الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ: وَحَيْثُ يَحْكُمُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَكَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ أَوْ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ أَوْ أَمَةٍ، أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا يَمِينُهُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى -.
[فَصْلٌ الْقَضَاءُ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ]
فَصْلٌ: وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ، فَيَجْرِي الْمُدَّعِي فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ مِنْ الْأَمْوَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَكَذَا الْوَرَثَةُ، كَمَا لَوْ وَلَدَتْ امْرَأَةٌ ثُمَّ مَاتَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا، فَشَهِدَتْ امْرَأَتَانِ أَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ وَلَدِهَا فَإِنَّ الْأَبَ يَحْلِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَسْتَحِقُّونَ مَا يَرِثُ عَنْ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
تَنْبِيهٌ: وَاخْتُلِفَ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ شَهِدَ النِّسَاءُ فِي طَلَاقٍ وَدَيْنٍ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ جَازَتْ فِي الدَّيْنِ مَعَ الْيَمِينِ دُونَ الطَّلَاقِ.
فَرْعٌ: وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ عَلَى مَيِّتٍ أَنَّهُ أَوْصَى لِرَجُلٍ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقٌ، وَأَبْضَاعُ النِّسَاءِ يُرِيدُ نِكَاحَ الْبَنَاتِ فَأَبْطَلَ الْوَصِيَّةَ كُلَّهَا، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا تُجِيزُهُ السُّنَّةُ وَمَا لَا تُجِيزُهُ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ دُونَ مَا لَا تُجِيزُهُ، وَقِيلَ يُرَدُّ الْجَمِيعُ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْقَضَاءِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]
عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَالْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ الرَّافِعَةِ وَالْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ وَحُكْمِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَنْ الْيَمِينِ الْمُصَحَّحَةِ لِلدَّعْوَى وَذَلِكَ يَجْرِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُقْبَلُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ وَالْمَرْأَتَانِ وَالْيَمِينُ. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُسَمَّى الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا الْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ انْقِلَابَهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ.
وَأَمَّا الْيَمِينُ الرَّافِعَةُ لِلدَّعْوَى، فَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ هِيَ الْيَمِينُ الرَّافِعَةُ لِلدَّعْوَى.
وَأَمَّا الْيَمِينُ الْمُنْقَلِبَةُ، فَهِيَ أَنْ يُطْلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ الرَّافِعَةِ لِلدَّعْوَى، فَيَنْكُلُ عَنْهَا فَتَنْقَلِبُ الْيَمِينُ عَلَى الطَّالِبِ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ، فَإِنْ جَهِلَ الْمَطْلُوبُ رَدَّهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُخْبِرَهُ وَلَا يَقْضِيَ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهَا، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي فَلَا شَيْءَ لَهُ.
فَرْعٌ: فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي حِينَ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجَدَ بَيِّنَةً بِبَرَاءَتِهِ مِنْ ذَلِكَ نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَاسْتَعَادَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُدَّعِي مِنْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ.
فَرْعٌ: وَعَكْسُ هَذَا إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الطَّالِبُ شَاهِدًا آخَرَ، فَقِيلَ يُضَمُّ إلَى شَاهِدِهِ الْأَوَّلِ، وَتَبْطُلُ يَمِينُ الْمَطْلُوبِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَكَلَّمْت فِيهِ ابْنُ كِنَانَةَ، فَقَالَ: هَذَا عِنْدَنَا وَهْمٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا أَبَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا الِاعْتِدَادُ بِهِ بِشَاهِدٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، مِثْلُ الْمَرْأَةُ تُقِيمُ شَاهِدًا عَلَى طَلَاقِ زَوْجِهَا إيَّاهَا، وَالْعَبْدُ يُقِيمُ شَاهِدًا عَلَى عِتْقِ سَيِّدِهِ إيَّاهُ، فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ ثُمَّ يَجِدُ الطَّالِبُ مِنْهُمَا شَاهِدًا آخَرَ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ لَهُ إلَى شَاهِدِهِ الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ يَمِينُ الْحَالِفِ. قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَبِهَذَا أَقُولُ وَهُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -. وَقِيلَ إنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ سِوَى الْأَوَّلِ قَضَى لَهُ بِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ إنْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِهِمَا، وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ اُسْتُؤْنِفَ الْحُكْمُ فَيَحْلِفُ مَعَهُ. اُنْظُرْ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِشَهَادَةِ الثَّانِي، أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْعَدَمَ.
وَقَالَ: إنَّ الْمُدَّعِيَ عَالِمٌ بِذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ الْيَمِينِ الرَّافِعَةِ لِلدَّعْوَى، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي فَلَا مَقَالَ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ، وَهَذِهِ الْيَمِينُ تُسَمَّى الْيَمِينَ الْمُصَحِّحَةَ لِلدَّعْوَى، وَالْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُدَّعًى عَلَيْهِ، اُنْظُرْ الْمُتَيْطِيَّةِ.