الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للجمهور في هذه المسألة إلى أن مدرك الركوع لا يدرك الركعة إلا إذا قرأ فاتحة الكتاب للحديث المروي عند الأئمة الستة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وهذا الذي أدرك الإمام راكعًا لم يقرأ فاتحة الكتاب وإذًا عند هذا المخالف لمذهب الجمهور لم يدرك الركعة، لكن الصواب في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الجمهور وذلك لبعض الأحاديث والآثار الصحيحة عن بعض الصحابة الكبار.
قد جاء حديث في سنن أبي داود في سنده ضعف ولين، وهو من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أدركتم الإمام راكعًا فاركعوا واعتدوا بالركعة، وإذا أدركتم الإمام ساجدًا فاسجدوا ولا تعتدوا بالركعة» هذا الحديث كما قلنا من حيث رواية أبي داود له فإسناده ضعيف لا يحتج به لوحده، ولكن قد جاء الحديث عن غير هذا الطريق في سنن البيهقي الكبرى، ثم وجدته من طريق أخرى صحيحة في بعض الكتب المخطوطة والموجودة في المكتبة الظاهرية، وقد تكلمت عن هذا الحديث بصورة خاصة في بعض مؤلفاتي المطبوعة، ثم تأيد هذا الحديث ببعض الآثار الصحيحة في مصنف ابن أبي شيبة والسنن الكبرى للبيهقي وغيرهما عن أبي بكر الصديق وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر أنهم كانوا يقولون: أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة، هذه الأدلة ترجح عندي مذهب جماهير العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة على ما ذهب إليه البخاري وتبعه بعض أئمة الحديث والسنة كالإمام الشوكاني، والحق أحق أن يتبع والله عز وجل نسأله أن يرينا الحق حقًا ..
(رحلة النور: 33 ب/00: 40: 04)
إدراك الركعة بالركوع
السائل: متى يكون المدرك منّا للركوع مدركًا للركعة، الإمام راكع الذي
أدركناه من الركوع هل نكون مدركين للركعة؟
الشيخ: هذه مسألة خلافية بين جمهور الأئمة وبعض الأئمة، جمهور الأئمة وفي مقدمتهم الأئمة الأربعة على أن مُدرِك الركوع مدرِكٌ للركعة، بعض الأئمة كالإمام البخاري من السّلف والإمام الشوكاني من الخلف الصالح يرون - وما بينهما كثير- يرون أنَّ مُدرِك الركوع لا يعتدُّ بتلك الركعة؛ لأنه قد فاته قراءة الركن ألا وهو الفاتحة، وأرى أن المذهب الأول مذهب الجمهور هو الصواب في هذه المسألة، وإن كنتُ كما تعلمون إن شاء الله لست جمهوريًّا وإنما أنا أتّبع الحق حيث ما كان مع الكثير أو القليل، وذلك لأسباب منها وهو أهمّها أنّه قد ثبت لدي الحديث الذي رواه أبو داوود في سننه:«أن من أتى الإمام وهو راكع فليركع وليعتدّ بالرَّكعة، وإذا وَجد الإمام ساجدًا فليسجد ولا يعتد بالركعة» ، فأُخذ من هذا أن مدرك الركوع مدركٌ للركعة، لكن حديث أبي داود بلا شك فيه ضعفٌ ظاهر وإن كان هذا الضعف ليس شديدًا، بل ولو كان شديدًا لاستغنينا عنه بإسنادين آخرَين مدارهما على رجلٍ من الأنصار، وأعني بإسنادَيْن باعتبار من أخرجهما، ولا أعني بإسنادَين كل من المخرجين رواه بإسناد أولاً ثم رواه آخر بإسناد ثاني، لا، وإنما أعني أن الإمام البيهقي رحمه الله روى لهذا الحديث الذي في سنن أبي داود [
…
]
بإسناد قويّ عن رجل من الأنصار من طريق عبد العزيز بن رفيع عن رجلٍ من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر معنى الحديث الذي ذكرته لكم آنفا، علة هذا الإسناد في رواية البيهقي أنّنا لم نعلم أنّ هذا الرجل الأنصاري أهو تابعي أم صحابي، وإن كان يتبادر إلى الذهن أنه صحابي لأنَّ الراويَ عنه تابعي معروف وهو عبد العزيز بن رفيع، ولكن الإنصاف يقتضينا أنَّ هذا التلازم ليس ضروريًّا في الأسانيد أي لا يلزم من رواية تابعيٍّ عن رجل من الأنصار أو رجل من المهاجرين أن يكون هذا الرجل أو ذاك صحابيًّا، لاحتمال أن يكون ابن صحابي من جهة، ولأنَّه قد وقفنا مرارًا وتكرارًا على بعض الأسانيد يرويه التّابعي عن تابعي عن صحابي، وذكر الحافظ ابن حجر أنه بالاستقراء تبيّن أن في بعض الأحاديث بين التابعي الأول والصحابي أربعة من التابعين آخرين، أي خمسة تابعين على التسلسل ثم يأتي بعد ذلك الصحابي تابعي
عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن الصحابي، فضلاً عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابي، فضلاً عن تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابي وهكذا، فحينما نجد مثل هذه الرواية عبد العزيز بن رفيع تابعي عن رجل من الأنصار تُرى هذا صحابي أم تابعي؟ يحتمل، ثم وجدنا والحمد لله أنّ هذا الاحتمال طاحَ وراحَ إلى حيث لا رجعة، فقد جاء في كتاب المسائل لإسحاق بن منصور المروزي عن الإمام أحمد وعن إسحاق بن راهويه، روى المروزي هذا بإسناده الصحيح عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل من الأنصار من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فهذا غطى الموضوع وجعل الإسنادَ موصولاً بعد أن كان يحتمل أن يكون مرسلاً وبذلك صحّ الحديث وقامت الحُجّة، يُضاف إلى ذلك آثار عن كبار الصحابة على رأسهم أبو بكر الصديق وآخرهم سنًّا عبد الله بن عمر بن الخطاب كلهم قالوا بأن مدرك الركوع مدركٌ للركعة، فاتفقت الآثار السلفية الصحيحة مع هذا الحديث الصحيح والحمد لله
وثبتَ بذلك أرجحيّة مذهب الجمهور على المخالفين، وإن كان بعض العاملين بالحديث إلى زمننا هذا لا يزالون يفتُون بأنّ مدرك الركوع ليس مدركًا للركعة وأذكر أن أحد الغماريّين وإن كان هو من أهل الأهواء ومن الصوفية الذين لهم طرق انحرفوا بها عن السنة ألّف رسالةً يؤكد فيها أنّ الصواب أنَّ مُدرِك الركوع ليس مدركًا للركعة، والواقع أنه هو شأنه في ذلك شأن بعض أهل الحديث في الهند فاتتهم هذه الرواية الصحيحة التي لا تزال موجودةً في ذاك المخطوط النادر العزيز في المكتبة الظاهرية مخطوط من النوادر لأنه يعود تاريخ كتابته إلى العهد القريب من الإمامين أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. لو أنهم وقفوا على هذه الرواية لانقلبت وجهة نظرهم من تأييد الرأي المخالف للجمهور إلى تأييد رأي الجمهور في هذه المسألة، وهم لا يَخفى عليهم بعض تلك الآثار على الأقل ولكنّهم يطبقون القاعدة التي ينبغي على المسلم أن يلتزمها وهي أن الأثر إذا جاء مخالفًا للنصّ ولو باجتهاد فلا ينبغي الأخذ بالأثر، أعني بالأثر هنا ما أشرت إليه آنفًا من الأثر عن أبي بكر وعن ابن عمر وبينهما جماعة