الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا أَعْلَمُهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ بَعْدَ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مَا رَضِيَ لَهُ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَهُ جَمْعُ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهَا بِيَمِينَيْنِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارْمَسَاحِيُّ فِي شَرْحِ " الْجَلَّابِ " قَالَ إذَا أَحْضَرَ الْمُدَّعِي خَطَّ الْمُقِرِّ، وَشَهْد لَهُ شَاهِدٌ بِأَنَّ هَذَا خَطُّ الْمُقِرِّ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ، قَالَ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَيَحْلِفُ بِيَمِينَيْنِ إحْدَاهُمَا مَعَ شَاهِدِهِ وَأُخْرَى يَكْمُلُ بِهَا سَبَبٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ.
[فَصْلٌ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي لَا تُوجِبُ الْيَمِينَ وَحُكْمِ الْخُلْطَةِ]
قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي الدَّعْوَى إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ فَظَاهِرُ مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ إلَّا بِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الصَّدَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ أَوْ وَرَثَتِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ أَوْ وَرَثَتُهَا عَلَيْهِمْ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ شَيْئًا فَتَجِبُ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَلَا يَمِينَ عَلَى غَائِبٍ وَلَا عَلَى مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُوجِبْ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ الْيَمِينَ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ الْعِلْمَ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُهُ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ فِي الدَّابَّةِ إذَا رُدَّتْ بِعَيْبٍ، فَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى، أَوْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُخْبِرٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يُرِيدُ مُخْبِرُ صِدْقٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْيَمِينِ.
وَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِغَيْرِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى فَمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ، إذَا قَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةٌ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَوْهُوبِ لَهُ الشِّقْصُ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخَافُ أَنَّكَ ابْتَعْتَهُ مِنْهُ أَوْ عَاوَضْتَهُ سِرًّا أَوْ أَرَدْتُمَا قَطْعَ الشُّفْعَةِ بِمَا أَظْهَرْتُمَا فَاحْلِفْ لِي. فَقَالَ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ حَلَّفَهُ وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّفْهُ فَأَوْجَبَ الْيَمِينَ هُنَا مَعَ عَدَمِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ الرُّعَيْنِيُّ فِي كِتَابِ " الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ " وَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ يَمِينٌ بِدَعْوَى حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فِي قَذْفٍ وَلَا فِرْيَةٍ وَلَا مُشَاتَمَةٍ وَلَا تَعْرِيضٍ يَجِبُ بِهِ حَدٌّ وَلَا تَعْزِيرٌ، وَلَا بِدَعْوَى قِصَاصٍ فِي قَتْلٍ وَلَا جُرْحٍ عَمْدًا وَلَا بِدَعْوَى الدِّيَةِ بِقَتْلِ الْخَطَأِ، وَلَا جِرَاحِ الْخَطَأِ، وَلَا بِدَعْوَى حَوَالَةٍ وَلَا حَمَالَةٍ وَلَا كَفَالَةٍ، وَلَا بِدَعْوَى نِكَاحٍ، وَلَا بِدَعْوَى عَتَاقَةٍ، وَلَا بِتَدْبِيرٍ، وَلَا بِدَعْوَى أَمَةٍ لِلْوِلَادَةِ، وَالسَّيِّدُ مُنْكِرٌ لِوَطْئِهَا، وَلَا بِدَعْوَى وِرَاثَةٍ وَلَا بِدَعْوَى نَسَبٍ وَلَا وَلَاءٍ وَلَا قَرَابَةٍ، كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعِي أَوْ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ، وَلَا تَجِبُ بِدَعْوَى طَلَاقٍ وَلَا بِتَخْيِيرٍ وَلَا تَمْلِيكٍ وَلَا خُلْعٍ وَلَا مُبَارَاةٍ، وَلَا بِدَعْوَى غَصْبٍ عَلَى مِنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ، وَلَا بِدَعْوَى سَرِقَةٍ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهَا وَلَا عُرِفَ أَنَّهُ ذَهَبَ لِلْمُدَّعِي شَيْءٌ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَلَا بِدَعْوَى امْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ أَنَّهُ غَصَبَهَا نَفْسَهَا، وَلَوْ جَاءَتْ تُدْمِي، وَلَا يَمِينَ بِدَعْوَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ.
تَنْبِيهٌ: نَظَرُ قَوْلِ الرُّعَيْنِيِّ وَلَا بِدَعْوَى كَفَالَةٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَفَالَةً، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بُدَّ مِنْ الْخُلْطَةِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ يُرِيدُ خُلْطَةَ صُحْبَةٍ وَمُؤَاخَاةٍ لَا خُلْطَةَ مُبَايَعَةٍ، قَالَ، ابْنُ مُحْرِزٍ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْخُلْطَةَ تُعْتَبَرُ بِصُحْبَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَمَالَةَ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ يُرَاعَى ذَلِكَ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَمَالَةَ، وَوَجْهُ ابْنِ يُونُسَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ يَقُولُ: إنَّمَا وَثِقْت بِمُبَايَعَةِ مَنْ لَا أَعْرِفُ لِكَفَالَتِكَ إيَّاهُ، فَلِذَلِكَ تَوَجَّهَتْ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ كُلُّ دَعْوًى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَلَا تُرَدُّ كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالرَّجْعَةِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الْإِسْلَامُ وَالرِّدَّةُ وَالْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْبُلُوغُ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَالشُّرْبُ وَالْحِرَابَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ، وَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ وَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ أَشْهَبَ، فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الرُّعَيْنِيُّ لَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا.
وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ سِلْعَةً فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ.
وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَشْرَكَهُ فِيهَا أَوْ وَلَّاهُ إيَّاهَا فَكَمَا تَقَدَّمَ، أَمَّا دَعْوَى الْإِقَالَةِ فَتَجِبُ فِيهَا الْيَمِينُ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَكَانَ ابْنُ عَتَّابٍ يَقُولُ: لَا تَجِبُ الْيَمِينُ بِدَعْوَى الْإِقَالَةِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشُبْهَةٍ تَقْوَى بِهَا دَعْوَاهُ، وَبِهِ كَانَ يُفْتَى.
وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةَ بَيْعٌ أَوْ إبْرَاءٌ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ.
وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ أَوْ اشْتَرَى لِرَجُلٍ سِلْعَةً وَزَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَكَالَةَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَقَالَ لِلْبَائِعِ احْلِفْ لِي أَنَّهُ مَا لَهُ عَيْبٌ تَعْلَمُهُ وَلَا كَتَمْتَهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.
وَمِنْهَا: إذَا ظَهَرَ بِالْعَبْدِ أَوْ الدَّابَّةِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَوَجَبَ بِهِ الرَّدُّ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي احْلِفْ أَنَّكَ مَا رَضِيتَهُ بَعْدَ عِلْمِكَ، بِهِ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرُ صِدْقٍ أَنَّكَ رَضِيتَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ فَيُنْكِرُ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.
وَمِنْهَا الرَّجُلُ يَشْتَرِي الْعَبْدَ فَيَأْبَقُ فَيَقُولُ لِلْبَائِعِ: احْلِفْ أَنَّهُ مَا أَبَقَ عِنْدَكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرُ صِدْقٍ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، وَغَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ إذَا أَبَقَ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ قَدْ ظَهَرَ.
وَمِنْهَا: إذَا اشْتَرَى عَبْدٌ أَوْ يَتِيمٌ سِلْعَةً أَوْ بَاعَهَا فَأَرَادَ السَّيِّدُ أَوْ الْوَصِيُّ فَسْخَ ذَلِكَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا أَوْ الْبَائِعُ أَنْ يَحْلِفَ السَّيِّدُ وَالْوَصِيُّ أَنَّهُمَا مَا أَذِنَا لَهُمَا فِي ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ " الرُّعَيْنِيِّ ".
وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا مِنْ شَرِكَةٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالشَّرِكَةِ، أَوْ تَقُومَ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ فَيَحْلِفَ عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى الْمُدَّعِي.
وَمِنْهَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى صَانِعٍ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا لِيَصْنَعَهُ أَيَّ الصِّنَاعَاتِ كَانَتْ، صَبَّاغًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ جَمِيعِ الصِّنَاعَاتِ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَسَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ الصَّانِعُ عَلَى دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ يَشْهَدُونَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يُعَامَلُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ الَّتِي ادَّعَى، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْيَمِينُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَغَرِمَ الصَّانِعُ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الصَّانِعِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ هَذَا خِلَافُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الرُّعَيْنِيِّ أَنَّ الصُّنَّاعَ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ دُونَ ثُبُوتِ خُلْطَةٍ، وَكَذَا فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الصُّنَّاعِ فِيمَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ فَتَأَمَّلْهُ.
وَمِنْهَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَكْرَاهُ دَارِهِ أَوْ حَانُوتَهُ أَوْ حَمَّامَهُ أَوْ رَحَاهُ وَدَابَّتَهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَدْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ هَذَا الْمُدَّعِي مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ عَامَلَهُ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالْكِرَاءِ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَقُومُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا رَبِّ الدَّارِ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ صَاحِبِ الدَّابَّةِ
وَمِنْهَا: لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَاجَلَهُ عَلَى الْقِرَاضِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْمَالِ، فَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعِي لِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَا عَلَى الْمُنْكِرِ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَاقَاهُ عَلَى حَوَائِطِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْآخَرُ، فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمَا تَسَاوَمَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا، أَوْ يُقِرَّانِ بِذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ، وَتَثْبُتُ الْمُسَاقَاةُ وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا فُسِخَتْ، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَسَيَأْتِي كَثِيرٌ مِنْهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.