الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِهَذَا جَرَى الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ الْفُتْيَا.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَيُؤْخَذُ بِآخِرِ قَوْلَيْهِ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى طَلَبِ الْأَوَّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
فَرْعٌ قَالَ أَصَبْغُ: فَإِنْ قَالَ بِي فُلَانٌ لَيْسَ بِي غَيْرُهُ فَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْ رَمَاهُ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَيْسَ بِي غَيْرُهُ فَالْأَوَّلُ وَالْآخِرُ سَوَاءٌ، يُقْسِمُ وُلَاةُ الدَّمِ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ شَاءُوا، فَيُقْتَلُ وَيُجْلَدُ الْآخَرُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ.
فَرْعٌ فَإِنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ لَا يَصِلُ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إلَى مَوْضِعِ الْمُدْمَى سَقَطَتْ التَّدْمِيَةُ، وَتَبَيَّنَ كَذِبُ الْمُدَّعِي، وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ أَعْمَلَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُمَا.
مَسْأَلَةٌ وَمِنْ اللَّوْثِ الَّذِي يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَا رَجُلًا خَرَجَ مُسْتَتِرًا مِنْ دَارٍ فِي حَالٍ رَثَّةٍ فَاسْتَنْكَرَا ذَلِكَ، فَدَخَلَ الْعُدُولُ مِنْ سَاعَتِهِمْ الدَّارَ فَوَجَدُوا قَتِيلًا يَسِيلُ دَمُهُ وَلَا أَحَدَ فِي الدَّارِ غَيْرَهُ وَغَيْرَ الْخَارِجِ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ جَائِزَةٌ يُقْطَعُ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ رَأَى الْعُدُولُ الْمُتَّهَمَ يُجَرِّدُ الْمَقْتُولَ وَيُعَرِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ حِينَ صَابَهُ فَإِنَّ هَذَا لَوْثٌ تَجِبُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ.
مَسْأَلَةٌ وَفِي (الْجَلَّابِ) وَإِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مَقْتُولٌ وَوُجِدَ رَجُلٌ بِقُرْبِهِ مَعَهُ سَيْفٌ أَوْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْقَتْلِ وَعَلَيْهِ آثَارُ الْقَتْلِ، فَذَلِكَ لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِوُلَاتِهِ.
[فَصْلٌ فِي الْقَسَامَةِ]
قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَالْقَسَامَةُ مُوجِبَةٌ مَعَ اللَّوْثِ لِلْقَتْلِ فِي الْعَمَدِ وَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، وَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَطْرَافِ وَلَا فِي الْجِرَاحِ وَلَا فِي الْعَبِيدِ وَلَا فِي الْكُفَّارِ، وَصِفَةُ الْقَسَامَةِ أَنْ يَحْلِفَ الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ وَلِيَّنَا فُلَانًا أَوْ أَنَّهُ ضَرَبَهُ وَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ إنْ كَانَ قَدْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقْتَصَرُ عَلَى قَوْلِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يَزِيدُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَيَحْلِفُونَ فِي
الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَفِي غَيْرِهَا بِالْجَامِعِ قِيَامًا دُبُرَ الصَّلَاةِ بِمَحْضَرِ النَّاسِ، وَيُؤْتَى إلَى الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مِنْ مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَى سَائِرِ الْأَمْصَارِ مِنْ مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ.
مَسْأَلَةٌ وَيَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ مِنْ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَيَحْلِفُ فِي الْخَطَأِ الْمُكَلَّفُونَ مِنْ الْوَرَثَةِ رِجَالًا وَنِسَاءً عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ.
فَرْعٌ وَلَا قَسَامَةَ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إذْ تَحْلِيفُ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُمْكِنٍ.
مَسْأَلَةٌ وَلَا قَسَامَةَ إلَّا بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ، وَلَا يُقْسِمُ مِنْ الْقَبِيلَةِ إلَّا مَنْ الْتَقَى مَعَهُ فِي نَسَبٍ ثَابِتٍ.
فَرْعٌ وَلَا يُقْسِمُ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ، وَلَكِنْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً وَكَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ نِصْفَهَا إنْ كَانَتْ أُنْثَى، أَوْ ثُلُثَيْهَا إنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، فَإِنْ تَرَكَ ذَكَرًا وَأُنْثَى حَلَفَ الذَّكَرُ ثُلُثَيْ الْخَمْسِينَ وَالْأُنْثَى ثُلُثَهَا فَإِنْ تَرَكَ ابْنَةً وَعَصَبَةً حَلَفَتْ الْبِنْتُ نِصْفَهَا وَالْعَصَبَةُ نِصْفَهَا فَإِنْ غَابَ الْوَلَدُ أَوْ الْعَصَبَةُ لَمْ تَأْخُذْ الِابْنَةُ حَظَّهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ حَلَفَ مَا يَخُصُّهُ أَوْ لَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ أَخَذَ نَصِيبَهُ.
مَسْأَلَةٌ وَإِذَا وُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ فَبَقِيَ كَسْرٌ جُبِرَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ حَظًّا مِنْهُ وَقِيلَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ حَظًّا مِنْ الْأَيْمَانِ.
مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَتْرُكَ زَوْجَاتٍ وَبَنَاتٍ وَأَخَوَاتٍ فَعَلَى الزَّوْجَاتِ سِتَّةُ أَيْمَانٍ وَرُبْعُ يَمِينٍ، وَعَلَى الْبَنَاتِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَعَلَى الْأَخَوَاتِ عَشَرَةُ أَيْمَانٍ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثُ ثُمُنٍ.
فَهَلْ تُجْبَرُ الْيَمِينُ الْمُنْكَسِرَةُ عَلَى الْأَخَوَاتِ؛ لِأَنَّ حَظَّهُنَّ مِنْ الْكَسْرِ أَكْثَرُ، أَوْ عَلَى الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّ حَظَّهُنَّ مِنْ الْأَيْمَانِ أَكْثَرُ، اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَيَبْقَى عَلَى الزَّوْجَاتِ سِتَّةٌ، فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا حَلَفْنَ يَمِينَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَمِينًا يَمِينًا، ثُمَّ يَحْلِفُ اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ يَمِينًا يَمِينًا، وَيَبْقَى عَلَى الْبَنَاتِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ إنْ قُلْنَا إنَّ الْأَخَوَاتِ يَجْبُرْنَ الْكَسْرَ.
فَإِنْ كَانَتْ الْبَنَاتُ عَشْرًا حَلَفْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ يَحْلِفُ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ يَمِينًا يَمِينًا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفْنَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، وَيَكُونُ عَلَى الْأَخَوَاتِ إحْدَى عَشَرَةَ إنْ جُبِرَتْ الْيَمِينُ الْمُنْكَسِرَةُ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ كُنَّ عَشَرًا فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفْنَ يَمِينَيْنِ يَمِينَيْنِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ يَمِينًا يَمِينًا، وَتَحْلِفُ وَاحِدَةٌ يَمِينًا، فَإِنْ وَقَعَ تَشَاحٌّ فِيمَنْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الزَّائِدَةَ فَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَجْبُرُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا أَحَدًا، وَيُقَالُ لَهُنَّ لَا نُعْطِي وَاحِدَةً مِنْكُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ تَحْلِفُوا بَقِيَّةَ الْأَيْمَانِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَبُ مِثْلَ ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُنَّ.
فَرْعٌ وَلَوْ كَانَ عَدَدُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ اُجْتُزِئَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَعَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ كُلَّهُمْ يَمِينًا يَمِينًا.
مَسْأَلَةٌ وَلَا قَسَامَةَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَلَا يَقْسِمُ مَعَ قَوْلِ النَّصْرَانِيِّ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ ذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَلَا عَبْدٍ عَلَى عَبْدٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا صَبِيٍّ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَلَى كَبِيرٍ، كَمَا لَيْسَ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ قَسَامَةٌ، وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يُقْسِمُ مَعَ قَوْلِ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ وَرَوَاهُ مَالِكٌ.
فَرْعٌ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ الْحُرِّ، فَلَا يَحْلِفُ سَيِّدُهُ لِيَسْتَحِقَّ دَمَهُ، وَاسْتُحْسِنَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ حُرًّا، قَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَأُ، وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُ الْعَبْدِ يَمِينًا وَاحِدًا، وَاسْتَحَقَّ قِيمَةَ عَبْدِهِ مَعَ ضَرْبِ مِائَةٍ وَسَجْنِ سَنَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يُضْرَبُ وَلَا يُسْجَنُ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ وَضُرِبَ مِائَةً وَسُجِنَ سَنَةً.