الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي صِفَةِ شَهَادَةِ التَّعْدِيلِ]
وَالتَّعْدِيلُ التَّامُّ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنْ يَقُولَ: هُوَ عَدْلٌ رِضًا، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وَلَوْ قَالَ نِعْمَ الْعَبْدُ، أَوْ قَالَ هُوَ مِمَّنْ يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ تَعْدِيلًا إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَنْفُذْ تَعْدِيلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ هُوَ عَدْلٌ رِضًا فِي عِلْمِ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَلَا أَنْ يَقُولَ أَرْضَاهُ لِي، وَعَلَيَّ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ لُبَابَةَ، عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ، وَلَا لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُهُ إلَّا عَدْلًا رِضًا. قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا أَنْ يَقُولَ هُوَ صَالِحٌ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ: هُوَ تَعْدِيلٌ.
فَرْعٌ: قَالَ أَصَبْغُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ هُوَ عَدْلٌ، وَلَكِنْ يَقُولُ أَرَاهُ عَدْلًا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ لَفْظٍ عُبِّرَ بِهِ عَنْ عَدْلٍ رِضًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ.
فَرْعٌ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ الْكَلِمَتَيْنِ فَفِي الْجَلَّابِ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا.
وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى عَدْلٍ أَجْزَأَهُ.
وَقَالَهُ غَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وَأَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الِاقْتِصَارَ عَلَى رِضًا؛ لِقَوْلِهِ عز وجل:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] .
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ، أَنَّهُ لَا يَجْتَزِئُ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْجَلَّابِ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا: أَنَّ حَدَّ الْوَصْفَيْنِ تَعْدِيلٌ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَالْقَضَاءُ مَا قَدَّمْنَاهُ. تَنْبِيهٌ: وَمَعْنَى رِضًا هُوَ الَّذِي لَا يُخْدَعُ، وَلَا يُلَبَّسُ عَلَيْهِ، وَلَا يُطْمَعُ فِي غَفْلَتِهِ، وَلَا خُدْعَتِهِ.
فَرْعٌ: وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُضِيفَ إلَى عَدْلٍ رِضًا مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيُقْضَى بِهَا، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا دُونَ عَدْلٍ رِضًا، فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ الْعَالِمِ كَمَا تَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ التَّزْكِيَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ]
فَصْلٌ: مَنَعَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ التَّزْكِيَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ، وَمِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالتَّعْدِيلِ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلٌ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ