الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك " الحديث. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى (ص 209) .
* صحيح.
وتمامه: " ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش قال: أو سدادا من عيش ، ورجل أصابته فاقه حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة ، حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال: سدادا من عيش ، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا ".
أخرجه مسلم (3/97 ـ 98) وأبو داود (1640) والنسائى (1/360 ـ 363) والدارمى (1/396) وابن أبى شيبة فى " المصنف "(4/58) وأبو عبيد فى " الأموال "(1720) وابن الجارود (367) والبيهقى (5/21 ، 23) وأحمد (3/477 ، 5/60) من طرق عن هارون بن رياب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة به.
وفى رواية لأبى عبيد (1721) من طريق الأوزاعى عن هارون بن رياب عن أبى بكر ـ وهو كنانة بن نعيم ـ قال: " كنت عند قبيصة بن المخارق ، فأتاه نفر من قومه يسألونه فى نكاح صاحب لهم ، فلم يعطهم شيئا ، فلما ذهبوا ، قلت: أتاك نفر من قومك يسألونك فى نكاح صاحب لهم ، فلم تعطهم شيئا ، وأنت سيد قومك؟ فقال: إن صاحبهم لو كان فعل كذا وكذا ـ لشىء قد ذكره ـ كان خيراً له من أن يسأل الناس ، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ". فذكر الحديث.
قلت: ورجاله ثقات غير محمد بن كثير وهو الصنعانى أبو يوسف وهو صدوق كثير الغلط.
(869) - (حديث: " الحج والعمرة من سبيل الله
" رواه أحمد (ص 209) .
(1) الأصل (في) والتصحيح من "المسند" وغره.
* صحيح.
بدون ذكر العمرة ، وأما بها فشاذ ، وإليك البيان:
أخرج الحديث أحمد (6/405 ـ 406) ومن طريقه الحاكم (1/482) والطيالسى فى مسنده (1/202 ـ ترتيبه) عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث ، فحدثته:
" أن زوجها جعل بكرا لها فى سبيل الله ، وأنها أرادت العمرة ، فسألت زوجها البكر فأبى ، فأتت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأمره أن يعطيها ، وقال النبى صلى الله عليه وسلم: الحج والعمرة من سبيل الله ، وقال: عمرة فى رمضان تعدل حجة ، أو تجزى حجة ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو على شرط مسلم كما قالا ، إلا أن إبراهيم بن مهاجر فى حفظه ضعف: كما أشار إلى ذلك الذهبى نفسه بإيراده إياه فى " الضعفاء " وقوله: " ثقة ، قال النسائى: ليس بالقوى ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق لين الحفظ ".
قلت: ومما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإنه قد اضطرب فى إسناده ومتنه اضطرابا كثيرا ، وخالف الثقات فى ذكر العمرة فيه ، مما يدل على أنه لم يضبطه ولم يحفظه ، فهو فى رواية شعبة هذه قال: عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: فأرسله عن أبى بكر.
وخالفه محمد بن أبى إسماعيل وهو ثقة فقال: عن إبراهيم بن مهاجر ، عن أبى بكر ابن عبد الرحمن القرشى عن معقل بن أبى معقل أن أمه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكر معناه " أخرجه أحمد (6/406) .
فهو فى هذه الرواية أدخل بين أبى بكر وبين أم معقل ابنها معقلا ، وجعله من مسنده! مع أنه قد ثبت أن أبا بكر هذا قال:" كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أم معقل ، قال: وكنت فيمن دخل عليها من الناس معه ، وسمعتها حين حدثت هذا الحديث ".
أخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الحارث بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه.
قلت: وهذا سند جيد ، قد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع ، فهذا يصحح أن أبا بكر تلقاه عن أم معقل مباشرة ، ويؤيده رواية الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن امرأة من بنى أسد بن خزيمة يقال لها أم معقل قالت:" أردت الحج ، فضل بعيرى ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اعتمرى فى شهر رمضان ، فإن عمرة فى شهر رمضان تعدل حجة ".
أخرجه أحمد ، وسنده صحيح على شرط الشيخين ، وهو خلاف قول إبراهيم بن مهاجر فى روايته السابقة:" أرادت العمرة " ، فهى شاذة كما ذكرنا ، ويؤيده رواية أبى سلمة عن معقل بن أبى معقل الأسدى قال:" أرادت أمى الحج ، وكان جملها أعجف ، فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: اعتمرى فى رمضان ، فإن عمرة فى رمضان كحجة ".
أخرجه أحمد (4/210) : حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام ، حدثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة ، وذكره فى مكان آخر (6/375) بهذا الإسناد إلا أنه زاد فيه " عن أم معقل الأسدية " ، وهى وهم ظاهر ، ثم قال أحمد (6/405) : حدثنا روح ومحمد بن مصعب قالا: حدثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أم معقل أنها قالت: يا رسول الله إنى أريد الحج ، وجملى أعجف فما تأمرنى؟ قال: " اعتمرى فى رمضان فإن عمرة فى رمضان تعدل
حجة ".
ورواه ابن سعد (8/295) عن ابن مصعب وحده. ثم قال أحمد (6/406) : حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا هشام عن يحيى عن أبى سلمة عن معقل بن أم معقل الأسدية قالت: " أردت الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم
…
فذكر حديث الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير ".
وهذه أسانيد صحيحة ، وإن اختلف فيها على يحيى هل هو من سند [1] أم معقل أو ابنها معقل ، وسواء كان الصواب هذا أو ذاك ، فهو صحيح لأن معقلا صحابى أيضا.
وقد اتفقت الروايات كلها فى ذكر الحج دون العمرة. وهو رواية لإبراهيم بن مهاجر فقال الإمام أحمد (6/375) : حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا إبراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: أخبرنى رسول مروان الذى أرسل إلى أم معقل قال: قالت: " جاء أبو معقل مع النبى صلى الله عليه وسلم حاجا ، فلما قدم أبو معقل ، قال: قالت أم معقل: قد علمت أن على حجة ، وأن عندك بكرا ، فأعطنى فلأحج عليه ، قال: فقال لها: إنك قد علمت أنى قد جعلته فى سبيل الله ، قالت: فأعطنى صرام نخلك ، قال: قد علمت أنه قوت أهلى ، قالت: فإنى مكلمة النبى صلى الله عليه وسلم وذاكرته له ، قال: فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه ، قال: فقلت له: يا رسول الله إن على حجة ، وإن لأبى معقل بكرا ، قال أبو معقل: صدقت ، جعلته فى سبيل الله ، قال: أعطها فلتحج عليه ، فإنه فى سبيل الله ، قال: فلما أعطاها البكر ، قالت: يا رسول الله إنى امرأة قد كبرت وسقمت ، فهل من عمل يجزى عنى عن حجتى؟ قال: فقال: عمرة فى رمضان تجزى لحجتك ".
قلت: ففى هذه الرواية عن إبراهيم بن مهاجر ما يوافق رواية الزهرى عن أبى بكر ابن عبد الرحمن ، ورواية أبى سلمة عن معقل بن أبى معقل من أنها أرادت الحج ، وليس العمرة ، فهى الصواب قطعا.
ونجد فى هذه الرواية مخالفة أخرى للرواية السابقة وهى قوله صلى الله عليه وسلم فيها: " فلتحج عليه فإنه فى سبيل الله " ، فلم يذكر العمرة مع الحج.
وهذا هو
المحفوظ فى مثل هذه القصة ، فإن لها شاهداً من حديث أبى طليق حدثهم: فذكر قصته مع زوجه أم طليق ، تشبه هذه من بعض الوجوه وفيها:" فسألته أن يعطيها الجمل تحج عليه ، قال: ألم تعلمى أنى حبسته فى سبيل الله ، قالت: إن الحج فى سبيل الله فأعطنيه يرحمك الله " وفيها " قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرأته منها السلام ، وأخبرته بالذى قالت أم طليق ، قال:
صدقت أم طليق ، لو أعطيتها الجمل كان فى سبيل الله
…
".
أخرجه الدولابى فى " الكنى والأسماء "(1/41) بسند صحيح ، وقال الحافظ فى " الإصابة " بعد أن ساقه من هذا الوجه:" وأخرجه ابن أبى شيبة ، وابن السكن ، وابن منده ، وسنده جيد ".
وذكره بنحوه فى " المجمع "(3/280) وقال: " رواه الطبرانى فى الكبير ، والبزار باختصار: ورجال البزار رجال الصحيح ".
وقال المنذرى فى " الترغيب "(2/115) : " إسناد الطبرانى جيد ".
وله شاهد من حديث ابن عباس نحوه بلفظ: " أما إنك لو أحججتها عليه كان فى سبيل الله ".
أخرجه أبو داود والطبرانى والحاكم وصححه ، وإنما هو حسن فقط كما بينته فى " الحج الكبير ". وسأذكر لفظه والكلام عليه فى " كتاب الوقف " إن شاء الله تعالى " رقم (1587) .
(فائدة) : هذا الحديث الصحيح دليل صريح على أن الزكاة يجوز إعطاؤها للفقير على ما ترى ، قال: ادفعها إليه فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضى الله عنهم ، فقالوا مثل ذلك ليحج بها.
وهو مذهب أحمد ، فقال ابنه عبد الله فى " مسائله " (ص 134) :" سمعت أبى يقول: يعطى من الزكاة فى الحج لأنه من سبيل الله ، وقال ابن عمر: الحج من سبيل الله ".