الْحَيَوَانِ وَشِبْهُهُ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ، بَعْدَ أَنْ تَشْهَدَ لَهُ الْبَيِّنَةُ.
وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي يَمِينِهَا فِي سِجِلِّ الْقَضَاءِ لَهَا بِالْأَخْذِ يُشْرَطُ فِي الْمَغِيبِ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَشَارُوا أَنْ تُحَلَّفَ الْمَرْأَةُ فِي
مَقْطَعِ الْحَقِّ احْتِيَاطًا لِلْغَائِبِ، فَتُحَلَّفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا فُلَانٌ الْغَيْبَةَ الَّتِي شُهِدَ لَهَا بِهَا، وَمَا قَدِمَ عَلَيْهَا، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فَهَذَا نَصٌّ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ هُوَ حُجَّتُهُ، وَجَوَابٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّ يَمِينَهَا فِي بَيْتِهَا لَا تُجْزِئُ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ فِي شَرْطِهَا، وَلَا فِي كِتَابِ الِاسْتِرْعَاءِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ أَنَّ زَوْجَهَا لَوْ جَعَلَ لَهَا أَنْ تُحَلَّفَ فِي بَيْتِهَا كَانَ ذَلِكَ لَهَا، وَإِذَا لَمْ يَجْعَلْهُ لَهَا فَالِاحْتِيَاطُ لِلْغَائِبِ أَنْ تُحَلَّفَ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي " الْمُتَيْطِيَّةِ " إذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَهُوَ غَائِبٌ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَأَثْبَتَتْ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا إثْبَاتُهُ، فَإِنَّهُ يُؤَجِّلُهَا ثُمَّ يَأْمُرُهَا بِالْحَلِفِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِمَوْضِعِ الْحَلِفِ أَنَّ زَوْجَهَا فُلَانًا لَمْ يُخَلِّفْ عِنْدَهَا نَفَقَةً تُنْفِقُهَا، وَلَا مَا يُعَدَّى فِيهِ بِنَفَقَتِهَا، وَلَا أَرْسَلَ شَيْئًا وَصَلَ إلَيْهَا، وَلَا وَضَعَتْ شَيْئًا عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ مَنْ وُجِّهَ لِحُضُورِ يَمِينِهَا أَنَّهَا حَلَفَتْ الْيَمِينَ الْمَنْصُوصَةَ كَمَا يَجِبُ وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ نَظَرَ فِي ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْبَتَاتِ وَذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَنَوَى وَاحِدَةً وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِلَفْظِهِ وَبِادِّعَائِهِ النِّيَّةَ فِيهِ، ثُمَّ أَرَادَ مُرَاجَعَتَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ عِنْدَ مُرَاجَعَتِهَا عَلَى مَا نَوَاهُ، وَيُحَلَّفُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ حَبْلُك عَلَى غَارِبِكَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَبَهَا وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ لَهَا عَلَى تَكْذِيبِ الشَّاهِدِ، وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنْ " الْمُتَيْطِيَّةِ ".
مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ ذَلِكَ إذَا رَدَّ الْمُبْتَاعُ الْأَمَةَ بِعَيْبٍ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: احْلِفْ أَنَّكَ مَا وَطِئَتْهَا، فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، قِيلَ لَا يُحَلَّفُ، وَقِيلَ يُحَلَّفُ، وَقِيلَ لَا يُحَلَّفُ إلَّا أَنْ يَكُون مُتَّهَمًا، وَمَنْ قَالَ بِالتَّحْلِيفِ فَيُحَلِّفُهُ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ عَلَى ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْمَانُ اللِّعَانِ وَأَيْمَانُ الْقَسَامَةِ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ.