الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ مُبْدَأٍ، وَبِوَصَايَا لِقَوْمٍ فَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُمْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ مَاتَ قَبْلَ الْمُوصِي، جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ إذْ لَا نَفْعَ لَهُمْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمُبْدَأِ، وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُمْ شَيْءٌ مِمَّا بُدِئَ بِهِ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْعَبْدِ.
مَسْأَلَةٌ وَقَالَ عِيسَى فِيمَنْ اُحْتُضِرَ، فَقَالَ مَا شَهِدَ عَلَيَّ بِهِ أَبِي مِنْ دَيْنٍ أَوْ شَيْءٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَى مِائَةِ دِينَارٍ، وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا ثُمَّ مَاتَ فَشَهِدَ فِيهِ الْقَوْمُ بِدُيُونٍ، وَشَهِدَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِيَمِينٍ، إنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا كَالْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا أَوْ نَكَلَ الْمَشْهُودُ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ، لَزِمَ الشَّاهِدَ قَدْرُ مِيرَاثِهِ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي مِيرَاثِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَحْلِفْ الطَّالِبُ.
مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمُغِيرَةُ فِي الَّتِي مَاتَتْ وَلَيْسَ لَهَا وَارِثٌ إلَّا بَنَاتٌ فَشَهِدَ أَخُوهَا وَزَوْجُهَا أَنَّهَا حَنِثَتْ فِي رَقِيقٍ لَهَا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِمَا حُظُوظُهُمَا مِنْ الرَّقِيقِ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا مَا بَقِيَ.
وَفِي الْمُقْنِعِ لِابْنِ بَطَّالٍ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ.
[الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ]
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي أَرْبَعَةِ نَفَرٍ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَلْفِظْ بِغَيْرِهَا، فَقَالَ الِاثْنَانِ مِنْهُمْ: نَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ إنَّ امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْآخَرَانِ بَلْ إنَّمَا قَالَ غُلَامِي حُرٌّ، أَوْ قَالَ الِاثْنَانِ مِنْهُمْ نَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ امْرَأَتِي فُلَانَةُ الْمُسْلِمَةُ طَالِقٌ، لَمْ يَلْفِظْ بِغَيْرِهَا.
وَقَالَ الْآخَرَانِ لَا بَلْ قَالَ: امْرَأَتِي النَّصْرَانِيَّةُ طَالِقٌ، أَوْ شَهِدَ الِاثْنَانِ بِطَلَاقِ الْحُرَّةِ، وَالْآخَرَانِ بِطَلَاقِ الْأَمَةِ، أَوْ قَالَ الِاثْنَانِ إنَّمَا أَعْتَقَ غُلَامَهُ مَيْمُونًا، وَقَالَ الْآخَرَانِ بَلْ مَرْزُوقًا، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ إذَا كَانَ مُنْكِرًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ، وَأَكْذَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَمَّا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فَقَالَا شَهَادَةُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الشُّهُودِ جَائِزَةٌ إذَا كَانُوا عُدُولًا؛ لِأَنَّ كُلًّا شَهِدَ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ بِهِ الْفَرِيقُ الْآخَرُ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ وَهَذِهِ شَهَادَةٌ يُقَامَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا، وَهَكَذَا سَمِعْنَا
مَالِكًا يَقُولُ وَجَمِيعَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ حُكْمُ حُكَّامِنَا، وَقَوْلُ عُلَمَائِنَا لَا نَعْلَمُ خِلَافَهُ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَبِهِ نَقُولُ.
فَرْعٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ: وَلَوْ شَهِدَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِ بِلَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَالَ الْآخَرَانِ بَلْ إنَّمَا قَالَ طَالِقٌ وَاحِدَةً، أُخِذَ بِقَوْلِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الثَّلَاثِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِمْ، إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ.
فَرْعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ إنَّمَا أَقَرَّ بِخَمْسِينَ، قَضَى بِشَهَادَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْأَكْثَرِ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُؤْخَذُ بِاَلَّذِي اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ أَوْ عَدَدِ الدَّنَانِيرِ، ثُمَّ أَحَلَفَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ تَكَاذَبُوا فِيمَا نَافٍ عَلَى مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَاحِدٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، وَلَوْ زَعَمَ الشَّاهِدَانِ الْآخَرَانِ أَنَّهُ صَمَتَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِمَا، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنَ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
مَسْأَلَةٌ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ فِي شُهُودٍ شَهِدُوا أَنَّ كِتَابًا فِيهِ حُكْمٌ قُرِئَ عَلَى الْقَاضِي فَجَوَّزَهُ، أَشْهَدَ عَلَى تَجْوِيزِهِ، وَشَهِدَ أَخَّرُونِ أَنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ تَجْوِيزٌ، أَوْ قَالُوا لَمْ يُجَوِّزهُ أَصْلًا، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّ ذَلِكَ تَمَّ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْآخَرِينَ الَّذِينَ قَالُوا لَمْ يَتِمَّ أَصْلًا، أَوْ لَمْ نَسْمَعْ لَهُ إتْمَامًا كَانُوا فِي مَحْضَرٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي غَيْرِ مَحْضَرٍ وَاحِدٍ، تَكَافَئُوا فِي الْعَدَالَةِ أَوْ لَمْ يَتَكَافَئُوا فِيهَا، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى التَّمَامِ عُدُولًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الَّذِي شَهِدُوا فِيهِ صُلْحًا أَوْ بَيْعًا، فَشَهِدَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَمَّ، وَشَهِدَ آخَرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ، هُوَ عَلَى مَا فَسَّرْت لَك.
مَسْأَلَةٌ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، مَضَتْ الشَّهَادَةُ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ بَابِ شَهَادَةِ الْأَبْدَادِ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا عَلَى التَّحْرِيمِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ خَمْرٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ سَكِرَ مِنْ سُكَّرٍ، تَمَّتْ الشَّهَادَةُ وَوَجَبَ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا عَلَى السُّكْرِ وَفِيهِ الْحَدُّ.
وَقَالَ أَصْبَغُ مِثْلَهُ، وَكَذَا
لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: هِيَ حَرَامٌ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ الْبَتَّةُ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: هِيَ خَلِيَّةٌ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ بَائِنٌ، فَشَهَادَتُهُمَا فِي هَذَا كُلِّهِ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا عَلَى الْبَتَاتِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
مَسْأَلَةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَإِذَا اخْتَلَفَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّائِحَةِ تُوجَدُ مِنْ الرِّجَالِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ رَائِحَةُ مُسْكِرٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ بِرَائِحَةِ مُسْكِرٍ، فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ عَلَى أَنَّهَا رَائِحَةُ مُسْكِرٍ أُخِذَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى الْآخَرِينَ إنْ كَانُوا عُدُولًا.
مَسْأَلَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: فِي الْقَوْمِ يَشْهَدُونَ عَلَى الرَّجُلِ بِالزِّنَا، وَيَتَّفِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى الرُّؤْيَةِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ سَكَتُوا عَنْهُ كَانَتْ تَامَّةً وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَلَا فِي أَيِّ يَوْمٍ، فَلِذَلِكَ لَا يَضُرُّ شَهَادَتَهُمْ اخْتِلَافُهُمْ فِيهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَيَّامِ وَالْأَشْهُرِ وَالْمَوَاضِعِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْقَذْفِ وَالْخَمْرِ وَأَقَامَ بِهِ الْحَدَّ.
مَسْأَلَةٌ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَإِذَا شَهِدَ الْوَاحِدُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ إقْرَارًا وَاحِدًا، خُيِّرَ الْمَشْهُودُ لَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فِي شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ عَلَى الْمِائَةِ وَأَخَذَ الْمِائَةَ، وَلَوْ لَمْ يَقُولَا ذَلِكَ كَانَ إقْرَارًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا سَمِعَ مِنْ إقْرَارِهِ عَلَى حِدَةٍ، أَوْ بِمَا أَشْهَدَهُ بِهِ عَلَى يَدِ حَاكِمٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ هُمَا حَقَّانِ اثْنَانِ، وَقَالَ الْمَطْلُوبُ إنَّمَا هُوَ حَقٌّ دَخَلَ قَلِيلُهُ فِي كَثِيرِهِ، فَالطَّالِبُ يَحْلِفُ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ مِنْهُمَا وَيَأْخُذُ الْحَقَّيْنِ.
مَسْأَلَةٌ وَفِي الْمُقْنِعِ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لِفُلَانٍ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمَكَّةَ مِنْ سَنَةِ كَذَا بِمِائَةِ إرْدَبٍّ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ بِمِصْرَ لِآخَرَ بِمِائَةِ إرْدَبٍّ مِنْ قَمْحٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ فِي