الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأيت ما أخرجه البيهقي «2/ 59» عن أبي رافع أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم، فاشترط أن لا يسبقه بـ «الضالين» حتى يعلم أنه دخل الصف، وكان إذا قال مروان:«ولا الضالين» قال أبو هريرة: «آمين» ، يمد بها صوته، وقال: إذا وافق تأمين أهل الأرض أهل السماء غفر لهم. وسنده صحيح. قلت: فهذا صريح في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يؤمن بعد قول الإمام: «ولا الضالين» . ولما كان من المقرر أن راوي الحديث أعلم بمرويه من غيره، فقد اعتبرت عمل أبي هريرة هذا تفسيرا لحديث الترجمة، ومبينا أن معنى «إذا أمن الإمام فأمنوا .. » ، أي: إذا بلغ موضع التأمين كما تقدم عن الحافظ، وهو وإن كان استبعده ابن العربي، فلابد من الاعتماد عليه لهذا الأثر. وعليه فإني أكرر تنبيه جماهير المصلين بأن ينتبهوا لهذه السنة، ولا يقعوا من أجلها في مسابقة الإمام بالتأمين، بل عليهم أن يتريثوا حتى إذا سمعوا نطقه بألف «آمين» قالوها معه. والله تعالى نسأل أن يوفقنا لاتباع الحق حيثما كان إنه سميع مجيب.
وفي هذا الأثر فائدة أخرى وهي جهر المؤتمين بـ «آمين» ، وذلك مما ملت إليه في الكتاب الآخر لمطابقته لأثر آخر صحيح عن ابن الزبير، وحديث لأبي هريرة مرفوع تكلمت على إسناده هناك «956» فراجعه.
السلسلة الصحيحة (6/ 1/ 78 - 81).
خطأ مسابقة المأمومين للإمام بآمين
الشيخ: قبل أن ننصرف، أرى من واجبي أن أُذكِّر إخواننا المصلين بخطأ يقع فيه جماهيرهم، وهو مسابقة الإمام بآمين، لعلكم تعلمون جميعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:«إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه» .
وهذا الحديث وأنتم والحمد لله عرب، ولو أن اللغة العربية الفصحى ذهبت أدراج الرياح بالنسبة لأكثر الناس العرب اليوم، لكن لا يزال هناك في بقية فطرية،
فكلنا كعرب نفقه قوله عليه السلام المذكور آنفاً: «إذا أمّن الإمام فأمِّنوا» لا أحد يفهم أنه إذا أمن الإمام فسابقوه بآمين، وإنما يفهم أقل ما يفهم «إذا بدأ بآمين فابدؤوا أنتم بآمين» .
الذي يقع اليوم في كل المساجد لا يكاد الإمام ينتهي من قوله: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، إلا يضج المسجد من خلفه «بآمين» ، وهو لم يأخذ نَفَسَه بعد حتى يفصل بين {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] وبين قوله: «آمين» ؛ لأنه شرعاً الفاتحة تنتهي آخر آية منها بـ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، وإذا كانت السنة تقول: إن الرسول عليه السلام كان يقرأ القرآن آية آية، يعني لا يقرأ الفاتحة بنَفَس واحد، ولا بنَفَسين ولا بثلاثة، وإنما آية آية كما نزلت.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2 - 3] .. إلى آخره.
وبالتالي بقول: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] .. انتهت السورة.
إذاً: هنا لا يجوز للإمام أن يقول مثلاً: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] .. آمين؛ لأنه خلاف السنة أن تصل الآية بآية، فمن باب أولى أن تصل ما ليس بآية بآية، «فآمين» ليست آية، إنما هي جملة دعائية، ومعناها: اللهم استجب.
فإذا كان خلاف السنة أن تقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2 - 3] أي: تسردها مع بعض، وإنما كل آية على حِدَة، فأولى وأولى أن تكون آخر آية في الفاتحة مفصولة عما بعدها من التأمين، فإذاً: الإمام ماذا يفعل؟ لازم هذه المعاني أن تكونوا من الصابرين أنتم في كل صلاة جهرية تصلونها، الإمام سيقول:«وَلا الضَّالِّينَ» [الفاتحة: 7]، إما أن يمد المد ست حركات كما هو في علم التجويد، أو على الأقل حركتين في بعض الأقوال، فإما أن يقولها ولا الضالين، أو ولا الضالين، أو ولا الضالين بست حركات.
إذاً: أنتم خذوا أنفاسكم عندما تسمعون قراءة الإمام للفاتحة، وبخاصة حينما يأتي بنهايتها، عندما تسمعونه بدأ بآمين، -حينئذ- أنتم تبدؤوا بآمين، لا تتركوا