الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قراءة المأموم للفاتحة
مداخلة: السؤال الحديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» هذا للإمام يطلق أو للمقتدين، وإن كان للمقتدين فما المراد بالآية الكريمة:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]؟
الشيخ: جوابًا عن سؤال الأخ الذي سأل حول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» نقول: هذا الحديث فيه خلاف بين الفقهاء .. خلاف مديد طويل، والذي يهمنا الآن ما يتعلق بالجواب عن السؤال، هذا الحديث خلاصة الجواب: أنه عام مخصوص، وذلك يعني أنه يوجب على الإمام وعلى المنفرد وعلى المقتدي للإمام الذي لا يسمع قراءة الإمام لسبب، وأنتم فسروا الأسباب من عندكم، يجب على كل هؤلاء أن يقرؤوا الفاتحة، فإذا لم يفعلوا كانت صلاتهم باطلة، أما من كان مقتديًا بالإمام ويسمع قراءة الإمام فلا يجوز له والحالة هذه أن يقرأ وراء الإمام حين يكون الإمام قارئًا، أما إذا كان للإمام سكتة طويلة كهذه السكتة التي يفعلها بعض الناس المتمذهبين بحيث يسكت الإمام بعد فراغه من الفاتحة ليقرأ المقتدون من خلفه الفاتحة، إذا وجد المقتدي هذه السكتة استغلها وقرأ الفاتحة فيها، أو كان يقرأ على السنة، يقطع الفاتحة آية آية:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] يأخذ نفس .. {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] يأخذ نفس .. في هذه السكتات إن كان هو يستطيع أن يقرأ الفاتحة قرأها وإلا فقراءة الإمام له قراءة، هذا جوابنا عن ذاك السؤال.
فإن كان قد أحطت بالإجابة عن السؤال فبها، وإلا إن فاتني شيء فذكرني.
مداخلة: إذا دخل في صلاته بعد قراءة الفاتحة للإمام.
الشيخ: بعد قراءة الإمام للفاتحة.
مداخلة: وبعد السكتة ..
الشيخ: انتهى مضى ..
مداخلة: متى يقرأ الفاتحة؟
الشيخ: هذا السؤال أصعب منه بالنسبة لبعض الناس لعلكم سمعتم سؤاله الأخير، أنا قلت له: إن كنت أجبت عن سؤالك فبها، وإن فاتني شيء فذكرني، ما أدري إن كان سؤالًا آخر أو يذكرني بما فاتني المهم: أنه يقول الآن: أنه إذا جاء المسبوق والإمام يقرأ من السورة، وقد قرأ الفاتحة وإن كان يدخل سكت وقرأ فيها من قرأ، لكن هو جاء والإمام يقرأ بعض الآيات، فماذا يفعل؟ أصعب من هذا السؤال الذي يأتي المسجد ويجد الإمام راكعًا، هذا ما أدرك شيئًا من القراءة مطلقًا لا الفاتحة ولا ما بعد الفاتحة، فجوابنا: هو أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة، وقلت ابتداء: بأن هذا الحديث الأول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» هو من العام المخصوص، مخصص بقضيتين اثنتين: ظهر لكم الآن ما هما؟
القضية الأولى: أنه إذا كان يسمع قراءة الإمام فقراءته له قراءة فلا يقرأ الفاتحة والفاتحة سقطت ركنيتها عنه.
والحالة الثانية التي تستثنى من عموم الحديث الأول: «لا صلاة .. » : إذا جاء ووجد الإمام راكعًا بحيث لا يمكنه أن يقرأ الفاتحة ولو في الصلاة السرية التي يجب عليه أن يقرأ الفاتحة، فقد جاء في الحديث الصحيح وهو من نوادر الأحاديث الصحيحة التي وفقنا الله عز وجل لاكتشاف بعض أسانيده المفقودة من عشرات بل مئات الكتب المطبوعة والمخطوطة وجدناها في مخطوطة لمسائل الإمام إسحاق بن منصور المروزي للإمام أحمد والإمام إسحاق بن راهويه، جاء هناك الحديث في هذه المسائل بالسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن من جاء والإمام راكع فليركع وليعتد بالركعة، ومن جاء والإمام ساجد فليسجد ولا يعتد بالركعة، فإذًا: الذي جاء وقد انتهى الإمام من قراءة الفاتحة وشرع في قراءة بعض الآيات فقد سقطت عنه ركنية الفاتحة؛ لأن قراءة الإمام قراءة لمن خلفه.
مداخلة: شيخ! ما قولك في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عندما كانوا ينازعونه
القراءة، فقال في آخر الحديث:«لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» .
الشيخ: أقول إيجازًا للسائل ومن قد يكون في نفسه أثر لهذا السؤال: هذا الحديث يظن كثير من الناس أنه يفيد وجوب قراءة الفاتحة على المؤتم، هنا مسألة فيها دقة لها علاقة بعلم أصول الفقه:«لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» لا تفعلوا، أي: لا تقرؤوا شيئًا من القرآن، هنا نهي، ثم جاء الاستثناء إلا بفاتحة الكتاب، هذا الاستثناء يفيد جواز قراءة الفاتحة وليس وجوب قراءة الفاتحة؛ لأن المستثنى من النهي يفيد الإباحة ولا يفيد الوجوب، محرم على المحرم بالحج أو العمرة يصطاد، فلما قال الله عز وجل:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] هذا الأمر لا يفيد الوجوب وإنما يرفع الحضر السابق، وهو تحريم الصيد على المحرم، مثله قوله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: 9 - 10] فقوله: {فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] لا يعني أنه فرض عليهم الانتشار وإنما يعني: جاز لكم الانتشار بعد أن حرمت عليكم الانتشار بقوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] فإذًا: لا يعني هذا الاستثناء وجوب الفاتحة؛ لأن هذا الاستثناء من النهي، فالاستثناء من النهي لا يعني الوجوب وإنما يعني الإباحة.
والذي يؤكد هذا المعنى الدقيق لفظ الحديث في مسند الإمام أحمد: «فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب» انظر التعبير يختلف .. فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب .. الرواية الثانية: إلا أن تقرؤوا فلا يفيد الوجوب فإذا جاء الحديث أو أحاديث تدل على عدم وجوب قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية فلا منافاة بينها .. بين ما دلت عليه هذه الأحاديث وبين الحديث الذي ذكره الشاهد: «فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» لا سيما على رواية الإمام أحمد: «إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب» .
(لقاءات المدينة لعام 1408 هـ (2) /00: 48: 05)