الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهَا، وَهُوَ مَعْنًى مَعْدُومٌ فِي غَيْرِهَا فِي الْغَالِبِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الشُّيُوخُ إجَازَتُهَا فِي الْأَحْبَاسِ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِمَّا هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ بِحَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِأَفْرِيقِيَّةَ فِي زَمَانِنَا الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: جَرَتْ عَادَةُ الْقُضَاةِ أَنْ يَأْمُرُوا الشُّهُودَ أَنْ يَكْتُبُوا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي حِينِ إيقَاعِ الشَّهَادَةِ بِرَسْمِ الْعَدَالَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ، إلَى أَنْ تُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ حَسَنٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي يَعْرِفُ عَدَالَةَ الْمَشْهُودِ عَلَى خَطِّهِ، أَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ عَدَالَتَهُ أَوْ كَانَ يَشْهَدُ بَيْنَ النَّاسِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ أَوْ غَابَ، فَيُكْتَفَى بِأَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ أَنَّ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ رَأَيْته فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، وَفَاوَضْت فِيهِ بَعْضَ الْجَمَاعَةِ فَقَالَ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ أَنَّهُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْقُضَاةِ، ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ: أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ وَمَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِ، حَتَّى يَقُولَ الشُّهُودُ إنَّهُ كَانَ فِي تَارِيخِ الشَّهَادَةِ عَدْلًا، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ، احْتِيَاطًا أَنْ تَكُونَ شَهَادَتُهُ قَدْ سَقَطَتْ بِجُرْحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَإِنْ زِدْتَ فِي التَّقْيِيدِ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّ الشَّاهِدَ الْمَذْكُورَ كَانَ يَعْرِفُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَقْدِ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَتُهُ بِالْعَيْنِ وَالِاسْمِ، كَانَ أَكْمَلَ لِلشَّهَادَةِ وَأَتَمَّ لِلتَّقْيِيدِ، قَالَ وَهِيَ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ قَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا أَوْ يَهْتَدِي إلَيْهَا، هَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عَنْ ابْنِ زَرْبٍ، وَلَكِنْ أَعَدْنَاهَا هُنَا لِكَوْنِهَا أَحْسَنَ فِي السِّيَاقِ.
[فَصْلٌ تَقْيِيدَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ]
فَصْلٌ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَإِذَا أَرَدْت تَقْيِيدَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ، كَتَبْت فِي ذَلِكَ وَقَفَ مَنْ يُوَقِّعُ اسْمَهُ بَعْدَ هَذَا مِنْ الشُّهَدَاءِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، الْوَاقِعَةِ شَهَادَتُهُ فِي أَسْفَلِ هَذَا الْعَقْدِ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي فِي أَوَّلِهِ بَعْدَ سَطْرِ افْتِتَاحِهِ، كَذَا وَتَأَمَّلُوهُ وَأَتْقِنُوا النَّظَرَ فِيهِ، فَتَبَيَّنَ لَهُمْ وَتَحَقَّقَ عِنْدَهُمْ أَنَّ شَهَادَتَهُ الْمَذْكُورَةَ بِخَطِّ يَدِهِ الْمَعْهُودِ عَنْهُ، لَا يَشُكُّونَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَمْتَرُونَ فِيهِ لِرُؤْيَتِهِمْ لَهُ، يَكْتُبُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَيَعْرِفُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِرَسْمِ الْعَدَالَةِ، وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ فِي تَارِيخِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبَعْدَهَا إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا قُلْت: إلَى أَنْ غَابَ شَهِدَ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ عَرَفَهُ،
حَسَبُ نَصِّهِ وَتَحَقُّقِهِ عَلَى حَالِ وَصْفِهِ، وَأَوْقَعَ بِهِ شَهَادَتَهُ إذْ سُئِلَهَا فِي تَارِيخِ كَذَا.
فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْغَائِبِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْغَيْبَةُ الَّتِي تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى الْخَطِّ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهَا، غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: الْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: قَدْرُ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: مِثْلَ مِصْرَ مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ، وَمَكَّةَ مِنْ الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ الْغَيْبَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي خَطِّ الْمُقِرِّ وَخَطِّ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي خَطُّ الْمُقِرِّ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ، وَالِاتِّفَاقُ حَكَاهُ أَيْضًا ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ.
وَفِي الْجَلَّابِ رِوَايَةٌ بِالْمَنْعِ وَهَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ أَمْ لَا؟ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ يَحْكِي الِاتِّفَاقَ فَلَا يَحْتَاجُ عِنْدَهُمْ إلَى زِيَادَةِ الْيَمِينِ، اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهَذَا إذَا شَهِدَ لَهُ عَلَى الْخَطِّ شَاهِدَانِ، فَإِنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى الْخَطِّ فَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ؟ رِوَايَتَانِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ.
وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ: وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْحُكْمِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ.
وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ لِلشَّرْمَسَاحِيِّ، أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَيْنِ يَمِينًا مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْخَطِّ، وَيَمِينًا أُخْرَى لِيُكَمِّلَ بِهَا السَّبَبَ، قَالَ فَصَحَّ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَيْنِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، لَا عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَرْعٌ: وَفِي التَّنْبِيهِ لِابْنِ الْمُنَاصِفِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ قَالَ فَإِذَا تَحَقَّقَ الشُّهُودُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّ الشَّاهِدِ، وَلَمْ يُدَاخِلْهُمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ وَلَا غَلَبَةُ ظَنٍّ، فَلْيُعَرِّفَا عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ حَلَفَ الطَّالِبُ حِينَئِذٍ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ نَاقِصَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ إلَّا فِيمَا كَانَ مَالًا، خَاصَّةً حَيْثُ تَجُوزُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ.
فَرْعٌ: وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ: مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الْكَافِي، مَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ عَلَى الْخَطِّ غَرِيمُهُ بِمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَاحِدٌ، أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهَا، فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا اقْتَضَيْت مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا كَتَبَ بِخَطِّهِ، أُعْطِيَ حَقَّهُ، فَإِنْ كَانَ طَالِبُ الْحَقِّ مَيِّتًا، حَلَفَ وَرَثَتُهُ عَلَى الْبَتِّ أَيْضًا أَنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا عَلِمْنَاهُ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا، وَهَذَا كُلُّهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ مِنْ الْقَوْلِ بِالتَّحْلِيفِ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ، قَدْ يَقَعُ فِي النَّفْسِ اسْتِنْكَارُهُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، إذْ لَا يَقُولُ بِالتَّحْلِيفِ مَعَ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ شَهِدَا فِي حَقِّ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لَكِنَّ بَعْضَ أَشْيَاخِي يَعْتَذِرُ عَنْ هَذَا، بِأَنَّ خَطَّ الْمُقِرِّ أُقِيمَ مَقَامَ شَاهِدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى خَطِّهِ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى لَفْظِهِ، وَإِنَّمَا شَهِدَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى لَفْظِهِ، فَصَارَ خَطُّهُ كَشَاهِدٍ قَامَ عَلَيْهِ، فَنَقَلَ عَنْهُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ شَاهِدَانِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ لِأَجْلِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ الَّذِي هُوَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلِأَجْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ جَاءَ الْخِلَافُ فِي قَبُولِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا الْخَطِّ؛ لِأَنَّا إذَا جَعَلْنَا الْمُقِرَّ قَائِمًا مَقَامَ شَاهِدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَقْلَ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَنْ شَاهِدٍ، وَإِذَا قُلْنَا إنَّ خَطَّهُ كَلَفْظِهِ، فَشَاهِدٌ وَاحِدٌ مَعَ الْيَمِينِ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: وَفِي الطُّرَرِ أَيْضًا: وَإِنْ كُتِبَتْ الْوَثِيقَةُ بِخَطِّ يَدِهِ وَشَهَادَتُهُ فِيهَا نَفَذَتْ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلُ مَا يُضْرَبُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَهَادَتُهُ لَمْ تَنْفُذْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَتَبَ ثُمَّ لَا يَتِمُّ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا.
فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَوْ قِبَلِي كَذَا وَكَذَا بِخَطِّ يَدِهِ قَضَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِقْرَارِ بِالْحُقُوقِ، وَإِنْ كَتَبَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ إلَى آخِرِ الْوَثِيقَةِ، وَشَهَادَتُهُ فِيهَا لَمْ تَجُزْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مَخْرَجَ الْوَثَائِقِ، وَجَرَتْ مَجْرَى الْحُقُوقِ، وَلَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى خَطِّهِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ جَيِّدٌ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ.
فَرْعٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ تُقْبَضَ دُيُونُهُ، وَأَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ فَوُجِدَ صَكٌّ بِأَرْبَعَةِ عَشَرَ دِينَارًا، وَفِي أَسْفَلِهِ بِخَطِّ الْمَيِّتِ قَبَضْت مِنْهَا ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ مِمَّا فِي بَطْنِ هَذَا الْكِتَابِ، هَلْ يَحْلِفُ