الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْقَضَاءِ بِتَبْدِئَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ]
وَتَأْخِيرِ يَمِينِ الْمُدَّعَى لَهُ مِنْ صَغِيرٍ حَتَّى يَبْلُغَ أَوْ غَائِبٍ حَتَّى يَقْدُمَ وَحُكْمِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِي الصَّغِيرِ: يَشْهَدُ لَهُ الشَّاهِدُ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ صَارَ لَهُ بِوَجْهٍ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُنْكِرًا لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ لَيْسَ عَلَيَّ، ثُمَّ يُتْرَكُ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مَالًا أَوْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ، مِثْلَ الدَّارِ وَالْعَبْدِ أَوْ مَا لَهُ غَلَّةٌ كُلُّ ذَلِكَ يُسَلَّمُ إلَى الْحَالِفِ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ.
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: يُوقَفُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُخْشَى فَقْرُهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا كَبُرَ الصَّغِيرُ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَبَطَلَتْ يَمِينُ الْحَالِفِ أَوَّلًا وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ وَقَبَضَهُ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ إنْ كَانَ فَائِتًا.
تَنْبِيهٌ: وَيَكْتُبُ الْقَاضِي لِلصَّبِيِّ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ؛ لِيُنَفِّذَهُ لَهُ مَنْ يَقُومُ عِنْدَهُ مِنْ الْقُضَاةِ، إذْ لَعَلَّ الشَّاهِدَ يَمُوتُ أَوْ تَتَغَيَّرُ حَالُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ نَكَلَ الصَّبِيُّ عَنْ الْيَمِينِ إذَا بَلَغَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَاكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الصَّغِيرَ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ شَاذٌّ.
فَرْعٌ: أَمَّا لَوْ نَكَلَ الْغَرِيمُ أَوَّلًا عَنْ الْيَمِينِ، كَانَ نُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ الْحَقُّ وَدُفِعَ إلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ، وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبِيُّ إذَا كَبُرَ يَمِينًا وَلَا شَيْئًا فَرْعٌ: فَإِنْ شَرِكَ الصَّغِيرَ وَارِثٌ كَبِيرٌ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ قَدْرَ نَصِيبِهِ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ نَكَلَ عَجَّلَ حَقَّ الطِّفْلِ إنْ كَانَ حَالًّا ثُمَّ لَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الصَّغِيرِ بَعْدَ كِبَرِهِ كَحُكْمٍ نَفَذَ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بَعْدَ كِبَرِهِ وَرُشْدِهِ، فَإِنْ حَلَفَ قَضَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ يَوْمَ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَحَلَفَ عَلَى حَقِّهِ عَدِيمًا فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ يَوْمَ أَخَذَ
الْكَبِيرُ حَقَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا مَا أَخَذَ، رَجَعَ الصَّغِيرُ عَلَى أَخِيهِ بِنِصْفِ مَا كَانَ أَخَذَ بَعْدَ يَمِينِهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، قِيلَ: فَكَيْفَ يَحْلِفُ الصَّغِيرُ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُ، قَالَ: لَا يَحْلِفُ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْخَبَرِ الَّذِي يَتَيَقَّنُ بِهِ، فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، قَالَ مَالِكٌ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّ هَذَا الْحَقَّ لَحَقٌّ مِنْ رِسَالَةِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الصَّبِيِّ: يَقُومُ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِحَقٍّ فَيَسْتَحْلِفُ الْحَاكِمُ الْمَطْلُوبَ فَيَحْلِفُ، فَلَمَّا كَبُرَ الصَّبِيُّ، قِيلَ لَهُ احْلِفْ مَعَ شَاهِدِك وَخُذْ حَقَّك، فَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمَطْلُوبِ ثَانِيَةً، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إذَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى حَقِّهِ، قَضَى لَهُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ الْحَقَّ، وَدُفِعَ لِلْمُوصَى عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ حَقَّهُ، وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَبْقَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى يَرْشُدَ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَمْ تَعُدْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ يَجْعَلَانِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ كَالْكَبِيرِ الرَّشِيدِ إنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ اسْتَحَقَّ حَقَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَمُطَرِّفٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ، إحْيَاءً لِلسُّنَّةِ الْوَارِدَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اُنْظُرْ الْمُتَيْطِيَّةِ.
فَرْعٌ: وَإِذَا ادَّعَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ فَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِرَفْعٍ الْخُصُومَةِ فَرَدَّهَا عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي وَثَائِقِهِ: لَا يَحْلِفُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْعَدْلِ مِنْ جِهَةِ إحْيَاءِ السُّنَّةِ، وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِنُكُولِهِ، وَيُرْجِئُ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى الْمَحْجُورِ حَتَّى يَرْشُدَ، قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ: وَفِي هَذَا عِنْدِي نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ كَمَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ، وَلَا وَجْهَ لِإِرْجَاءِ الْيَمِينِ، وَقَدْ رَضِيَ بِهَا مِنْهُ بِنُكُولِهِ عَنْهَا، ذَكَرَهَا الْمُتَيْطِيُّ وَهِيَ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ أَتَمُّ.
فَرْعٌ: وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَلَهُ وَرَثَةٌ كِبَارٌ وَصِغَارٌ، وَتَرَكَ ذِكْرَ حَقٍّ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّ الْكِبَارَ يَحْلِفُونَ كُلَّهُمْ مَعَ شَاهِدِهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ