الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدْ وَجَبَ لَهُ عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَزَادَ مُطَرِّفٌ فِي نَصِيبِ الْغُيَّبِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ لَا يُورَثُ عَنْهُمْ إنْ مَاتُوا قَبْلَ قُدُومِهِمْ، وَلَا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مَالٌ سِوَاهُ، حَتَّى تُعْرَفَ دَعْوَاهُمْ لَهُ وَطَلَبُهُمْ إيَّاهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْغُيَّبِ إذَا طَلَبُوهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِآبَائِهِمْ فِي ذَلِكَ دَعْوَى؛ لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ قَامَ يَطْلُبُ دَارًا هَلَكَ عَنْهَا جَدُّهُ، وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ فَجَرَّ إلَى نَفْسِهِ مِيرَاثَ أَبِيهِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَذَلِكَ لَهُ إذَا أَحَقَّهَا، فَكَذَلِكَ هَذَا، قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ إنْ قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنْ جَاءَ بِحُجَّةٍ مِثْلَ الْأَوَّلِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الْخُصُومَةِ وَلَا مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحُجَّةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ غَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ فَيُمَكَّنُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ رحمهم الله.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ مَزِيدُ بَيَانٍ وَاخْتِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ قُلْت: فَإِذَا قَامَ رَجُلٌ يَطْلُبُ شَيْئًا لِلْعَامَّةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَخَاصَمَ فِيهِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ لَا حَقَّ لِلْعَامَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ لِلْخَصْمِ كَيْفَ يَكْتُبُ الْحَاكِمُ أَعَلَى الْعَامَّةِ أَمْ عَلَى الْقَائِمِ، فَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِمْ وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ قَامَ يَطْلُبُ لِلْعَامَّةِ كَذَا فَلَمْ أَرَ لَهُ حَقًّا وَحَكَمْت عَلَيْهِ، فَإِنْ قَامَ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ مُخَاصَمَةَ الْمَقْضِيَّ لَهُ سَمِعَ الْقَاضِي مِنْ حُجَّتِهِ وَمِنْ بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ قَالَ كَقَوْلِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ حَكَمَ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَهُ بِهِ، وَلَمْ يَسْمَعْ حُجَّتَهُ وَلَا مِنْ بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ جَاءَ بِغَيْرِ ذَلِكَ نَظَرَ لَهُ فِيهِ أَيْضًا وَلَا يُعَجَّزُ.
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الشَّيْءِ يُقْضَى عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُومُ أَحَدُ شُرَكَائِهِ يُرِيدُ الْمُخَاصَمَةَ فِيهِ أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعَجَّزُ فِيهَا الطَّالِبُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا مُسْتَوْفَاةً فِي فَصْلِ التَّأْجِيلِ وَالتَّلَوُّمِ وَالتَّعْجِيزِ فَانْظُرْهُ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى إثْبَاتِ فُصُولٍ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُمَكِّنَ الْمَرْأَةَ مِنْ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يَتَّصِلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.
الْأَوَّلُ: الْبِكْرُ الْيَتِيمَةُ الْبَلَدِيَّةُ إذَا أَرَادَتْ النِّكَاحَ، كَلَّفَهَا إثْبَاتَ يُتْمِهَا وَبَكَارَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إلَى أَحَدٍ، وَلَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ قَدَّمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا، وَتُثْبِتُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا وَلِيَّ نَسَبٍ لَهَا، أَوْ أَنَّ لَهَا وَلِيًّا أَحَقَّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَتُثْبِتُ كَفَاءَةَ الزَّوْجِ، وَأَنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ. قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: وَأَنَّهَا حُرَّةٌ، وَيَسْمَعُ الشُّهُودُ مِنْهَا رِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَبِالصَّدَاقِ، وَأَنَّهَا فَوَّضَتْ الْقَاضِيَ فِي نِكَاحِهَا بِذَلِكَ وَسَمَاعُهُمْ مِنْهَا صَمْتًا لَا نُطْقًا.
الثَّانِي: الثَّيِّبُ الْبَلَدِيَّةُ وَإِذَا طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا أَنْ تُثْبِتَ أَصْلَ الزَّوْجِيَّةِ وَطَلَاقَ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ وَفَاتَهُ عَنْهَا، وَأَنَّهَا لَمْ تُخَلِّفْ زَوْجًا إنْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ طُولٌ، وَأَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا، وَأَنَّ وَلِيَّهَا فُلَانٌ وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِعَقْدِ نِكَاحِهَا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْكَفَاءَةِ فِي الثَّيِّبِ فَتُثْبِتُ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْأَبُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَيَأْتِي إلَى الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ ابْنَتَهُ، فَقَدْ كَلَّفَهُ بَعْضُ قُضَاةِ الْعَصْرِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ لَهُ ابْنَةً.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ جَرَتْ عَادَةُ قُضَاةِ الْعَصْرِ بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ الْمَبْتُوتَةِ مِنْ رَجْعَةِ مُطَلِّقِهَا حَتَّى تُثْبِتَ دُخُولَ الزَّوْجِ الثَّانِي بِهَا دُخُولَ اهْتِدَاءٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا وَيَتَصَرَّفُ عَلَيْهَا تَصَرُّفَ الْأَزْوَاجِ عَلَى الزَّوْجَاتِ، وَمَا عَلِمُوا فِي نِكَاحِهَا رِيبَةً وَلَا دُلْسَةً، وَأَمَّا لَوْ قَدِمَتْ مَبْتُوتَةٌ فَقَالَتْ تَزَوَّجْتُ فَأَرَادَ الَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ قَالَ إنَّهَا لَا تُصَدَّقُ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ وَلِيَّهَا عَضَلَهَا، فَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُسْأَلَ الْوَلِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْعَقْدِ عَلَيْهَا سُئِلَ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا يُوجِبُهُ وَبِأَنَّ صَوَابَهُ تَرْكُهُ وَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ صَوَابُهُ، وَدَامَ عَلَى امْتِنَاعِهِ فَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُثْبِتَ رِضَاهَا وَالْكَفَاءَةَ، وَأَنَّهَا خُلُوٌّ مِنْ زَوْجٍ، وَفِي غَيْرِ عِدَّةٍ وَيُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يُنْكِحُهَا مِنْهُ، وَزَادَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ وَتُثْبِتُ حُرِّيَّتَهَا.
مَسْأَلَةٌ: يَتِيمَةٌ رَغِبَتْ فِي نِكَاحِ رَجُلٍ وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْقَاضِي وَسَأَلَتْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الزَّوْجَ كُفْءٌ لَهَا فِي حَالِهِ وَمَالِهِ وَجَمِيعِ أَسْبَابِهِ، وَأَنَّهَا يَتِيمَةٌ فِي سِنِّهَا، وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهَا وَصِيًّا مِنْ أَبٍ وَلَا وَكِيلًا مِنْ قَاضٍ وَلَا وَلِيَّ لَهَا غَيْرُ السُّلْطَانِ، وَأَنَّهَا خُلُوٌّ مِنْ زَوْجٍ فِي عِلْمِهِمْ، وَأَنَّهَا فِي غَيْرِ عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ مِنْ أَيْنَ عَلِمُوا أَنَّهُ كُفُؤٌ لَهَا.
مَسْأَلَةٌ: ادَّعَى رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ أَبَاهُ غَابَ مُنْذُ سِنِينَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لَا يُعْلَمُ لَهَا مُسْتَقَرٌّ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ أُخْتًا بِكْرًا، وَقَدْ احْتَاجَتْ وَصَارَتْ فِي ضَيْعَةٍ وَخَطَبَهَا كُفُؤٌ، فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ إثْبَاتَ مَا ذَكَرَ مِنْ غَيْبَةِ الْأَبِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ، وَالْجَهْلِ بِمَكَانِهِ، أَوْ أَنَّهُ أَسِيرٌ وَيُثْبِتُ حَاجَةَ الْأُخْتِ وَكَفَاءَةَ الزَّوْجِ وَرِضَاهَا بِهِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْ ذَلِكَ الْخَاطِبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ هِيَ الْقَائِمَةَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، كَلَّفَهَا إثْبَاتَ ذَلِكَ ثُمَّ زَوَّجَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَقَرَّا بِالزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ كَانَا طَارِئَيْنِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَادَّعَيَا وُقُوعَ الزَّوْجِيَّةِ فِي الْبَلَدِ كَلَّفَهُمَا إثْبَاتَ النِّكَاحِ، وَسَأَلَهُمَا عَنْ الْوَلِيِّ الْعَاقِدِ وَالشُّهُودِ بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ بَانَ لَهُ كَذِبُهُمَا، وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ أَقَامَ عَلَيْهِمَا الْحَدَّ، اُنْظُرْ ابْنَ سَهْلٍ فِي الثَّانِي مِنْهُ فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ غَرَّبَ وَلَدَهَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يُزَوِّجَ يَتِيمَةً تَحْتَ نَظَرِهِ مِنْ وَلَدِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَ الْقَاضِي رِضَا الْيَتِيمَةِ بِالزَّوْجِ، وَالسَّدَادَ فِي صَدَاقِهَا، وَأَنَّ الزَّوْجَ كُفُؤٌ لَهَا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَحِينَئِذٍ يَأْذَنُ لَهُ الْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ وَلَدِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ وَكَّلَ الْقَاضِي غَيْرَهُ عَلَى الْعَقْدِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ سَهْلٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: لَا مَعْنَى لِمَا قَالَهُ هَذَا الْمُفْتِي؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ قَدْ زَالَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ غَابَ عَنْهَا الزَّوْجُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا غَيْبَةً طَوِيلَةً فِي الْقَيْرَوَانِ، فَقَامَ أَبُوهَا عِنْدَ الْقَاضِي يُرِيدُ تَطْلِيقَهَا
عَلَيْهِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَامْتَنَعَ هُوَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَ الْقَاضِي مَغِيبَ الزَّوْجِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ لَهَا شَيْئًا وَلَا أَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَلَا رَجَعَ مِنْ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَهْرَيْنِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ قِيَامَ الْأَبِ عَنْهَا بِتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ قِيَامٌ فِي ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ، إذْ لَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ عَلَى زَوْجِهَا وَتُنْظِرَهُ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا وَعَمَلِ يَدَيْهَا، وَالْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجَةِ لَا عَلَى الْأَبِ، فَإِذَا حَلَفَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا صِفَةُ يَمِينِهَا. وَأَفْتَى أَبُو عُمَرَ بْنُ رَشِيقٍ فَقِيهُ الْمَرِيَّةِ إذَا ثَبَتَ الْمَغِيبُ وَسَأَلَ النَّفَقَةَ عَلَى ابْنَتِهِ بِتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَهَا النَّفَقَةُ، مِنْ حِينِ قَامَتْ، وَيَضْرِبُ السُّلْطَانُ أَجَلَ شَهْرَيْنِ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ مَا تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا شَيْئًا تُمَوِّنُ بِهِ نَفْسَهَا، وَلَا تَعْلَمُ لَهُ مَالًا تَرْجِعُ فِيهِ، وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْقَطَعَتْ بَيْنَهُمَا، وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْيَمِينُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَيَكُونُ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَتَتَزَوَّجُ سَاعَتَئِذٍ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَبْنِ بِهَا.
مَسْأَلَةٌ: إذَا شَكَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا الضَّرَرَ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهَا بِإِثْبَاتِ مَا ذَكَرَتْهُ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ بَعْدَ تَبْيِينِهَا الضَّرَرَ مَا هُوَ وَكَيْفَ هُوَ. فَلَعَلَّ الضَّرَرَ كَانَ عِنْدَهَا مَنْعَهَا مِنْ الْحَمَّامَاتِ، وَتَأْدِيبَهَا عَلَى تَعْطِيلِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا أَثْبَتَتْ ضَرَرًا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِهَا وُقِفَ عَلَيْهِ زَوْجُهَا، فَرُبَّمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَسْقَطَ كُلْفَةَ الْإِثْبَاتِ عَنْهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ دَعْوَاهَا أُمِرَتْ حِينَئِذٍ بِإِحْضَارِ بَيِّنَةٍ إنْ كَانَتْ مَعًا، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا كَشَفَ الْقَاضِي عَنْ أَمْرِهَا مِنْ جِيرَانِهَا إنْ كَانَ فِيهِمْ عُدُولٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عُدُولٌ أُمِرَ زَوْجُهَا أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَوْضِعٍ حَوْلَهُ الْجِيرَانُ الْعُدُولُ، فَإِنْ بَانَ لَهُ مِنْ ضَرَرِهَا مَا يُوجِبُ تَأْدِيبَ زَوْجِهَا عَلَيْهِ أَدَّبَهُ وَنَهَاهُ عَنْ الْعَوْدَةِ إلَى مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا شَرْطٌ فِي الضَّرَرِ أَبَاحَ لَهَا الْأَخْذَ بِهِ، وَإِنْ عَمَى عَلَيْهِ خَبَرُهَا وَرَأَى إسْكَانَهُمَا مَعَ ثِقَةٍ يَتَفَقَّدُ أَمْرَهُمَا أَوْ إسْكَانَ ثِقَةٍ مَعَهُمَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ، وَإِنَّمَا الْحُكْمَانِ إذَا اشْتَكَى الزَّوْجَانِ بَعْضُهُمَا بَعْضًا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَضُرُّ بِهِ، وَانْتَفَى هُوَ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ تَشَكِّيهِمَا عَلَى الْحَاكِمِ،
وَلَمْ يَبِنْ لَهُ أَمْرُهُمَا، وَخَافَ الشِّقَاقَ بَيْنَهُمَا، فَحِينَئِذٍ يَبْعَثُ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، اُنْظُرْ أَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَةِ شَكْوَى ابْنَةِ تَمَّامٍ الْوَزِيرِ بِزَوْجِهَا فَقَدْ أَوْعَبَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهَا وَبَيَانِهَا.
مَسْأَلَةٌ: لَا تَجِبُ الْمُلَاعَنَةُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ لَزِمَ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ لَزِمَتْ الْمُلَاعَنَةُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ مَسْأَلَةٌ: مَنْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ بِدَعْوَى فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ لَهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى يَمِينٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى تَثْبُتَ الْخُلْطَةُ بَيْنَهُمَا، إلَّا فِي مَسَائِلَ مَعْدُودَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي مَسَائِلِ الْخُلْطَةِ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَتَى الْقَاضِي مُتَعَلِّقًا بِرَجُلٍ يَرْمِيهِ بِدَمِ وَلِيِّهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا جَاءَهُ مِثْلُ هَذَا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْمُرَ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ وَلِيُّ الدَّمِ، فَإِذَا ثَبَتَ لَهُ قَوَدُهُ مِنْ الْمُدَّعِي دَمَهُ كَشَفَ هَلْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ أَمْ لَا، وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ ثُبُوتِ قَوَدِهِ مِنْ ابْنِ سَهْلٍ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ: إذَا ادَّعَى عَلَى الْوَصِيِّ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ وَصِغَرِ الْوَرَثَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَتْ الْخُصُومَةُ مَعَ الْوَصِيِّ حِينَئِذٍ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُكَلَّفُ جَوَابًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ إنْكَارَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَلَكِنْ يَحْضُرُ؛ لِيَعْلَمَ مَنْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْوَنَ لَهُ فِي مَدْفَعٍ إنْ رَامَهُ.
مَسْأَلَةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ زَرِيعَةً وَزَرَعَهَا فَلَمْ تَنْبُتْ، فَإِنْ وَجَدَ مِنْ تِلْكَ الزَّرِيعَةِ بَقِيَّةً فَإِنَّهَا تُجَرَّبُ، فَيُعْرَفُ صِدْقُ الْمُشْتَرِي مِنْ كَذِبِهِ، فَيَجِبُ لَهُ إذَا عَرَفَ صِدْقَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَبِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ إذَا عُرِفَ كَذِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا مَا تُجَرَّبُ بِهِ كُلِّفَ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ زَرَعَهَا فِي أَرْضِ تُرْبَةٍ تُنْبِتُ فَلَمْ تَنْبُتْ، فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرُّجُوعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَنْبُتُ، مِنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
مَسْأَلَةٌ: مِنْ الْقِسْمَةِ: وَفِي الْوَاضِحَةِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي إذَا سَأَلَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ مَا وَرِثُوهُ أَنْ يَأْمُرَ بِقَسْمِ ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ إنْ كَانَ مِلْكًا لِلْهَالِكِ، وَمَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ حَتَّى مَاتَ عَنْهُ، وَأَنَّ الْهَالِكَ كَانَ سَاكِنًا فِي تِلْكَ الدَّارِ إنْ كَانَتْ دَارًا، كَمَا يَسْكُنُ الرَّجُلُ دَارَ نَفْسِهِ، حَتَّى هَلَكَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْمَةِ حَتَّى يَأْتُوهُ بِمَنْ يَحُوزُ مَا كَانَ سَهْمًا لِلْهَالِكِ وَصِفَتُهُ فِي كِتَابٍ وَشُهُودٍ يَعْرِفُونَهُ مِلْكًا لِلْهَالِكِ أَوْ فِي يَدَيْهِ وَعِمَارَتِهِ حَتَّى هَلَكَ عَنْهُ، خِيفَةَ أَنْ يُدْخِلُوا فِي قِسْمَتِهِمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ بِحَقٍّ. اُنْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ الشَّهَادَةَ بِالْيَدِ، وَالِاعْتِمَارُ كَالشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ، وَانْظُرْ مَا فِي السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: فِي الَّذِي يَكُونُ بِيَدِهِ الدَّارِ فَيَأْتِيهِ رَجُلٌ فَيَقُولُ إنَّهَا لِجَدِّهِ، هَلْ يَلْزَمُ الَّذِي بِيَدِهِ الدَّارُ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، قَالَ الْقَاضِي ابْنُ زَرْبٍ: وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ الطَّالِبُ مَوْتَ جَدِّهِ وَعِدَّةَ وَرَثَتِهِ، وَإِنَّمَا قِيلَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ جَدُّهُ حَيًّا أَوْ لَا يَكُونُ هُوَ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ فِي حُكْمِ الْجَوَابِ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ الْحَجْرِ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي مَسَائِلِ الْمَحْجُورِ: فِي بِكْرٍ يَتِيمَةٍ رَفَعَتْ إلَى الْقَاضِي كِتَابًا تَشْكُو فِيهِ حَالَهَا وَسُوءَ مَوْضِعِهَا، فَاَلَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي رَجُلَيْنِ يَعْرِفَانِهَا بِالْكِتَابِ الَّذِي رُفِعَ إلَى الْقَاضِي، فَإِذَا أَقَرَّتْ بِهِ سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ حَالِهَا فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مَوْتُ أَبِيهَا وَأَنَّهُ لَا نَاظِرَ لَهَا بِوَصِيَّةٍ مِنْ أَبٍ وَلَا بِوِلَايَةٍ مِنْ قَاضٍ، وَأَنَّهَا بِحَالٍ مَكْرُوهٍ، وَكَّلَ الْقَاضِي لَهَا مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَيُقِيمُهُ مَقَامَ الْوَصِيِّ، وَيُخْرِجُهَا إلَى مَوْضِعٍ مَأْمُونٍ لِلْحَالَةِ الَّتِي اشْتَكَتْ إلَيْهَا بِهَا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: لَا يَكُونُ الْحَاكِمُ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَصْلًا: وَهِيَ كَوْنُهَا صَحِيحَةً بَالِغَةً غَيْرَ مُحْرِمَةٍ، وَلَا مُحَرَّمَةً عَلَى الزَّوْجِ وَأَنَّهَا حُرَّةٌ، وَأَنَّهَا بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ، وَأَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ عَضَلَهُ لَهَا، أَوْ غَيْبَتَهُ، وَخُلُوُّهَا مِنْ الزَّوَاجِ وَالْعِدَّةِ، وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ، وَأَنَّهُ كُفْءٌ لَهَا فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَأَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَيُثْبِتُ فَقْرَهَا، وَأَنَّهَا بِنْتُ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا طَلَبَ أَبُو الِابْنَةِ صِهْرَهُ بِالنَّقْدِ مِنْ الصَّدَاقِ وَالْبِنَاءِ بِأَهْلِهِ فَلَا يُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى تَثْبُتَ عِنْدَهُ الزَّوْجِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ، ثُمَّ حِينَئِذٍ يُلْزِمُ الزَّوْجَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ ادَّعَى الْإِعْسَارَ كَلَّفَهُ إثْبَاتَ عَدَمِهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْآجَالِ.
مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَغَيَّبَ وَدَعَا إلَى الطَّبْعِ عَلَى دَارِهِ أَوْ تَسْمِيرِهَا حَسَبَ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ تَغَيَّبَ، وَيُثْبِتُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ دَارُ الْمَطْلُوبِ، وَحِينَئِذٍ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ الْوَكَالَةِ: لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي مِنْ أَحَدٍ دَعْوَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يُثْبِتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْمُوَكِّلِ، وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ أَيْضًا عَيْنُ الْوَكِيلِ إمَّا بِالشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا. وَإِذَا حَضَرَ الْوَكِيلُ وَالْخَصْمُ وَتَقَارَّا عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِمَا يُتَّهَمَانِ عَلَى التَّوَاطُؤِ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَدَّقَ الْخَصْمُ الْوَكِيلَ فِي الدَّعْوَى وَاعْتَرَفَ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، حَتَّى يُثْبِتَ عِنْدَهُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ: وَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَادَّعَى أَنَّهَا تَبُولُ فِي الْفِرَاشِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يُثْبِتَ أَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ بِانْفِرَادِهَا.
مَسْأَلَةٌ: الْقَائِمُ بِالضَّرَرِ فِي الْعَقَارِ لَا يَحْكُمُ لَهُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي كُلِّ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ: وَفِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ: إذَا قَامَ رَجُلٌ بِعَيْبٍ فِي سِلْعَةٍ وَاَلَّذِي بَاعَهَا غَائِبٌ، وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهُ إثْبَاتَ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ: أَنَّهُ ابْتَاعَ، وَأَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ، وَأَنَّهُ كَذَا وَكَذَا، وَأَمَدَ التَّبَايُعِ، وَإِثْبَاتَ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجِبُ الرَّدَّ، وَهُوَ كُلُّ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ، وَأَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ، وَإِثْبَاتَ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ أَهِيَ بَعِيدَةٌ أَوْ قَرِيبَةٌ، ثُمَّ يُكَلِّفُهُ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ: أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْهُ، وَلَا أَعْلَمَهُ بِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ، وَأَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَرَضِيَ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ الرَّهْنِ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ كِتَابِ السُّلْطَانِ: الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ حَتَّى يُثْبِتَ عِنْدَهُ الرَّهْنُ وَالدَّيْنُ وَمِلْكُ الرَّاهِنِ لَهُ، وَيُحَلِّفُهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا وَهَبَ دَيْنَهُ وَلَا قَبَضَهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَلَا اسْتَحَالَ بِهِ، وَأَنَّهُ لَبَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ الشُّفْعَةِ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ إذَا قَامَ الشَّفِيعُ يَطْلُبُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ حَكَمَ لَهُ بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُسْتَشْفَعِ مِنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِيَّتِهَا وَثُبُوتِ الشِّرَاءِ وَثُبُوتِ غَيْبَةِ الْمُبْتَاعِ إنْ كَانَ غَائِبًا وَتُرْجَأُ الْحُجَّةُ لَهُ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِيَّتِهَا، يَعْنِي أَنَّ الْقَائِمَ بِالشُّفْعَةِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكِيَّتَهُ لِلْحِصَّةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَسْتَشْفِعَ بِهَا، وَتَثْبُتُ مِلْكِيَّةُ الْبَائِعِ لِلْحِصَّةِ الَّتِي يُرِيدُ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ، وَيُثْبِتُ الْمُبْتَاعُ الشِّرَاءَ مِنْ شَرِيكِ الْقَائِمِ بِالشُّفْعَةِ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ الدَّعَاوَى: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمَيِّتِ أَوْ مُوَرِّثِهِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ مَوْتَ مُوَرِّثِهِ وَعِدَّةَ وَرَثَتِهِ؛ لِيَعْلَمَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِمَّا يَدَّعِيهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي صِحَّةِ مَا يَدَّعِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ عِنْدَهُ عُرُوضًا أَوْ نَحْوَهَا لِمَوْرُوثِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا صَارَتْ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ، فَيَلْزَمُهُ إثْبَاتُ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَعِدَّةِ وَرَثَتِهِ وَانْتِقَالِ الْمِيرَاثِ إلَيْهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الدَّعْوَى فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْخُلْطَةِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى بِهِ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي إثْبَاتُ الْخُلْطَةِ، فَإِذَا ثَبَتَتْ أَوْ شَهِدَ بِهَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَيَنْظُرُ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعُرُوضَ وَالثِّيَابَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَالْيَمِينُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَاهَا مِنْ طَرِيقِ غَصْبٍ أَوْ عِدَاءٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعِدَاءِ وَالتُّهَمِ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ يَمِينٌ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ: إذَا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ مَالُ يَتِيمٍ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِضَرُورَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ وَحِيَازَتِهِ، وَالْحَاجَةُ إلَى الْبَيْعِ، وَكَوْنُهُ أَيْسَرَ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي وَصِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ وَصِيَّتِهِ، وَإِثْبَاتِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ، وَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ ثُبُوتِ انْتِهَاءِ الرَّغَبَاتِ وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ. وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ: بَيْعُ الْحَاضِنِ لِلْأُصُولِ لَا يَصِحُّ أَيْ لَا يَمْضِي حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ لِلْمُبْتَاعِ بِمَعْرِفَةِ سَبْعَةِ شُرُوطٍ، فِي تَارِيخِ الْبَيْعِ وَهِيَ الْيُتْمُ، وَالْحَضَانَةُ، وَالْحَاجَةُ إلَى بَيْعِ مَا بِيعَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ
عُرُوضٌ وَلَا قَرْضٌ غَيْرُ أُصُولِهِ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَيُّلُ عَلَى إقَامَةِ مَعِيشَتِهِ مِنْ صِنَاعَةٍ أَوْ تَصَرُّفٍ فِي غَيْرِ وَجْهِ الْمَسْأَلَةِ لِلنَّاسِ، وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وَأَنَّ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا بِيعَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ تَافِهًا لَا بَالَ لَهُ ثَمَنُ عِشْرِينَ دِينَارًا فَدُونَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ فِي حَقِّ الْيَتِيمِ الْوَاحِدِ، وَأَنَّ الثَّمَنَ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ وَانْتَفَعَ بِهِ فِي حِينِ الْبَيْعِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَصْبَغَ وَبِهِ الْعَمَلُ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ بَابِ التَّفْلِيسِ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمِدْيَانِ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُكَلِّفَهُمْ إثْبَاتَ دُيُونِهِمْ ثُمَّ يُعْذِرُ إلَى الْمُفْلِسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَإِلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَبِيعُ الْقَاضِي مَالًا حَتَّى يُثْبِتَ الْغُرَمَاءُ عِنْدَهُ أَنَّ مَا يَطْلُبُونَ بَيْعَهُ مِلْكٌ لِلْمُفْلِسِ، اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ: إذَا أَتَى رَجُلٌ إلَى الْحَاكِمِ وَقَالَ لَهُ: فُلَانًا دَفَعَ إلَيَّ أَوْ بَعَثَ إلَيَّ دَنَانِيرَ وَذَكَرَ أَنَّهَا لِوَرَثَةِ فُلَانٍ، وَأَنْ أَدْفَعَهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ إلَيْهِمْ، فَالْحُكْمُ فِي هَذَا أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ عِدَّةُ الْوَرَثَةِ، وَأَقَرَّ هَذَا أَنَّ الْغَائِبَ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِمْ، كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ أَنَّك ذَكَرْت أَنَّ فُلَانًا أَمَرَك بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَى وَرَثَةِ فُلَانٍ بِأَمْرِي، وَأَنِّي أَمَرْتُك أَنْ تَدْفَعَهَا الْيَوْمَ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُمْ وَرَثَةُ فُلَانٍ.
مَسْأَلَةٌ مِنْ النِّكَاحِ: إذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ تَدَّعِي بِشَرْطٍ فِي كِتَابِ صَدَاقِهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ تُثْبِتَ كِتَابَ الصَّدَاقِ حَتَّى يَثْبُتَ الشَّرْطُ.
مَسْأَلَةٌ: فِي الْمَرْأَةِ تُرِيدُ الْفِرَاقَ مِنْ زَوْجِهَا بِشَرْطِ الْمَغِيبِ عَنْهَا، وَإِذَا شَرَطَ الْمَغِيبَ عَنْهَا، وَإِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ إنْ غَابَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، فَقَامَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ تُرِيدُ الْأَخْذَ بِشَرْطِهَا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُكَلِّفُهَا إثْبَاتَ الزَّوْجِيَّةِ وَالشَّرْطِ الَّذِي ادَّعَتْهُ وَغَيْبَتِهِ عَنْهَا، ثُمَّ يُحَلِّفُهَا فِي الْجَامِعِ لَقَدْ غَابَ عَنْهَا أَزْيَدَ مِنْ كَذَا وَمَا أَذِنَتْ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا رَجَعَ إلَيْهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا، وَمَا أَسْقَطَتْ شَرْطَهَا عَنْهُ، وَمَا كَانَ سُكُوتُهَا تَرْكًا مِنْهَا لِشَرْطِهَا، وَمَا عَلِمَتْ بِانْقِطَاعِ عِصْمَتِهَا مِنْهُ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَبَاحَ لَهَا الْأَخْذَ بِشَرْطِهَا.
مَسْأَلَةٌ: فِي الْمَرْأَةِ تُرِيدُ الْفِرَاقَ مِنْ زَوْجِهَا الْغَائِبِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَإِذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ كَلَّفَهَا الْقَاضِي إثْبَاتَ الزَّوْجِيَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَاتِّصَالِهَا،
وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا بَعَثَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ فَوَصَلَهَا، وَلَا أَحَالَهَا بِهَا فَاسْتَحَالَتْ، وَلَا أَحَالَتْ عَلَيْهِ أَحَدًا بِهَا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا فَاسْتَحَالَتْ وَلَا وَكَّلَتْ أَحَدًا عَلَى قَبْضِهَا مِنْهُ، وَلَا طَاعَ أَحَدٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا بِسَبَبِهِ، وَلَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ دُونَ نَفَقَةٍ، وَلَا لَهُ مَالٌ تَعَدَّى فِيهِ بِنَفَقَتِهَا، فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْفُصُولُ عِنْدَهُ نَظَرَ فِي الْغَيْبَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً أَعْذَرَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً أَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومِ الْمَكَانِ أَجَّلَهَا الْقَاضِي بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ.
وَذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهَا بِالْيَمِينِ، وَوَجَّهَ لِحُضُورِ يَمِينِهَا عَدْلَيْنِ، فَتَحْلِفُ أَنَّهُ مَا رَجَعَ إلَيْهَا مِنْ غَيْبَتِهِ سِرًّا وَجَهْرًا إلَى حِينِ يَمِينِهَا هَذِهِ، وَلَا تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً قَلِيلَةً وَلَا كَثِيرَةً، وَتَذْكُرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفُصُولِ الْمَشْهُودِ بِهَا. ثُمَّ تَقُولُ: وَمَا عَلِمْت أَنَّ عِصْمَةَ النِّكَاحِ انْقَطَعَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى الْآنَ، فَإِذَا ثَبَتَتْ يَمِينُهَا عِنْدَهُ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ وَإِذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ الطَّلَاقَ لِلْغَيْبَةِ لِمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْوَحْشَةِ وَعَدَمِ الْإِصَابَةِ وَكَانَ مَفْقُودًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُكَلِّفُهَا إثْبَاتَ الزَّوْجِيَّةِ وَاتِّصَالِهَا إلَى حِينِ الْقِيَامِ وَأَنَّ زَوْجَهَا غَابَ عَنْهَا وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ بَحَثَ عَنْهُ وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَمْلُوكَةٍ قَامَتْ فِي مَغِيبِ سَيِّدِهَا بِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَذَكَرَتْ أَنَّ سَيِّدَهَا غَابَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا بِلَا شَيْءٍ تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا شَيْئًا، وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ النَّظَرَ فِي أَمْرِهَا، فَكَلَّفَهَا مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهَا أَثْبَتَتْ عِنْدَهُ مِلْكَ سَيِّدِهَا إيَّاهَا وَمَغِيبَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ عِنْدَهَا شَيْئًا لِنَفَقَتِهَا، وَلَا أَرْسَلَ شَيْئًا إلَيْهَا، وَأَنَّهَا لَا مَالَ لَهَا وَلَا مَالَ تَعَدَّى فِيهِ بِنَفَقَتِهَا، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِبَيْعِهَا وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا لِلْغَائِبِ وَيُوقِفُهُ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَ ثِقَةٍ غَيْرِهِ حَتَّى يَقْدُمَ الْغَائِبُ.
مَسْأَلَةٌ: فِيهَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمُفْتِينَ فِيمَا أَفْتَوْا بِهِ بَعْضَ الْقُضَاةِ مِمَّا كَانَ يَلْزَمُهُمْ بَيَانُهُ مِمَّا يَجِبُ إثْبَاتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ مَوْتَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَعِدَّةَ وَرَثَتِهَا وَهُمْ زَوْجُهَا الْقَائِمُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأُخْتُهَا الْحَاضِرَةُ، وَأَخُوهَا الْغَائِبُ بِالْمَشْرِقِ، وَأَثْبَتَ لِلْمَيِّتَةِ شِرْكًا فِي دَارٍ مَعَ أَخِيهَا الْغَائِبِ، وَأَنَّهَا أَوْصَتْ بِثُلُثِهَا لِأُخْتِهَا وَأَعْذَرَ
الْقَاضِي فِي الْوَصِيَّةِ إلَى الْحَاضِرِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ بِمَا وَجَبَ أَنْ يُعْذِرَ بِهِ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَدْفَعٌ فِي ذَلِكَ. وَسَأَلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ قَسْمَ الدَّارِ الَّتِي ثَبَتَ حَظُّ الْغَائِبِ فِيهَا، وَثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الَّذِي يَصِيرُ مِنْ الدَّارِ لِأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مِنْهَا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلسُّكْنَى بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَسَأَلَ هَذَا الرَّجُلُ الْقَائِمُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ بِبَيْعِ الدَّارِ إذْ لَا تَحْتَمِلُ الْقَسْمَ وَإِذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِ الْمَيِّتَةِ مِنْهَا لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهَا، وَلِمَا دَعَا إلَيْهِ زَوْجُ الْمَيِّتَةِ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا، وَسَأَلَ الْقَائِمُ أَنْ يُوَكِّلَ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ مَنْ يَبِيعُ نَصِيبَهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا تَكَامَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي أَحَبَّ مَعْرِفَةَ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ إلَيْهِ الْمُفْتُونَ الَّذِي نَقُولُ بِهِ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ - أَنَّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ لِلْغَائِبِ مَنْ يَبِيعُ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ مَعَ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهَا مِنْ الْحَاضِرِينَ، وَيَقْبِضُ الْوَكِيلُ نَصِيبَ الْغَائِبِ لَهُ إلَى أَنْ يَقْدُمَ وَيُنَفِّذَ وَصِيُّ الْمَرْأَةِ وَصِيَّتَهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا عَلَى مَا يَجِبُ.
قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ لُبَابَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَتَابَعَهُمَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ: تُرْجَأُ الْحُجَّةُ لِلْغَائِبِ، وَتَابَعَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ الْمُشَاوِرِينَ. اسْتِدْرَاكٌ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ رحمه الله فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَجَوَابُهَا إغْفَالٌ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا ثُبُوتَ مَغِيبِ أَخِي الْمَيِّتَةِ، إنَّمَا ذَكَرَ فِي الْفُتْيَا عَلَى وَجْهِ الْحِكَايَةِ غَيْبَةَ الْغَائِبِ بِالْمَشْرِقِ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَغِيبِهِ وَاتِّصَالِهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ رَجَعَ مِنْ مَغِيبِهِ إلَى حِينِ الشَّهَادَةِ، وَأَيْضًا لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْفُتْيَا حَظَّ الْمَيِّتَةِ كَمْ هُوَ مِنْ الدَّارِ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَأَثْبَتَ لِلْمَيِّتَةِ شِرْكًا فِي دَارٍ مَعَ أَخِيهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ نَصِيبَهَا مِنْ نَصِيبِهِ، وَلَا مِلْكَهَا لِذَلِكَ النَّصِيبِ، وَلَا مِلْكَ أَخِيهَا لِبَاقِي الدَّارِ وَلَا حِيَازَتَهُمَا، وَلَا يَجِبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ بِقَسْمِهَا وَلَا بِالْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَاتِّصَالُ الْمِلْكِ عَلَى مَا يَجِبُ وَأَيْضًا، وَقَعَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الْمَيِّتَةَ أَوْصَتْ بِثُلُثِهَا لِأُخْتِهَا وَهِيَ وَارِثَتُهَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ وَهُوَ إجْمَاعٌ، إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ وَبَعْضُهُمْ هُنَا غَائِبٌ، وَقَالُوا: إنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتَةِ يُنَفِّذُ وَصِيَّتَهَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ مَعَ غَيْبَةِ الْغَائِبِ، وَأَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَ فِي السُّؤَالِ أَنَّهُ أَعْذَرَ، وَالْإِعْذَارُ فِي شَيْءٍ نَاقِصٍ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَأَيْضًا إنَّهُمْ قَالُوا فِي جَوَابِهِمْ
أَنَّهُ يُنَفِّذُ الْوَصِيَّةَ وَصِيُّهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا مَنْ هُوَ، وَلَا أَنَّهُ قَبِلَ الْإِيصَاءَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا كَانَ يَلْزَمُ ذِكْرُهُ وَثُبُوتُهُ.
وَخَصَّصَ ابْنُ وَلِيدٍ فِي جَوَابِهِ إرْجَاءَ الْحُجَّةِ لِلْغَائِبِ فِي وَصِيَّةِ أُخْتِهِ، وَمِنْ حَقِّهِ إرْجَاؤُهَا لَهُ فِي مَبْلَغِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّارِ، وَفِي بَيْعِهِ عَلَيْهِ إذْ قَدْ يُبَاعُ بِبَخْسٍ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الشَّهَادَةِ بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَنْقَسِمُ، وَفِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَوَائِدُ يُتَنَبَّهُ بِهَا عَلَى طَرِيقِ الْفُتْيَا وَالْحُكْمِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي الْقِسْمَةِ: قَامَ عِنْدَ الْقَاضِي رَجُلٌ فِي طَلَبِ قِسْمَةِ دَارٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْغَائِبِ، فَأَلْزَمَهُ إثْبَاتَ مِلْكِيَّتِهِمَا لِلدَّارِ وَأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَإِثْبَاتَ مَغِيبِ أَخِيهِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ تُحَازُ وَحِينَئِذٍ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً وَالطَّرِيقُ آمِنَةً مَسْلُوكَةً فَيَلْزَمُ الْإِعْذَارُ إلَى أَخِيهِ الْغَائِبِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ ' وَابْنُ مَالِكٍ فِي الْإِعْذَارِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي الْإِقْرَارِ: قَامَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ وَذَكَرَتْ أَنَّ لِلْغَائِبِ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ حَاضِرٍ قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ، وَأَحْضَرَتْ الْعَقْدَ الْمَكْتُوبَ عَلَى الْغَرِيمِ الْحَاضِرِ فَحَضَرَ غَرِيمُ الْغَائِبِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَبِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَيْهِ لِلْغَائِبِ، وَأَثْبَتَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ غَيْبَةَ غَرِيمِهَا، فَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ مَالِكٍ أَنَّ إقْرَارَ غَرِيمِ الْغَائِبِ لَا يُكْتَفَى بِهِ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ يُلْزِمُ الْمَرْأَةَ الْقَائِمَةَ بِإِثْبَاتِ الْعَقْدِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَمَرَهَا بِالْحَلِفِ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَحْلِفَ بِهِ وَيَتَقَاضَى يَمِينَهَا مَنْ يُقَدِّمُهُ الْقَاضِي لِذَلِكَ، فَإِذَا حَلَفَتْ أُمِرَ غَرِيمُ الْغَائِبِ بِإِحْضَارِ مَا عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُ لِلْمَرْأَةِ حَقَّهَا، وَتُرْجَأُ الْحُجَّةُ لِلْغَائِبِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْإِعْذَارُ إلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ قَامَ يَطْلُبُ نَفَقَتَهُ فِي مَالِ ابْنِهِ الْغَائِبِ: قَامَ رَجُلٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ أَنَّهُ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَنَّ ابْنَهُ فُلَانًا غَابَ نَحْوَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَأَنَّ خَمْسَةَ أَثْمَانِ الدَّارِ الَّتِي بِحَاضِرِ بَلَدِ كَذَا، وَذَكَرَ صِفَتَهَا وَحُدُودَهَا، وَأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ الَّذِي لَهُ بَاقِيهَا وَحِيزَتْ، وَثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي حِيَازَتُهَا وَأَقَرَّ عِنْدَهُ الَّذِي لَهُ بَاقِيهَا بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْغَائِبِ عَلَى التَّجْزِئَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِقْرَارِهِ، فَسَأَلَ الْأَبُ مِنْ الْقَاضِي بَيْعَ نَصِيبِ ابْنِهِ مِنْهَا وَالْإِنْفَاقَ مِنْهُ عَلَيْهِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ، فَشَاوَرَ