الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم اصطفاف الصبيان مع صفوف الرجال في الصلاة
السائل: ما حكم اصطفاف الصبيان مع صفوف الرجال في الصلاة؟
الشيخ: ما نجد في ذلك حرجاً؛ لأنه لا يوجد نص يَنْهَى عن ذلك.
كل ما في الأمر: أنه في سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد حديثاً، من رواية أسماء بنت أبي بكر: أن الصفوف كانت تُرَتَّب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الرجال، فالصبيان، فالنساء.
لكن هذا الحديث في إسناده رجل اسمه شهر بن حوشب، وهو ضعيف لسوء حفظه.
ليس هو بالمُلْزِم لتبني هذا التنظيم، والترتيب الذي جاء به هذا الحديث.
إلا أنه هناك في الحديث الصحيح، ما يشير إلى شيءٍ مما جاء فيه، ألا وهو قوله عليه السلام:«لِيَلِيَنِّي منكم أولوا الأحلام والنُهى» ، وقد طُبِّق هذا الحديث من بعض السلف، بحيث أنّ أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه جاء يوماً وقد أقيمت الصلاة، فأخَّرَ رجلاً من خلف الإمام، -لعله كان شاباً-، طبعاً انزعج الشاب، لكن هو ما وَضَّح له في أول الأمر إلا بعد الصلاة، بعد الصلاة التفت إليه، وقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا: «لِيَلِيَنِّي منكم أولو الأحلام والنُّهى» ، فتأخير غير أولي الأحلام والنُّهى، عن الصف وراء الإمام، هذا أمر مقطوع به.
لكن بالنسبة لتنظيم الصفوف، ليس عندنا -كما قلنا- إلا ذاك الحديث الضعيف.
لكن: إذا كان يترتب من وراء صَفِّ الأطفال في الصف الأول -مثلاً- أو الثاني شيء من الإخلال، وهذا واقع في بعض الأحيان، يأتي طفل صغير يقف في الصف، فيُحْرَم هذا المكان رجل، سرعان ما تتسلط عليه بلبلته، فيضيّع الصلاة ويخرج ويعبث ويلعب.
فمن أجل ضمان استقامة الصفوف وبقاءها كذا، ما في مانع من التنظيم، أو
بمعنى أوضح: ما في مانع من التزام ما في حديث شهر بن حوشب، ليس للحديث -لأنه حديث غير ثابت- وإنما من باب تنظيم الصفوف، وعدم الإخلال بها، لكن مش دائماً هذا يمكن أن نُصَوِّره؛ لأنه في بعض المساجد -مثلاً- الصف الأول في صلاة الفجر لا يتم، فاذا ملأ شيئاً من هذا الفراغ، أو الفراغ كُلَّه صبيانٌ، ما في مانع، لأنه ما راح يُعَطِّلوا أماكن للرجال في الصف.
فإذاً: القضية في الحقيقة -فيما ينتهي إليه رأي في المسألة- تعود إلى الإمام الذي هو أعرف بزبائنه، وبالمصلين من خلفه، كُثر وإلا قلة، فهو يُرَتِّبهم، إذا وجد أطفالاً -مثلاً- محتلين أماكن يغلب على ظنه أنه ممكن الرجال تحتل هذه الأماكن فليؤخِّرهم، أما إذا لم يكن شيء من ذلك، فلسنا مُكَلّفين بالالتزام بهذا التنظيم، الذي جاء به شهر بن حوشب، بخلاف الصف الثالث الخاص بالنساء، فذلك نظام مستمر، لقوله عليه الصلاة والسلام:«خير صفوف الرجال أَوَلُها، وشَرُّها آخرُها، وخير صفوف النساء آخرها، وشَرُّها أولها» .
إذاً: النساء لا بد من أن يتأخرن، ولو كان وراء الإمام رجلان، فلا يجوز لهن أن يقفن يميناً ويساراً ملأً لهذا الفراغ، أما الصبيان فليس فيه مثل هذا التحديد، الذي جاء بخصوص النساء، فتبقى مسألتهم، تُعالج على حدود الواقع، ولا يُوْضَع لها نظام ثابت.
السائل: تعريف «لَيِلنِي أو لَيِلِينِّي أولوا الأحلام والنُّهى» .
الشيخ: كلاهما.
السائل: «أولي الأحلام والنهى» هل هو من بلغ، أو هو من تمام الفطنة وكمال العقل؟
الشيخ: لا، هو بلوغ، زايد ما ذكرت.
السائل: زايد ما ذكرت.
الشيخ: شوف، اللي ذكرت كمال العقل، يعني البلوغ شرط.
السائل: شرط البلوغ؟
الشيخ: نعم.
السائل: أم هناك تتوفر -مثلاً- طالب مميز، ولكنه لم يجد في نفسه البلوغ بعد، ولكنه يعقل ويفهم من أمر الدين، ما لا يفهمه البالغ؟ فهل هذا حلم له؟
الشيخ: أعد سؤالك، والجواب لا بد إن قلت: بالغ زائد الحلم والذكاء والعناية بالصلاة، والتقاط أحكامها، ومعرفتها ونحو ذلك.
السائل: بالغلام الذي أَمَّ المسلمين، وهو دون السابعة؟
الشيخ: صحيح.
السائل: أو هو في السابعة، وكان خلفه مَن خلفه؟
الشيخ: حسناً، هل عندنا نص يوجب علينا في الإمام، أن يكون في سن معين؟ الجواب: لا، لكن هنا عندنا نص:«لِيَلِيَنِّي منكم أولوا الأحلام والنُّهى» .
السائل: هل من حِكَمة في ذلك، نعرفها، يعني؟
الشيخ: هذه حِكَمة واضحةٌ، وهو كما أشرت إليه آنفاً، وهي: التقاط أعمال الصلاة، والتقاط قراءة الإمام، وكيفية ركوعه وسجوده، وما بين ذلك.
السائل: الإمام قدوة لمن خلفه.
الشيخ: نعم.
السائل: هل يجوز تأخير الصبي، إن جاء رجل متأخراً؟
الشيخ: يجوز إلى الصف الثاني، بدون أن يُعَرِّض صلاة الطفل للفساد، برفق، يعني.
السائل: رجل ذاهب العقل، مع صف الرجال، أم مع صف الأطفال؟
الشيخ: يمشي مع الأصل، صف الرجال.
(الهدى والنور / 12/ 45: 17: .. )