الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَنْبِيهٌ: وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَذْكُورَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ، لَا بُدَّ مِنْ تَارِيخِهَا بِالْأَوْقَاتِ وَهِيَ: كُلُّ اسْتِرْعَاءَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ فِي أَيْ شَيْءٍ كَانَا، وَمَتَى يَتَحَقَّقُ بِالْوَقْتِ أَنَّ الِاسْتِرْعَاءَ تَقَدَّمَ الصُّلْحَ وَإِلَّا بَطَلَ الِاسْتِرْعَاءُ، وَالطَّلَاقُ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ وَالْحَمْلِ، وَتَصْدِيقُهَا أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَعُهْدَةُ الرَّقِيقِ لِأَجْلِ الْعُيُوبِ، كَذَلِكَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ مَوْتُ الْمَيِّتِ إذْ لَعَلَّ لَهُ وَارِثًا مَاتَ قَبْلَهُ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْعُهْدَةِ هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَقِيلَ: ابْتِدَاؤُهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ الْمُسْتَقْبَلِ.
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي مَسَائِلَ الصَّدَاقِ وَتَأْجِيلِ الْعُسْرِ بِهِ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: الْقُرْطُ فِي أَحْكَامِهِ وَلَا تَعُدُّ الْيَوْمَ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْأَجَلُ، وَلَا تَحْتَسِبُ كَمَا تَحْتَسِبُ بِالْيَوْمِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْعُهْدَةَ وَمُلْغًى.
تَنْبِيهٌ: وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَزَرِيِّ، وَيَجِبُ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ شُهُودِ الِاسْتِرْعَاءِ وَالتَّرَشُّدِ وَالتَّسْفِيهِ، وَأَقَلُّهُمْ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ.
[الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ التَّوَسُّمِ]
رَوَى التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ» ، وَالتَّوَسُّمُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَوْسِمِ، وَهُوَ التَّأْثِيرُ بِحَدِيدَةٍ فِي جِلْدِ الْبَعِيرِ يَكُونُ عَلَامَةً يُسْتَدَلُّ بِهَا، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْقَوَافِلِ وَالرِّفَاقِ تَمُرُّ بِأُمَّهَاتِ الْقُرَى وَالْمَدَائِنِ فَتَقَعُ بَيْنَهُمْ الْخُصُومَةُ عِنْدَ حَاكِمِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْمَدِينَةِ الَّتِي حَلُّوا بِهَا أَوْ مَرُّوا بِهَا، فَإِنَّ مَالِكًا وَجَمِيعَ أَصْحَابِنَا أَجَازُوا شَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ، مِمَّنْ جَمَعَهُ ذَلِكَ السَّفَرُ وَجَرَّتْهُ تِلْكَ الْمُرَافَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُوا بِعَدَالَةٍ وَلَا سَخْطَةٍ إلَّا عَلَى التَّوَسُّمِ لَهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، خَاصَّةً مِنْ الْأَحْلَافِ وَالْأَكْرِيَةِ وَالْبُيُوعِ وَالْأَشْرِبَةِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ أَهْلِ بُلْدَانٍ شَتَّى كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالشُّهُودُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَصَمُوا فِيهَا، أَوْ مَعْرُوفًا مِنْ غَيْرِهَا إذَا كَانَ مِمَّنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُمْ ذَلِكَ
السَّفَرُ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى كَرِيِّهِمْ فِي كُلِّ مَا عَامَلُوهُ بِهِ وَفِيهِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، قَالَا وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ التَّوَسُّمِ عَلَى وَجْهِ الِاضْطِرَارِ مِثْلَ مَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِيمَا لَا يَحْضُرُهُ الرِّجَالُ، وَمِثْلَ مَا أُجِيزَتْ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَيْنَهُمْ فِي الْجِرَاحَاتِ، قَالَا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ التَّوَسُّمِ فِي كُلِّ حَقٍّ كَانَ ثَابِتًا فِي دَعْوَاهُمْ قَبْلَ سَفَرِهِمْ إلَّا بِالْمَعْرِفَةِ وَالْعَدَالَةِ، فَإِنْ حَكَمَ عَلَى الْكَرْيِ بِمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِ فِي كِرَاءٍ أَوْ سَلَفٍ، فَلَمْ يَفِ مَا مَعَهُ بِمَا عَلَيْهِ، وَلَهُ عَقَارٌ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي بِهَا تَحَاكَمُوهُ: أَتَرَى أَنْ يُبَاعَ عَقَارُهُ فِي بَقِيَّةِ مَا عَلَيْهِ؟ قَالَا وَلَا تَجُوزُ فِي الْعَقَارِ، وَشِبْهِهِ شَهَادَةُ الْمَجْهُولِينَ، وَيَبْقَى ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ، وَإِنْ بِيعَ عَقَارُهُ بِسَبَبِ غُرَمَاءَ قَامُوا عَلَيْهِ بِدُيُونِهِمْ سَوَاءٌ، فَفَلِسَ لَهُمْ دَخَلَ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَا يُمَكَّنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْ تَجْرِيحِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أُجِيزُوا عَلَى التَّوَسُّمِ فَلَيْسَ فِيهِمْ جُرْحَةٌ، إلَّا أَنْ يَسْتَرِيبَ الْحَاكِمُ فِيهِمْ قَبْلَ حُكْمِهِ بِشَهَادَتِهِمْ، بِسَبَبِ قَطْعِ يَدٍ أَوْ جَلَدٍ فِي ظَهْرٍ فَلْيَتَثَبَّتْ فِي تَوَسُّمِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ انْتِفَاءُ تِلْكَ الرِّيبَةِ وَإِلَّا أَسْقَطَهُمْ.
قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَامْرَأَةٌ أَوْ غَيْرُ عُدُولٍ، تَوَسَّمَ فِيهِمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُبِلُوا بِالتَّوَسُّمِ كَانُوا عَبِيدًا أَوْ مَسْخُوطِينَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ تَثَبَّتَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِمْ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ مَسْخُوطَيْنِ.
قَالَ: وَلَا يُقْبَلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي سَرِقَةٍ وَلَا زِنًا وَلَا غَصْبٍ وَلَا تَلَصُّصٍ وَلَا مُشَاتَمَةٍ، وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ فِي الْمَالِ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ، قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ، يَعْنِي شَهَادَةَ التَّوَسُّمِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ خِلَافَ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ شَهَادَةَ الْغُرَبَاءِ دُونَ أَنْ تُعْرَفَ عَدَالَتُهُمْ، انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، أَنَّ الَّذِي رَآهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْغُرَبَاءِ حَيْثُ لَا يَكُونُ ضَرُورَةً مِثْلَ شَهَادَتِهِمْ فِي الْحَضَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.