الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاسْتِهْلَالِ، وَيَرَى ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ رَوَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - حَكَمُوا بِجَوَازِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَحْدَهَا عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ، إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَدْلَةً مَرْضِيَّةً، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَرَّثَ صَبِيًّا عَلَى أَنَّهُ اسْتَهَلَّ، ثُمَّ مَاتَ هُوَ وَأُمُّهُ فَوَرَّثَهُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، فَإِذَا كَانَ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ رَجُلٌ كَانَ أَتَمَّ لِلشَّهَادَةِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
[الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]
عَنْ الْحَلِفِ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ جَحَدَ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ طَالِبُ الْحَقِّ أَنْ يُحْلِفَهُ مَا أَسْلَفْتُك شَيْئًا وَقَالَ الْمَطْلُوبُ أَحْلِفُ مَا لَك عَلَيَّ شَيْءٌ، قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ مَا لَك عِنْدِي حَقٌّ، وَمَا الَّذِي ادَّعَيْت عَلَيَّ بِهِ بَاطِلٌ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ.
وَقَالَ أَصَبْغُ: حَضَرْت ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ حَكَمَ بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَسْلَفَهُ شَيْئًا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ فِيمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا، وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ الثَّمَنِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَأَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُحْلِفَهُ، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَك قِبَلِي، وَيُرِيدُ الطَّالِبُ يَمِينَهُ أَنْ مَا بِعْتُك، قَالَ مَالِكٌ: بَلْ يَحْلِفُ مَا بِعْتنِي ذَلِكَ وَلَا لَك حَقٌّ قِبَلِي، وَهَذَا يُرِيدُ الْأَلْغَازَ وَالتَّحْرِيفَ. قَالَ فَضْلٌ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَعْنِي فِي يَمِينِهِ أَنَّى قَدْ ابْتَعْت مِنْك بِمَا تَقُولُ وَقَضَيْتُك الثَّمَنَ، فَأَنَا أَحْلِفُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَك قِبَلِي، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْهُ وَقَضَاهُ، كَانَ الْحَقُّ قَدْ لَزِمَهُ، وَصَارَتْ الْيَمِينُ عَلَى الطَّالِبِ أَنَّهُ مَا قَضَاهُ شَيْئًا، ثُمَّ يَأْخُذُ حَقَّهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا لَك عَلَيَّ مِنْ كُلِّ مَا تَدَّعِيهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَقَدْ بَرِئَ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ، وَكَانَ الْمُدَّعِي مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ وَالظِّنَّةِ وَالطَّلَبِ بِالشُّبْهَةِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَكَانَ سَحْنُونٌ إذَا قَالَ الْخَصْمُ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، أَوْ قَالَ مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ، وَالْآخَرُ يَدَّعِي دَعْوَى مُفَسَّرَةً يَقُولُ: أَسْلَفْتُهُ أَوْ بِعْته أَوْ أَوْدَعْته، فَكَانَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ حَتَّى يُقِرَّ بِالدَّعْوَى نَفْسِهَا أَوْ يُنْكِرَهَا، فَيَقُولُ: مَا بَاعَنِي وَلَا أَسْلَفَنِي وَلَا أَوْدَعَنِي فَإِنْ تَمَادَى عَلَى اللَّدَدِ سَجَنَهُ، فَإِنْ تَمَادَى أَدَّبَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَمَادَى فِي أَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ رُبَّمَا قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَمَرَ بِكَتْبِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْكَارِ الْآخَرِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ حَتَّى يُقِرَّ بِالشَّيْءِ نَفْسِهِ أَوْ يُنْكِرَهُ، وَرَجَعَ إلَى هَذَا فِي آخِرِ أَيَّامِهِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ فِي الشَّهَادَاتِ الثَّانِي.
مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ حَلَفَ مَا لَك عَلَى عَشَرَةٌ، وَلَا شَيْءٌ، مِنْهَا فَإِنْ ذَكَرَ السَّبَبَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اشْتَرَيْت مِنِّي سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ كَانَ الْمُبْتَاعُ دَفَعَ لَهُ ثَمَنَهَا وَجَحَدَ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، فَفِيهَا قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةَ كَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: قُلْت لِابْنِ عَبْدُوسٍ: إذَا أَسْلَفَهُ مَالًا فَقَضَاهُ إيَّاهُ فَجَحَدَ، وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا أَسْلَفَهُ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، فَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَسْلَفَهُ شَيْئًا، قُلْت لِابْنِ عَبْدُوسٍ فَقَدْ اضْطَرَرْتُمُوهُ إلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَوْ غُرْمِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ: يَنْوِي سَلَفًا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ الْآنَ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَشْهَبُ: إذَا قَالَ لِي عَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَنَحْوِهِ، فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدِي مِنْ وَجْهٍ يَطْلُبُهُ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَطْلُبْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: وَيَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْإِجَارَةِ، مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ إجَارَةً فِي هَذِهِ الدَّارِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْيَمِينِ الْمُطَابِقَةُ، وَأَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ إلَّا فِيمَا نَسَبَهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّفْيِ، قَالَ ابْنُ شَاسٍ: يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي كُلِّ مَا نَسَبَهُ إلَى نَفْسِهِ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ وَفِيمَا نَسَبَهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ