الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحكم ابن الجوزى بوضعه إسراف ، ولذلك تعقبه العلماء وردوه عليه كالحافظ ابن حجر ، وقد نقلت كلامه فى " الصحيحة "(308) وابن غرموني [1] فى " تنزيه الشريعة "(2/304 ـ 305) ومن قبله الحافظ السخاوى فى " المقاصد " فقال بعد أن ساق طرقا ، وآخرها طريق عبادة:" ومع وجود هذه الطريق وغيرها مما تقدم لا يحسن الحكم عليه بالوضع ، لا سيما وفى الباب عن أبى قتادة ".
(تنبيه) : كنت ذكرت فى " الصحيحة " طريقا أخرى لحديث أبى سعيد عن رواية عبد ابن حميد حسنتها هناك ، وصححت الحديث بها مع بعض الشواهد المشار إليها ، ثم تبينت أن هذه الطريق ليست لهذا الحديث ، وإنما لحديث آخر قبله فى " المنتخب "، انتقل بصرى إليها ، عقب كتب المتن فى المسودة ، وجل من لا يسهو ، ويعود الفضل فى تنبيهى لذلك إلى بعض إخواننا المثقلين [2] بهذا العلم الشريف ، فى مقدمتهم فضيلة الشيخ عبد الرحيم صديق المكى ، جزاهم الله خيرا.
ولكن يجب التنبيه أيضا إلى أن الحديث لم ينزل بذلك إلى مرتبة الضعف كما توهم بعضهم ، وإنما إلى مرتبة الحسن ، كما بينته آنفا.
وإن مما ينبغى ذكره بهذه المناسبة أن الحديث الحسن لغيره ، وكذا الحسن لذاته من أدق علوم الحديث وأصعبها ، لأن مدارهما على من اختلف فيه العلماء من رواته ، ما بين موثق ومضعف ، فلا يتمكن من التوفيق بينها ، أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى ، إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده ، ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل ومارس ذلك عمليا مدة طويلة من عمره ، مستفيدا من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد عارفا بالمتشددين منهم والمتساهلين ، ومن هم وسط بينهم ، حتى لا يقع فى الإفراط والتفريط ، وهذا أمر صعب قل من يصير له ، وينال ثمرته ، فلا جرم أن صار هذا العلم غريبا من العلماء والله يختص بفضله من يشاء.
(862) - (حديث: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يبعث على الصدقة سعاة
ويعطيهم عمالتهم " (ص 208) .
* صحيح.
ورد عن جمع من الصحابة:
الأول: عن أبى هريرة قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة
…
" الحديث وقد مضى بتمامه عند تخريج الحديث (858) وهو متفق عليه.
الثانى: عن أبى حميد الساعدى قال: " استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية ، فلما جاء حاسبه ، قال: هذا مالكم ، وهذا هدية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست فى بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا؟ ! ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنى أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولانى الله ، فيأتى فيقول: هذا مالكم ، وهذا هدية أهديت لى! أفلا جلس فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟ ! والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقى الله يحمله يوم القيامة ، فلا أعرفن أحداً منكم لقى الله يحمل بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر ، ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت؟ بصر عيناى وسمع أذنى ".
أخرجه البخارى (4/346 ، 394 ، 400 ـ 401 ـ طبع أوربا " ومسلم (6/11) وأبو داود (2946) والدارمى (1/394 ، 2/232) والبيهقى (4/158 وـ 159) وأحمد (5/423) .
الثالث: عن عمر رضى الله عنه يرويه عبد الله بن السعدى ويقال الساعدى قال: " استعملنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه على الصدقة ، فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لى عمالة ، فقلت: إنما عملت لله ، وأجرى على الله ، فقال: خذ ما أعطيت ، فإنى عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعملنى ، فقلت مثل قولك ، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل
فكل وتصدق "
أخرجه البخارى (4/391 ـ طبع أوربا " ومسلم (3/98 ـ 99) واللفظ له وأبو داود (1647) والنسائى (1/364 ـ 365) والدارمى (1/388) وأحمد (1/17 ، 40) .
ورواه ابن حبان من طريق أخرى بنحوه (رقم 856) وفيها أن عمالة السعدى ألف دينار!
الرابع عن أبى رافع رضى الله عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بنى مخزوم على الصدقة ، فقال لأبى رافع: اصحبنى كيما تصيب منها ، فقال: لا حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله ، فانطلق إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله ، فقال: إن
الصدقة لا تحل لنا ، وإن موالى القوم من أنفسهم ".
أخرجه أبو داود (1650) والترمذى (1/128) والنسائى (1/366) والطحاوى (2/166) وابن أبى شيبة (4/60) وأحمد (6/10) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الخامس: عن أبى مسعود البدرى قال: " بعثنى النبى صلى الله عليه وسلم ساعيا ، ثم قال انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تجىء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته ، قال: إذا لا أنطلق ، قال: إذا لا أكرهك ".
أخرجه أبو داود (2947) بسند صحيح والطبرانى فى " الكبير " كما فى " المجمع "(3/86) وقال: " ورجاله رجال الصحيح " وفاته أنه فى " السنن " وإلا لما أورده.
السادس: عن سعد بن عبادة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
قم على صدقة بنى فلان ، وانظر لا تأتى يوم القيامة ببكر تحمله على عاتقك أو على كاهلك له رغاء يوم القيامة. قال يا رسول الله: اصرفها عنى ، فصرفها عنه ".
أخرجه أحمد (5/285) بسند صحيح ، وابن حبان فى " صحيحه " (804) من حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا فقال: فذكره بنحوه.
ثم رأيت الهيثمى قال (3/85) بعدما عزاه لأحمد والبزار والطبرانى فى الكبير: " ورجاله ثقات إلا أن سعيد بن المسيب لم ير سعد بن عبادة ".
قلت: فهو منقطع ، ولكنه يتقوى بحديث ابن عمر ، وإسناده جيد رجاله رجال الشيخين وقال الهيثمى (3/86) :" رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ".
السابع: عن عائشة رضى الله عنها: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا ، فلاحه رجل فى صدقته فضربه أبو جهم فشجه ، فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا: القود يا رسول الله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لكم كذا وكذا ، فلم يرضوا ، قال: فلكم كذا وكذا ، فلم يرضوا ، قال: فلكم كذا وكذا فرضوا ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم ، قالوا: نعم ، فخطب النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن هؤلاء الليثيين أتونى يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا ، رضيتم؟ قالوا: لا ، فهمّ المهاجرون بهم ، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يكفوا ، فكفوا ، ثم دعاهم ، فزادهم ، وقال: أرضيتم
قالوا: نعم ، قال: فإنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم ، قالوا: نعم ، فخطب النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: أرضيتم؟ قالوا: نعم ".
أخرجه أبو داود (4534) والنسائى (2/245) وأحمد (6/232) وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وعزاه الحافظ فى " التلخيص "(ص 176)