الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السُّلْطَانُ بِحَمِيلِ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بَعْدَ أَنْ يَذْكُرَ صِفَتَهُ فِي كِتَابٍ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ كَمَا يُشْهِدُ عَلَى الْحُكْمِ، وَيَضْرِبُ فِيهِ أَجَلًا لِلْغَائِبِ، فَإِنْ أَبَى إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا عَنْ يَدِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ، وَيَأْخُذُهُ إذَا كَانَ قَدْ قَامَتْ لَهُ شَهَادَةٌ قَاطِعَةٌ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَسْت أَرَى أَنْ أُمَكِّنَ أَحَدًا مِنْ إيقَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَحَدٍ بِدَعْوَاهُ عَلَيْهِ لِغَيْرِ نَفْسِهِ لَا لِأَبٍ وَلَا لِوَلَدٍ وَلَا لِجَارِهِ لَا لِأَخٍ فِي دَيْنٍ وَلَا فِي حَيَوَانٍ وَلَا فِي عَرَضٍ كَانَتْ غَيْبَةُ الْمُدَّعَى لَهُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً، وَلَا يَعْرِضُ لِلْمُدَّعِي ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بِوَكَالَةٍ لِلْقَائِمِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا أَصْبَغُ فَذَهَبَ مُطَرِّفٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي دَعْوَى الْوَلَدِ لِأَبِيهِ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَتْ غَيْبَةُ الْأَبِ بَعِيدَةً وَقَدْ أَثْبَتَهُ الْوَلَدُ بِالْبَيِّنَةِ فَطُولُ غَيْبَتِهِ كَمَوْتِهِ يَقْبِضُهُ السُّلْطَانُ وَيُوقِفُهُ مَعَ مَالِهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ.
[النَّوْعُ الرَّابِعُ مَنْ يُرِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِلْغَائِبِ]
ِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ لِابْنِ كِنَانَةَ فِي مَالِ الْغَائِبِ إذَا كَانَ بِيَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ خِلَافَةٍ، فَهَلْ يُمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ الْقِيَامِ فِيهِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ؟ فَقَالَ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَنَظَرِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ جَهِلَ الْإِمَامُ فَأَمَرَهُ بِالْمُخَاصَمَةِ فَحَكَمَ عَلَى الْقَائِمِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَا لَهُ.
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مِثْلَهُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ فَضْلٌ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَنْعُمٍ قَاضِي أَفْرِيقِيَّةَ كَانَ يَفْعَلُ فِيمَنْ رَفَعَ إلَيْهِ مَالَ غَائِبٍ أَنَّهُ بِيَدِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُوَكِّلُهُ عَلَى الْقِيَامِ فِيهِ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ، فَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَهُ وَذَلِكَ لِطُولِ الزَّمَانِ وَدُرُوسِ الْعِلْمِ، قَالَ فَضْلٌ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيمَا قَرُبَ لَأَمْكَنَهُ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي الْغَائِبِ يَخْرُجُ فِي سَفَرِهِ فَيُخَلِّفُ عَقَارًا أَوْ مَالًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ بِيَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ خِلَافَةٍ هَلْ يَنْزِعُهُ الْقَاضِي مِنْهُ وَيُوَكِّلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ تَرَكَهُ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتْرُكْهُ بِيَدِ أَحَدٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْزِعُهُ مِنْهُ وَيُوَكِّلُ لِلْغَائِبِ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَكَّنُ أَهْلُ الْعَدَاءِ مِنْ عَدَائِهِمْ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ وَمُطَرِّفٌ: فِي الْأَرْضِ تَكُونُ لِلْغَائِبِ بِيَدِ الرَّجُلِ بِخِلَافَةٍ أَوْ بِغَيْرِ خِلَافَةٍ، لَا أَرَى لِسُلْطَانٍ أَنْ يَتَوَثَّقَ لِلْغَائِبِ مِنْهَا إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا يُخَاصِمُ فِيهَا إلَّا بِوَكَالَةٍ، وَلَا يَقْبَلُهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ إنْ تَبَرَّأَ مِنْهَا إلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ شُهُودًا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ بِهَا لِمَنْ لَيْسَتْ لَهُ، فَيَكُونُ إشْهَادُ السُّلْطَانِ عَلَى إقْرَارِهِ حُجَّةً لِلْمُبْطِلِ، وَوَهْنًا لِلْمُحِقِّ، وَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُتَبَرِّي الْمُقِرُّ عَاجِزًا عَنْ وِلَايَتِهَا، فَإِنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا أَقَرَّ وَرَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ يُوَلِّيهَا الْقَاضِي مَنْ رَأَى لِلْغَائِبِ بِغَيْرِ حُكْمٍ وَلَا إشْهَادٍ مِنْهُ بِأَنَّهَا لَهُ إلَّا عَلَى حَالِ تَخْلِيَةِ هَذَا مِنْهَا، فَإِنْ جَاءَ طَالِبٌ سِوَاهُ لَمْ يُبْطِلْ عَنْهُ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ حُجَّتِهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَلَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ وَرَفَعَ إلَيْهِ الْعُدُولُ أَنَّ صَاحِبَهَا خَرَجَ عَنْهَا وَيُسَمُّونَهُ وَيَنْسُبُونَهُ، وَأَنَّهُ تَرَكَهَا هَكَذَا، وَقَدْ تَطَاوَلَ أَمْرُهَا وَخِيفَ أَنْ يَذْهَبَ حَقُّهُ فِيهَا فَلْيُوَكِّلْ عِنْدَ ذَلِكَ وَكِيلًا لِلْغَائِبِ وَيُشْهِدْ لَهُ بِهَا، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَعْرِضَ لَهَا بِتَوْكِيلٍ وَلَا بِإِشْهَادٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ الَّذِي سُمِّيَتْ لَهُ، فَيَكُونُ إيقَافُ السُّلْطَانِ ذَلِكَ لَهُ وَفِعْلُهُ إنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَبِيهًا بِالْحُكْمِ، أَوْ تَكُونَ أَرْضًا لِصَغِيرٍ لَا وَلِيَّ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهَا وَلِيًّا يَنْظُرُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا مِنْ مَالِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا قَامَ مُحْتَسِبٌ لِلْغَائِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ تَسَوَّرَ فِيهِ عَلَى الْغَائِبِ فِي دَارِهِ أَوْ عَقَارِهِ أَوْ فِي عَيْبٍ أَحْدَثَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ ضَرَرٍ أُحْدِثَ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ فِي الْقِيَامِ فِي الْعَيْبِ وَالضَّرَرِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالْجَارِ وَالْأَجْنَبِيِّ، وَمَنْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَمَنْ لَا يُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ مِنْ الدَّعْوَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الِاخْتِلَافِ. وَانْظُرْ: لَوْ قَامَ مُحْتَسِبٌ