الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُلْطَةُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ مَا ضَارَعَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ فِي الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْغَائِبِ وَتَعْجِيزَهُ وَتَرْكَ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ فِي التَّسْجِيلِ.
[فَصْلٌ لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُوَثِّقِينَ بِإِفْرَادِ عَقْدٍ لِلتَّعْجِيزِ]
فَصْلٌ: وَلَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُوَثِّقِينَ بِإِفْرَادِ عَقْدٍ لِلتَّعْجِيزِ وَإِنَّمَا يَضُمُّونَهُ عُقُودَ التَّسْجِيلَاتِ، فَإِنْ أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ قُيِّدَتْ فِيهِ: أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ فُلَانًا قَامَ عِنْدَهُ وَادَّعَى عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ، وَحَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَثَبَتَ عِنْدَهُ إنْكَارُهُ بِمَنْ قَبِلَ مِنْ الشُّهُودِ، فَكَلَّفَ الْقَائِمَ الْإِثْبَاتَ وَأَجَّلَهُ فِي ذَلِكَ أَجَلًا بَعْدَ أَجَلٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحُكَّامِ فِي الْآجَالِ، ثُمَّ تَلَوَّمَ عَلَيْهِ أَجَلَ التَّلَوُّمِ الْمَعْلُومِ وَلَمْ يَأْتِ فِي خِلَالِ ذَلِكَ بِشَيْءٍ يُوجِبُ لَهُ حُكْمًا، فَسَأَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَعْجِيزَهُ وَقَطْعَ دَعْوَاهُ عَنْهُ، فَأَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، وَسَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعِيَ أَبَقِيَتْ لَكَ حُجَّةٌ تُحَقِّقُ دَعْوَاكَ فَقَالَ: لَا، فَاسْتَبَانَ لَهُ عَجْزُهُ فَعَجَّزَهُ، وَقَطَعَ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ طَلَبَتَهُ وَتَعْنِيتَهُ وَسَجَّلَ بِذَلِكَ، وَأَشْهَدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي تَارِيخِ كَذَا.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي تَوْقِيفِ الْمُدَّعَى فِيهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]
النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْعَقَارُ وَيَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ دُورٍ وَأَرَاضٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِقَالَ وَالتَّوْقِيفَ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْخَصْمِ فِي الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَلَا يُعْقَلُ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْغَيْرِ فِيهِ، حَتَّى يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ سَبَبٌ يُقَوِّي الدَّعْوَى أَوْ لَطْخٌ وَالسَّبَبُ كَشَهَادَةِ الْعَدْلِ أَوْ الْمَرْجُوِّ تَزْكِيَتُهُ وَاللَّطْخُ لِلشُّهُودِ غَيْرِ الْعُدُولِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالِاعْتِقَالُ فِي الرِّبَاعِ عَلَى وَجْهَيْنِ.
الْأَوَّلُ: عِنْدَ قِيَامِ الشُّبْهَةِ الظَّاهِرَةِ أَوْ ظُهُورِ اللَّطْخِ فَيُرِيدُ الْمُدَّعِي تَوْقِيفَهُ لِيُثْبِتَهُ، فَالتَّوْقِيفُ هُنَا بِأَنْ يَمْتَنِعَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفًا
يُفِيتُهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَوْ يُخْرِجُهُ بِهِ عَنْ حَالِهِ كَالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُرْفَعَ يَدُهُ عَنْهُ.
الثَّانِي: بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي ذَلِكَ بِشَهَادَةٍ قَاطِعَةٍ وَيُحَازُ الرَّبْعُ عَلَى مَا يَجِبُ وَيَدَّعِي الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ مَدْفَعًا فِيمَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي فَيُضْرَبُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ الْآجَالُ، فَيُوقَفُ الْمُدَّعَى فِيهِ حِينَئِذٍ بِأَنْ تُرْفَعَ يَدُ الْأَوَّلِ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ دَارًا اُعْتُقِلَتْ بِالْقُفْلِ أَوْ أَرْضًا مُنِعَ مِنْ حَرْثِهَا أَوْ حَانُوتًا لَهُ خَرَاجٌ وُقِفَ الْخَرَاجُ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي حِصَّةٍ فَتُعْقَلُ جَمِيعُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَجَمِيعُ الْخَرَاجِ، وَقِيلَ يُعْقَلُ مِنْ الْخَرَاجِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ الْحِصَّةَ الْمُدَّعَى فِيهَا، وَيُدْفَعُ بَاقِيهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِإِخْلَاءِ الدَّارِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَتَاعِهِ، وَيُؤَجَّلُ فِي إخْلَاءِ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا.
وَفِي الْمُقَرَّبِ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عِنْدِي أَوْلَى بِالصَّوَابِ هَذَا حُكْمُ الْمُدَّعَى فِيهِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْحَاضِرَةِ بَعَثَ الْحَاكِمُ أَمِينًا يَعْقِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَ الْمَعْقُولُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ فِي الدَّارِ مَا ثَقُلَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ أَجَابَهُ الْحَاكِمُ إلَى ذَلِكَ، وَبِهَذَا جَرَى عَمَلُ سَحْنُونٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَاخْتُلِفَ فِي الْعَقْلَةِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ أَنَّ الْعَقْلَ يَجِبُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ لُبَابَةَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ: لَا تَجِبُ الْعَقْلَةُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ يُمْنَعُ الْمَطْلُوبُ بِذَلِكَ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْعَقَارِ بُنْيَانًا أَوْ بَيْعًا غَيْرَهُ، وَيَتَقَدَّمُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِالْقَوْلِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ يَدِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ نُظِرَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ مَا ادَّعَى الطَّالِبُ حَقًّا، وَتُرِكَ الِاعْتِقَالُ عَنْ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الَّذِي لَا يَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَمَّا مَنْ يَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَإِنَّهُ يُكَلِّفُ الطَّالِبَ شَاهِدًا ثَانِيًا، فَإِنْ أَعْيَاهُ أَحْلَفَهُ مَعَ شَاهِدِهِ وَقَضَى لَهُ بِيَمِينِهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي شَهَادَاتِ الْمُدَوَّنَةِ فِي رَجُلٍ حَفَرَ فِي أَرْضٍ بِيَدِهِ عَيْنًا، فَادَّعَى فِيهَا رَجُلٌ دَعْوًى، وَاخْتَصَمَا إلَى صَاحِبِ الْمِيَاهِ، فَأَوْقَفَهُمْ حَتَّى يَرْتَفِعُوا إلَى الْمَدِينَةِ، فَشَكَا حَافِرُ الْعَيْنِ إلَى مَالِكٍ فَقَالَ مَالِكٌ قَدْ أَحْسَنَ حِينَ أَوْقَفَهَا،
وَأُرَاهُ قَدْ أَصَابَ، فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَتْرُكُ عُمَّالِي يَعْمَلُونَ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ فَلْيُهْدَمْ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي ذَلِكَ، وَرَأَى أَنْ تُوقَفَ فَإِنْ اسْتَحَقَّ حَقَّهُ وَإِلَّا بُنِيَتْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا إذَا كَانَ لِلدَّعْوَى وَجْهٌ وَإِلَّا فَلَا.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْأَصْبَغِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ أَصْلُ بَقْلٍ أَوْ زَيْتُونٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَرَةٌ، وَكَانَتْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الدَّعْوَى قَدْ طَابَتْ فَهِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُفَارِقْ الْأَصْلَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ قِيمَةَ مَا أَسْقَى وَعَالَجَ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ قَدْ خَرَجَ إبَّانَ زِرَاعَتِهِ فَهُوَ لِزَارِعِهِ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي رَجُلٍ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْشَبَ الْخُصُومَةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً غَيْرَ قَاطِعَةٍ، فَأَرَادَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَهَبَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى ذَلِكَ لَهُ يَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ مَا لَمْ يُقْضَ بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ مِمَّا يُبْطِلُ حُجَّةَ هَذَا وَلَا بَيِّنَتَهُ، قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ غَرَرٌ وَخَطَرٌ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهُ مِنْ ظَالِمٍ ثُمَّ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُخَاصَمَتِهِ، وَقَوْلُ الْغَيْرِ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَظْهَرُ.
النَّوْعُ الثَّانِي تَوْقِيفُ الْحَيَوَانِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ يَدَّعِيَانِ الْحُرِّيَّةَ إذَا أَقَامَا شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا فَإِنَّهُمَا يُوقَفَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا وَيُخْرَجَانِ مِنْ يَدِهِ إذَا كَانَ مَا يَدَّعِيَانِ مِنْ الشَّاهِدِ الثَّانِي قَرِيبًا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ.
وَفِي التَّنْبِيهِ لِابْنِ الْأَصْبَغِ وَمَنْ اعْتَرَفَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْحَيَوَانِ بِيَدِ رَجُلٍ وَأَرَادَ تَوْقِيفَهُ لِيُلَطِّخَهُ أَوْ لِيَأْتِيَ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ بُعْدٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَا ادَّعَى مِنْ الْبَيِّنَةِ بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ، وَكَّلَ الْقَاضِي بِالْعَبْدِ وَوَقَّفَهُ فِيمَا قَرُبَ مِنْ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ يَمِينٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إنْكَارِ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا عِلْمَ عِنْدِي مِمَّا تَقُولُ، فَإِنْ ظَنَّ بِهِ عِلْمَ ذَلِكَ حَلَفَ، وَأَمَّا إنْ أَتَى الْقَائِمُ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ عَدْلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا عِلْمَ عِنْدِي فَإِنْ ظَنَّ بِهِ عِلْمَ ذَلِكَ حَلَفَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَتَى بِلَطْخٍ كَالْقَوْمِ غَيْرِ الْعُدُولِ يَشْهَدُونَ لَهُ بِمِلْكِهِ
أَوْ عُدُولٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ سُرِقَ لَهُ مِثْلُ مَا يَدَّعِي، وَلَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُ قَاطِعَةً أَوْ كَالشَّاهِدِ الْعَدْلِ عَلَى الْبَتِّ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعِ بَيِّنَتِهِ، فَذَلِكَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي ذَهَابِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُدَّعِي رَفْعُ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُلَطِّخْهُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَضَعَ قِيمَتَهُ وَقَالَ يُوَقَّفُ حَتَّى آتِيَ بِبَيِّنَتِي، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقْرُبُ وُقِّفَ لَهُ مَا بَيْنَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ إلَى الْجُمُعَةِ قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَقِيلَ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ، فَإِنْ انْقَضَى الْأَجَلُ تَلَوَّمَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أُسْلِمَ إلَى مَنْ كَانَ فِي يَدَيْهِ بَعْدَ يَمِينِهِ، إنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ يُوجِبُ لَهُ الْحَقَّ حُكِمَ لَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَبْعُدُ وَفِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَجِبْ تَوْقِيفُهُ وَأُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ مِنْ غَيْرِ كَفِيلٍ يَلْزَمُهُ.
مَسْأَلَةٌ: وَاخْتُلِفَ فِي نَفَقَةِ مَا وُقِفَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَفِي غَلَّتِهِ وَمِمَّنْ تَكُونُ مُصِيبَتُهُ إنْ هَلَكَ فِي مُدَّةِ الْوَقْفِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ نَفَقَتُهُ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ وَغَلَّتُهُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ هَلَكَ كَانَ فِي ضَمَانِهِ. وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنْ هَلَكَ فِي الْوَقْفِ ثُمَّ ثَبَتَ لِلْمُسْتَحِقِّ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَزَادَ إلَّا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ وَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَتَكُونُ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُحْكَمَ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَتَكُونَ الْغَلَّةُ عَلَى ذَلِكَ لَهُ. وَرَأَى اللَّخْمِيُّ الْمُصِيبَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْغَلَّةَ لَهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: كَانَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْت. يَقُولُ فِي غَلَّةِ الْمُسْتَحِقِّ لِمَنْ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ عَدْلٌ. وَالثَّانِي: فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالثَّالِثُ: فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ وَمَا اغْتَلَّتْ الْأَرْضُ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ يَوْمَ ثَبَتَ حَقُّ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ ضَمِنَهَا.