الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَهَادَتِهِمْ لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ تِلْكَ الْعُقُودِ، كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ الْوَقْفُ أَوْ صَدَرَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَالَهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ قَبْلَ هَذَا، فَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ ذَلِكَ.
[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيِّنَاتِ]
[الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْقَضَاءِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ]
وَمَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهَا وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا وَيَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِي سَبْعِينَ بَابًا وَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إثْبَاتِ الزِّنَا، وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ.
الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: الشَّهَادَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الزِّنَا عِيَانًا، فَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ.
الْوَجْهِ الثَّانِي: الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ وَلَوْ مَرَّةً، خِلَافًا لِمَنْ يَشْتَرِطُ الْإِقْرَارَ بِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكْتَفِي بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى الْمُقِرِّ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ تَئُولُ إلَى إقَامَةِ الْحَدِّ، فَسَاوَتْ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ لِتَسَاوِي مُوجِبِهِمَا. وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَاتِ عَلَى الْإِقْرَارَاتِ أَنْ يُكْتَفَى فِيهَا بِشَاهِدَيْنِ، فَأَجْرَى الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ.
فَرْعٌ: وَفِي تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ اُخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ اثْنَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ وَالنَّقْلِ عَنْ شُهُودِ الْأَصْلِ الَّذِينَ عَايَنُوا الزِّنَا. وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِالْحُكْمِ بِذَلِكَ، هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا؟ ، وَإِذَا لَمْ تَجُزْ فَهَلْ يُحَدُّ الشَّاهِدَانِ أَمْ لَا؟ ، وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ حُدَّ، فَإِنْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ: يُحَدُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُحَدُّ إذَا قَالَ أَشْهَدَنِي فُلَانٌ، إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ زَانٍ أَشْهَدَنِي فُلَانٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ حُقِّقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ حُدَّ.
فَرْعٌ: وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ: رَأَيْت فُلَانًا مَعَ فُلَانَةَ أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُعَاقَبُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا عُقُوبَةَ، وَرَأَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ الشَّاهِدَ إنْ كَانَ عَدْلًا فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَيُعَاقَبُ، وَقِيلَ إنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ لَمْ يُعَاقَبْ الشَّاهِدُ، وَإِلَّا عُوقِبَ.
الْوَجْهِ الثَّالِثِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: يَكْفِي اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَقِيلَ لَا يَكْفِي إلَّا أَرْبَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، فَتَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ، وَقِيلَ يَكْفِي أَرْبَعَةٌ يَشْهَدُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُعَايَنَةِ.
فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي أَحَدَ الشُّهُودِ فَاخْتُلِفَ، هَلْ يَكْتَفِي فِي تَعْدِيلِهِ بِاثْنَيْنِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ؟ الْوَجْهِ الرَّابِعِ: الشَّهَادَةُ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِثُبُوتِهِ وَالْحُكْمِ بِهِ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، هَلْ يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي اثْنَانِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ؟ .
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا عَلَى رَجُلٍ وَتَعَلَّقُوا بِهِ، وَأَتَوْا بِهِ إلَى السُّلْطَانِ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ قَالَ لَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُمْ، وَأَرَاهُمْ قَذَفَةً، وَرَوَاهُ أَصَبْغُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ، فَإِنْ كَانُوا أَصْحَابَ شَرْطٍ مُوَكَّلِينَ بِتَغَيُّرِ الْمُنْكَرِ وَرَفْعِهِ، فَأَخَذُوهُ وَجَاءُوا بِهِ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ، جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا فِي أَخْذِهِ وَرَفْعِهِ مَا يَلْزَمُهُمْ.
وَفِي الْوَاضِحَةِ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنًا عَلَى رَجُلٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا هُمْ الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مُجْتَمَعِينَ جَاءُوا، أَوْ مُتَفَرِّقِينَ إذَا كَانَ افْتِرَاقُهُمْ قَرِيبًا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَنْ يَكُونُوا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ ذُكُورًا عُدُولًا، يَشْهَدُونَ بِزِنًا وَاحِدٍ مُجْتَمَعِينَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، غَيْرَ مُفْتَرِقِينَ بِأَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ.